التطهير العرقي في سوريا

عقيل الفتلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية

استهداف العلويين والدروز في خضم الصراع الطائفي الأخير
في خضم الصراع الطائفي المستعر في سوريا، تتعرض العديد من المكونات العرقية والدينية لاستهداف ممنهج، لا سيما في المناطق الساحلية التي تشهد توترات متصاعدة بين مختلف الفصائل. ومن بين هذه المكونات، يبرز العلويون والدروز كمجموعات تعاني من حملات تطهير عرقي وديني، مما يزيد من تعقيد المشهد السوري المليء بالفوضى والدمار.
العلويون، الذين يشكلون أحد المكونات الرئيسية في المجتمع السوري، تعرضوا لاستهداف واسع النطاق من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة، التي تتهمهم بالوقوف إلى جانب نظام الأسد. هذه الاتهامات، وإن كانت تنطوي على بعض الحقيقة من حيث دعم العديد من العلويين للنظام، إلا أنها لا تبرر حملات العنف والتهجير التي يتعرضون لها. ففي العديد من القرى والمدن الساحلية، تم تهجير عائلات علوية قسراً، وتدمير منازلهم ومقدساتهم الدينية، في محاولة لطمس وجودهم من تلك المناطق.
أما الدروز، الذين يتمركزون بشكل رئيسي في جبل العرب ومناطق أخرى في الساحل السوري، فقد تعرضوا هم أيضاً لاستهداف مماثل. على الرغم من محاولاتهم الحفاظ على حياد نسبي في الصراع، إلا أنهم وجدوا أنفسهم في مرمى نيران الجماعات المسلحة، التي تتهمهم بالتعاون مع النظام أو مع القوى الخارجية. وقد أدى ذلك إلى تهجير العديد من العائلات الدرزية، وتدمير قراهم ومزارعهم، مما يهدد وجودهم التاريخي في تلك المناطق.
هذه الحملات التطهيرية لا تقتصر فقط على العنف المادي، بل تمتد إلى محاولات طمس الهوية الثقافية والدينية لهذه المجموعات. فمن خلال تدمير المساجد والمقامات الدينية، وإجبار السكان على الفرار، تسعى هذه الجماعات إلى إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية للمنطقة، لصالح مجموعاتها الطائفية.
النتائج المترتبة على هذه السياسات التطهيرية كارثية على المستوى الإنساني والاجتماعي. فبالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الضحايا، هناك أزمة نزوح داخلي كبيرة، حيث يضطر الآلاف إلى الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان. كما أن هذه السياسات تعمق من الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يجعل أي حل سياسي مستقبلي أكثر تعقيداً.
في النهاية، فإن استهداف العلويين والدروز في الساحل السوري ليس سوى فصل آخر من فصول المأساة السورية، التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. ومن أجل وقف هذه الانتهاكات، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، وأن يعمل على إيجاد حلول سياسية شاملة، تحفظ حقوق جميع المكونات السورية، وتضع حداً لسياسات التطهير العرقي والديني التي تهدد مستقبل البلاد.

#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات