الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 14:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتضمن العدد الخامس عشر بعد المائة من نشرة "متابعات" الأسبوعية فقرات عن المُقاطعة الرياضية للكيان الصهيوني وفقرة عن الهند في موقع الأعداء وفقرة عن بعض الوضع في سوريا في ظل حكم المجموعات الإرهابية، وفقرة عن إنتاج الغذاء في إفريقيا، وفقرة عن بزنس الرياضة كمجال استثمارات وأرباح وفقرة عن أزمة الإقتصاد الألماني
في جبهة الأعداء – مُقاطعة رياضية - 1
استجابت شركة الملابس الرياضية الإيطالية "إيريا" (Erreà ) لدعوات المُقاطعة، فانسحبت من صفقة الرعاية مع الاتحاد الصهيوني لكرة القدم، لتحل محلها شركة "ريبوك" التي دعتها حركة المُقاطعة "بي دي إس " إلى الإنسحاب أو مواجهة المقاطعة، كما حدث مع إيريا، وبوما، وأديداس من قبلها، واضطرت هذه الشركات إلى عدم تجديد العقد ( بوما وأديداس) أو الإنسحاب ( إيريا) قبل بداية تنفيذ العقد الذي تم توقيعه لمدّة عامَيْن، خلال شهر آب/أغسطس 2024، أي خلال اشتداد وتيرة العُدوان الصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللّبناني، وكان من المتوقّع أن يبدأ تنفيذ العقد بداية من شهر كانون الأول/يناير 2025، بعد إعلان شركة بوما ( متعددة الجنسيات ذات المنشَأ الألماني) عدم تجديد العقد الذي استمر خمس سنوات، حتى كانون الأول/ديسمبر 2023، وكانت أديداس قد انسحبت قبلها، سنة 2018، إثر حملة قامت بها النوادي الرياضية الفلسطينية جمعت 16 ألف توقيع تم تقديمها إلى مقر الشركة.
تعتمد حملة المُقاطعة الرياضية على تواطؤ الإتحادات الرياضية الصهيونية، ومن بينها اتحاد كرة القدم، ومشاركتها بشكل مباشر في الإحتلال والإبادة والمَيْز، كما تعتمد على قرار محكمة العدل الدّولية ( كانون الثاني/يناير 2024) بشأن ارتكاب الكيان الصهيوني أعمال إبادة جماعية في غزة، وعلى قرار نفس المحكمة بعدم قانونية الاحتلال العسكري لقطاع غزة والضفة الغربية ( مع إهمال الأراضي المحتلة سنة 1948 التي تعتبر احتلالها "قانونيًّا")، وذكرت وسائل إعلام صهيونية أن الاتحاد الصّهيوني لكرة القدم وقع عقدا لمدة عامين مع شركة ريبوك، ويظهر شعارها الآن على موقعه باعتبارها الراعي الجديد.
مُقاطعة رياضية - 2
امتدّت حركة مُقاطعة الكيان الصّهيوني (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات - (BDS ) إلى المجال الرياضي فانسحبت شركة "ريبوك" من عقد رعاية الإتحاد الصهيوني لكرة القدم الذي كانت أبرمته لمدّة سنتَيْن، وإلى ملاعب كرة القدم – خصوصًا في ملاعب دول الإتحاد الأوروبي التي تدعم حكوماتها وإعلامُها السّائد الكيان الصهيوني - ضمن حملة بعنوان "بطاقة حَمْراء لإسرائيل" وشهدت مباريات كرة القدم خلال الأسبوعين الأخِيرَيْن من شهر شباط/فبراير 2025، لافتات وشعارات تُطالب بطَرْد الكيان الصهيوني من البطولات الرياضية الأوروبية، وذلك في ملاعب كل من إيطاليا وإسبانيا وماليزيا وتونس وبريطانيا وفرنسا واليونان وتركيا وبلجيكا، وشملت الإحتجاجات رَفْعَ البطاقات الحمراء، حيث رفعت شعارات مماثلة في 72 مُباراة عبر 25 دولة في كافة قارّات العالم، وذكرت وسائل إعلام بريطانية، يوم الأربعاء 26 شباط/فبراير 2025، أن مشجعي فريق سلتيك الأسكتلندي قاموا بحمل يافطات تحمل شعار “أشهر بطاقة حمراء في وجه إسرائيل”، خلال مباراة ضد فريق بايرن ميونخ الألماني، للمطالبة بطرد الكيان الصهيوني من البطولات الدولية، بسبب "ارتكاب جرائم حرب في غزة"، واشتهر جمهور سلتيك الأسكتلندي بأنه من أكثر الداعمين للشعب الفلسطيني، حيث رفعوا الأعلام الفلسطينية خلال جميع المباريات الأوروبية العشْر للنادي، سواء على أرضه أو خارجها، رغم العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” على جماهير سلتيك، إلا أنهم حددوا موقفهم بمواصلة رفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات، وجمع قيمة الغرامات وتسديدها، كما حمل المئات من مشجعي نادي إشبيلية الإسباني لكرة القدم حاملين لافتات حمراء فوق رؤوسهم، مساء يوم الاثنين 24 شباط/فبراير 2025، إضافة إلى لافتة ضخمة مكتوب عليها ” أشهر بطاقة حمراء في وجه إسرائيل”.
