رياض بدر
كاتب وباحث مستقل
(Riyad Badr)
الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 22:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد تكون بدأت علامات الفرقة بين أعضاء فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لاسيما بعد تصريحات نائبه جيمس ديفيد فانس عن أخطاء فادحة ارتكبها ايلون ماسك في طرد موظفين اكفاء منهم من مناصب عليا بالإضافة الى سياسات أدت لاستقالات جماعية لموظفين اكفاء.
ايلون ماسك وجيمس ديفيد فانس أصبحوا متشابهين في الصلاحيات والادوار تقريبا ولو بشكل ظاهري ولا اعتقد بان هذا سيجعل فانس يشعر بالارتياح لاسيما انها قرارات تعتبر رئاسية وايلون ماسك ليس جزءا من هذا انما هو مدير لقسم استحدثه الرئيس الامريكي ترمب
كل شخصية من هؤلاء الثلاثة لو حللناها بشكل موضوعي وفق أسس سيكولوجية سنراه بعيد كل البعد عن عقلية او عقيدة الفريق فكل واحد له طموحات شخصية، فديفيد فانس طموحه ليس وصلوه لمنصب نائب انما قد يكون كرسي الرئاسة في البيت الأبيض وايلون ماسك يريد من منصبه دعاية لشركاته التي تواجه خطر الإفلاس بالإضافة الى نرجسيته القاتلة، ثم ترمب المصاب بداء العظمة الواضح جدا.
ترمب, المدير المتعنت المزمجر دائما المشهور بجملة " انت مطرود" You’re fired منذ ان كان مديرا لشركاته التي افلست 5 مرات متتالية حتى انقذه ابيه بأمواله كذلك توجهه لصناعة القمار, مصاب بداء العظمة فكلمة " انا " لا تفارق فمه في أي جملة يقولها وينسب كل فعل (ناجح) له شخصيا ويرمي باللوم على سابقيه او مناوئيه في حال فشل امر ما هو مسؤول عنه مدعيا انه نتاج قرارات سابقة وطبعا في عالم الإدارات لا سيما الرئاسية في الدول العظمى لا يمكن لرئيس التملص من حقيقة ان من سبقه هو رئيس ايضا وله صلاحيات دستورية وان عليه الان ان يصلح الخطأ ويكمل إنجاح سياسات بلده امام العالم بغض النظر عن أي خلافات او منافسات شخصية بينهما ولا يجوز ان يحولها الى منابزات امام العالم وامام الشعب, بل ان ترمب يشتم سابقيه, فهؤلاء بالنهاية مواطنين أمريكيين وهنا اقصد جو بايدن فقد شغل اعلى منصب في الولايات المتحدة بل ان بايدن نفذ قوانين كثيرة سنها ترمب في فترة رئاسته الأولى ومشى بخطى مشابهة لسياسات ترمب واصلح ما هدمه ترمب في فترته الأولى لا سيما سياسات خارجية ودولية.
عملية رمي الكرة على الاخر بدأت في إدارة ترمب وهي سمة ترامبية بحتة وهذه العملية لا تأتي بالخير ابدا إن استمرت وها هو فريق ترمب ضيق النظرة لم يتجاوز عمره الشهرين بعد وبدأت الخلافات تطفوا على السطح بينهم جراء تخبط لم يستطيعوا إخفاؤه.
الخروج من ديلاور
ديلاور ولاية ذات اغلبية ديمقراطية كناخبين مؤيدين للمرشحين الديمقراطيين للرئاسة. تم عرض مشروع قانون جديد فيها يسمى قانون رقم 21 يدعي المستثمرون وأصحاب الشركات العملاقة بأنه سيُضرّ بمساهمي الأقلية ويُتيح لمجالس الإدارة والمديرين التنفيذيين اتخاذ القرارات بناءً على مصالحهم الخاصة بدلاً من مصلحة قاعدة المستثمرين الأوسع. في حين ان المشرعين وعلى راسهم المحامي المخضرم بريان تاونسند قال " ان القانون سيجعل قوانين الشركات أكثر وضوحًا وقابلية للتنبؤ، وأن تظل الولاية جاذبة للمستثمرين.
