|
دعوة للارتقاء بالنّقاش وإخراجه من دائرة القدح العشوائي.
عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)
الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 21:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يُقال فيما معناه "ليس هنالك معارضات لها جسور مع الخارج، وإنما كلّ ما يُقال هو عبارة عن أكاذيب صادرة عن داعمي الاستبداد [الكلاب الذين صفتهم ونعتهم وأصلهم وفصلهم...] إلى آخر الملزومة المعتادة"، فهذا غير صحيح. غير صحيح حتى لا نقول إنه تضليل. والقطع بذلك لا يجوز عقلًا ولا نقلًا، والله سبحانه يقول: "ولا تُزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتّقى"، فما بالك بتزكية الآخرين؟ وكونك أنت في شخصك لا تقبل على نفسك طلب المساعدة من الأجانب لتغيير النظام، فهذا لا يعني أن الجميع مثلك.
بداية، في رأيي تنسيب الأمور مسألة ضروريّة دائمًا، لأنّ التنسيب مُضادّ للتعميم والإطلاقية والوثوقية، وكلّ المصائب الأخرى المؤدّية للتطرّف. ولكن لماذا نقول هذا الكلام بلغة تقترب من اليقين؟
في ظلّ الاستبداد، تجد المعارضات المدنية نفسها محاصَرة ومحرومة من أبسط حقوق التعبير والتنظيم والمنافسة السياسية. ويؤدي القمع الدموي، بالسجون والقتل وقطع الأرزاق، إلى دفع بعض المعارضات نحو خيار العنف المسلح دفاعًا عن وجودها، أو نحو الاستقواء بالخارج طلبًا للتدخل العسكري. فما السبيل إلى التغيير إذًا؟ وكيف يمكن للمعارضة أن تواجه الاستبداد دون أن تقع في فخّ العنف أو الارتهان للقوى الأجنبية؟ وما هي الخيارات المتاحة للمعارضات في ظلّ القمع السياسي؟ وهل نجحت تجارب العنف المسلح أو التدخلات الأجنبية؟ وهل يمثل النضال السلمي الجماهيري بديلاً واقعيًا واستراتيجيًا؟
ثبت من خلال التجربة أن العنف المسلح والاستقواء بالخارج طريقان مسدودان لا يفضيان إلى الديمقراطية، بل ينتجان كارثة وخرابًا لا أول له ولا آخر، يطال الدولة والمجتمع معًا. في حين أن النضال المدني السلمي الجماهيري، رغم صعوبته وطول مداه، يبقى الخيار الوحيد القادر على إنتاج تغيير ديمقراطي شعبي حقيقي وآمن.
تتسم الأنظمة الدكتاتورية باستعمال ممنهج للعنف ضد كل تعبير سياسي مستقل. تُضيّق المجال العام وتسحق المعارضات المدنية، ممّا يعيد إنتاج الاستبداد، ويُجهِض أي دينامية ديمقراطية. في ظل هذا السياق، تتقلص هوامش الفعل السلمي، وتُدفع المعارضات إلى مسارات غير محسوبة العواقب. ولقد تبيّن أن اللجوء إلى العنف المسلح لم يكن سبيلًا للتحرر ولا لبناء الديمقراطية. ولعلّ (تجربة حزب العمال الكردستاني في تركيا، والحرب الأهلية في كولومبيا، والجزائر، وأفغانستان...) أمثلة على تحوّل العنف إلى أداة لتمديد عمر الاستبداد، وتبرير مزيد من القمع، وإدخال المجتمعات في دوامة الصراع المسلح دون أيّ أفق سياسي.