في جبهة الأعداء – الهند
كانت الهند إحدى أعمدة "حركة عدم الإنحياز" منذ مؤتمر "باندونغ" (اندونيسيا) سنة 1955، وعضو حاليا في مجموعة "بريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا) وكانت حكوماتها المتعاقبة منذ استقلالها عن بريطانيا (1947) داعمة لحركات التحرر الوطني، غير أن التغييرات الحاصلة في العالم أَثَّرَتْ في الهند ومن التغييرات الواضحة -والتي تَعْنِينَا بدرجة أولى كَعَرب- تكثيف الإتصالات والعلاقات السياسية والإقتصادية والعسكرية مع الكيان الصّهيوني، منذ 1991، وخصوصًا بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والعدوان على العراق (1991) وتوطّدت إثر توقيع اتفاقيات أوسلو (1993)، وذلك خلال حكم "حزب المُؤْتَمَر" الذي كان قادتُهُ من مُؤَسِّسِي "حركة عدم الإنحياز"، ولكن العلاقات توثّقت كثيرًا خلال حكم الحزب اليميني العُنْصُري، "الحزب القومي الهندوسي" (باهارتيا جاناتا) الذي يُؤْمِنُ بتفوق "الحضارة الهندوسية" على بقية حضارات المنطقة (مثل الحزب النازي الذي اختلق "الجنس الآرِي")، والذي يترأسه "ناريندرا مُودي"، رئيس الحكومة الذي توافقت عقيدته (وعقيدة حِزْبِهِ) العنصرية واليمينية مع جوهر الصهيونية، وأحْيت الحكومتان الذكرى الخامسة والعشرين لعودة العلاقات الدبلوماسية سنة 2016 بمبادرات غير مسبوقة منها زيارات زعماء صهاينة وتوثيق العلاقات الإقتصادية والعسكرية والسياحية (تُعْتَبَر بعض المُنْتجعات السياحية الهندية شبه مُخَصَّصَة للضباط الصهاينة)، وكان رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" أول مسؤول حكومي رفيع يزور الكيان الصّهْيُوني (تموز/يوليو 2017)، ووقَّعَ اتفاقيات تعاون في مجالات عديدة، منها الأمن والزراعة والمياه والطاقة، كما وَقَّعَ أكبر صفقات يعقدها المُجَمّع العسكري الصهيوني في تاريخ الصناعات العسكرية الصهيونية، بقيمة 1,6 مليار دولار (مُعْلَنَة) شَمِلَتْ منصات صواريخ منظومات دفاع جوي (من صنع أمريكي وتطوير صهيوني)، ونُجم وأجهزة اتصالات حديثة وأسلحة للجيوش الثلاثة (البر والجو والبحر) وقطع الغيار والمنظومات الخاصة بهذه الأسلحة... في المُقابل، وبمناسبة الإعلان عن زيارة رئيس حكومة العدو للهند، أعلنت منظمة الفلاحين -التي أسّسَها الحزب الشيوعي الهندي سنة 1936- والتي تضم 16 مليون فلاّحًا دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني والتحاقها بحركة المقاطعة والدعوة إلى سحب الاستثمارات وفرض العقوبات على دولة الكيان الصهيوني، ومقاومة سيطرة الشركات الصهيونية على الزراعة الهندية، وفق بيان صدر يوم الأحد 29/10/2017، وَالتزمت المنظمة بالعمل على رفع مستوى الوعي لدى الفلاحين الهنود لمنع الكيان الصهيوني وشركاته، من تمويل الاحتلال العسكري ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه على الشعب الفلسطيني... عن رويترز + وكالة "سبوتنيك" 30/10/17 يشارك جيش الجو الهندي في مناورات عسكرية مع جيش الإحتلال الصهيوني في منطقة "النَّقَب" (جنوب فلسطين المحتلة) تحت إسم "بلو إكسرسايز" وتدوم المناورات أسبوعين من 2 