سبب اندلاع المعركة في ديلاور بين ماسك والولاية هي قيام قاضي في ديلاور بإيقاف قرار منح ايلون ماسك راتبه من مستحقات من عام 2018 البالغة 56 مليار دولار حيث قال القاضي ان قرار منح ايلون ماسك مستحقات تراكمية فيه مخالفة قانونية الامر الذي دفع ايلون ماسك الى شتمه علنا من على منصة اكس (تويتر) التي يمتلكها.
قام ماسك بنقل مقر تسلا خارج ديلاور ودعا باقي الشركات الى الخروج من ديلاور بحجة القانون رقم 21 الذي ذكرته، وطبعا هذا سيخلق مشكلة كبيرة فعلا في الولاية التي فيها أيضا مقرات لشركات عملاقة مثل ميتا وبيرشنج سكوير والأكبر منهم وول مارت حيث ان هذه الشركات بدأت تفكر فعليا في الخروج من الولاية رغم انها لم تقرر بعد عدا شركة بيرشنج سكوير وميتا اللتان قررتا الخروج فعلا.
لننظر الى تصرف ايلون ماسك، انه تصرف وفق مصلحة شخصية لا مصلحة عامة، فهو في دعوته هذه لم يفكر كقائد وان قراراته يجب ان تأخذ مصالح البلد بشكل عام انما تصرف بشكل يراعي مصلحته الشخصية فحسب بل صار يدعوا الى هدم اقتصاد ديلاور لهذا السبب. لننظر الى هذه العقلية الهدامة التي لا تفهم معنى منصب كبير يراعي مصلحة الدولة او العامة. كيف سيشعر بهذا وهو بلا أي خبرة في القيادة بل التجارب تثبت انه فاشل في قيادة أي شركة ومنذ سنين.
هذا الامر سينعكس حتما على نظرة الشعب لفريق ترمب وكيف يتصرف معهم ومع مصالحهم.
وبما انها مشكلة اثرياء وطرق المحافظة وتضخيم اموالهم وليست مشكلة اقتصاد دولة فبكل تأكيد تدخلت منظمة مريبة اسمها الشبكة الدولية لحكومة الشركات ICGN والتي تضم مستثمرين دوليين تتجاوز استثماراتهم مجتمعين الـ 90 ترليون دولار امريكي، شركات ومستثمرين مثل Alliance Bernstein، وSwedish AP Funds، وBlackRock، وCalPERS، وCalSTRS، وFranklin Templeton، وNorges، وVanguard.
انتقدت هذه الشبكة مشروع القانون 21 كموقف مبدئي حيث هذه الشبكة المريبة بطبيعتها وأهدافها عبارة عن تكتل مستثمرين ذوي مصالح شخصية فحسب وليست حزب سياسي شعبي يهدف الى خدمة الشعب والمجتمع او الصالح العام او حتى مصالح البلد دوليا بل هي شبكة هدفها الوحيد فقط هو حماية أموالها مهما كلف الامر بغض النظر عن مصلحة الدولة فهي شبكة دولية كما ذكرت وليست تابعة لدولة وهنا نشاهد التضارب في المصالح بين توجهات ترمب المعلنة ومصالح أصحاب الأموال.
لا اعتقد ان الامر سوف يقف الى هذا الحد فهذه الشبكة كما ذكرت تضم اشخاص يديرون استثمارات بقيمة 90 ترليون دولار امريكي ما بين الولايات المتحدة وأوروبا أي انهم يتدخلون فعليا وبقوة في قرارات اقتصادية سواء على الصعيد المحلي او الدولي حيث رفضت مشروع القانون الجديد في ديلاور فقد ادعت انه يقيد حرية الشركات والاستثمار والمستثمرين ويجعل ديلاور بيئة طاردة للاستثمار في حين صرحت الولاية بان القرار هو لتنظيم الاستثمار وجعله أكثر وضوحا وجاذبية. لنتمعن بتعبير " أكثر وضوحا".