في حالات أخرى، دفعت الأنظمة الطغيانية بعض المعارضات إلى الارتماء في أحضان القوى الكبرى، طلبًا للتدخل العسكري. وقد حدث هذا بشكل بالغ السّوء في العراق، وليبيا، وسوريا. لكن هذه الاستقواءات كانت كارثية على كل المستويات، إذ أدّت إلى تفكيك الدول، وإشاعة الفوضى، وتصاعد الحروب الأهلية، وانتشار التطرّف، واتساع رقعة الفقر، وتفكّك النسيج الاجتماعي والاقتصادي، ومنظومة الأمن وجهاز القيم، واستنزاف الموارد دون تحقيق أي مسار ديمقراطي. والأخطر من ذلك، أن المجتمعات نفسها تنقسم فورًا عند ظهور أي دعم خارجي، نظرًا لحساسية الشعوب العميقة تجاه الأجنبي، خاصة إذا كان هذا الأجنبي له ماضي استعماري دامٍ في تلك البلاد. هكذا تفقد المعارضة شرعيتها الأخلاقية والوطنية، ويُعاد إنتاج الاستبداد بحجّة التصدي للتدخل الأجنبي.
اليوم، مثلا، أمامنا تجربة القوى التي ظهرت على الساحة السورية مؤخرًا، مثل جماعة الجولاني، التي تسير نحو المجهول دون غطاء شعبيّ، لأنها ببساطة لم تكن نتاج دينامية شعبية وطنية من الداخل، بل جاءت ضمن ترتيبات من خارج المجتمع السوري، هدفت إلى إعادة صياغة المشهد السوري. وليس سرًّا أن هذه الجماعات دخلت دمشق في إطار تفاهمات دُولية، وليس بناء على التفاهم مع الشعب السوري. ولذلك، سقط الأسد ولم يسقط الاستبداد، بل يُعاد تدويره وشرعنته بوسائل جديدة، وهذا ما يُهدّد بتدمير وحدة المجتمع السوري ومقومات دولته.
في المقابل، التجربتان التونسية والمصرية في 2011، -ولأسباب تتعلق بخصوصيات وتميّزات محلية يطول شرحها- رغم تعقيداتهما واختلافهما عن بقية التجارب، وفيما بينهما، إلا أنهما تشابهتا من حيث محدودية منسوب التدخل الأجنبي. ومن حيث تميّز قوى الثورة والتغيير في البلدين بطابعها السلمي، وحيث نجحت (القوى التي أتت بها الثورة) في إيجاد قدر من التفاهمات مع قوى النظام القديم، المقتنعة بضرورة التغيير، الأمر الذي سمح بتنحّي الحكومة القائمة آنذاك، مع ضمان استمرار وتيرة المحرّكات الإدارية للدولة في الاشتغال. فأثبتت التجربة في كلا البلدين أن التغيير ممكن دون الانزلاق نحو الحرب الأهلية أو الاستقواء بالخارج. وأن النضال السلمي الجماهيري الواسع، حين يكون مؤطرًا ووطنيًا ومثابرًا، يمكنه أن يفتح آفاق التغيير تدريجيًا، وفي نفس الوقت يحصّن المجتمعات من مشاريع التفتيت والتدويل. هذا من حيث المبدأ والفهم الموضوعي لما حدث. أما عوامل انتكاس الثورة ورجوعها على أعقابها، فهذا موضوع آخر ناقشناه طويلا.
بالمحصلة، لم يكن القبول بالاستبداد يومًا خيارًا، ولكن رفضه لا يعني الوقوع في خيار العنف أو الارتهان للخارج. الطريق الثالث هو بناء معارضة وطنية ديمقراطية تلتزم بالنضال المدني السلمي كخيار استراتيجي وتاريخي طويل النفس، يراكم الوعي والتنظيم ويؤسس لتحول فعلي لا يعيد إنتاج الاستبداد، بل يُنهيه جذريًا.
إذن، هذه وجهة نظرنا التي تميز موقفنا، وتُميزنا عن كلّ وعي غريزي تعميمي سواء الذي يُساند النظام العشوائي القائم، أو توأمه الذي يسعى للإطاحة بهذا النظام مهما كانت التكاليف، حتى لو كان الثمن الجمل بما حمل. ومع كل الأسف، لم يعد هنالك مجال لنقاش عمومي في تونس خارج دائرة القدح والقذف من هنا ومن هناك.