إلى 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، بمشاركة سبعين طائرة حربية وجيوش تسع دول (منها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبولندا والهند واليونان وإيطاليا) وربما دول عربية، وأوردت الصحف الهندية والصهيونية بالمناسبة بيانات نستنتج منها: تُشارك الهند بطائرات العمليات الخاصة من طراز (سي - 130 جيه) وأفراد من وحدة القوات الجوية الخاصة "جارود"، وبلغت قيمة صادرات الأسلحة من الكيان الصهيوني إلى الهند نحو مليار دولارا سنويا... عن صحيفة "تايمز أُوف إندِيَا" 01/11/17
سوريا – الرّأسمالية المُلْتَحِيَة
يزاداد وَضع المواطنين سوءًا عند اقتراب المواسم مثل شهر رمضان أو عيد الإضحى لأن الفَقر( حوالي 90% من الشعب السّوري) والبطالة ( 25% من القادرين على العمل ) سائدَيْن ولأن رواتب العاملين ضعيفة وغير متناسبة مع سعر المواد الغذائية الأساسية، وقبل بداية شهر رمضان بلغ الكيلوغرام الواحد وكيلوغرام الدجاج بـ55 ألف ليرة (5,69 دولارات) والأرز ( 1,03 دولارا) والسّكّر 0,82 دولارا، يوم الإربعاء 26 شباط/فبراير 2025 يوم الإربعاء 26 شباط/فبراير، فضلا عن ارتفاع أسعار الطّاقة والنّقل ويعتمد نحو 75% من المواطنين على المُساعدات "الإنسانية"، لأن دخلهم يَقِلّ عن خط الفقر المدقع ( أقل من 2,15 دولارا للشخص الواحد في اليوم) ويحتاجون إلى دعم التنمية في المجالات الأساسية للصحة والتعليم وشُحّ الدّخل والبطالة وانعدام الأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والطاقة والإسكان، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( تقرير نُشِرَ يوم العشرين من شباط/فبراير 2025)...
ارتفع عدد المُعطّلين عن العمل وعدد المُحتاجين إلى المُساعدة بعد استيلاء المجموعات الإرهابية بزعامة "هيئة تحرير الشام" (أي "النُّصرة" أو "القاعدة" سابقا)، بإشراف تُركي، وأعلنت السّلطات الجديدة "إعادة هيكلة المُؤسّسات العمومية" ( وهي لُغة صندوق النقد الدّولي) وتسريح ما لا يقل عن أربعمائة ألف موظف من العاملين بالقطاع العام ( من إجمالي 1,3 مليون موظف )، ولذلك نظّم العاملون المُسَرَّحُون أو المُهَدَّدُون بالتّسْرِيح وقفات احتجاجية في العديد من المناطق والمُحافظات السُّورية، للمطالبة بإلغاء قرارات الفصل وعدم تجديد العُقُود والإجازات الإجبارية الصادرة عن حكومة تصريف الأعمال السورية بحق عمال وموظفين في القطاع العام، بإشراف رابطة عمال التغيير الديمقراطي والتنسيقيات العمالية الديمقراطية التي تُطالب بالتراجع عن نهج الخصخصة ( أعلنت وزارة اقتصاد السلطات الإرهابية خصخصة 107 من الشركات الصناعية التابعة للدّولة)، وبتشكيل لجان حكومية لدراسة ملفات الموظفين، والتّراجع عن القرارات الحكومية "المتسرعة والمجحفة وغير المدروسة وغير العلمية بحق الموظفين والعمال (...)، وإعادة هيكلة القطاعات على قاعدة التّأهيل والحفاظ على المؤسسات والمُنشآت والمعامل والكفاءات العلمية والفنية، وتأهيل القطاعات التي تضرّرت من الحرب، كالمرافئ والمطارات والمعادن والطّاقة، وقطاعات الزراعة والغذاء والنسيج...
الولايات المتحدة عَدُوّ مُباشر للشعوب وللعرب خصوصًا
كانت الولايات المتحدة تدّعي إن العمليات الخاصة، خارج ساحات الحرب، تستهدف "أهدافًا إرهابية"، غير إن البيت الأبيض أعلن تَخْفِيف القيود المفروضة على القادة العسكريين الأميركيين فيما يتعلق بالموافقة على الغارات الجوية والعمليات الخاصة خارج ساحات القتال التقليدية، مما يسمح بتوسيع دائرة الأشخاص الذين يمكن استهدافهم، وتوسيع هامش حرية القادة العسكريين الميدانيين في تحديد الأهداف وتنفيذ الهجمات، وَوَقَّعَ وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث (Pete Hegseth ) على قرار تخفيف القيود السياسية والإشراف التنفيذي على نَشْر القوات الخاصة وتنفيذ الغارات الجوية والمُداهمات ( كما يحصل في الصّومال أو سوريا أو اليمن وغيرها)، خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين الأميركيين من القيادة الأميركية في أفريقيا ( أفريكوم) في ألمانيا، وفق شبكة سي إن إن نيوز الأمريكية بتاريخ 28 شباط/فبراير 2025، ونَشَر معهد واتون بجامعة براون الأمريكية نتائج دراسة أجراها سنة 2023 أظْهَرت إن أكثر من 4,5 مليون شخص لقوا حتفهم في الحروب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، باسم "مكافحة الإرهاب"، فضلا عن 3,6 ملايين شخص لقوا حتفهم بفعل التّأثيرات الجانبية للحروب العدوانية الأمريكية/الأطلسية، وتشمل الموت إثر التّهجير القَسْرِي وانعدام الغذاء والدّواء وتدمير المباني والمرافق الصحّية والبُنية التحتية ومحطات توليد الطاقة وضخ المياه الصالحة للشُّرب وما إلى ذلك، وخصوصًا من المدنيين في أفغانستان والعراق وباكستان وسوريا واليمن وليبيا والصومال...
في إطار تخفيف القيود على قرار العدوان والقتل والتدمير، أعلنت وزارة الحرب الأمريكية (يوم 28 شباط/فبراير 2025 وفق وكالة الصحافة الفرنسية) عن صفقة أسلحة أمريكية جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تشمل آلاف القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل وجرافات مدرعة بقيمة ملايين الدولارات، وأعلن وزير الخارجية ماركو روبيو الذي قَدّم الإتفاق إلى الكونجرس "إنه إجراء طارئ يجب أن يتم خارج عملية المراجعة المعتادة من قبل لجان العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ"، وتتطلب حالة الطّوارئ "البيع الفوري للأسلحة والمُعدّات بما يخدم المصالح الأمنية الوطنية للولايات المتحدة، وبالتالي التنازل عن متطلبات المراجعة في الكونغرس"، وفق وكالة الأمن القومي التي أوضحت إن البيت الأبيض وافق – منتصف شهر شباط/فبراير 2025 – على صفقة أسلحة للكيان الصهيوني بقيمة 7,4 مليار دولارا لشراء ذخائر ومعدات توجيه وصواريخ هيلفاير، وتجاوزت تلك الصفقة أيضًا موافقة الكونغرس، وهي الخطوة التي استخدمها الرئيس السابق جو بايدن بانتظام، وبذلك تستغل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني فترة "الهُدْنة" وتبادل الأسْرى، لإعادة تسليح الجيش الصهيوني بحوالي 10,5 مليارات دولارا، خلال أُسبوعَيْن استعدادًا لمُواصلة العُدْوان والإبادة في غزة والضّفّة الغربية، ونشرت جامعة براون خلال سنة 2024، تقريرًا يُفيد إن الجيش الصهيوني حصل ما بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 و الثلاثين من أيلول/سبتمر 2024 على أسلحة بقيمة لا تقل عن 22,76 مليار دولار دَعْمًا من الولايات المتحدة للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة...
