ليث الصندوق
الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 14:04
المحور:
الادب والفن
( نحن نصنع الطغاة )
شعر / ليث الصندوق
أيها الطاغية
عندما انزاح الستار
ورأيناك لأول مرّة
تسكب من الزجاجة ابتسامتك المائعة
لم تكن يومئذ أصابعك قد ضُفرتْ حبالاً
ولم تتحوّل مساماتُكَ مزاغل للقنّاصة
كنتَ وديعاً كطفل وِلِدَ من قلب نبتة الخس
عندما كنا ننظر لأصابعِك التي تموع من التوهج
نظنّ أن الشموعَ صالحة للأكل
لكنك كبرت فجأة
وصارت كلماتك الأولى
تُنافس أسنانك اللبنية على مضغ الحصى
يومئذ خشينا أن تختنق ببلع لسانك الصغير
فرحنا نزقّك بألسنتنا التي هرّأتها الأشواك
كانت نوايانا طيبة
لكننا بغبائنا الموروث
أعطينا مفاتيح قلوبنا لغير المؤتَمنين
فصاروا يؤجرونها شققاً للقتلة واللصوص
وها نحن اليوم ندفع ثمن أخطائنا
**
لقد دللناك كثيراً أيها الطاغية
إستبدلنا مفاصلك بالبراغي
وشرايينك بأسلاك الضغط العالي
كان أملنا أن نحوّلك إلى مولدة طاقة
لنضيء المستقبل بإيقاعات خطواتك المتوهّجة
لكننا أخطأنا
بإعطائك جرعات مضاعفة من الأناشيد والهتافات
فتصلّبتْ في أعماقك
متحوّلة لأكوام من الشتائم
وبذلك كان علينا أن نحملك على رؤوسنا
لنتقي ما يتطاير من فمكَ من الفايروسات
**
نحن صنعناك أيها الطاغية
وسمحنا لخرافك المسلّحة
أن ترعى بمفارق شعرنا
ثمّ رحنا نجأر بالشكوى
من لزوجتك التي حرمتنا من الحركة
تُرى كيف غفلنا عن الدُمّلة
حتى تضخّمت وابتلعتنا
نعم ، نحن صنعناك
ونفخناكَ
حتى صارت رئتاك
تمتصّان كلّ ما في مستقبلنا من الإبتسامات
#ليث_الصندوق (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