عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 20:49
المحور:
الادب والفن
أنا حَيّ .
أنا سعيد.
لا أدري لماذا يحدثُ هذا لي
وليس هذا مُهمّاً على أيّة حال .
لذا.. في كلّ صباح ..
أستيقظُ مثل كيسٍ من الهَمّ .
أُنصِتُ بأسىً بغداديٍّ صافٍ، لصوت "الحافظ" خليل اسماعيل .
أستَمِعُ لفيروز.
أسمحُ للكلبينِ الصغيرين "فلفّل" و"فتّوش"، بالنباحِ على زوجة جاري الفاتنة، التي تستيقظُ قبل زوجها بكثير، وأسمعُ وقعَ أقدامها الناعمة على حجر الكراج القاسي، فينكسرُ قلبي فوق أصابعها الطويلةِ من شِدّةِ الحُبّ.
أنثُرُ الرُزّ البائتَ للعصافيرِ في الحديقة .
أقولُ صباحَ الخيرِ.. لا أدري لمن بالضبط.
واحياناً أُردّدُ: " أصبحنا، وأصبحَ المُلكُ للّه".. رغمَ أنّني لا أملِكُ شيئاً .
وبينما أمّي سعيدةٌ بإيماني الصباحيِّ.. وتقولُ آمين
أجمعُ أنا الكثيرَ من مُشتقّاتِ الهموم
، من بيوت الذين لايزالونَ نياماً،
ومن "فوطة" أمّي التي تأكلها "الصَفْناتُ"
وأذهبُ بها الى حاويةٍ في المدينة .
التقي هناكَ بالكثير من الناس، حاملين أكياسَهُم .
وحين تأتي شاحناتُ الهموم،
تأبى الهمومُ أن تُغادِرَ أكتافنا.
تذهبُ أكتافنا مع الشاحناتِ
ويعودُ الكيسُ الى البيت.
يطرقُ البابَ، ويدخلُ غرفةَ الهَمِّ وحيداً .
بعد قليلٍ، سوف أسمعهُ، ذلكَ الهمِّ،
يُغنّي لأمّي.
وأمّي تضحكُ.. وتضحكُ.. وتضحكُ..
كأنّ الهَمّ لم يدغدغُ طويلاً
،وأكثرَ من أبي،
خاصِرَتَها من قبل.
كما لو أنّ شاحناتَ الهُمومِ، التي تحملُ أكتافنا اليتيمةَ،
لم تدهَس في يومٍ ما
"فوطَتَها" المُقدسّة .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