إفريقيا – انعدام الأمن الغذائي:
يتوقع مصرف التنمية الإفريقي ارتفاع قيمة سوق الأغذية والزراعة الإفريقية من 280 مليار دولار سنوياً إلى تريليون دولار بحلول سنة 2030، لأن قارّة إفريقيا تَضُمُّ نحو 45% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم وَتُعد الزراعة قطاعًا اقتصاديًّا رئيسيًّا في العديد من دول إفريقيا، وشكّل القطاع الزراعي سنة 2022 نحو 17% من الناتج المحلي الإجمالي بالدول الإفريقية جنوب الصحراء، ويستوعب قطاع الفلاحة وصناعة الأغذية في إفريقيا 43% من العاملين، ولكن الشركات العابرة للقارات اشترت أو اكتَرت، بعقود طويلة الأجل، حوالي نصف هذه الأراضي الصالحة للزراعة لإنتاج الفواكه والزهور وغيرها من الإنتاج الفلاحي المُعَدّ للتّصدير، مما يضطر دول القارّة إلى استيراد أكثر من 80% من السلع الغذائية من خارج القارة، ولذلك يعاني حوالي 60% من سكانها من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني أكثر من 20% من سُكّان القارّة، أي ما يقرب من 257 مليون فرد، من نقص التغذية، وفقاً للبنك الدولي وبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، ورغم ارتفاع حجم الإستثمار في الزراعة، لم تبلغ استثمارات أغلب البلدان الإفريقية 10% من ميزانياتها الوطنية في الزراعة، بعد عشر سنوات من اتفاقية مالابو التي حدّدت هذا الهدف منذ سنة 2014 بسبب المشاكل الهيكَلِيّة التي يواجها القطاع الزراعي في إفريقيا والتي تعرقل تحقيق تنمية مستدامة قادرة على تلبية احتياجات السكان، من ذلك ضعف البنية التحتية التي تزيد من صعوبات نقل وتوزيع المنتجات الزراعية على الأسواق، فضلا عن عدم توازن الإستثمار والتغير المناخي والجفاف وتآكل التّربة والتّصحُّر، وهي عوامل تُخفّض مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وتُؤثِّرُ سلباً على حجم ونوعية الإنتاج الزراعي، كما يحصل في شمال إفريقيا وفي المنطقة المُحيطة بالصّحراء الكُبرى، حيث انخفضت الاستثمارات في شبكات الطرق والسكك الحديدية، مما يُعسِّرُ ربط المناطق الزراعية بالأسواق المحلية والدولية، ولم تستثمر الحكومات أو المصارف أو شركات الأغذية في إقامة مصانع لتحويل الإنتاج الزراعي، قريبًا من مناطق إنتاج الخضار والفواكه والحمضيات ومناطق تربية الحيوانات لتعليب المنتجات الزراعية، وتصنيع الألبان والعصائر، للحفاظ على القيمة المضافة محلياً، وعدم تصدير الإنتاج في شكله الخام... عن رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية ( أ.ف.ب. ) 24 كانون الثاني/يناير و28 شباط/فبراير 2025
الرياضة قطاع اقتصادي مُربح
أنشأ مصرف غولدمان ساكس، أحد أهم المُؤسّسات المالية العالمية – منتصف أيلول/سبتمبر 2023 – وحدة "امتياز رياضي" ضمن قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية التابع له وتعمل هذه الوِحْدَة مع إدارة الأُصُول والثروات، وتجمع وحدة الإمتيار الرياضي بين عمليات الإندماج والإستحواذ الرياضية والتمويل الرياضي ( في البلدان الغنية)، بهدف تشجيع الزبائن الأثرياء للمصرف على الاستثمار في النوادي والملاعب وغيرها من الصفقات ذات العلاقة بالرياضة، ودعا الأثرياء إلى الإستثمار في الرياضة، من خلال امتلاك حصة في نوادي رياضية – لم يذكُرها بيان المصرف آنذاك – وتبيّن فيما بعدُ إن بعض الأثرياء الأمريكيين استجابوا لدعوة المجموعة المصرفية غولدمان ساكس، وإن الرياضات المَعْنية بالإستثمارات تتراوح بين سباق السيارات وكرة القدم، مرورًا بكرة السّلّة الأمريكية، ومن بين النوادي كان نادي تشيلسي وفريق كرة القدم الأمريكي تينيسي تايتنز، ونيويورك ميتس و واشنطن كوماندرز ( اتحاد كرة القدم الأميركي) ونادي فينيكس صنز و لوس أنجلوس كليبرز، وكلاهما ينتمي إلى دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، وتُبرّر المجموعة المصرفية دعوتها بمكانة وشعبية النوادي الرياضية وتملك الفرق الرياضية التي تُشكّل في حدّ ذاتها إشهارًا للأثرياء والشركات المُستثمِرة التي وجب عليها في المُقابل ترميم أو بناء الملاعب، وتعهّدت مؤسسة غولدمان ساكس بتقديم القُروض للزبائن المهتمين بشراء حصة من أسْهُم النوادي الرياضية، مما يُمكّن المصرف من الحصول على المزيد من الإيرادات من الزبائن الحاليين والحصول على حصة أكبر من أعمالهم...