المسألة الثانية: لمّا نتناول قضيّة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في تونس ينزل النّاس فورا إلى مستوى تبادل التّهم والتّراشق بالنّعوت .. عَمْر يتّهم زيد بالعمالة للإمبريالية. وزيد يرمي عَمْر بخدمة الدكتاتورية ... والحقيقة أن هذا المجال هو أيضاً ساحة نزاع بين معسكرين: معسكر الحرّية الذي يخوض معركته من موقع الالتزام بالعمل المدني، في مختلف المجالات الاجتماعية والتعليمية والصحية. والدّفاع عن المساواة والعدالة. وصيانة حرمة الناس الجسدية والنفسية. وعن الأقليات وحرمة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها. ومعسكر آخر، تقف وراءه قوى الهيمنة العالمية، اخترق هو أيضا ساحة المجتمع المدني وحقوق الإنسان لزرع الألغام وإشعال الفِتَن. أولا لإضعاف المعسكر الأول. وثانيا لإبادة أفكار التحرّر، بغاية السيطرة على سيادة الدول والتحكم في مقدرات شعوبها. وعلينا أن نتحلّى بقدر من الشجاعة، ونقول الحقيقة دون إقامة الاعتبار للحلفاء ولا للخصوم، لأنّ النّزاهة تقتضي أن نُعرّي الحقيقة كما هي أوّلا. وبعد ذلك نرى إن كان لها حلفاء أم لا. وليس أن نُغطّي الشمس بعين الغربال، ونكذب على الناس، ونُنكر وجود الشمس وهي في كبد السماء، حتى لا نخسر حلفائنا. نعم نحن في تونس عندنا من الصنفين: عندنا حقوقيون علّمونا النضال، إذ كانوا على الدّوام يمثّلون خط الدفاع الأول على المظلومين، ولكن عيونهم مفتوحة، ومتأهّبون للوقوف ضد استهداف بلادهم. فلا يتردّدون في تبديل الأولويات حين تكون الدولة والبلاد مهدّدة وليس السلطة. وذلك انطلاقا من مبدأ ابتدائي بسيط يقول بأن حماية حقوق الإنسان تحتاج وطنًا ودولة يعيش في ظلها الإنسان قبل كلّ شيء. ولكن عندنا أيضا "حقوقيون" يشتغلون، ولو على حسن نيّة، ضمن برامج مُموّلة من جهات أجنبية لها أغراض أخرى لا علاقة لها بالأهداف التي تعلنها هذه المنظمة أو تلك الجمعية. ومع الأسف في أغلب الأحيان يتعرّض هؤلاء النّشطاء للتّلاعب خصوصا من خلال مبالغ مالية مُغرية، سيما في ظلّ أزمة عامة مركبة ومُستدامة.
يعني لا ينفع أن نفرض على الناس رأيًا أحاديًّا، قطعيا، مُطلقًا، مُغلقًا، ونضعهم بين خيارين: "أن تكون وطنيا هو أن تكون مع العشوائية ضدّ المجتمع المدني." أو "أن تكون ديمقراطيًّا هو أن تُسبّح بحمد كلّ الجمعيات قولًا واحدًا دون نقاش."
الفريق الأول متطرّف، والفريق الثاني لا يختلف في شيء عن الأول من حيث بنية التفكير. والعقل يقتضي أن نميّز بين صنفين من النشطاء بكلّ موضوعية، حتى لا نسقط في التعميم ونتحوّل إلى أعداء سيّئين للعمل المدني، وفي نفس الوقت لا نمضي في طريق جهنّم المعبّد بسذاجة النوايا الحسنة.
لماذا يُفترض أن نميّز الأمور؟ وكيف نضع النقاط على الأحرف بخصوص هذه المسألة؟
لمّا انهارت الامبراطوريات وولدت الدولة الحديثة في المهد الأوروبي، فورًا وُلِد معها المجتمع المدني. يعني بالمقياس التاريخي، لا يمكن الحديث عن دولة حديثة، دون وُجود شقيقها بالولادة إسمه المجتمع المدني ولقبه البيئة الصحية التي يشكلها لبناء حياة سياسية تُحصّن المجتمع من الدّاخل ضد الضغوط والإكراهات الخارجية. وهو ذلك الانخراط في تنظيم المجتمع، ومحاربة الفقر، فيضغط لإصلاح الإدارة ومراقبتها. ويساعد في التعبئة والارتقاء بالوعي، ويُدرّب الأفراد على المشاركة في التغيير والارتقاء بهم إلى مستوى المواطنة والمسؤولية العمومية، وتعزيز شعورهم بالانتماء، وتشجيعهم على الإبداع والعطاء وتمثّل الحرية. وقبل هذا وبعده، هذه الجمعيات الأهلية والمنظمات بمختلف مجالات نشاطها هي المُعادل المدني الضروري للسّلطة، لأنه يتصدّى لها حين تتغوّل أجهزتها على المجتمع، وتمنعها من ممارسة البطش وتجاوز حدودها. ولذلك فإنّ الذين يُهاجمون المجتمع المدني ويسعون لتجريفه وإنهاء دوره، لا ينتمون إلى هذا العصر، بل هم كائنات سلطانية كان يجب أن يختفوا مع اختفاء دولة السلاطين والقياصرة والبايات.
في المقابل، هنالك منظمات وجمعيات تنطلق من قواعد موجودة في غرب أوروبا، اليابان، وأمريكا الشمالية. وبالتأكيد هذا ليس افتراءً على نشطاء هذه الجمعيات. بل هي حقائق لها علاقة بسياسات الهيمنة الغربية على بلدان الجنوب، وهي سياسات مُعلنة ومكشوفة ومُترجمة في الحروب الإجرامية على الشعوب الفقيرة التي شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
في البداية، بعد أن أجبرتها حركات التحرر الوطني على الانسحاب من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، استخدمت الدول الاستعمارية سلاح المؤامرات والانقلابات العسكرية التي تديرها أجهزة المخابرات لضرب الأنظمة الوطنية، وقمع الحركات ذات التوجهات التقدمية الاستقلالية. ولاحقًا حين افتضحت تلك الأساليب، لجأت لوسائل أخرى، منها دعم الجماعات المتطرفة، فقدمت لها كل أنواع الدعم اللوجستي واستخدمها في تنفيذ مخططاتها. لكن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكك المعسكر الاشتراكي، انقلب السّحر على الساحر. وتحولت هذه الجماعات إلى عبء أمني خطير يهدّد مصالح الدول الاستعمارية. فكان لا بد لها من البحث عن وسائل جديدة بديلة. وقد تزامنت الحاجة للبديل الناجع مع انتقال الإمبريالية لمرحلة العولمة. ولذلك ارتبط تدفق هذه المنظمات والجمعيات على نحو غير مسبوق بمرحلة العولمة مطلع العقد الأخير من القرن العشرين، فتغلغلت بكثافة في كل بلدان العالم الثالث بحجة خدمة قضايا المجتمعات. وبذلك شكّلت إحدى وسائل اختراق المجتمعات لعدة أهداف. لعلّ أهمّها:
-إنبات بدائل ثقافية منسجمة مع مكونات ثقافة النظام العالمي الجديد.
-خلق عوامل إضعاف الدول وزعزعة استقرارها عند الاقتضاء.