القانون يسمى قانون 21 الذي يناقشه مجلس شيوخ الولاية الذي يترأس غالبيته المحامي المحنك بريان تاوسند.
بعيدا عن الخوض في تفاصيل هذا القرار الذي من الواضح انه معركة بين لوبي مال من جهة وبين مصالح شعب على الجانب الثاني.
نرى ان ايلون مسك بدأ يسبب نقمة شعبية ضد الرئيس الأمريكي ترمب كذلك نائبه بل وعلى مستوى دولي, وهذا الامر اخذ في الاتساع حيث بالفعل بدأ تشكل كارتل مناوئ لسياسات ترمب وفريقه حتى عبر الاطلنطي أي في الاتحاد الأوروبي الذي بدأ بتطبيق حزمة عقوبات وليس حزمة رسوم على شركات ومواد يستوردها الاتحاد الأوروبي كما ينقلها الاعلام فهذا غير صحيح, انما هي عقوبات مؤلمة, حيث نرى ان الرسوم هذه هي موجهة على بضائع او مواد تُنتج في ولايات جمهورية ويعتزم الاتحاد الأوروبي تشديد القوانين ضد شركات التكنولوجية الامريكية لا سيما غوغل وميتا وامازون التي قد تقتل بالفعل ما يسمى مواقع التواصل في الاتحاد الأوروبي حيث بينت اخر الاحصائيات بان شركة مثل ميتا أصبحت في النزع الأخير في السوق الأوروبية الضخمة.
التحالف مع بوتين
الاتحاد الأوروبي لن يقف مكتوف الايدي على ما اعتبره ضربة في الظهر التي قام بها ترمب في فتح تفاوض مع بوتين دون الرجوع او حتى مشاركة الاتحاد الاوروبي ومخطئ من يظن ان أوروبا ستجعل الامر يمر مرور الكرام.
هذا الامر سيكون له تأثير فعال بدون أدنى شك على شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب كما ذكرت الامر الذي قد يضطره الى التضحية بمن يسبب له هذا التذمر الشعبي وهنا سيكون ترمب في موضع لا يحسد عليه بين فانس وماسك وبرأيي سيختار فانس لانه خيار حزب أكثر منه خيار شخصي (قد يكون لخطة بعيدة الأمد لقيادة الولايات المتحدة الامريكية فديفيد فانس سياسي وليس تاجر فوضوي إعلامي مثل ايلون ماسك) فايلون ماسك خيار ترمب الشخصي.
لو نظرنا لواقع الامر والمشهد بعين النسر سنجد ان هناك نائبين فعليين للرئيس كما أوضحت وهذا الامر لن يخلق الفة داخل الفريق الذي أصلا تم اختيار ماسك ضمنه على أسس شخصية لا أسس سياسية او استراتيجية مهنية, فعلى سبيل المثال ايلون ماسك ليس لديه أي شركة رابحة وكل مشاريعه فاشلة وتواجه الإفلاس بالإضافة الى شخصيته المضحكة التي تدفع ملايين الدولارات لشركات تبييض السمعة فقط ليشتم منافسيه مثل بل غيتس او رئيس ميتا زوكربيرغ, ويضخم ثروته بشكل لا يصدقه أي عاقل وهو نكتة الموسم في الاتحاد الأوروبي حيث لا يتم الاعتراف بهكذا ادعاءات بالثروة دون حقائق ملموسة.
مفلس عينه دونالد ترمب لينقذ أمريكا من الإفلاس، لا أدري كيف صاغ ترمب هذه المعادلة التي حتما ستفشل ويفور التنور قريبا.
لكن شخصية كترمب وارجع هنا الى موضوع التحليل النفسي والواقعي، سنجد ان ترمب سيتخلص من أي شيء يشكل خطر على شعاراته ويزعج خططه في ولاية ثانية وهنا اقصد ايلون ماسك واضعين في عين الاعتبار شخصيته العنيدة التي قد تفرز موقفا متعنتا غير محمود العواقب في هذا الخصوص
فهل سيكون ماسك كبش الفداء الأول لترمب للإبقاء على شعبيته!
#رياض_بدر (هاشتاغ)
Riyad_Badr#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