في ألمانيا، قاطرة الإقتصاد الأوروبي، يُشغّل قطاع رياضة كرة القدم المُحترفة ما لا يقلُّ عن 147 ألف شخص بدوام كامل، وتشكل عاملا اقتصاديا هامًّا من خلال ما تُنتجه من القيمة المضافة والضرائب والرسوم، وأنتجت خلال موسم 2023/2024 قيمة مضافة قدرها 14,2 مليار يورو، وساهمت كرة القدم الألمانية المحترفة بـ4,6 مليار يورو (4,8 مليار دولار) في الإيرادات الضريبية للدّولة بارتفاع قدره 25% خلال سِتِّ مواسم، وتتضمن هذه الأرقام إيرادات الضرائب من حقوق البث التليفزيوني والرُّعَاة وَالخَدَمَات التي ترتبط بشكل مباشر بكرة القدم المحترفة، فضلا عن المبيعات والخدمات في قطاعات أخرى لها ارتباط غير مباشر بكرة القدم المحترفة، وكذلك المدن والبلديات التي تستفيد اقتصاديًّا من "البوندسليغا" ( بطولة كرة القدم المحترفة الألمانية) وفق دراسة نشرتها شركة الإستشارات الدّولية "ماكنزي وشركاؤها" ( McKinsey & Company ) يوم السابع عشر من شباط/فبراير 2025.
ألمانيا تجُرُّ أوروبا اقتصاديًّا إلى الخَلْف:
تُشكّل الصناعة أهم نقاط قُوة الإقتصاد الألماني، ولما تَعَثَّر هذا القطاع – فضلا عن التغيرات الجيوسياسية - أصبح اقتصاد ألمانيا يعاني من أزمة عميقة، في سياق تنامي قوة اليمين المُتطرّف الذي عزّز مواقعه خلال انتخابات 23 شباط/فبراير 2025 التي تَصَدَّرَ نتائجها حزب المحافظين ( الإتحاد الدّيمقراطي المسيحي )، ويُشكل ارتفاع عدد الفُقراء أحد مظاهر هذه الأزمة الإقتصادية العميقة، إذ يُقدّر عدد الفُقراء ( بنهاية سنة 2024 ) بأكثر من 13,1 مليون بالإضافة إلى أربعة ملايين آخرين يتهدّدهم الفقر، في أكبر اقتصاد أوروبي، ما يعني إن قُرابة 20 % من المواطنين فُقراء أو على حافة الفقر، معظمهم من النساء والمُعطّلين عن العمل والمُتقاعدين، بحسب الإحصاءات الرسمية، لكن تجاهلت الأحزاب التي شاركت في الإنتخابات موضوع اتساع مُستوى التّفاوت في الثروة، وارتفاع مستوى الفَقْر والعمل الهش وانخفاض معاشات التّقاعد، فيما تسيطر مسألتا الأمن والهجرة ( مع ربط الهجرة بانعدام الأمن المزعوم) على مسار الحملة الإنتخابية في ألمانيا وفي جل بلدان الإتحاد الأوروبي، بل قادت بعض الأحزاب اليمينية ( "المُعْتَدِلَة" والمُتطرّفة) حملة ضد الفقراء، باعتبار الفقر "قدرا شخصيا لا يجب الأخذ به في أي قوانين"، واتّجهت السياسات الرّسمية نحو مُحاربة الفُقراء من خلال إلغاء المُساعدات الإجتماعية وإلغاء إعادة دَمْج العاطلين في الحياة الإقتصادية، باسم "مُحارَبَة الفَقْر"...
