أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيدي المولودي - صورة المرأة في الغزليات الأمازيغية بالأطلس المتوسط















المزيد.....



صورة المرأة في الغزليات الأمازيغية بالأطلس المتوسط


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 20:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


صورة المرأة في "الغزليات" الأمازيغية
بالأطلس المتوسط
1-
تأخذ المرأة في ثامازيغث باعتبار الجنس اسم " ثاوْثَنّْ/ ثاوْثَمْثْⵜⴰⵡⵜⴰⵏ/ ⵜⴰⵡⵜⴰⵎⵜ ، أي الأنثى، وجمعها "ثِيوْثْمينْ ⵜⵉⵡⵜⵎⵉⵏ" والكلمة مؤنث " أَوْثَمْ ⴰⵡⵜⴰⵎ( الذكر) والجمع " إيوْثْمَانْ ⵉⵡⵜⵎⴰⵏ " و يبدو من السياق العام أن لفظة " أوثم " هي الأصل، وتم إلحاق المؤنث بها بإضافة علامة التأنيث التي هي التاء في البدء وفي النهاية، و قد يبيح لنا هذا القول إن ثامازيغث تعتمد للتفريق بين المؤنث والمذكر على علامة التأنيث هذه، وهي خاصية تتميز بها العديد من اللغات، بحيث لا يتم الفصل بين المذكر والمؤنث إلا بتلك العلامة ولا يختص أي منهما بكلمة تختلف عن أصل الكلمة التي تحيل على الآخر.
والملاحظ عامة أن علامة التأنيث هي التي توظف للتمييز بين المذكر والمؤنث، والأمثلة على ذلك عديدة:
- أسرْذون ⴰⵙⴰⵔⴷⵓⵏ(البغل) ثاسرذونث / ثاسرْذون ⵜⴰⵙⴰⵔⴷⵓⵏⵜ //ⵜⴰⵙⴰⵔⴷⵓⵏ
- إيزمْ ⵉⵣⴰⵎ( الأسد): ثيزمْثْ / ⵜⵉⵣⴰⵎⵜ
- أرْبَا ⴰⵔⴱⴰ ( الفتى): ثارْباتْ ⵜⴰⵔⴱⴰⵜ
- أزرو ⴰⵣⵔⵓ ( الحجر): ثازْرُوتْ ⵜⴰⵣⵔⵓⵜ
ولكن أحيانا قد يكون المؤنث من غير لفظ المذكر، و ذلك على ما يبدو نادر، ومن الأمثلة في هذا الباب:
- أيِيسْ ⴰⵢⵉⵙ ( الحصان) : ثاﯕـمارْث ⵜⴰⴳⵎⴰⵔⵜ ( الفرس)
- أيوﯕـو ( أزﯕـر) ⴰⵢⵓⴳⵓ/ ⴰⵣⴳⴰⵔ ( الثور): ثافُوناسْث ⵜⴰⴼⵓⵏⴰⵙⵜ ( البقرة)
والاختلاف في توظيف اللغات للمذكر والمؤنث قائم ،فكل لغة تنفرد بطاقاتها التعبيرية في هذا المجال، خاصة وأن التذكير والتأنيث هو بالدرجة الأولى مفهوم ثقافي يتولد وينمو عبر سياقات حضارية متباينة، وبعض الإشارات التي وردت عن اللغويين العرب ، مثلا، والفلاسفة كذلك تشير إلى أن التذكير والتأنيث من خصائص الحيوان وإطلاقهما على غير ذلك لا يكون سوى على سبيل المجاز، فابن رشد في تلخيص الخطابة يقول: "والتذكير والتأنيث في المعاني إنما يوجد في الحيوان، ثم قد يتجوز في ذلك في بعض الألسنة فيعبر عن بعض الموجودات بالألفاظ التي أشكالها أشكال مؤنثة وعن بعضها بالتي أشكالها أشكال مذكرة"(1)، ويكاد اللغويون العرب يجمعون على أن " الأشياء كلها أصلها التذكير ثم تُختص بعد، فكل مؤنث شيء والشيء يذكر، "فالتذكير أول وهو أشد تمكنا" كما يقول سيبويه،( 2) ولعل سطوة هذا الزعم هو ما دفع نوال السعداوي أن تكتب كتابا سمته " الأنثى هي الأصل “،و"معظم اللغات التي تفرق بين المذكر والمؤنث بلاحقة إضافية تتخذ من صيغة المذكر أصلا ومن صيغة المؤنث فرعا"(3)
ويظهر لي أن ثامازيغث بدورها متحيزة إلى أن سياق التذكير هو الأصل وهو الأول وأن التأنيث هو تابع أو فرع من فروعه. خاصة وأن إضافة علامة التأنيث وحدها ، عموما، هي التي تنهض بدور التمييز بين المذكر والمؤنث وهو ما يجعل منها أحد المعايير الكبرى التي يحتكم إليها في هذا الباب.
يطلق عل الأنثى أيضا اسم " ثامْطُّوطْ" ⵜⴰⵎⵟⵟⵓⵟ( جمع ثيمْطوضين ⵜⵉⵎⵟⵉⴹⵉⵏ وثيمطَّاض ⵜⵉⵎⵟⵟⴰⴹ) ويصعب العود به إلى جذر محدد، غير أن هناك احتمالات في أن يكون أحد مشتقات الفعل " إيطَّضْ ⵉⵟⵟⴰⴹ ( رضع) و" إيسُّوطَّضْ ⵉⵙⵙⵓⵟⵟⴰⴹ " ( أرضع) بحيث يكون القياس الصرفي " ثامسوطضث" أي المرضعة، وهي لفظة يعتورها بعض الاستثقال تم إدغام وحذف بعض أجزائها ومكوناتها لتكون أيسر في الاستعمال وتستقر على صيغة " ثامطوط". وصفة الإرضاع أبرز الصفات المقترنة بالأنثى. وهذا الاحتمال في تقديرنا أقرب إلى الرجحان، ونستبعد احتمالات أصول أخرى مثل افتراض العلاقة بين "ثامطوط" و"ثيمِيطْ ⵜⵉⵎⵉⵟⵟ" (السرة) أو " ثيماتِّينْ ⵜⵉⵎⴰⵜⵜⵉⵏ " ( المشيمة).
ودلالة " ثامطوط" في الغالب عامة، وتقابل لفظة " أرﯕـاز " ( الرجل)، ولكنها أحيانا تختص و يقصد بها المرأة المتزوجة.
ومذكر "ثامطوط" هو " أمَّطُّو ⴰⵎⴰⵟⵟⵓ" ويوظف للدلالة على التعظيم والتفخيم، و توصف به المرأة المسترجلة أو التي تتشبه بالرجل، ولا يخلو معناه من دلالات التقدير والتبجيل والسخرية أيضا، تبعا للسياقات التي يوظف فيها.
وتأخذ الأنثى اسم " ثامْغارْثْ ⵜⴰⵎⵖⴰⵔⵜ" كذلك، والجمع " ثيمْغارينْ ⵜⵉⵎⵖⴰⵔⵉⵏ " والكلمة هي مؤنث "أمغار ⴰⵎⵖⴰⵔ " ، وتعني العجوز أو المتقدمة في السن أو الشيخة، ولكن يتسع مجال إطلاقها في بعض المناطق الأمازيغية لتحيل على المرأة أو الأنثى بصفة عامة، وحسب محمد شفيق فإن هذا الإطلاق هو من باب التقدير والاحترام(4) وتطلق اللفظة أيضا على " الحماة". ومن ثمة فإن لفظة " ثامغارث" تتوزعها دلالات متشابكة، عامة وخاصة تتعلق إما بالسن أو الموقع داخل العلاقات الأسرية أو المجتمعية، ولذلك تنطوي على معالم من معاني السيادة والسلطة وإيحاءات التقدير أو الوقار، وتتقاسم هذه المعالم جميعها مع دلالة لفظة " أمغار " المذكر.
من الأسماء التي تخص الأنثى/ الإناث أيضا لفظة " ثيسَدْنانْ ⵜⵉⵙⴷⵏⴰⵏ " ( اللبؤات) وغالبا ما توظف بصيغة الجمع هذه، ويشير محمد شفيق أن مفردها هو " ثاسَدَّا ⵜⴰⵙⴷⴷⴰ ( ثيسْدْوين) وتتضمن الدلالة مظاهر التكريم والتعظيم.(5)
وتوظف كذلك لفظة " تُولَاوينْ ⵜⵓⵍⴰⵡⵉⵏ" ( الأفئدة) ومفردها " ثُولْتْ ⵜⵓⵍⵜ" وهي تصغير لكلمة " أُولْ ⵓⵍ " وللقلب دلالة ثقافية ورمزية خاصة في الثقافة الأمازيغية فهو موطن أو مقر أو مستودع المشاعر والأحاسيس الإنسانية والعواطف النبيلة، وهذا اعتراف وإقرار بالدور الإنساني النبيل للنساء في المجتمعات الأمازيغية وتتداول بدورها بصيغة الجمع.
ويوظف كذلك اسم " ثايْتْشِينْ ⵜⴰⵢⵜⵛⵉⵏ " بصيغة الجمع، ولا نعرف له مفردا، ونرجح أن اشتقاق الكلمة قد تكون له علاقة بالفعل " إِيتْشَا ⵉⵜⵛⴰ " ( أكل )ومصدره " أوتْشِي أو أوتْشُو ⵓⵜⵛⵉ/ⵓⵜⵛⵓ "( الأكل ) أو " إيسْتْشْ ⵉⵙⵜⵛ " ( أطعم) أو كلمة " أتْشِيوْⴰⵜⵛⵉⵡ / ثاتشِيوْثْ ⵜⴰⵜⵛⵉⵡⵜ " ( الخادم / الخادمة ) وتتكتل دلالات هذه الألفاظ لتلتئم في ظلالها صفات تحاكي أو ترصد وضع المرأة ودورها البارز في العائلة والمجتمع، بحيث يتعلق المدلول الرئيسي بدورها الثابت في الإعالة وإعداد وتقديم الطعام وما يتصل بها من خدمات.
وفي تقديري ،إن اللفظة " ثيعَيَّالينْ" المتداولة هي لفظة دخيلة وهي في الغالب تعريب لكلمة " ثايتشين" أي المُعيلات.

هكذا يتضح أن الأسماء التي تطلق على المرأة / الأنثى في ثامازيغث تعود إلى دوال ،اثنان منها بصيغة الإفراد، وأربع منها بصيغة الجمع باعتبارها الصيغة الأكثر تداولا، وهي دوال تحمل بين ثناياها مظاهر تمتين الصيغة الدلالية التي تفرضها المعاني الاجتماعية الواسعة المتعلقة بحياة الأمازيغ وقيمها المشتركة والمتجددة ، ويتراءى أن صيغة الإفراد كأنما تحيل إلى " الجنس" بينما صيغة الجمع ترشح بدلالات التقدير والتعظيم والمكانة أو المقام الرفيع. وهي دلالات كامنة في صيرورة الكثافة التاريخية التي تميزت بها اللغة الأمازيغية عبر التاريخ.
2-
الكثير من المعطيات التاريخية والثقافية واللغوية تشير إلى أن للمرأة وضعها المتميز عبر مراحل التطور الحضاري للأمازيغيين، وكانت تتمتع بحرية واسعة، ولعبت دورها المحوري منذ العصور القديمة ضمن سياق العلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية ، ويدل على ذلك التقديس الذي تميزت به الأنثى لدى إيمازيغن حيث كانت أبرز معبوداتهم ولم تكن تحق العبادة لسواها باعتبارها مصدر الحياة والإخصاب والعطاء، وإلى زمن قريب ما تزال معالم تقديس الأم / المرأة لدينا قائمة حيث يسود الانتساب إلى الأمهات بدل الآباء، وهي عادة قديمة تحيل إلى بقايا أو رواسب المرحلة الأمومية (الأميسية) التي كانت فيها السيادة للنساء وكان الانتساب للأم الرابطة الواحدة المؤكدة و ما تزال الظاهرة متداولة لحد اليوم ( محمد ن إيطو. حدو ن حليمة. محمد ن زهرة. علي ن ميمونة. محمد ن هنو. رقية ن عيشة. فاضمة ن حادة. محمد ن خدجو.. عيشة ن خدجو) وهو ما يولد ضربا من الإشارات الخافتة إلى أن المرأة كانت العنصر الفاعل وأبرز القوى المحركة للتغير الاجتماعي.