-زرع ثورة استباقية مضادة تخترق البديل داخل القوى الديمقراطية ذات التوجه الوطني للقضاء عليها، أو تغيير مسارها بعدة حيل. فلو نكتفي بطريقة تناول معظم المنظمات النسوية لقضية المرأة، وحصرها في مسألة النوع و"الجندر"، ونحو ذلك من الأمور الفرعية، وعزلها نهائيًا عن معركة التحرر الاجتماعي، حتى لكأن النساء طبقة اجتماعية بذاتها. للاحظنا بالعين المجردة أن هنالك استهدافًا إيديولوجيًا يعالج قضية المرأة مجزّأة، وينتزعها عمدًا من إطارها السياسي لتحرير المجتمع برمته. وهكذا تتمّ عملية فصل شامتة للعمل النسوي عن النضال السياسي التحرّري. وتنقل النساء من ساحة المعركة الشعبية إلى أشكال العمل الخيري الإسعافي المُموّل لخدمة أغراض محددة وليس لوجه الله. ولذلك تعجّ تونس، على سبيل المثال، بخبرات وقامات نضالية نسائية لا مثيل لها، وفيها حركة نسوية قلّ نظيرها على مستوى العالم، ومع ذلك لا نكاد نعثر على نساء في قيادة الأحزاب ولا في قيادة مؤسسات الدولة العليا.
-مثلما تمّ حرمان الحركة الشعبية والساحة السياسية من جزء مهمّ من الثروة البشرية متمثلة في الدور المحوري للنساء، تمّ أيضًا تحويل وجهة قادة ومناضلين كبار عن طريق المال من ساحات المعارك الطبقية إلى صالونات العمل الحقوقي.
يعني هنالك مخطط حربي حقيقي مُموّل عبر بعض الجمعيات لإضعاف قوى التغيير بالتركيز على سرقة أفضل ما فيها، واستهداف الوعي من خلال استدراج بعض القيادات التاريخية للعمل الثوري، ودفعهم للهبوط من أولوية معركة توزيع الثروة وتحرير كلّ المضطهدين بلا استثناء، إلى حصر الأولوية في شعار "لا للمناولة" مثلا، أو "حقوق المثليين أولًا"... وبعد ذلك تأتي قضية الطبقة العاملة.
-بنفس المنهجية تم الاشتغال على استقطاب خيرة المثقفين وانتدابهم للعمل في هذه المنظمات، لتوجيه طاقاتهم في تنفيذ برامج الإمبريالية ومخططاتها بدل الانخراط في النضال من أجل حماية مصالح شعوبهم. وبهذا المعنى يتحقق الغرض المزدوج: تعطيل مساهمات خبرة النضال السياسي، والمرأة، والمثقف النوعي، بإخراجهم من معسكر التحرر والتغيير، وإلحاقهم بالخندق المضاد وتوظيف خبراتهم في التمل الجماهيري ورصيدهم العلمي والأخلاقي في أهداف أخرى.
المسألة الثالثة:
عندما يحتجّ بعض النشطاء المثقفين وصنّاع الرأي العام بأن "الدولة بلا مصداقية ما دامت لم تسائل سفيرًا أجنبيا معتمدًا في تونس، ولا قنصلًا، والحال أن هناك تونسيين متهمين بالتخابر مع هؤلاء الأجانب".
يعني حقيقة، بالربط الموضوعي مع المسألة الأولى والثانية أعلاه، وبكون المحتجّ شخصية اعتبارية في المجتمع، وليس أيّ مواطن عادي، لا يمكنني استبعاد نيّة تضليل الرأي العام. أما سبب تعمّد التضليل، بصراحة لا يمكنني الكشف عن النوايا ولا توجيه الاتهام لأشخاص لديهم مكانة في قلبي. ولكن على الأرجح دائمًا بدافع عدم إغضاب الحلفاء.