ساهم تراجع قطاع الصناعة والصادرات والتغيرات الجيوسياسية في انكماش اقتصاد ألمانيا وتراجُعِهِ بنسبة 0,2% وسَجّلَ قطاع التصنيع عجزًا بنسبة 0,6% سنة 2024 وفق بيانات وكالة الإحصاءات الاتحادية، وكتبت صحيفة "تاغس شبيغل" الصادرة في برلين (27 شباط/فبراير 2025) إن القثطاع الصناعي يُعاني تعثُّرًا غير مسبوق اعتمادًا على إعلان بعض الشركات الألمانية عن خطط لتسريح الموظفين، مثل شركة فولكس فاغن لصناعة السيارات التي أعلنت (كانون الأول/ديسمبر 2024) إلغاء 25 ألف وظيفة بين 2025 و 2030، وسبق أن أعلنت مجموعة بوش، أكبر مورّد لمعدات السيارات في العالم، عن حذف عشرة آلاف وظيفة في ألمانيا، وأعلنت شركة تيسنكروب إلغاء إحدى عَشَر ألف وظيفة وشركة كونتيننتال عن إلغاء خمسة آلاف وظيفة و "زد إف " إلغاء 14 ألف وظيفة وشركة فورد لصناعة السيارات إلغاء قرابة ثلاثة آلاف وظيفة في فرعها الألْماني، وتتوقع الشركات الألمانية الاستمرار في تقليص عدد الوظائف، وفق مؤشر التوظيف الذي نشره معهد "إيفو" (ميونيخ) يوم الأربعاء 26 شباط/فبراير 2025، وأدّت هذه الإعلانات إلى انخفاض قيمة أسهم جميع شركات السيارات الألمانية، فيما ارتفعت أَسْهُم شركة صناعة الأسلحة راينميتال بنسبة 116% ومصنّع محركات الطائرات "إم.تي أو آيرو" بزيادة قدرها 66%، بسبب ارتفاع الانفاق الحَرْبِي المرتبط بالحرب في أوكرانيا (أرقام يوم الجمعة 28 شباط/فبراير 2025)...
تعود أسباب هذه الأزمة إلى التّحدّيات التي اعترضت اقتصاد ألمانيا، خلال السنوات الأخيرة، وأهمّها، زيادة تكاليف الطاقة بعد انقطاع الطاقة الرخيصة القادمة من روسيا ( بقرار أمريكي)، واهتراء البُنية التّحتية، من جسور وطرقات وسكك حديدية وما إلى ذلك، وعدم مواكبة الصناعة الألمانية للتقنيات الجديدة، وفق موقع "في.دي.إير" الألماني بتاريخ 14 شباط/فبراير 2025 ، وكانت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لألمانيا سنة 2024، لكن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تُثير مخاوف الشركات الألمانية وفق وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ 27شباط/فبراير 2025)، وقبل الإنتخابات علقت صحيفة "فايننشال تايمز" (21 شباط/فبراير 2025) "تجري الانتخابات الألمانية في جو من القلق الشديد بشأن المخاطر التي تلوح في الأفق على الأمن والديمقراطية الليبرالية والرفاهية الاقتصادية في ألمانيا، خصوصًا في ظل تَحَوُّل الولايات المتحدة من حليف لفترة ثمانية عُقُود إلى خصم يُعَرْقل نُمُوّ وتعافي اقتصاد ألمانيا"، وفي سياق هذه الأزمة، أعلن المصرف المركزي الألماني "بوندسبنك" ( 26 شباط/فبراير 2025) خسارة تاريخية بقيمة 19,2 مليار يورو سنة 2024 وهي خسارة غير مسبوقة منذ سنة 1979، بسبب سياسة سعر الفائدة التي اتبعها المصرف المركزي الأوروبي، ويُتَوَقَّعُ أن تشكل السياسة المالية واحدة من التحديات الرئيسية للتحالف الحكومي الجديد.
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