وعلى مستوى آخر يمكن اعتبار المرأة الأمازيغية ذاكرة خالدة على المستوى الثقافي والإبداعي إذ ساهمت على جميع المستويات في تعزيز المنجزات الإبداعية الأمازيغية على صعيد التعبيرات الفنية المختلفة: في مجال الحكي، والرقص والغناء والأداء الشعري والزينة، إضافة إلى إسهاماتها البارزة في الإبداع التشكيلي على مستوى الوشم وتشكيل الزرابي وألوان النسيج وما يرتبط بذلك. فالمرأة الأمازيغية سيدة التشكيل وسيدة الألوان والمنجز في هدا الباب هو سلسلة من لوحات فنية ثرية تحمل رموزا تاريخية وجمالية مشحونة برؤى مختلفة تعكس نظرة الإنسان الأمازيغي العميقة للكون والعالم المحيط به، ولهذه الإبداعات على الصعيد العملي طابعها الاستثنائي الخارق، لذا غالبا ما يتم ربطها بالطقوس السحرية البدائية إذ كي تكون المرأة أو الفتاة بارعة في فن تشكيل الزرابي ويكون لها حضورها القوي وطابعها المميز الخاص تلجا إلى الاحتماء ببعض الأولياء المحليين الذين يملكون سلطة الإلهام كما يعتقد أهل العشيرة أو القبيلة وينفثون فيها روح الخلق والإبداع. ولذلك تكون أشبه بكيان مقدس بذلت كل جهودها من أجل توظيف كل الأسلحة والأدوات والآليات المتاحة من أجل ضمان دورها الفاعل في حركة المجتمع وتحقيق وجودها ثقافيا ورمزيا عبر التعبير عن رؤيتها وأفقها المعرفي وحميمية ارتباطها بالعالم والواقع.
3-
في مراهنتنا على حضور المرأة في الأدب الأمازيغي بالأطلس المتوسط اجتذبني سياق شعر الغزليات باعتباره عمليا ونظريا المجال أو الفضاء المحتمل لاستحضار المرأة والمؤهل لاقتناص صورتها واستكشاف مكنونات وجودها الاجتماعي والثقافي والجمالي، خاصة وأن السياق الذي يتداول ويوضع فيه هذا الشعر يحيل بشكل مباشر أو غير مباشر إلى المرأة.
والملاحظ في هذا الباب على وجه العموم أن المتن الشعري الأمازيغي بالأطلس المتوسط يحضر فيه أفق الغزليات بقوة وبشكل ملفت للنظر ومثير، لأنه يستغرق القسط الأكبر من النصوص الشعرية الغنائية المتداولة، الأمر الذي لا يتأتى معه إدراك أبعادها إلا من خلال الحفر والتنقيب عن المرجعيات أو الخلفيات التي تجعل لغة الغزل قادرة بمعنى أو آخر على إنتاج المعاني والدلالات والتعبير عن تجلياتها وتمثلاتها المتباينة، فالظاهر أن لغة الغزل شكل تعبيري خاص و أبرز الوسائط المعتمدة لإنجاز الدلالات والتحكم في تجاذباتها وتقابلاتها المتصارعة في مجال الإبداع الشعري الأمازيغي، ولا يعني هذا على الإطلاق عجزا أو نقصا في إرادة الخوض في حقول تعبيرية ودلالية أخرى ومعانقتها، وعدم استثمار معطياتها، إذ تشكل هذه بدورها المجال الذي يجري فيه التعبير بكل متعة ومخاطرة، ولكن المسار المألوف غالبا يحافظ على الأفق الغزلي ويرعي انتشاره لدرجة أضحى معه نسقا مهيمنا ومسيطرا تتوالد تحت ظلاله مجمل الدلالات الممكنة وتفريعاتها، وهو ما يحيل إلى سياق تصور وإدراك وأسلوب خاص في محاكاة الوجود الأمازيغي والتعبير عنه وتخيله وتمثله، أي أن هدا الأفق يرشح بتلاوين متقاطعة ومتشابكة تخفي تلك القوة المحركة التي تتلبس بكل عناصر ومظاهر الوجود، وتروم ابتداع لغة خاصة تتكلم بطبيعتها طرائق استكناه عوالم ومعالم الإدراك الأمازيغي للعالم من حوله وبنيات نظامه المعرفي وإنجازاته الإبداعية والثقافية المختلفة، وعلى هذا المستوى يمكن اعتبار لغة الغزل بؤرة مولدة تشتغل بصيغة أكثر خفاء وعمقا، في محاولات شتى لاستيعاب أسباب الوجود المحجبة التي تأخذ أشكالا تعبيرية ودلالية متباينة لها خلفياتها الاجتماعية والثقافية والأسطورية، ومن ثمة تتأسس وتنبني وتتطور ضمن درجات ومستويات معقدة من التأويل المفتوح الذي يضمن الانتقال أو العبور من مظهر الدلالة السطحية إلى جوهر الدلالات العميقة، وأساسا فإن مظاهر هذه الهيمنة أو البروز والحضور القوي تعود لعوامل مختلفة قد يكون في مقدمتها أن لغة الغزليات مرشحة أبعد من سواها للرسوخ في الذاكرة الفردية والجمعية وغير مستعصية على الحفظ والتكرار والتداول وقادرة بمعنى من المعاني على صوغ عوالم افتراضية تنهل من التصورات المختلفة القابلة للتعبير والإقامة في أكثر من مجال، ولذلك تمدنا على صعيد المنجز الشعري بنسق أو سياق من انطباعات ومواقف ذاتية وجماعية تتغذى من وقائع الحياة وصيروراتها، وكان لطقوس الغناء المختلفة والمتعددة دور كبير في إكسابها وظيفة ثقافية واجتماعية عميقة الأثر بحيث ظلت بمنأى عن كونها مجرد انطباع أو إحساس فردي عابر، وظلت تعبيرا عن موقف جماعي واجتماعي يعكس الهواجس الإبداعية والإنسانية على اختلاف تجلياتها وأنماطها، ومن ثمة يمكن التأكيد على أنها تتميز بنوع من الثراء الدلالي الذي يحكم ويوجه خصوصياتها في رسم معالم وتضاريس صلاتها مع المجالات أو الحقول الدلالية الأخرى.
4 -
يشتمل الحقل الدلالي للغزليات على دوال في مقدمتها لفظة " ثايْري ⵜⴰⵢⵔⵉ ( المحبة) وهي مشتقة من الفعل " إِيرَا ⵉⵔⴰ بمعنى أراد، ابتغى، تعلق، عشق، وامتداداتها الدلالية المختلفة، ووظفت اللفظة على نطاق واسع في المتن الشعري الأمازيغي للدلالة على المحبة والوجد والغرام والهيام والعشق، وسادت الشكوى من قسوتها وآلامها وشدتها والمعاناة من أوصابها، ومن الفعل "إيرا" تولدت صفة " أونْ ريخ ⵓⵏ ⵔⵉⵅ ( من أحب) أو (الذي أحب) ويوظف غالبا بصيغة " أونا ريخ ⵓⵏⵏⴰ ⵔⵉⵅ" ( الحبيب أو المحبوب أو المعشوق) وقد يأخذ صيغة " وايْذ ريخ ⵡⴰⵢⴷ ⵔⵉⵅ " بالدلالة ذاتها، وقد يوظف تعبير " أونَّا إيرا وُولْ ⵓⵏⵏⴰ ⵉⵔⴰ ⵡⵓⵍ" ( الذي أوْ من يهوى الفؤاد)، وهذه الألفاظ أو الصفات هي السائدة وتشغل الحيز الأكبر من متون شعر الغزليات.
يرتبط بهذه السلسلة من الألفاظ لفظ أو صفة " أسمون " ⴰⵙⵎⵓⵏ( الرفيق أو الصاحب أو الخليل) وهو أحد مشتقات الفعل " إيمُّون ⵉⵎⵎⵓⵏ" بمعنى تجمع وتلملم واجتمع ومنه " إيمُّونْ إيتْسْ/ أﯕـيسْ ⵉⵎⵎⵓⵏ ⵉⵜⵙ/ ⴰⴳⵉⵙ " بمعنى سار معه، رافق ، وصاحب أو اصطحب، ومنه الفعل " إيسْمُونْ ⵉⵙⵎⵓⵏ" بمعنى جمع ولملم وضم وكتل ووفق بين شيئين وألف بينهما، ودلالتا "إيمُّون وإيسْمُون" تتضامان وتتكاملان في لفظة " أسمون" حيث ينصهر المعنيان معا ليجسدا الدلالة العميقة له. إننا هنا أمام مفهومين متعانقين كل منهما يحمل بذاته معنى منفصلا ولكنهما يلتقيان معا في قعر دلالي واحد، ويتضمنان قيمة دلالية واحدة، والسياق يحشدهما ضمن معنى أساسي تتقاسمه حدود الحب والمصاحبة، فالمحبوب هو من يؤنس إليه وهو الذي نسعد بألفته ومعاشرته والمصاحب أيضا هو من نأمن جانبه ونطمئن لمخالطته ومجالسته، والتداعيات العاطفية المرتبطة بالدلالتين هي التي تشكل صورة المحبوب كمواز للرفيق أو الصاحب وكل منهما تتوالد دلالاته في اتجاه الانصهار في الآخر والالتحام به بحيث لا يتأتى أحيانا الفصل بينهما، هكذا يبدو أن الفعل " إيرا" يتماس مع دلالات " إيمون / إيسمون" على اعتبار أنها جميعا تنطوي على معنى التعلق و تجليات الألفة والتصاحب والتعلق والكلف.
في تماس وتواز مع لفظة " أسمون " نجد لفظة " أمْدَّاكْلْ ⴰⵎⴷⴷⴰⴽⵍ " بمعنى الصديق أو الخليل، وهو من مشتقات الفعل " إيدُّوكْلْ ⵉⴷⴷⵓⴽⵍ" بمعنى صاحب أو صادق ولازم ورافق، والمصدر " ثيدُّوكْلا "ⵜⵉⴷⴷⵓⴽⵍⴰ" وتتقاطع الدلالة بشكل كثيف مع " أسمون" إذ ينطويان معا على قيم المصاحبة والمودة والعشق والصداقة والتعلق والجوى.
ويبدو ظاهريا أن ثمة تراتبية في توظيف الدوال الثلاث" أونا ريخ / أسمون / أمداكل" فكل منها يعبر عن سياق ، وعن إحساس أو موقف خاص على الرغم من التقاطعات والقواسم المشتركة بينها، ولو جاز أن نعتمد مقاييس المفاضلة بحسب مجال توظيفها وسلطتها الإيحائية فإن " أونا ريخ" أكثر انتشارا يليه " أسمون" ثم " أمداكل" مما يعني أن الطاقة الرمزية تتكتل في " أونا ريخ" أكثر من سواه، ولكن ذلك لا يلغي تلك العلاقات التفاعلية التي تجسد لحمتها عبر كافة مستويات توظيفها وعبور إمكانياتها الدلالية والتخييلية.
والملاحظ أن هذه الصفات أو الدوال تنتصر على العموم لصيغة المذكر فقلما توظف صيغة المؤنث وإن اعتمدت ففي حدود ضيقة، فلا تستعمل مثلا " ثَنَّا ريخ ⵜⴰⵏⵏⴰ ⵔⵉⵅ ( المحبوبة) إن لم نقل إن استعمالها منعدم تماما، ولا تستعمل كذلك صيغة " ثاسْمون/ ثاسمونث ⵜⴰⵙⵎⵓⵏⵏ / ⵜⴰⵙⵎⵓⵏⵜ" في حين توظف صيغة " ثامْدَّاكلْ ⵜⴰⵎⴷⴷⴰⴽⵍ" ولكن في نطاق محدود ، و هذه الألفاظ أو الصفات الثلاث تجسد في الواقع كتلة متراصة تتقاسم في ما بينها كل دلالات الهوي والمحبة والحب، وكأنها أحد فروع الفعل " إيرا" ( أحب) بل هي أبرز امتداداته التي ترسم حدود المسافات بينها وطرائق استيعاب الوجود الجماعي لتداعياتها المختلفة.
احيانا توظف بعض الألفاظ الموازية او الرموز التي تحيل بشكل مباشر وغير مباشر إلى "الحبيب" بكافة دلالاته المشار إليها، وهي رموز لها دور مركزي في مجال الغزليات ولها قوتها في نسج المعنى، وهي أساسا مستقاة من حقل القرابات أو ما يحيل إلى بعض الإحساسات والعواطف، وهو ما يرسخ وجه التقاطعات التي تجمع بين هذه الدوال وتأكيد أبعادها في إبراز الحميمية التي تؤالف بينها والوشائج العضوية التي تتحكم في بناء الأواصر المحتملة بين الحبيب والمحبوب ، ومن الأمثلة في هذا الباب توظيف لفظة " ⵉ ⵎ ⵎ ⴰ (إيمَّا) أو " ⵢⵓⵏⵓ "( يُونُو) ( أمي) وتحيل غالبا إلى الحبيب، وهي بالضرورة تجسد مستوى وعمق الأواصر أو الرابطة الاجتماعية القوية والحميمية التي تحكم العلاقة بين الحبيب والمحبوب، وضمن هذا السياق ايضا توظف ألفاظ :" ⵉ ⵍ ⵍ ⵉ" ( إيللِّي) ( ابنتي) و:" ⵎ ⴰⵎ ⵎ ⵉ" ( مَمِّي) ( ابني).( 6)
ومن هذه الألفاظ او الرموز كذلك لفظة :" ⵜ ⴰ ⵙ ⴰ " ( ثاسَا ) ( الكبد) وهي الثقافة الأمازيغية مركز العطف ومنبع الحنان (7)أي أنها بدورها ترسخ افطار الحميمي لنسيج العلاقات بين الحبيب والمحبوب.
وتوظف هذه الموازيات / الرموز عادة في إطار محدد وتتواتر غالبا في مقاطع أو سلسلة " لازمات" تنبني على التكرار وتنهض بدور حاسم في توجيه الإيقاعات في الغناء و الإبداع الأمازيغي في مجال الغزليات بالأساس.
وعلى الرغم من أن لفظة " ثايْري" هي مؤنثة فإن كل الدوال الفرعية الدائرة في فلكها تتكتل في صيغة التذكير، بحيث يتضاءل أو ينعدم أحيانا اعتماد دوال مؤنثة.
من الألفاظ التي توظف في هذا الباب أيضا كلمة " أبَاضَاضْ ⴰⴱⴰⴹⴹ " أو " باضاض ⴱⴰⴹⴰⴹ" كما هو متداول، وهو الهيام والجنون من العشق، وذهاب العقل من حب كما يشير محمد شفيق،(8) والفعل هو "إيبُوضَضْ ⵉⴱⵓⴹⴰⴹ" ويبدو أن اللفظة تعرضت لمتغيرات جذرية بحيث انمحت الوشائج التي تصلها بجذورها الأصلية، خاصة وأن الصيغة المتداولة تفقد أية مؤشرات أو علامات يمكن أن تقود إلى أصولها المباشرة، ومن ثمة يتعذر ردها إلى صيرورتها التاريخية والثقافية وتحولاتها عبر أوجه استعمالاتها المختلفة، ويبدو أن اللفظة قد تكون لها علاقة ما بالفعل" إيبْضَا " ⵉⴱⴹⴰ" بمعنى سقط وهوى ووقع ، وفي نسيجه الدلالي ما يحيل إلى الهوى والعشق، حيث يقال" إيبْضا س / إيبْضَاياسْ وُول ⵉⴱⴹⴰⵙ / ⵉⴱⴹⴰⵢⴰⵙ ⵡⵓⵍ" بمعنى هوى فؤاده أي تعلق بالحبيب واستغرقه وجد المحبوب.
واللفظتان " ثايري" و" باضاض" مبثوثتان بشكل لا حصر له في المتون الغزلية، ويبدو لي أنهما يشكلان المدخل الأساسي لاستكناه صور ولغات واستعارات التعبير في غزليات الأطلس المتوسط.
هكذا يبدو أن الحقل الدلالي للغزليات يمتح لغاته من هذه الدوال:
- إيرَا ومشتقاته أو الصفات المتفرعة عنه دلاليا: ثايري/ أونا ريخ / وايذ ريخ / أونَّاإيرا وول.
- إيمُّون / إيسْمون والصفات المتفرعة عنهما: أسمون.
- إيدُّوكل والصفات المتفرعة عنه أمداكل / ثامداكل.
وقد نضيف ،بحذر، الدال " إيبْضا" أو " إيبوضض" في ما إذا اعتبرنا أنها أقوى الأصول المحتملة ل: أباضاض".
وتتخلل حقل الغزليات الأمازيغية من جانب آخر ألفاظ دخيلة مستعارة غالبا من العربية بحكم التفاعل القائم بينها وثامازيغث، ومنها كلمة " الحب" و" المحبة" وتوظف بصيغتها العربية دون تعديل، وفعلهما " حبَّ وأحبَّ ّ الذي اكتسب بنية اللغة الأمازيغية وغدا " إيحُوبَّا ⵉⵃⵓⴱⴱⴰ " وكلا اللفظتين هما في مقابل "ثايري" و"إيرا "، وقد تفرعت عنهما صفة " واين حُوبَّا / اونْ حوبَّاخْ ⵡⴰⵢⵏ ⵃⵓⴱⴱⴰ/ ⵓⵏⵏ ⵃⵓⴱⴱⴰⵅ"( من أُحب) وتوظف الصيغة بشكلها الأول على نطاق واسع في المتن الشعري ولا يستعمل المؤنث منه إطلاقا .
من الألفاظ الدخيلة كذلك لفظة " أحْبيبْ ⴰⵃⴱⵉⴱ" بصيغة المذكر و " ثاحْبيبْث ⵜⴰⵃⴱⵉⴱⵜ بصيغة المؤنث ويستعملان معا ولكن في نطاق محدود، ومنها كذلك لفظة " أعشَّاقْ ⴰⵄⴰⵛⵛⴰⵇ " (العاشق) بصيغة المذكر و " ثاعشَّاقْثْ ⵜⴰⵄⴰⵛⵛⴰⵇⵜ " ( العاشقة) بصيغة المؤنث وتوظيفهما محدود بوجه عام، ومن الألفاظ الدخيلة كدلك كلمة " لَهْوَا ⵍⴰⵀⵡⴰ" ( الهوى) وتوظف بمدلولها العربي.
والواقع أن كل هذه الألفاظ الدخيلة لا تحمل أية قيمة دلالية مضافة وهي مجرد تنويع على هامش الألفاظ الأمازيغية الأصيلة. وتبقى مقاربتها للمعاني أو الدلالات محدودة، ولا تكاد تتحرر من تأثير الدوال الأمازيغية الأصيلة.
5 -
واستعراض الكثير من المتون التي استغرقتها هذه الدوال يفرض ضربا من الحذر من حيث أن تصنيفها قد لا يقود لأية خصائص صريحة يمكن أن توجه التقابل والانسجام بين مكوناتها وعناصرها الأساسية، وباستثناء الألفاظ (أسماء المعاني) ذات الدلالة العامة والمجردة: ثايري/ ثيدوكلا/ أباضاض/ وموازياتها التي توظف وفق منظور خاص فإن الدوال الأخرى يعتورها بعض من الغموض والإبهام، وعموما فإن الدوال المجردة أو أسماء المعاني يكون المقصود فيها هو تبني تصور يرتهن معانيها ضمن أفق دلالي تتداخل فيه الكثير من العناصر الثقافية والاجتماعية، أي أن الأمر يتعلق هنا بتقديم ما يشبه الحدود المحتملة لهذه الألفاظ وتداعياتها، أي أن استثمارها يتم باعتبارها مفاهيم عامة، من الأمثلة على ذلك:

ⵜⴰⵢⵔⵉ ⵓⵔ ⵜⵉⴳⵉ ⵅⵙ ⵎⵛ ⵉⵡⵜ ⵓⵙⴰⵏⵏⴰⵏ ⵡⴰⵢ ⵏ ⵄⵉⴱⴱⴰ ⵖⵓⵔ ⵙⴰ ⴰⴹⴰⴹ ⵉⵏⵖⵢⵉ ⵡⵉⵏⵡ -
- ثايْري أورْ تِيـﯖـي خسْ مشْ إيوّْثْ أوسَنَّانْ واينْ حوبَّا غورْ سَ أضَاضْ إينْغِي وِينْو.
( الحب الحقيقي لا يكون إلا إذا شكَّتْ شوكة إصبع حبيبي فيؤلمني إصبعي أنا.)
فالنموذج يقدم ماهية " ثايري" وحقيقتها الكبرى التي تقود إلى الالتحام اللامرئي بين الحبيب والمحبوب وتقتضي الإحساس المشترك بينهما لدرجة يتأتى معها القول إن الحبيب هو ذلك الشخص الذي تستطيع أن تقول له " أنا". والصورة لا تخلو من بعد إنساني عميق حيث الحبيب هو ذلك الذي يشارك حبيبه في ( المؤذيات والمحزنات التي تنزل به)
ويرسخ النموذج التالي صورة " ثايري" الحقيقية أيضا حيث يرصد قوتها في التمكن والسريان و التحكم في الوجدان على شاكلة بناء مرصرص يرتفع لوحا فلوحا ويصمد أمام احتمالات الدمار:
- ⴰ ⵜⴰⵢⵔⵉ ⵍⵍⴰ ⵜⴳⴳⴰⴷ ⵍⵙⴰⵙ ⴰⵎ ⵓⴳⴰⴷⵉⵔ
ⵍⵍⵓⵄ ⵙ ⵍⵍⵓⵄ ⴰⵙ ⵉⵜⵜⴰⵍⵢ ⵓⵎⴰⵔⴳ ⴷⵉⴳⵉ
- آثايْري لَّا تْـﯖـاذْ لْساسْ آمْ أُوكاذيرْ
للُّوحْ سْ للُّوح آسّْ إيتَّالْيْ أومَارْگ ذيـﮝـي
( تشيدين الأساس كما الجدار، أيتها المحبة
لوحا فلوحا يتصاعد الشوق بأحشائي)
إنها القوة التي تؤسس بها "ثايري "وجودها و تتشابك آثارها مع تفاصيل الوجود الخاص.
وفي صورة أخرى تصبح هذه ال" ثايري" فاقدة لجدواها ومغزاها ما لم تكن معززة بآليات ضمان فاعليتها واستمراريتها
-ⴳⵔⵉⵅ ⴰⵣⴹⴹ ⵍⵍⴰ ⵓⵔ ⵍⵍⵉⵎⵅ ⵜⴰⴹⵓⵟ
ⵉⵎ ⵛⵉⵙ ⴰⵢ ⵜⴳⴰ ⵜⴰⵢⵔⵉ ⵜⴰⵔ ⴰⵎⴰⵣⴰⵏ
- ﯕـْرِيخْ أزَضَّا لَّا أورْ للِّيمْخْ ثَاضُوطْ
إيمْ شِيسْ آيْ ثْـﮝـَـا ثايْرِي ثارْ آمَازانْ
( وضعتُ النسج قبل غزل الصوف
كذلك هي المحبة بلا رسول )
فالرسول "دليل عقل المرء" على حد تعبير ابن حزم (9) يضفي على علاقة الوجد والحب قيمة مضافة وينهض بدور حمايتها من الانهيار أو السقوط.
ومثل هذه المواصفات أو التحديدات لماهية " ثايري" ومرادفاتها تتكرر في ما يشبه وضع ناموس محدد يرسم معالم المحبة في امتداداتها كتجربة إنسانية تنبض بالحياة وتقود الحياة، ومن لم يكتو بالتجربة وأهوالها ستبدو له المعاناة وكأنها ضرب من الخبال أو العته:
- ⵇⴱⵍ ⴰⴷ ⵊⴰⵔⵔⴰⴱⵅ ⴰⵎⴰⵔⴳ ⵏ ⵜⵉⴷⴷⵓⴽⵍⴰ ⴳⵉⵅ ⵎⵉⴷⴷⴰⵏ ⴽⵓⵍⵍⵓ ⴷ ⵉⵄⵢⴰⴹ ⴰⵙⵙⴰ ⵜⵉⵡⵟⵉⴷ ⴰⵍ ⵄⴰⵇⵇⵉⵏⵓ
- قبل آذْ جرَّبخْ أمَارگ نّْ ثيدُّوكْلَا ﯕـيخْ مِيدَّنْ كولُّو ذْ إيحْياظْ اسَّا ثيوطِّيدْ آلْ حقِّينُو.
( قبل ابتلائي بأوصاب المحبة اعتبرت الناس جميعهم خُبْلًا، أما اليوم فقد نلتُ نصيبي منها.)
وثمة تكاثر مدهش لتوصيف حقيقة " ثايري" في متون كثيرة، تتآلف ضمن شبكة تقابلات و استعارات وصور متباينة تعكس التجارب الخاصة والعامة التي توجه اشكال العلاقات الاجتماعية والنشاطات العاطفية في المجتمعات الأمازيغية المختلفة.
إل جانب لفظة " ثايري" تحضر لفظة " باضاض" بالحمولات العاطفية والشعورية والمعاناة ذاتها التي تخلقها " ثايري"، حيث يتوازى المدلولان ويتمم بعضهما البعض في استكمال دورة التصورات والرؤى والعناصر المكونة والثابتة في ماهية " الحب" بوجه عام وثمة صور عديدة متناثرة تحاول مقاربة آثار الجراح والآلام والأوجاع التي تخلفها المحبة في نفوس المحبين:
- ⵜⵉⵇⵇⴰⵙⵜ ⵉⴼⵉⵖⵔ ⴰ ⴱⴰⴹⴰⴹ ⴰⵢ ⵜⴳⵉⴷ
ⵉⴷⴷⴰ ⵙⴰⵎⵎ ⵉⴳⴳⴰⴼⵉⵢ ⵉⵢ ⴷⵎⴰⵔ
- ثِيقَّسْثْ إيفِيغَرْ آ باضاضْ آي ثكِيذْ
إيدَّا سمّْ إيـﮝـَّافي إي إيذْمارْ
( مثل لدغة الأفعى، أنت أيها الهوى
استشرى سمها في كل أضلاع صدري)
وأحيانا يتم الجمع بين هذه الدوال في ما يشبه الإصرار على التأكيد أو التمييز بين دلالاتها الممكنة، على الرغم من أنها توظف كمرادفات يقتضي السياق غالبا ضرورة شحنها بطاقة رمزية وشعرية خاصة، ولا ريب أن المزاوجة بينها تتوخى الاقتراب أكثر من تحديد ثابت ودقيق لها وإثارة بعض مظاهرها وظواهرها المادية والمعنوية، وتنبعث من خلالها أحيانا أصداء الشكوى والتفجع ومشاعر الحزن واليأس والكآبة كما في هذا المثال:
ⵜⵉⵇⵇⴰⵙⵜ ⵉⴼⵉⵖⵔ ⴰ ⴱⴰⴹⴰⴹ ⴰⵢ ⵜⴳⵉⴷ
ⵉⵖⴰ ⵉⵜⴷⴰⵡⴰ ⵓ ⵉⵙⴰⵡⵉ ⵜⵉ ⵍⵍⴰⵀⵡⴰ
ثيقَّسْثْ إيفِيغَرْ آ باضاضْ آي ثكِيذْ
أوغا إيتْذاوَا أوعِيساوِي ثِي لهْوا
( مثل لدغة الأفعى، أنت أيها الهوى
لا يبطل " العيساوي" مفعول الوجد )

