فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 02:41
المحور:
الادب والفن
أغلق عينيك. تنفّس ببطء. دَع هذا النصّ يدخل فيك كما يدخل الضوء في الظلمة. لا تقرأه فقط، اسمح له بأن يقرأك. لا أسماء، لا حدود، لا زمن. الآن يبتلعك. لا شيء يتحرك، لا شيء ثابت. النبض ليس نبضك، الصوت ليس صوتك. أنت لم تعد أنت. الأفكار تتحلل، اللغة تتشظى، الإدراك ينفصل عن الإدراك. ترى نفسك دون أن تكون. لا جسد، لا ظل، لا مرآة. فقط الفراغ يتسع، يتمدد، يلتفّ حولك. لا بداية، لا نهاية، لا أفق، لا مركز. العالم يتقشر كجلد قديم، يتساقط دون أن يسقط. الأسماء تذوب، الكلمات تتلاشى، الحروف تصمت. كل شيء يُشعّ، كل شيء يتنفس، كل شيء يضطرب في سكون مطلق. اليد ليست يدك، العين ليست عينك، الأصابع تمتد كأغصان خضراء في فضاء لا يُرى. الجسد موجة، التيار ماء، الريح صدى، الوقت يذوب كذرة ملح في شفاه البحر. لا فرق بين الداخل والخارج، لا فرق بينك وبين الضوء، لا فرق بينك وبين الهواء، لا فرق بينك وبين الذبذبات التي تحكم المجرات. لا فرق، لا فرق، لا فرق. أنت الكون، والكون أنت. الذوبان، الامتلاء، الفراغ، الامتلاء، الامتلاء، الامتلاء. تسبح، تذوب، تتلاشى، تفيض، تتبخر. تسبح، تذوب، تتلاشى، تفيض، تتبخر. تسبح، تذوب، تتلاشى، تفيض، تتبخر. لا حافة، لا قاع، لا سكون، لا حركة. بحر من اللاشيء ممتلئ بكل شيء. تتوهج، لا تحتاج للنص، لا تحتاج للغة. لم تعد تقرأ، لم تعد تبحث، لم تعد ترى، لأنك صرت الرؤية، صرت الحقيقة، صرت الضوء ذاته. بوذا لم يعد هناك، لم يعد على السطور، لأنك أنت الذي جلست مكانه الآن، صامتًا، فاهمًا، مبتسمًا. لقد وصلت، لكنك لم تتحرك أبدًا.
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