لماذا لا يمكنني استبعاد نيّة التضليل؟
من حيث المبدأ، هم يعلمون أنه لا يجوز للدولة المضيفة أن تُساءل سفير دولة أجنبية معتمد لديها كما تُساءل مواطنيها أو مسؤوليها، وذلك وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تمنح السفير حصانة دبلوماسية كاملة. ولكي أكون دقيقًا، عندي يقين أن أي ناشط سياسي أو حقوقي تونسي يعرف أنه في باب الحصانة الدبلوماسية، السفير يتمتع بالحصانة من الولاية القضائية الجنائية والمدنية والإدارية للدولة المضيفة، ولا يمكن اعتقاله أو احتجازه أو مساءلته أو حتى طلب شهادته حضوريا أمام القاضي. وأما إذا ارتكب السفير فعلًا غير مقبول أو تدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة، فإن الخيار الوحيد المتاح للدولة المضيفة هو أن تعلن السفير "شخصًا غير مرغوب فيه". وتطلب من دولته سحبه، دون الحاجة لتقديم مبررات قانونية. ولكن يمكن للدولة المضيفة أن تُعلم الدولة الموفِدة عبر القنوات الدبلوماسية بأي تجاوز أو احتجاج، لكن دون مساءلة قضائية أو إدارية مباشرة للسفير. في المقابل من حق أي دولة مساءلة مواطنيها على أيّ فعلة قد يُكيّفها القاضي على أنها تمس من الأمن. علما وأن كلامي هذا لا يمنع ظنّي في كل ما قيل عن الإخلالات وعدم وجود البيّنة وضعف الأدلّة ... خاصة وأنني لم أسمع أي جهة رسمية ما تجعلني أفهم هذه القضية. ولكن طلب الحقيقة شيء، والتّلفيق بتعلّة "عدم مساءلة أعضاء البعثات الدبلوماسية الأجنبية" شيء آخر.
وربي يهدي، وإن شاء الله صيامكم مقبول، وإفطاركم مغفور.
#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)
Boughanmi_Ezdine#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَن يقود الشرق الأوسط، لا بدّ له من السيطرة على سوريا
-
سوريا في بيئة ملتهبة بالصراعات الدولية والإقليمية
-
وتستمر المعركة بين الدم والغطرسة
-
مفاعيل الإبادة الجماعية، وبداية تفكك الأبارتهايد الصهيوني
-
المعارضة التونسية ستندثر إذا لم تُعيد تعريف نفسها وتتصالح مع
...
-
مسار تغيّر النظام الدولي ودلالات صعود اليمين المتطرّف في فرن
...
-
اليسار يحتاج تنظيما جديدا
-
سوق التّجارة بمعاناة اليهود في أزمة كساد خانقة.
-
نهاية رواية مُزوّرة!
-
إسرائيل، مشروع مُفتَعَل
-
طوفان الأقصى، ضربة في مقتل.
-
الولايات المتحدة الأمريكية شريكة في الحرب على غزة
-
صُنّاع الكراهية يقودون المظاهرات ضدّ الكراهية!
-
سقوط حلّ الدولتين، أو انتصار الدم على المدفعيّة
-
هل تغيّر الموقف الأمريكي تُجاه الحرب على غزة؟
-
كلّ الجهود ضدّ حرب إبادة الشعب الفلسطيني
-
حذار من الإفراط في التفاؤل
-
الحرب على غزّة ودواعي تطوّر الموقف العربي الرسمي
-
محنة الماركسيين التوانسة في علاقتهم بمقولتي -الدولة- و -الدي
...
-
نظام الفساد والإرهاب، لا يبني ديمقراطية.
المزيد.....
-
آسر ياسين يتحدث عن مي عز الدين في مسلسل -قلبي ومفتاحه-
-
حميدتي: -الدعم السريع- لن يخرج من الخرطوم أو القصر الجمهوري
...
-
صربيا.. الرئيس فوتشيتش يؤكد إصابة 56 شخصا خلال احتجاجات السب
...
-
قتلى وجرحى في غارات جوية عنيفة استهدفت مواقع للحوثيين بالعاص
...
-
للمرة الأولى بعد سقوط الأسد.. احتفالات في أنحاء سوريا بالذكر
...
-
بينها كوبا وإيران واليمن وسوريا والسودان وليبيا.. واشنطن تدر
...
-
ترامب يطلق سلسلة ضربات ويهدد الحوثيين بـ-جحيم لم يروه من قبل
...
-
مصر.. جنوح مركب سياحي في نيل أسوان والسلطات تتحرك وتكشف السب
...
-
لحظات رعب داخل مسجد برفح: مسيّرة إسرائيلية تطلق النار بكثافة
...
-
ما الذي يحفز الحركة النشطة ضد روح الوحدة الأفريقية ولماذا تس
...
المزيد.....
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|