فقد تمت المزاوجة في هذا النموذج بين " باضاض" و" لهْوا" على وجه التطابق والتماثل من خلال المعنى المشترك الكامن فيهما حيث لدغة الأفعى تختزل معناهما معا، وتوفر انتظامهما داخل " الظواهر" أو حتى "العواطف" المستعصية على التجاوز والتي لا يفلح في مواجهتها أي عمل كان حتى " أعيساوي" مروض الثعابين لايملك الطاقة على إبطال مفعولها أو تحييد آثارها ودحر سمومها.
ويرتبط بالسياق ذاته القول:
- ⵉⵙⵙⵓⵄⵍ ⴱⵓ ⵜⴰⵢⵔⵉ ⵜⵉⵔⵔⴰ ⵏ ⵜⴰⵍⴱⴰ
ⵓⵖⴰ ⵜⵓⵊⵓⵊⵓⵢⴷ ⴰ ⵢⴰⵜⴰⵔⵙ ⵍⵀⵡⴰ
- إيسُّوحَلْ بوثايْري ثيرَّا نْ الطَّلْبَا
أوغَا تُوجُوجُويْذْ آ ياثرْسْ لهْوا
( استنفد المحب تمائم ( الفقهاء)
فلا ترياق لك يا جرح الهوى )
فثمة جمع بين الدالين " ثايري / ولهْوا " كأن أحدهما يستدعي الآخر أو هما معا يجسدان وجها لمعاناة واحدة لا سبيل للتعافي أو البراء من أسقامها وآلامها وأوجاعها.
وعلى العموم وعبر نصوص عديدة يتم التوليف بين الدوال : ثايري/ باضاض/ و لهوا اللفظة الدخيلة، وكل منها يحيل بالقوة والفعل إلى الآخر، والمواصفات التي تنقلها الكثير من الصور التعبيرية تصب في منحى وضع صيغة عالية من التميز لدلالات هذه الألفاظ كلها، والتعبير عنها كمشترك أو كمفهوم واحد، إذ في كل منها تتراءى أطياف الدلالات الأخرى المضمرة أو الصريحة أحيانا.
والتداخل بين هذه الدوال / الألفاظ يتجه في الغالب نحو إشباع كل منها بدلالات قوية وشاسعة تكاد تستغرق جهات اللغة العاطفية في علاقتها المباشرة مع المواقف الحياتية وما يتصل بها.
5 -
على مستوى آخر فإن السياقات التي توظف فيها الدوال: أونَّاريخْ / وايذريخْ/ أسمون / أمداكل/ غالبا ما يتكثف فيها حضور المذكر، ولا نكاد نعثر على حضور للمؤنث أو الأنثى على الأقل كما يتحقق ذلك من خلال اللغة وملفوظاتها، وثمة شواهد عديدة تضعنا أمام انجذاب خاص يحملنا على ضرورات التأويل، فعلى الرغم من أن فاعلية الخطاب ذكورية إلا أن الإدراك غالبا يقودنا إلى استحضار الأنثى / المرأة من خلال الذكورية التي تستغرق الكثير من النصوص، وهو ما يفترض ما قد نسميه "جدلية التضاد" حيث يكون تشكيل أو بناء ملفوظات الخطاب ذكورية لكن العمق الدلالي يحرض بشكل أو آخر على حضور الأنثى، وكأنَّ ( اللفظ ذكر والمعنى أنثى) على حد تعبير ع. الغذامي.(10) ويرتبط الأمر هنا بإشكال أعمق متصل بهوية صاحب أو موجه أو صانع الخطاب ومنتجه أي المتكلم، واستدعاء علائقه أو مستويات تفاعله الممكن مع المخاطب، فالخطاب إلى حد ما " صفقة غير مرئية " بينهما. فحين نصغي مثلا إلى سياق هذا التساؤل المثير:
- ⵛⵓⴼ ⵉ ⵏⴽⴽⵉⵏ ⵉ ⵜⵙⴰⵍ ⴰⵡⴷ ⵜⵉⵏⴰⴳⵎⵉⵜ
ⵎⴰⴷ ⵉⵙ ⵜⵍⴰ ⴰⵍⵍⵏ ⴰⵜ ⴰⵏⵏⴰⵢ ⵡⴰⵢⴷ ⵔⵉⵅ
- شفْ إي نكّْ إيتْ سَالْ آ وذْ ثِينَـﮝــميت
ماذْ إيسْ ثْلَا آللَّنْ آتْ أنَّايْ وايذْريخْ
( أتعجب مني أنا الذي أسال حتى الحصاة
فهل تملك العيون لتستبصر حبيبي )
تستوقفنا الصيغة باعتبار الالتباس الذي يحجب عنا طبيعة المتكلم، هل هو مذكر أو مؤنث، على الرغم من أن الملفوظات تحيل إلى المذكر، لكن ذلك لا يلغي احتمال أن يكون مؤنثا، إذ كل مؤشرات النص تضعنا أمام افتراض الاحتمالين معا، ولفظة " وايذريخ" ّ قد ترجح أولوية نسبة الخطاب إلى المؤنث.
كذلك الأمر ينطبق على سياق هذا البيت :
-ⴰⵡⴰⴳ ⵙⵙⵉⵍⵉⵏ ⵖⵓⵔ ⵄⴰⵔⵉ ⵜⵉⵔⴰⴳⴳⵉⵏ
ⴰⴷ ⵉⵜ ⴳⴳⴰ ⵜⵉⴱⵄⵉⵔⵉⵏ ⴷ ⵡⴰⴷ ⵔⵉⵅ
- أواگّ سِّيلينْ غورْ عاري ثيرَﯕـينْ
آذْ إيتْـﮝــا ثيْحِيرينْ ذْ وايْذْ ريخْ
( يا ليتني احتفرت السواقي للأعالي
كيما أبتني الجنان مع حبيبي )
وأمثلة أخرى عديدة:
ⴰⵎ ⵓⵜⴼⴰⵍ ⵉⵍⵍⴰⵏ ⴳ ⵍⵄⴰⵎⵓⴷ ⴰⵢ ⴷⴳⵉⵅ
ⴷⴰⵔ ⵉⵢ ⵖⵙⵙⴰⵎⵓⵎ ⵓⵏⵏⴰ ⵔⵉⵅ ⴰⵎ ⵓⵣⴰⵍ
أمْ أوثْفلْ إيلَّانْ گ لعَامُوذ آيذْ ﯕـيخ
ذارْ إيسَّامُومْ أونَّا ريخ آم أوزيلْ
( أنا مثلما الجليد في السفح
وحبيبي يذيبني كالهاجرة)
ⴰⵡⴰⵢⴷ ⵉⵜⴰⴷⴷⵓⵏ ⴰ ⵔⴰⴱⴱⵉ ⴷⴰⵡ ⵡⴰⵛⴰⵍ ⵙⴰ ⴰⵙⵎⵓⵏ ⴰⵢⵏⵏⴰ ⵅⴰⴷⴷⵎⴰⵏ ⴰⴷⴰⵙⵜ ⵉⵄⴰⵡⵏ -
آوايذْ إيتْ دُّون آرَبي دَّاوْ واشَالْ سْ أسمون آينَّا خدْمنْ آذ اسْ ثيعَاونْ
( تمنيت لو أني أسعى تحت الأرض لحبيبي، لأعضده في ما يشتغل به )
- ⵏⴰⴽⴽ ⴰⴳ ⵡⵡⴰⵜ ⵡⴰⴹⵓ ⵏⴰⴽⴽ ⴰⴳⴳ ⵓⵜ ⵔⴰⴱⴱⵉ ⵏⵏⴰ ⵢ ⴷⴰⵎⵄⴰⵏ ⴰⵙⵍⵉⵅ ⵏ ⵜⴰⵖⴰⵟ ⴰⴷ ⵉⴳ ⵓⵍⵎⴰⵏ ⴰⵔ ⴹⴰⵎⵎⴰⵄⵅ ⴰⵙⵎⵓⵏ ⵏⵏⴰ ⵔⵉⵅ ⴰⴷ ⵉ ⴳⵉⵏ ⵜⴰⵅⴰⵎⵜ
نكّْ أگ أُوث واضُو نكّْ أك أوثْ ربي نَّا يضْمّْعنْ أسْليخْ نْ ثاغاطْ أذيكْ أولمانْ أرْ ضمّْعخْ أسْمُون نَّا ريخْ أذ إيكينْ ثاخانْثْ .
( أنا المفتون، وأنا الأخرق لأني أطمح في أن يغدو جلد المعزى نسيجا، وأطمح في أن يبني لي الحبيب بيت الزوجية)
ⵢⵓⵙⵉ ⵔⴰⴱⴱⵉ ⴰⵙⵎⵓⵏ ⵉ ⵙⴰⵔⵙⵉⵜ ⴳ ⵓⵍ
ⴰⵎⵙ ⵏ ⵜⴰⵙⴰⵏⵡ ⴰⴳ ⵉⵄⴷⴰⵍ ⴰⵖⴰⵊⴷⵉⵎ
يُوسِي ربي أسْمُونْ إيسَرْسِيثْ گ أول
أماسْ ن ثاسَانُو أگ إيعْذلْ أغجْذيمْ
( فطر الرب حبيبي وأودعه قلبي
في عمق كبدي استوى واقتعد)
والخطاب في هذه الأمثلة جميعها يؤسس فاعليته على المتكلم المذكر، وهذا هو الانطباع الأولي الذي نستشعره للوهلة الأولى ولكن السياق على العموم ليس فيه ما يغلق باب الاحتمال أمام افتراض أن المؤنث أو الأنثى هي المتكلم، إذ كل المقتضيات الدلالية تجنح إلى وازع المساواة بين الاثنين، لكن الخلفيات والمرجعيات الثقافية التي تتحكم في المتلقي ومدركاته هي ما يرجح جانب السلطة للمتكلم المذكر، وأن الأنثى هي موضوع الخطاب، مع أن الخطاب لا يحيل إلى ذلك بصورة حاسمة أو قطعية، ولنا أن نعزو هذا الالتباس أو الخفاء إلى تلك الخاصية الكبرى والمحورية للأدب الشفهي وهي " مجهولية " المؤلف أو مبدعه ومنتجه، وغيابه عن السياقات لأن هذا الأدب إنتاج وإبداع جماعي، والمبدع أو المنتج الأول والحقيقي له لا يحتل الواجهة وإنما ينصهر ويذوب اسمه ودوره في دوامة الجماعي.
6 -
إن هذه السياقات الداعمة لحضور " المذكر" هي المهيمنة وهي التي تتحرك في اتجاه ترسيخ الصور الفاعلة في مجال الغزليات، والتأويل فقط وفي هذه الحال هو الذي يشحن المعاني الدقيقة ويؤسس لتناغمها وتواترها الخاص، على أن بعض السياقات ترتفع لمستوى متقدم يفرض حضور المرأة/ الأنثى، والاحتفاظ بقوة رمزيتها، فحين نتأمل مثلا هذا النموذج:

ⵎ ⵓⵔ ⵉⵜⴳⵉⴷ ⴰⵎ ⵜⵙⵍⵎⵉⴰ ⴰⵡⴰⵢ ⴷⵔⵉⵅ
ⴰⴽⴽ ⵜⵜⴰⵙⵉⵅ ⴳ ⵉⵖⵉⵍ ⴰⴽⴽ ⵙⵙⴰⴳⵎⵉⵅ
- مْ أورْ إيثْ ﯕـيدْ أمْ ثسْلْمِيَا آوايْ ذْ ريخْ
اكّْ تَّاسيخْ گ إيغِيلْ اكّْ سَّـﮝـمِيخْ
( لو أنك مثل الوليد يا حبيبي
لحملتك في حضني وتوليت تنشئتك )
نلاحظ أن سياق الملفوظات يجسد حضور المذكر المتكلم، لكن الدلالات المتولدة عنها قد تحيل إلى أن منتج الخطاب هو الأنثى خاصة وأن جوهر الصفات الموظفة فيبها تستدعي حضورها ف " ثاسْلمِيا/ أسايْ ن ثاسْلْمِيَا/ أسكم ن ثاسلميا...) هي من مهام أو الأدوار الأساسية للمرأة في تاريخ العلاقات الاجتماعية ، فكل الصفات هي جزء من القيم الوجودية والثقافية للمرأة ، فهي المِؤهلة عمليا أن تتمنى أن يكون حبيبها وليدا وتتولى احتضانه وتربيته، وهذا استنتاج منطقي وربما ضروري لإدراك الخطاب في شعر الغزليات بالذات، وتمثلاته لسلطة الرموز التي تشكل صيرورته وحركيته التعبيرية.
كذلك الأمر بالنسبة لهذا النموذج:

ⴰⵡ ⴰⵢⴷⴰ ⵉⵜⵜⴰⵙⵉⵏ ⴳ ⵜⴰⴷⴰⵡⵜ ⴰⵍⵉⴹ ⵓⵏⵏⴰ ⵔⴰⵏ ⴰⵍ ⵜⴰⴷⴳⴳⴰⵜ ⵉⵙⵙⵓⵢⴰⵙ ⵉⵖⴰⵎⵙⴰⵙ ⵉⵡ ⵄⴱⵉⴱ ⴰⵍ ⵜⵉⴼⴰⵡⵜ
- آوايْ ذ ا إيتَّاسينْ گ ثاذاوْثْ أليضْ أونَّا رانْ آلْ ثاذْﮜـاتْ إيسّْوَاسْ إيغَمْساسْ إيوْ حْبِيبْ آلْ ثيفَاوْثْ.
( وددت لو أني أحمل حبيبي على ظهري طول النهار لوقت العشي فأبسط له الفراش وأدثره بالدثار حتى انبلاج الصبح..)
فالملفوظات او الضمائر مذكرة لكن الدلالات الحافة أو المحيطة بها قد لا تحيل إلى المذكر بل هي بمعنى ما تحيل إلى أن الخطاب يمكن أن يكون صادرا عن الأنثى/المرأة فكل التوصيفات العالقة بالمعنى العميق تحرض على ذلك، فالحمل على الظهر والافتراش أو إعداد متاع البيت هي من مهام المرأة الاجتماعية، وقد تكون المتكلم في هذه الحال.
هذه القراءة لملفوظات الخطاب السطحية أو العميقة لا يعني الحسم بتاتا في إدراك الدلالات او محاصرتها في مجاري دلالية مغلقة، إذ يمكن القول إن هذه النماذج تتأسس على توظيف متميز لمجموعة من الاستعارات والكنايات والمجازات وتجلياتها المختلفة بهدف إضفاء الفاعلية الفنية والجمالية على الشعر وتعزيز عناصره ومقوماته بالمعاني الكيانية المرتبطة بالوجود والحضارة الأمازيغية، وفي هذا السياق تحضر صورة المرأة وظلالها وتقترب من الرسوخ في المعنى الخفي وتداعياته في مجال الغزليات التي هي أساسا شعر يتغنى بالمرأة
7 –
إن التخفي/ الغياب الذي يحكم حضور المرأة في النماذج التي أشرنا إليها وفي كثير من المتون قد يكون مظهرا من مظاهر التعبيرات الفنية التي تستند إلى جدلية الخفاء والتجلي حيث الدلالة الصريحة تحمل في ثناياها دلالات عميقة تنطوي عليها النصوص وتكون الإشارات أو الرموز العابرة دليلا على آليات وكيفيات ومستويات استثمار الدلالة وتوجيهها أو تصريفها.
والحقيقة أننا بالموازاة مع هذا نصادف العديد من النصوص، تكون فيها الأنثى حاضرة، وتكون هي مبدعة هذه النصوص وسيدة إنتاجها، ونلفي هذه الظاهرة أساسا في ما ندعوه النصوص الحوارية ، أي النصوص التي تقوم بنياتها على الحوار أو المجادلة أو المبارزة الكلامية، ويتجلى ذلك بصورة أدق في جنس "ثامَاوايْثْ" وهي شكل شعري له مقوماته التعبيرية والإيقاعية الخاصة، ونفترض أن أصولها وأبعادها الجمالية تتصل بالحوار والجدل والمجادلة، فالكثير من نصوصها على ما يبدو لا تخلو من ثنائية يقترب من خلالها الخطاب من صيغتي السؤال والجواب، أو اللغز والحل،إنها شكل من أشكال المبارزة بين الرجل والمرأة( هو / هي)، وتؤسس انبثاقاتها على كثير من الصور التعبيرية التشبيهية والاستعارية التي تعتمد التكثيف الدلالي والترميز.(11)
ومن الأمثلة في هذا الشأن:
- هو:
ⵖⵓⵔⴰⵎ ⵛⵎⵎⵉⵏ ⵓⵎⴰ ⵏⴽⴽⵉⵏ ⵎ ⵛ ⵉⴷⴷⵉⴽⴰ ⵛⴰ ⴰⵅⴰⵎ ⵔⵔⴰⵙⵜⵉⵏⵓ ⴳⵉⵜ ⴳ ⴱⵔⵉⴷ ⵉ ⵉⴰⵛⵛⴰⵇⴰⵏ
- غُورامْ شمِّينْ أومَا نكِّينْ مْ شي دِيكَّا شَا أخامْ رَّسْثينُو ﯕـِيت گ بْريذْ إيعشَّاقَنْ
( إياك أنت، أما أنا إن بدر مني شيء، هذه عمامتي ، هزيها وألقي بها في الطريق لكل العاشقين.)
- هي:

ⵖⵓⵔⴰⵎ ⵛⵎⵎⵉⵏ ⵓⵎⴰ ⵏⴽⴽⵉⵏ ⵎ ⵛ ⵉⴷⴷⵉⴽⴰ ⵛⴰ ⵓⵜⴰⵏⵅ ⵙ ⵔⵙⴰⵙ ⴳⵉ ⴳ ⴱⵔⵉⴷ ⴰⵎ ⵍⵉⵛⴰⵔⵜ
- غُوراش شِيِّينْ أومَا نكِّينْ مْ شي دِيكَّا شَا أوثانْخْ سْ رصاص ﮜـي گ بْريذْ أمْ ليشَارْثْ.ـ
(إياك أنتَ، أما أنا إن بدر مني شيء، فأطلق علي رصاصك واجعلني في أي طريق مرماك.)
فالحوار هنا بين رجل وامرأة بين حبيبين تجمعهما علاقة مودة وتعلق متبادل، يتجادلان في ما يشبه محاولات التأكيد على ضمان رسوخ تلك العلاقة بينهما واستمراريتها ، والتعاهد على الإخلاص، وكل منهما يحذر الآخر من الخيانة وعدم الوفاء، ويعلن عدم التفريط في آصرة الحب التي تجمعهما، والحوار كما نلاحظ يعتمد الصور الاستعارية للتعبير عن عواطف وموقف كل منهما، ف(هو) يختار وضع عمامته(رمز الكرامة والعزة والنخوة والرجولة والشهامة) في الطريق العام لتكون الشاهد على خيانته أو غدره إذ من المفترض أن يرجمها العابرون بالأحجار لتغدو رجاما، والرجام في الطرقات او المسالك غاليا ما تخلد أو تحيل إلى واقعة أو حادثة غاليا مأساوية تتناقلها وتتوارثها الأجيال، بينما(هي) تستعير صورة أخرى لتعبر عن وفائها الدائم، وتختار طريق الموت أو الإعدام في ما إذا خانت ودها وحبيبها.
في نموذج آخر يستعر الحوار بين ال (هو) وال(هي) في صيغة عتاب وملامة عابرة، وحسب ما يروى فإن مناسبة هذا الحوار يعود إلى واقعة خاصة، مؤداها أن الحبيبة توسلت إلى حبيبها أن يعيرها حصانه الأشهب لتستعين به في عملية الدراس، ووافق الحبيب على المضض، بالرغم من ان العادة لا تقتضي إقحام الأحصنة في مثل هذه الأعمال الشاقة فله حُرمته في هذا الباب، وقد تأثر الحبيب لما شاهد حصانه في دوامة الدرس، وتأسى لحاله، ليعاتب حبيبته على ذلك وتتولى الرد عليه.
- هو:
ⵛⴰⵎⵎ ⴰⵢ ⴷⴰ ⵙⵉⴳⴰⵏ ⵉⵡ ⵄⴷⴰⴷⵉⵏⵡ ⴰⵍⵍⵉⴳ ⴷⴰ ⵙⴰⵔⵡⴰⵜⴰⵏ ⵓⵎⴰ ⴰⵏⵛⵜⵉⴷ ⵓⵔ ⵜⵉⵡⴰⵍⴼ
- شمّْ آيذْ آسِيـﮝـانْ إيوْ حذاذينْوْ آلّْل إيـﮓ ذا سَّرْواثَنْ أومَا آنْ شْثيذْ أورْ ثِيوَالْفْ
( أنتِ من أقحمت أشهبي في الدراس، وهو غير متعود على كل هذا العناء.)
هي:
ⵎⵛ ⵉⵜⴳⵉⴹ ⴳ ⴰⵎⵎⵓ ⵓⵄⴷⴰⴷⵉⵏⵛ ⴰⵢⴰ ⵙⵎⵓⵏ ⴳⵉⵅⵛ ⵎⴰⵏⵉ ⴳ ⵏⵉⴳⴰ ⵟⵉⵔ ⵉⴼⵔⴰⵅ ⵉⵙⵓⴷ ⵍⵓⵄⴰⵔ ⴰⴳ ⵉⵜⵏ ⵉⵜⴰⵔⵡ
- مْ شِي ثْـﮝـيذْ گ أمُّو أوحْذَاذِينْشْ آيا سْمُونْ كيخْشْ مانْ إيـﮓ نِّيـﮝـا طير إيفْرَاخْ إي سُودْ لوعْرْ آگ إيثَنْ إيتَّارْو
(إن قارنتني يا حبيبي بأشهبك، فأنا أضعك حيث يضع الطائر فراخه، أليس في ذرى الأعالي يرعاها)
وفي مثال آخر يرصد الحوار بينهما ( هو وهي) مشهدا مثيرا ينقل واقع المعاناة لدى الحصادين وهم يكدحون ويواجهون حر الهاجرة، وتنطلق من بينهم صرخته ( هو) لتملأ أصداؤها الخيمات المتناثرة هنا وهناك لاستدرار المواساة والمودة فيأتي الرد منها ( هي ) تناشده مضاعفة الجهد والإسراع في إنجاز المهمة للنجاة من قسوة الحر، فلو تعلق الأمر بالغزل لشاركتْه وتقاسمتْ معه أعباء العمل:
-هو:
ⵀⴰⵣⵣⴰⵏⵜ ⵉⵙⴰⴳⵍⴰⴼ ⴰⴽ ⵏⵉⴷ ⵉⵡⵜ ⵔⵡⴰⵃ ⴰ ⵜⴰⵏⵏⴰⵢⴷ ⵉⵛⵡⵡⴰⵍ ⴰ ⵉⵟⵟⵓ ⴳⴰⵏ ⵜⵄⵓⵔⵉⴼⵜ
- هَزَّانْ ثْ إيسَـﯖـْلَافْ أكْ نِّيذْ إِيوْثْ رْواحْ آتْ نَّايْذْ إيشوَّالْ آإيطُّو ﯕـَانْ ثُورِيفْثْ.
( ارفعن الأسجاف لتنعمن بالنسائم، وترين يا إيطو الحصادين يحترقون كالقليَّة )
هي:
- ⴰⵎⵎⵔ ⵉⵡ ⵎⵊⴰⵔ ⴰ ⵜⴼⵖⴰⴷ ⵉⵣⴰⵍⵍⵏ ⴰⵢⴰ ⴰⵔⴱⴰ ⵎⴰⵣⵣⵉⵢⴰⵏ ⵓⵔ ⵉⴳⵉ ⵉⵣⴹⵉ ⴰⴷⴰⵛⵜ ⵏⵄⴰⵡⵏ
- آمَّرْ إيوْ أمْجَرْ آتْفَغَذْ إيزَالَّنْ آيَا أَرْبَا مَزِّيينْ أُورْ إِيـﯖِـِـي إِيزْضِي آ ذَاشْ ثْ نْعَاوَنْ
( ضاعف جهدك في الحصد أيها الفتى لتنجو من القيظ، فلو أن الأمر غزْل أسهمت فيه وآزرتك)

أحيانا يحيل الحوار إلى ما يشبه الحسرة والندم والفزع خشية انهيار أواصر المحبة التي تجمع بينه (هو) و(هي) على اعتبار أن موقع كل منهما قد لا يقود دائما إلى صون العلاقة ورعايتها، ف (هي) لها حليلها وترعى بيتها أو خيمتها في طمأنينة وهناء، بينما (هو) يراودها من بعيد ويتطلع إلى لحظة نادرة أو استثنائية تتحلل خلالها من مشاغل خيمتها لينعم برؤيتها أو يسعد بمحادثتها ومجالستها:
- هو:

ⵛⴰⵎⵎⵉⵏ ⴰⵙ ⵜⵙⵙⵓ ⴹ ⵉⵡ ⴰⵔⴳⴰⵣ ⵏⵏⴰⵎ ⵏⴰⴽⴽⵉⵏ ⵜⴰⴳⴰⵅ ⴱⴰⵔ ⴰⵜⴼⴼⴰⵖⴹ ⴰⴷⴰ ⵎ ⵏⵙⵉⵡⵍ
- شَمِّينْ أسْ تسُّوضْ إي أُورْﯕـازْ نَّمْ نَكِّينْ تـَّﯖَّـاخْ بَارْ آتْفَّغَضْ أذْ أمْ نْسِّيوَلْ.
( أنت تعدين الفراش لزوجك، وأنا في الانتظار ،لعلك تخرجين كيما أبادلك الحديث)
- هي:
ⵎ ⵖⴰⵔ ⴷⴰ ⵜⵙⵙⵓⵅ ⵉⵡ ⴰⵔⴳⴰⵣ ⵉⵔⴰⵛ ⵡⵓⵍ ⴰ ⵡⴰⵏ ⵄⵓⴱⴱⴰ ⴰⴽⵙⵙ ⴰⴳⴳⴰ ⵍⴰⵄⴰⵇⵍⵉⵏⵓ
- مْغَارْ ذَا تَسُّوخْ إي أورْﯕَـازْ إِيرَاشْ أُوولْ أوا يَنْ حُوبَّا آكَسْ أﯕـا لعقلينوْ.
( رغم أني أعد الفراش لزوجي، فقلبي متعلق بك يا حبيبي وكذلك روحي)
وتتوالد السجالات والحوارات ضمن التقابلات والمواجهات بين ال(هو) و(هي) عبر موضوعات شتى تتضمن في العمق مواقف ورؤى من قضايا وهموم اجتماعية وثقافية متباينة، تعكس بمعنى أو آخر بعضا من تاريخ العلاقات بين الجنسين وتأثرها أو تأثيرها في توجيه التغيرات الاجتماعية، أي أن هذه الحوارات غالبا ترصد الأحداث الاجتماعية والثقافية بما يتطلب ذلك من شمول وإحاطة وعمق، وعلى سبيل المثال نورد هذا النموذج الذي يشير إلى ظاهرة معروفة في الأوساط الشعبية ببلادنا وتتضمن مظاهر الكراهية ونبذ ذوي البشرة السوداء ( الزنوج): ⵉⵙⴰⵍⵖⴰⵏ / ⵉⵇⴰⴱⵍⵉⵢⴰⵏ ( إيقبْلييَنْ / إيسمْغان)، ف ( هو) يتساءل مستغربا وساخرا منها (هي) التي تعلقت بزنجي ذي ملامح مزعجة، و( هي ) ترد على النقيض منه لتنسف رؤيته وعتابه، منافحة عن تلك العلاقة، واصفة حبيبها بأوصاف ترسو به على ضفاف الحسن والبهاء:
- هو:
ⵎⵉⵎ ⵛⴰ ⵖⴰ ⵜⴳⴰⴹ ⵉ ⵍⵎⵃⵉⴱⴱⴰ ⵉⵙⵎⴰⵖ ⵉⵎ ⵛ ⵉⴽⵙ ⵉⵄⴱⴰⵏ ⵉⴳ ⴰⵎ ⵓⵢⴰⴷⴷⵉⴷ ⴰⵍ ⵙⵙⴰⵅⵍⴰⵄⴰⵏ
- مِيمْ شَا غَاثـْﯖـَظْ إي لـَمْحِبَّا إِيسْمَغْ إِيمْ شْ إِيكْسْ إِيعْبَانْ إِيـﯔْ أمْ أُويَدِّيذْ أَلْ سْ خْلَاعَنْ.
( ما حيلتك مع محبة الزنجي، إذا تجرد من ثيابه أضحى كالقِرْبة مُرعبا )
- هي
ⴰⵔⴳⴰⵣ ⴰⵣⵉⵢⵣⴰ ⴱⵓ ⵍⴰⵃⵔⵓⴼ ⵓⵎⵍⵉⵍ ⵏ ⵜⵉⵖⵎⴰⵙ ⵜⴰⵍⵍⴰ ⵏⵏⴰⵙⵎⴰ ⴳ ⵉⵍⵙⴰⵏⵙ
- آرْﯕـَازْ أزيزا بو لحْروفْ أُومْلِيل نْ ثِيغْمَاسْ ثَلَّا نَّسْمَا ݣ إِيرْسْ نَّسْ.
( الرجل الأسمر الوسيم، أبيض الثنايا، في رُضابه النسَمُ اللذيذ)
وعلى العموم تستغرق هذه الحوارات حقولا كبرى وتتخذ شكلا خاصا بحيث تتناسل المعاني والدلالات والمواقف والرؤى وتواصل تقدمها في رصد التداعيات النفسية والإحساسات التي تغمر أوجه العلاقات بين ( هي وهو)، وفي تقديرنا فإن هذه الحوارات هي التي تجسد هوية وحقيقة فن ( ثاماوايْث) وتضعها في صلب التجربة الخاصة والعامة العاطفية والاجتماعية للإنسان الأمازيغي.
وعمليا عبر هذه الحوارات تترسخ مظاهر العلاقات الممكنة بين ( هي و هو) ويقفان معا على قدم المساواة في رسم تموجات الإبداع، وبذلك تؤرخ بمعنى ما لمبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق ضرب من المساواة بينهما بحيث يحافظان بانتظام على مركزية كل منهما في صياغة الأبعاد الفنية للنصوص.
و يتراءى عبر العديد من هذه النصوص، وكأنها تفصح عن هيمنة أو امتياز ذكوري واضح تسند إليه عناصر الإثارة خاصة وأن ( هو) غالبا من يمسك بغبطة البداية، ويوجه سياق المعاني ومجاري الدلالات، بينما (هي) تظل وكأنها مرهونة للاستجابة فقط، وتقوم فحسب بردة الفعل، وهو ما يجعلها في المحل الثاني وفي شبه موقف دفاع أكثر من أن تكون هي من يتحكم في زمام المبادرة أو صناعة الحدث، مما يجعلها ضحية الخطاب وسياقاته، وهي مرغمة على أن تبرر وجودها ووضعها بين معالمه الذكورية.
وغالبا فإن الأمر يتعلق بأدوات إجرائية توظف لبناء الدلالة وإنتاج المعنى بشكل معلوم، إذ إننا نصادف نماذج حوارية عديدة تقلب صورة الوضع وتعطي الأولوية في توجيه أو إنتاج الخطاب للأنثى ( هي) و الانفراد بتسييج معابر استيعابه، كما هو الشأن في هذا المثال:
- هي:

ⴰⴽⵓⵔ ⴷⵉⴳⵓⵏ ⵉⵍⵍⵉ ⵓⵃⴱⵉⴱⵉⵏⵡ ⴰ ⵡⵉⵏ ⴷⵢⵉⵡⵉⵏ ⵜⴰⴷⴳⴳⴰⵜ ⴰⵍ ⵎⵏⵉⴷⴰⵅ ⵜ ⵇⵇⵉⵎⴰⵎ
- آ كُورْ ذِيـﮕـُونْ إِيلِّلي أُوحْبِيبِينوْ آ وِينْ ذْيِيوِينْ ثَاذْﯕـَّاتْ أَلْ مْنِيذَاخْ ثْقِّيمَمْ.
( ألا يوجد حبيبي بينكم، أيها الوافدون عشيا، واخترتم القعود قُبالتنا)
- هو:
ⵎⴰ ⵏⵉⴳ ⴷⵉⴳⵏⴰⵅ ⵉⵍⵍⴰ ⵓⵃⴱⵉⴱⴰⵏⵏⴰⵎ ⴰ ⵜⴰⵏⵏ ⵓⴳⵎⴰⵏ ⵉ ⵄⵓⵅⴰⵎⵏⵙ ⵉⴷⴷⴰ ⵍⵍⴰⵀⴷ ⵉⴳⴰⵙ ⵜⴰⵅⴰⵎⵜ
- ما نِيـﯔ ذِيـﮕنَخْ إِيلَّا أوحْبِيبَنَّمْ آثَانْ يُوﯕـْمَنْ إِيوْأَخَامْنَّسْ إِيدَّا لْحَذْ إِيـﮕـَاسْ ثَاخَانْثْ
( كيف لحبيبك أن يكون بيننا، يا من تتزودين بالماء، وقد نصَّب له الموت خيمته )
ففي هذا النموذج يعلو صوت المرأة (هي) ويحقق فاعليته في إنتاج الخطاب، وهو أمر قد ينسف معالم هيمنة الذكوري (هو)، مما يؤكد أن إنتاج الخطاب في الواقع إنما يتحدد حسب كيفيات معينة تحيل إلى سياقات ووقائع خاصة أو عامة تحدد هوية المتكلم والمخاطب معا ضمن آليات نسج الخطاب وصناعته.
الجدير بالإشارة هنا ان فضاء " ثاماوايث" على العموم هو الفضاء الأكبر الذي يفسح المجال امام المراة / الأنثى للتعبير والإفصاح عن هويتها بينما في سياق نصوص أخرى يتضاءل هذا الدور ويطغى الطابع الذكوري على التعبير، الأمر الذي يعزز بشكل كبير قوة "الموارد" أو " المواد" الرمزية.
8 -
على مستوى آخر نصادف متونا أخرى تحضر فيها المرأة بشكل صريح بوصفها موضوعا للخطاب أو مخاطبا، وغالبا ما يكون حضورها، عن طريق ضمير المؤنث المخاطب أو الغائب أحيانا بحيث تأخذ الإحالة دلالة عامة ومبهمة كما تحيل الضمائر لذلك ، وهي من زاوية ما ترشح بمواقف تحط من قيمة المرأة وتكرس الوضعية الدونية له، على الرغم من أن الدلالات يمكن أن تتسع عن طريق التأويل ليصبح السياق مجرد فضاء رمزي يحضن العناصر والمؤثرات الفاعلة في إنتاج المعنى، وبذلك تتضام الدوال والرموز ككتلة حاسمة لإنتاج الدلالة، ونحن نعرض نماذج هنا ونرجح ان الخطاب في الأصل موزع بين ال(هو) وال(هي)ن ولكن أجزاء منه تغيب جراء عوامل متعددة لأن كيان " ثاماوايث" كما أشرنا يستوجب عنصر التقابل، ونستشف عبر العديد من النصوص آثار البتر وغياب العناصر الكلية والأساسية الفاعلة في النص الشعري ،ومنها هذه النماذج:

ⴽⵓ ⵜⵅⴰⴷⴷⴰⵎⴹ ⴰⵅⴰⵎ ⵉ ⵡⴰⴷⴷⴰ ⵛ ⵎⵉⵍⴰⵏ ⵜⴰⵔⵓⴹⴰⵙⵏ ⵉⴼⵔⴰⵅ ⴰⵔⴰⵎ ⵙⴰⴳⴳⴰⵅ ⵏⴰⴽ ⵉⵅⴼ - 1
- كُو ثْخدَّمضْ أخام إيوَا ذْ إيشْمْ إيلَانْ ثاروضَانْسْ إيفْراخْ آرامْ سـﮝـاخْ نكّْ إيخْفْ
( تتعهدين بيتك، إخلاصا لبعلك، وتنجبين له الأبناء، وأنا اتربصك بلا جدوى)
ⴰⵡⴰ ⵜⴰⵏⵏⴰⵢⵉ ⵎⴰ ⵛⵉⴳⴰ ⵍⵃⵀⵍ ⵏⵏⵉⵅⴰⵙ ⵜⴰⵎⴰⵏⵏ ⴰⴷⴷⴰⵢ ⵜⴳ ⵉⵣⴰⵏ ⵄⴰ ⴼⴼⴰⵅⵜ -2
- آوا ثنَّايِي مَا شِيـﮝـا لْحالْ نِّيخاسْ ثامَّنّْ آدَّايْ ثْـﮓْ إيزانْ عفَّاخْتْ.
(قالت لي : كيف الحال، قلت : إذا الذباب عاف على الشهد، فأنا عائفه.)
ⵎ ⵛⴰ ⴰⵎ ⴷⴰⵎⵎⴰⵎⵅ ⵓⵍ ⴰⵡⵔ ⴷⵉⴳⵉ ⵎⵛ ⵓⵖ ⵉⵄⵏⵉⵇ ⵓⵍ ⵇⴷⴰⵅ ⴰⴼⵓⵙ ⴰⴷⵉⴳⵉⵏ ⵍⵉⵎⴰⵔⵜ -3
- م شَا ذمَّمْخْ أولْ آوْرْ ذِيكِي مشْ أورْ إيعْنيقْ وُولْ قْذخْ أفوسْ آذِي كينْ ليمَارْثْ.
( إذا ما توسلتُ إليك، فأنا الذليل المهين، وإذا لم يرْعَوِ الفؤادُ أصليتُ يدي ليكون لي عبرة)
-4 ⵏⴰⴽⴽ ⵉⵛⵎ ⵉⵙⵙⴰⵏⵏ ⴰⵀⴰ ⵏⴷⴷⵓⴷ ⴰⵏ ⵙⵖⴰⵔ ⵉⵅⴼⵉⵏⵓ ⵙⴰ ⴳⵔⵉⵙⵙ ⵏⵙⵉⵅ ⵉⴹⴰⵍⵍⵉ ⴳⴰⵔ ⵎⴰⵏⵙⵉⵡⵜ ⵖⵔⴰ ⵏⵙⵉⵏ ⵉⵄⴷⴰⵡⵏ ⴷⵡⵉ ⴷⴰⵡ ⵔⴰⵃⵎⵉⵍⴰⵅ
- نكّْ إيشمْ إيسَّنّْ آها ندُّودْ آن سْغَرْ إيخْفينثو سَا أكْريسْ نْسيخْ إيضَلِّلي كارْ منْسيوْثْ غْرَا نْسينْ إيعْذَاوَنْ ذْوِي دَّاوْ رَحْميلَخْ.
( أنا الذي ابتليتك، ومع ذلك جئت لأعرض نفسي لقر الصقيع، وبتُّ ليلة أمس شرَّ مباتٍ، تمنيتُه للأعداء وكل الذين أُبغضهم).
فالخطاب كما هو واضح موجه بشكل مباشر إلى المرأة/ هي، ضمن دائرة التوصيف الذي تضمنته هذه النماذج، التي تنقل في جوهرها سياق التوتر وانكسار العلاقات بين الحبيب والمحبوب ،فهو يقف موقفا حاسما يحمل في ثناياه معالم اللوم والعتاب والندم أيضا، والنقد الصريح لذاته ووضعه في صلب العلاقات التي تجمعه بها ( هي) وفي الوقت ذاته يوجه لها أصابع الاتهام وينعى هذه العلاقات، وإعلان القطيعة معها. والصور المستعارة كلها مشحونة بدلالات القدح والذم والسخرية والزري، مما يكاد يضفي عليها (هي)أوصافا سلبية وصورا تضمر مظاهر التعيير والقدح والتشنيع والتشهير.
ولا يتأتى لنا بأي حال من الأحوال تعميم هذه الصور وما تحتويه من أحكام قيمية أو اعتمادها معيارا، لأنها في النهاية هي نتاج ظروف وتفاعلات وعلاقات خاصة لها مسوغاتها القريبة والبعيدة في دورة الحياة والعلاقات بين الرجل والمرأة.
لحد الآن عبر ما عرضناه فإن حضور المراة في العديد من النصوص هو حضور " خفي " ومبهم ويستند إلى عنصر التجريد لدرجة كبرى، وتتحكم فيه سياقات متباينة، ثمة استثناءات تحضر فيها كمتكلم، ولكن الغالب أنها تحضر كمخاطب أو غائب من خلال الضمائر التي تشير إلى ذلك، ولئن بدا طغيان الملفوظات الذكورية فإن ذلك لا يعني الحسم الفاصل في آليات الهيمنة، إذ إن الإشكالية تنقلب عندما نستحضر الأبعاد والخلفيات الثقافية التي تسهم في صناعة وإنجاز الخطاب، وكما أشرنا فإن الخطاب الذكوري في كثير من الحالات يتلاشى ويضمحل أمام طاقات التأويل المتعددة التي تتحيز للمرأة / الأنثى ضمن متغيرات لا مرئية ذات تجليات مختلفة توجه تضاريس ومجرى سير الدلالة واكتمالها.
إن توظيف آلية التخفي والتواري لحضور المرأة وحلول الضمائر محلها، في تقديرنا قد يحيل إلى ظاهرة سلوكية اجتماعية وثقافية كانت تسود العلاقات الأسرية لدى قبائل الأطلس المتوسط حتى وقت قريب، فقد كان الأزواج لا يتنادون ولا يخاطب بعضهم البعض بأسمائهم الخاصة، فالزوجة تنادي زوجها ب ( ⴰⵡⴰⵀⴰ /. آ واها./ يا هذا ) والزوج يخاطب زوجته ب ( ⴰⵜⴰⵀⴰ./ آ ثاها/ يا هذه ) وهي ظاهرة أو عادة كانت متأصلة ونادرا ما يتأتى الخروج عنها، وتبدو وكأنها صيغة تستوحي طقوسا سحرية ، بدائية قديمة مأهولة برواسب تقديس وتبجيل واحترام متبادل بين الزوج وزوجته وبين المرأة والرجل بوجه عام، وتجسد وجها لوعي خاص غني بكثير من الرموز العريقة التي توجه او تعكس جوهر العلاقات بينهما. وظاهريا يبدو أن الصيغة ذات طابع أقرب إلى العدوانية أو الرفض المتبادل ، لكن هذا الطابع لا يتناسب مع سياق الحميمية التي تجمع بينهما، وهي حميمية تحمل رواسب أدوار ومواقف متعددة لها جذورها في برزخ الأشكال الأسطورية والخرافية، ونعتقد أن آثار هذه السلوكيات انعكست على المنجز الإبداعي والأدبي وظل حضور المرأة بصفة مباشرة وصريحة غير وارد إلا من خلال الإشارات أو الإحالات الرمزية التي تجسد مدركات الجماعة ونظرتها للعالم وما يميزها.
9-
تحضر الأنثى / المرأة على صعيد آخر بشكل صريح عبر دوال موازية حيث توظف لفظة " ⵜⴰⵔⴱⴰⵜ/ ثارْباتْ/ الفتاة" بصيغة المفرد و"ⵜⵉⵔⴱⴰⵜⵉⵏ / ثيرْباثينْ / الفتيات" بصيغة الجمع، وفي هذا الباب نصادف نماذج يمكن القول إنها تحمل صورة إيجابية عن المرأة/ الأنثى، وينحو بعضها إلى الإشادة بها وبجمالها وبهائها:
1- ⵓ ⴼⵉⵅⴷ ⵢⴰ ⵜⴰⵔⴱⴰⵜ ⴳ ⵍⴰⵎⵢⵓⵣ ⴰⵎ ⵜⴰⴼⵓⵛⵜ ⴰⵎ ⵉⵜ ⵢⵓⵔⵓ ⵡⴰ ⵢⵓⵔ ⴰⵎ ⵉⴷ ⵉⵜⵔⵉ ⵏⵏⴰ ⵅⴼ ⵜⴼⴼⵓⴷ ⴰⵍⵃⴰⵍ ⵜⵓⴳⵔ ⵜⴰⴷ ⴰⵙⵉⴷ ⵉⵜ ⵛⵓⵎⵎⵉⵄⵜ.
- أُوفْيخْ ذْ يَاتْ ثَرْبَاتْ ݣ لـَمـْيُوزْ أمْ ثَافُوشْثْ آمْ إيتْ يُورُو وَايُورْأمْ إِيذْ إِيثْرِي نَّا خَفْ ثْفُّوثْ آلْحَالْ ثُوﯕـرْ ثَاذْ أَسِيدْ إِي ثْشُومِّيعْثْ.
( وقفتُ على غادة، هي كالشمس، في تقديري، كما لو أن القمر أنجبها، كالنجم في فلق الصبح، وأكثر وهجا من نور الشمعة.)
والصورة تزاوج بين جمال الأنثى / المرأة وجمال الكون وأجرامه: الشمس والقمر والنجم، ولو أن الصورة تبهت أو تختل إلى حد ما حين تتم الموازنة بين جمالها وبريق الشمعة، لكن طاقة الصورة وابعادها لا تدرك إلا في سياق الواقع المعيش والقدرة على بناء الصور انطلاقا من مواده وأشيائه القريبة من الملموس.
وعادة تتكرر هذه الأوصاف في العديد من النصوص:
- ⴰ ⵜⴰⵔⴱⴰⵜ ⵏⵏⴰ ⴳ ⵉⵄⴰⴷⴷⴰ ⵣⵣⵉⵏ ⵎⴰ ⵛⵎⵎ ⵢⵓⵔⵓⵏ
ⵎⵉⴷ ⵉⵍⵍⵉⵙ ⵏ ⵜⴰⴼⵓⵛⵜ ⵎⴰⴷ ⵓⵍⵜⵎⴰⵙ ⵏ ⵡⴰⵢⵓⵔ
- آ ثرْباتْ نَّا ݣ إيعَدَّا زينْ ماشَمْ يُورُونْ
ميذْ إيلِّيسْ ن ثافوشثْ ماذْ أولْثْ ماسْ نْ وايُورْ
( أيتها الغادة الفائقة البهاء، من أنجبك
أأنت ابنة الشمس أم توأمة القمر )

والنموذجان يشيدان بجمال الأنثى عبورا لأهم الرموز النورانية التي تملأ الكون : ثافوشث/ أيور / إيثري وهي رموز لها عمقها الدلالي، إذ تجسد المقدسات ورموز الألوهية القديمة.
وقد تتشكل صورتها أحيانا لاستعراض وترسيخ مواصفات ومواضعات ثقافية واجتماعية ترسم صورة الأنثى/ الكمال، والمرأة النموذجية، كما في هذا المثال:
- ⴰ ⵜⴰⵔⴱⴰⵜ ⵏⵏⴰ ⵓⵔ ⵉⵙⵙⵉⵏ ⵉ ⵜⴰⴹⵓⵟ
ⵉⵔⴰ ⵓⵔⴳⴰⵣ ⴰⵊⴰⵍⵍⴰⴱⵉ ⵉⵔⴰ ⴰⵖⴰⵎⵓⵙ
- آ ثرْباتْ نَّا أور إي سِّينّْ إي ثاضُوطْ ثُوفامْ لمُوثْ
إيرا أورﯕازْ أجلَّابي إيرَا آغَامُوسْ
( الموت خير لك، يا غادة لا تتقن فنون الصوف
فالزوج بحاجة إلى الجلباب وإلى الأغطية..)
والصورة تضع المرأة / الأنثى على المحك وتفصح عن إدراك خاص لدور المرأة في الحياة العامة والخاصة، حيث لا يتحقق وجودها التام إلا من خلال التفوق والمهارة في استغلال الصوف، إذ المرأة المثالية غالبا هي البارعة والحاذقة في صناعة النسيج و في مجال التشكيل والزخرفة وكل ما يرتبط بالمنتجات الصوفية. توظف صيغة الجمع أحيانا ( ثيرْباثينْ/ الفتيات) وتظل اللفظة محتفظة بدلالتها العامة والشاملة، حيث تعني النسوة أو النساء على وجه العموم، كما هو الشأن بالنسبة لصيغة مفردها. ومن الأمثلة:
- ⴰⵎⴰⵔⴳ ⵏⵏ ⵔⴱⴰⵜⵉⵏ ⴰⵢⵉⴷⴷ ⵉⵙⵙⵉⵍⵉⵏ ⵉⵏⵣⴹ ⵓⵎⵍⵉⵍ ⵓⵎⴰ ⵛⴰⵏ ⵛⵛⵉⴱ ⵓⵔ ⵜⵉⵡⵉⴹⵅ
امارْگ نْ ثرباثين آيِ ييدْإيسِّيلينْ إينْزضْ أومْليلْ أومَا شانْ شيبْ أورْ ثيويضَخْ
( لواعج الشوق للغيد هي التي شيبتني ، ولما أبلغ المشيب بعد..)
فدلالة " ثيرباثين" في هذ المثال عامة ومبهمة إلى حد ما وتحيل إلى النساء ( جنس النساء) بوجه عام، و النص يجسد حالة معاناة الصبابة والشوق المستديم لمغازلة النساء والسعي إلى ودهن، وانعكاسات كل ذلك على المتكلم/ الشاعر ومكابداته.
ومنها أيضا:
2 - ⵉⴱⴹⴰ ⵔⴰⴱⴱⵉ ⵜⵉⵔⴱⴰⵜⵉⵏ ⴰⵎ ⵉⵎⴰⵊⵔⴰⵏ
ⵉⵙ ⵉⵙⵡⴰ ⵔⵔⵓⵎ ⴷ ⵓⵏⵏⴰ ⵉⴷⴷⵣⴰ ⵓⵎⵣⵉⵍ
- إيبْضَا ربي ثِيرْبَاثينْ آمْ إيمَجْرانْ
إيسْ إيسْوا رُّوم ذْ أونَّا إيدْزا أومْزيلْ
( فطر الله النسوة كالمناجل
فهل يستوي الأصيل منها مع ما بَرَاه الحداد )
فنحن هنا أمام حكم قيمة يرسم ما يشبه معايير التمييز بين النساء، فهناك فئة منهن لها مكانتها المتميزة في المجتمع والعلاقات الاجتماعية وهن الأصيلات وهناك بالمقابل فئة دونية لا قيمة ولا دور لها ومنبوذة في المجتمع، كما هو الشأن بالنسبة للمناجل غير المحكمة الصنع وغير المتقنة.
والملاحظ هنا أن سياقات التوظيف للفظة " ثاربا ت/ثيرباثين" تحتمي بصورة المرأة / الأنثى في عموميتها على الرغم من أن اللفظتين تحيلان إلى معنى خاص يشكل جزءا من الكل أو الجنس، وبذلك يتسع أفقها الدلالي لتستغرق مدلول المرأة / النساء في أبعاده المختلفة.
10 -
توظف صورة المرأة أيضا بصورة مباشرة عبر لفظة " الأم" فغالبا كما سبقت الإشارة ما توظف الألفأظ التالية: يُونُو/إيمَّانو/إيمَّا./ يوحَنا/. كسلاسل استهلالية في مقاطع غنائية و لا زمات إيقاعية في العديد من النصوص الشعرية المرتبطة بالغناء، و يعكس هذا معالم الرمزية الخاصة التي تجسدها الأم باعتبارها منبع الحنان والعطف الأبدي. وتحضر " مايْس أومْداكل " مثلا باعتبارها الأم الثانية:
- ⴰ ⵎⴰⵢⵙ ⵉⵎⴷⴷⴰⴽⵍ ⵛⴰⵎⵎ ⴰⴳⴳⴰⵏ ⵎⵎⴰⵏⵡ ⵓⵎⴰ ⵜⴰⵏⵏⴰ ⵅ ⵢⵓⵔⵓⵏ ⵓⵔ ⵏⵅ ⵉⵙⴰⴳⴰ ⵓⵔⴰⵄⴰⵏⵏⵙ
- آ مَايْسْ نْ أُومدَّاكَلْ شَمْ أﯕَّـانْ مَّانُو أُو مَا ثنَّا خْ إِيورُونْ أُورَا خْ إِيسَاﯕـا أُورَاعَا نْسْ.
( يا أم الحبيب أنت أمي، أما من ولدتني فلا يجديني ارتقابها )
وعلى الرغم من هذه الصورة الإيجابية بمعنى ما، فإن الصيغة احيانا قد تنقلب انقلابا وتستحيل أم الحبيب إلى عائق وإلى حاجز منيع أمام وصل الحبيب، والحيلولة دون رؤيته أو الاستمتاع بطلعته :
- ⴰ ⵎⴰⵢⵙ ⵉ ⵎⴷⴷⴰⴽⵍ ⵜⵓⴱ ⵉⵍⵃⵇ ⴰⵡⵔⴰ ⵖⵓⵔ ⵎⵉⴷⴷⴰⵏ ⵛⵔⴰⵄ ⵓⵔ ⵉⵢⴰⴱⴹⵉ ⴷⵓ ⵙⵎⵓⵏⵉⵏⵡ
-آمَايْسْ أُومْدَّاكَلْ ثُوبْ إِيلْحَقّْ أَوْرَا غُورْ مِيدَّنْ شْرَعْ أُورْ إيَبْظِي ذُوسْمُونِينْوْ.
( يا أم الحبيب ثوبي لربك، ولنحتكم للأهالي فالشرع لن يفرق بيني وحبيبي).
11 –
من الدوال التي توظف في الغزليات الأمازيغية بالأطلس المتوسط كمعادل أو مواز أو رمز للمرأة / الأنثى بوجه عام لفظة " ⵣⵣⵉⵏ / زِّينْ " وهي كلمة دخيلة تسربت من العربية إلى الأمازيغية وتستعمل بمعناها العربي للدلالة على الحسن والجمال والملاحة والوسامة وضد الشين، ولكن مدلولها اتسع ليدل خاصة على المرأة / الأنثى دون أن تتخلى عن كل معالم الدلالة الأصلية فيها، بحيث يعني الإطلاق هنا المرأة ولكن المرأة الحسناء الفائقة الجمال، اي ان العمق الدلالي في النهاية يِؤالف و يضم كل الدلالات القائمة والمكتسبة،
وتستعمل لفظة " زِّينْ" ضمن تنويعات متباينة تتراوح بين الإشادة والانبهار والتقديس أحيانا، واكتسبت معنى اجتماعيا وجماعيا ذا حمولات ثقافية وطقوسية جعلت منه عاملا أساسيا وابرز مكونات النظام الاجتماعي، ومن ثمة فهو " دال" يضمر سلسلة خفية من المعايير الجمالية التي غالبا ما تتأثر بقيم المجموعات القبائلية وعاداتها، ويتراءى وكأنه مفهوم " مغلق" لا يرشح بأية عناصر أو معالم محسوسة، أو هو أقرب إلى التجريد، غير أنه في كل الأحوال محاصر بالتداعيات النفسية والثقافية التي تحدد معناه وأفقه الدلالي المتعدد والمختلف. ولكن ثمة دائما دلالة ثابتة وقارة في كل تحولاته ومتغيراته، هي إحالته المباشرة إلى المرأة / الأنثى الفائقة الجمال.
من نماذج توظيف دال ال" زين" هذا البيت الشعري الذي يحاول رسم حدود له ومنحه دلالة خاصة:
- ⴰⵎ ⵓ ⵖⴰⵍⵢⴰⴷ ⵓⵎⵍⵉⵍ ⴰ ⵣⵣⵉⵏ ⴰⵢ ⵜⴳⵉⴹ
ⴰⴷⴷⴰⵢ ⴷⵉ ⵀⴰⵣⵣⴰ ⴰⵛⴱⴰⴱⵉⴽⴰⵛⵎⵉ ⵓⵀⴱⴹ
آمْ أوغلْياسْ أومْليل آ زين آيْثكيضْ
أدَّايْ دي هزَّا أشْبابْ إيكشْمي أو هباض
( أنت مثل النمر ألأبيض أيها ال" زين"
حين يرمقني بطرفه يعتريني الدوار )
وكان الصورة تضع توصيفا خاصا لل" زين" عبر المقابلة أو المشابهة بينه وبين النمر البيض، بما يعني ذلك الطلاوة والرونق والقوة والترغيب والترهيب في الوقت ذاته فالقوة والجمال لا ينفصلان، وحتما فان"زين" هنا يحيل إلى المرأة / الأنثى الحسناء التي تثير الرهبة في كل من يأسره جمالها.
ومن الأمثلة في هذ الصدد أيضا:
-ⵣⵣⵉⵏ ⵓⵔ ⵉⵅⴷⴷⴰⵎ ⵓⵔ ⵉⴽⴽⴰⵜ ⵉⴱⴰⵔⴷⴰⵏ
ⵍⴰⵎⵉⵛⵜ ⵓⴷⴰⵎ ⵏⵙ ⴰⵙ ⵉⵜⵉⵜⵊⴱⴰ
زين أورْ إيخدم أورْ إيكَّاث ْإيبرذانْ
لمعيشْث أوذمْ نَّسْ آسْ إيتتجْبارْ
(" زين" ليس له أن يشقى أو يتعب في الطرقات
فهو يكسب قوته بطلعته الصبوح.. )
فالمرأة الحسناء لا ينغي لها ان تباشر عملا بنفسها، فهي بجمالها فحسب منعمة وتكفي أمورها، إنها معادل " نؤوم الضحى" كما وصف امرؤ القيس العربي محبوبته في قصيدته المعروفة.
احيان يصبح ال" زين" غاية مثلى وأهلا للعبادة والتقديس، ويغدو الانسياق وراءه عقيدة وأسلوبا فريدا في إدراك مغزى الحياة ومعنى الوجود:
- ⵏⴰⴽⴽ ⵓⵔ ⵜⵣⴰⵍⵍⴰⵅ ⵖⴰⵙ ⴰⴷ ⵃⴹⵓⵅ ⵣⵣⵉⵏ
ⴰⵍ ⵎⵜⴰⵅ ⵓⵏⵏⴰ ⵜⵔⵉⴹ ⴰⵔⴰⴱⴱⵉ ⵜⴳⴹⵉⵜ
نكّْ أورْ تزالاَّخْ غاسْ آذْ حْضُوخْ زينْ
آل مْثخْ أونَّا ثْريذْ آربي ثـﯖـضِيثْ
( أنا لن أقيم أي صلاة ، وسأعكف على ال" زين"
وحين أموت فليفعل بي الله ما يشاء.)
وفي هذا المنحى يصب هذا القول:
- ⴰⴼⵓⵙ ⵉ ⵡⴰⵍⴼⴰⵏ ⵜⵉⵣⵓⴽⴰ ⵏ ⵣⵣⵉⵏ
ⵓ ⵙⴰⵔ ⵉⴳⵉ ⵜⴰⵢⵎⵓⵎ ⵉⵏⴳⴰⵔ ⵉⴹⵓⴹⴰⵏ
أفوسْ إيوَلْفَنْ ثيزوكا نْ زينْ
أوسَارْ إيـﯖـي تَّايْمُوم إينـﯖـر إيضُوضَانْ
( اليد التي اعتادت أفخاذ ال"زين"
لن تضع التيمم بين أصابعها ابدا )
وفي كل حال فإن لفظة " زين" تستغرق دلالات متباينة ومتعانقة إلى حد كبير وتجمع بينها ظلال الحسن والبهاء، وما يتصل بهما أو يتفرع عنهما، ولكن في اغالب فإنها ترمز أو تشير إلى المرأة / الأنثى الفائقة الجمال، وهذا واضح إذ من الممكن عبر العديد من النصوص أن نضع مكانها المرأة الحسناء أو النساء بصيغة الجمع أيضا تبعا للسياقات التي توجه الدلالات وخارج هذا التفسير أو التأويل فإن اللفظة تفقد مدلولها وتمسي بلا معنى.
والملاحظ أيضا أن لفظة " زين" توظف في الأمازيغية بصيغة المذكر، ولكنها عمليا تحيل إلى المِؤنث وإلى المرأة بالذات أو المحبوبة،
12 –
يمكن القول من زاوية أخرى أن حضور المرأة في الغزليات الأمازيغية بالأطلس المتوسط انطلاقا من النماذج التي عرضناها هو حضور يتخفى ويتدثر بدوال مختلفة تحمل في الغالب سمات ذكورية، ولا تكاد تظهر إلا عبر رموز أو ضمائر مبهمة ونادرا ما يصدح صوتها ويظهر على سطح الخطاب أو اللغة، ولكن ذلك كله لا يصد آليات حضورها وتجلياته وامتداداته داخل المنجز الدلالي ولضبط صيرورات هذا الحضور تتوجب المخاطرة باقتحام مجاهيل الرموز او الدوال التي تحضن أبعادها ومعرفة بنائيتها التاريخية والثقافية والأسطورية.
على أن سياقات نصوص أخرى تخرج عن المألوف وتتحرر من الغموض والتجريد وتفتح المجال أمام المرأة / الأنثى لتفرض صوتها وحضورها بشكل عار من أية احتمالات التباس أو ارتياب . ويتم الحضور في هذا الصدد عبر الأسماء الشخصية / الأعلام، وهنا لا يتورع الحبيب عن إشهار اسم محبوبته وإعلانه للملأ، أحيانا بغاية الإشادة أو الاعتزاز والافتخار، أو التعبير عن انفعالاته العاطفية ومكابداته واشواقه ومعاناته، وأحيانا أخرى بغاية العذل والتأنيب واللوم والتأنيب، وكل سياق في هذا الباب له دلالاته الحيوية.
ومن الأسماء / الأعلام التي تتردد في كثير من النصوص: فاضْما، فاضْما عمر. حماما. عيشا. إيطو. خليدْجَا. محجوبا. ماهمَّا... وكل من هذه الأعلام وسواها يختص بمواصفات ودفق خاص في التعبير، ويفرز بالضرورة أبعادا دلالية تنزع عنها صفة التعيين أو التخصيص أو المحدودية وتمنحها صفة الإطلاق، وبذلك تنهض بدور الرموز التي تضيء الوجود الخاص والعام وتشكل مرآة لروح العلاقات العاطفية ونموذجا للحبيبة او الحليلة الممكنة والمتخيلة والحقيقية أو المتوقعة.
13 -
بقي أن نشير في الأخير إلى أن الغزليات الأمازيغية بالأطلس المتوسط من خلال العديد من النصوص تنحو منحى الأدب الأيروتيكي إذ ترتبط بشكل مباشر بتوصيف اللذة والإثارة الجنسية، وترسخ انفتاحا مشرعا للتعبير بالصور والإشارات الجنسية الصريحة حيث يحتفي بعضها بالمتعة الجسدية والجنسية وبالعلاقات ذات الاستقطاب المفتوح والخيانات والجنس بالمقابل وهكذا، وتحضر المرأة هنت بشكل سافر كموضوع للجنس أو الحب المهدور وضحية المشاعر والرغبات المحبطة.
وربما من هذه الزاوية نصادف كثيرا من نصوص" ثِيفْرينْ" مأهولة بخطاب عدائي تجاه المراة، وهي في الغالب تستمد أفقها من الرواسب والخلفيات العقائدية والدينية السطحية التي تنظر إلى المراة كرمز للخطيئة والشرور.


- الهوامش:
- 1- أبو الوليد بن رشد: تلخيص الخطابة. تحقيق: محمد سليم سالم. القاهرة 1967. ص:596.
-2- كتاب سيبويه. أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجي. القاهرة 1992. الجزء الثالث. ص 241.
- 3 - أحمد مختار عمر: اللغة واختلاف الجنسين. عالم الكتب . القاهرة. الطبعة الأولى 1996. ص:59.
- 4 – محمد شفيق: المعجم العربي الأمازيغي. أكاديمية المملكة المغربية.1996.( مادة : عجز)
- 5 – محمد شفيق: المعجم العربي الأمازيغي...... ( مادة : لبأ)
- 6 - انظر: سعيدي المولودي: مداخل إلى الأدب الأمازيغي بالأطلس المتوسط منشورات جمعية أجذير إيزوران للثقافة الأمازيغية. مطابع الرباط نت. الطبعة الأولى 2018 ص: 48
- 7 – انظر: سعيدي المولودي: مداخل إلى الأدب الأمازيغي...ص: 199
- 8 – محمد شفيق: الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية. أكاديمية المملكة المغربية. 1999. ص: 63.
- 9 – ابن حزم الأندلسي: طوق الحمامة في الألفة والألاف. مؤسسة هنداوي . المملكة المتحدة.2017.ص:47.
- 10 – عبد الله الغذامي: تأنيث القصيدة والقارئ المختلف. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء / بيروت. الطبعة الثانية 2005. ص: 92
- 11 – انظر :. سعيدي المولودي: مداخل إلى الأدب الأمازيغي...ص ص: 69 وما يليها.
* المراجع:
-إبراهيم الحيدري: النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب. دار الساقي. بيروت الطبعة الأولى.2003.
- إفريل كاميرون- إميلي كوهرت: صورة المرأة في العصور القديمة. ترجمة : أمل رواش. المركز القومي للترجمة. القاهرة. الطبعة الأولى 2016.
- الحسين آيت باحسين.(تنسيق): المرأة والحفاظ على التراث الأمازيغي. مؤلف جماعي. المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. الرباط.2008
- باسمة كيالي :تطور المرأة عبر التاريخ. مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر.بيروت.1981
- بوشتى ذكي. محمد المسعودي: الغزل في الأغنية الأمازيغية. المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. الرباط.2006.
- بوعلي ياسين: الثالوث المحرم : دراسات في الدين والجنس والصراع الطبقي. دار الطليعة .بيروت. الطبعة الثانية.1978.
- جاد الكريم الجباعي: فخ المساواة: تأنيث الرجل وتذكير المرأة. مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع. الرباط/ بيروت. الطبعة الأولى.
- جواد الزروقي و إبراهيم الأنصاري ( تنسيق): دراسات وأبحاث في الأدب الأمازيغي. مؤلف جماعي. المركز الديموقراطي العربي. ألمانيا. الطبعة الأولى 2021.
- رجاء بن سلامة: العشق والكتابة. قراءة في الموروث. منشورات الجمل. كولونيا – ألمانيا.2003.
- رجاء بن سلامة: بنيان الفحولة: أبحاث في المذكر والمؤنث . دار بترا للنشر والتوزيع. دمشق. الطبعة الأولى.2005.
- فاطمة المرنيسي: ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية. ترجمة : فاطمة الزهراء أزرويل. المركز الثقافي العربي. نشر الفنك. الطبعة الرابعة.2005
- فيرينا آبيشير: النساء واللغة: التصورات الاجتماعية للاختلاف. ترجمة : قاسم المقداد. دار نينوى للدراسات والنشر. دمشق. الطبعة الأولى 2019.
- عبد الله محمد الغذامي: المرأة واللغة. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء/ بيروت. الطبعة الثالثة .2006.
- كاظم الحجاج: المرأة والجنس بين الأساطير والأديان. مؤسسة الانتشار العربي. بيروت. الطبعة الأولى 2002.
- مارلين ستون: يوم كان الرب أنثى: نظرة اليهودية والمسيحية إلى المرأة. ترجمة : حنا عبود. الأهالي للطباعة والنشر. دمشق. الطبعة الأولى .1998.
- مي غصوب. إيما سنكليرويب: الذكورة المتخيلة: الهوية الذكرية والثقافة في الشرق الأوسط الحديث. دار الساقي بيروت . الطبعة الأولى.2002
- هالة كمال وآية سامي: النسوية والجنسانية ( تحرير وتقديم). ترجمة: عايدة سيف الدولة. مؤسسة المرأة والذاكرة. مصر. 2016.
-



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنون الأمازيغية بالأطلس المتوسط
- الشيوعي الأخير يغادر الحياة
- هواجس - سيدي المخفي-
- 19 عاما بعد خطاب -أجذير- وماذا بعد...؟
- ملاحظات على هامش لفظة - ثِيكَّْلثْ - الأمازيغية
- مشروع تهيئة موقع -أﯕلمام أزﯕزا- بالأطلس المتوس ...
- مهرجان أجذير إيزوران: طقس العبور الثالث.
- الضريبة على القيمة المضافة للجسد
- رؤيا - الساعة - في المنام
- مهرجان أجذير إيزوران 2: لحظة فرح استثنائية.
- مهرجان أجذير إيزوران 2: في الحاجة إلى فعل ثقافي أمازيغي.
- - ثِيشُّوثْ أُوجَنَّا- ( مرثية لبرية الجذور)
- ثَمَّةَ...
- انطباعات أهل المدينة الغامضة
- - مواطنون- لا - شحاذون-
- الواقيات
- - 15-
- - المجال- في الثقافة الأمازيغية بالأطلس المتوسط.
- -جهات-
- ثقافة التلاص: ذ.محمد بوبكري ومنابع سرقاته.


المزيد.....




- الكويت.. ضبط 11 رجلا وامرأة من جنسيات عربية وآسيوية بتهمة ال ...
- الكويت.. ضبط 11 رجلا وامرأة بتهمة التسول والداخلية تنشر صوره ...
- بالفيديو..تمساح يحمل امرأة في قبضة فكيه في واقعة مروعة!
- لحظات مرعبة في إندونيسيا.. تمساح يسحب امرأة إلى النهر ويستعر ...
- سجلي 800 دينار..رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- الملاكمة النسائية في الجزائر.. إيمان خليف تلهم العديد من الف ...
- نساء حزب المحافظين يطالبن بمنح جميع النساء الحق في الولادة ا ...
- هل أعلن ترامب الحرب على النساء؟
- جنوب إفريقيا... مصرع امرأة جراء فيضانات ضخمة (فيديو)
- الجنسية السويسرية عبر الزواج: شروط صارمة وكلفة باهظة لمن يقي ...


المزيد.....

- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيدي المولودي - صورة المرأة في الغزليات الأمازيغية بالأطلس المتوسط