أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقالية














المزيد.....


نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقالية


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8281 - 2025 / 3 / 14 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-2-

إبراهيم اليوسف
إن الإصرار على تسمية الدولة "الجمهورية العربية السورية" يتجاهل الواقع التعددي لسوريا، حيث تضم البلاد قوميات مختلفة مثل الكرد والسريان والآشوريين والأرمن وغيرهم. إن هذه التسمية تكرس سياسة القومية الواحدة التي مارستها الأنظمة السابقة، متجاهلةً حقوق المكونات غير العربية. وفقًا لمبادئ القانون الدولي، يجب أن تعكس هوية الدولة جميع مكوناتها، وليس مكونًا واحدًا على حساب الآخرين، وذلك انسجامًا مع العهود والمواثيق الدولية التي تؤكد حق الشعوب في الاعتراف بلغاتها وهوياتها الأصلية.
إذ لم يتناول الإعلان الدستوري المقترح وضع الشعب الكردي كأحد المكونات الأصيلة في البلاد، ولم ينص على ضمان حقوقه القومية والسياسية والثقافية. تجاهل الإقرار الدستوري بحقوق الكرد يعيد إنتاج السياسات التمييزية التي مورست ضدهم منذ عقود، والتي شملت سياسات التعريب، والإقصاء من المناصب، والحرمان من الجنسية في بعض المراحل التاريخية. إن الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية الصادر عن الأمم المتحدة يشدد على ضرورة حماية حقوق هذه الشعوب، بما يشمل الاعتراف بلغتها وثقافتها وحقها في الحكم الذاتي ضمن إطار الدولة.
ورغم أن الإعلان الدستوري يشير إلى حرية الدين والمعتقد، إلا أنه يصرّ على أن الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع. هذا البند قد يخلق تمييزًا ضد الأديان الأخرى، خاصة الأقليات مثل الإيزيديين والمسيحيين والدروز. إن الدولة يجب أن تكون محايدة تجاه جميع المعتقدات، ويجب أن ينعكس ذلك في الدستور عبر ضمان مبدأ العلمانية التي تفصل بين الدين والتشريع، بحيث لا تُفرض أحكام دينية على غير المسلمين أو على من لا يلتزمون بها. إن الحياد الديني للدولة هو أساس المواطنة المتساوية ويمنع التمييز.
كما لم يرد في الإعلان الدستوري التزام واضح بمبدأ المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، ما يفتح المجال أمام استمرار قوانين الأحوال الشخصية التي تعزز التمييز ضد النساء. إن أي دستور ديمقراطي حديث يجب أن يضمن حقوق المرأة بوضوح، مع الإشارة إلى المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، وتجريم أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي كافة. يجب أيضًا تعديل القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية لضمان استقلالية المرأة القانونية، ومنحها حقوقًا متساوية في الزواج والطلاق والميراث والجنسية، بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سوريا مثل اتفاقية "سيداو".

وفيما يخص إبقاء قوانين الأحوال الشخصية خاضعة للطوائف الدينية يعني تكريس انقسامات قانونية بين المواطنين، ويؤدي إلى استمرار انتهاك حقوق النساء والأفراد غير المنتمين إلى الأديان المعترف بها رسميًا. الحل العادل هو اعتماد قانون مدني موحد للأحوال الشخصية يضمن المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية. هذا القانون يجب أن يرتكز على مبادئ حقوق الإنسان العالمية، وليس على قواعد فقهية تختلف بين طائفة وأخرى، مما يجعل المواطنين غير متساوين أمام القانون.
كذلك، لم يوضح الإعلان الدستوري كيفية ضمان تمثيل عادل لجميع المكونات السورية في مجلس الشعب، ما قد يؤدي إلى استمرار الهيمنة الأحادية على السلطة التشريعية. يجب أن يتضمن الدستور نظامًا انتخابيًا يضمن التمثيل العادل لكل القوميات والأديان، من خلال نظام الكوتا أو التمثيل النسبي، بحيث لا تستأثر أي جهة بالسلطة التشريعية. كذلك، فإن اقتراح النظام البرلماني يحتاج إلى آليات تحول دون تكرار الاستبداد عبر سيطرة حزب واحد على البرلمان، ويجب أن تكون هناك ضمانات لحماية التعددية السياسية. الإعلان الدستوري المقترح يعاني من ثغرات قانونية خطيرة تهدد مبادئ العدالة والمساواة، إذ يفتقر إلى أي ضمانات واضحة تحول دون تكرار السياسات القمعية السابقة بحق الأقليات، كما أنه يتجاهل حق تقرير المصير للشعوب الأصلية، رغم كونه حقًا تكفله المواثيق الدولية. إضافة إلى ذلك، لا يتضمن آليات فعالة تمنع التمييز القومي والديني داخل مؤسسات الدولة، بل يعزز توجهًا إقصائيًا من خلال الإبقاء على مرجعية "الوحدة العربية" كمبدأ دستوري، مما يتناقض مع الهوية التعددية لسوريا. كما يغفل النص عن الإشارة إلى حقوق اللاجئين والمهجرين قسرًا، ويفشل في تقديم ضمانات واضحة تكفل عودتهم الآمنة إلى مناطقهم الأصلية، وهو ما يعمّق من مظاهر الظلم والانتهاك بحق فئات واسعة من المجتمع السوري..
إن الإعلان الدستوري المقترح لا يعكس تطلعات جميع مكونات الشعب السوري، بل يستمر في تكريس سياسات الإقصاء والتهميش. لا يمكن لسوريا المستقبل أن تُبنى على نهج أحادي يكرس الامتيازات لمكون دون آخر، بل يجب أن تقوم على مبادئ الديمقراطية الحقيقية، والاعتراف بالتعدد القومي والديني، وضمان المساواة التامة بين جميع المواطنين. إن أي دستور مستقبلي لسوريا يجب أن يكون نتاج توافق وطني حقيقي، يضمن حقوق الجميع، ويحمي الهوية التعددية للبلاد دون تمييز أو إقصاء.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصار الساحل السوري موت بطيء تحت الحصار لمن نجوا من القتل الج ...
- قراءة نقدية قانونية للدستور الجديد: إشكاليات التمييز والهوية ...
- السيد الرئيس الشرع: لا أوافق على دستورك ورئاستك بهذه الصيغة!
- مذابح الساحل السوري: توثيق الجريمة وفضح رعاة القتلة
- إبراهيم محمود عن شهداء الانتفاضة: اعذروني لن أكتب عنكم
- اتفاقية- الأمر الواقع- ما لها وما عليها.
- حجر أساس لبناء الجمهورية السورية في انتظار استكمال العمارة ا ...
- الروح الكردية: تسامح لا يندم عليه، وأعداء متجددون!
- -تفليل- العلويين ونفاق الإعلام العربي!
- عين الكروم جارة العاصي المجيد
- ثقافة الثأر في سوريا: تهديد للسلام والمستقبل وضرورة محاكمة ا ...
- خالد كمال درويش: والآن، من يستقبلنا بابتسامته الملازمة!
- وباء التحريض: ديناميكية الخسَّة وصناعة الانحطاط
- في العنف والعنف المضاد أو ثقافة العبث وجذور العنصرية القديمة
- من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح
- الالتفاف على القضية الكردية في سوريا الجديدة: إعادة إنتاج ال ...
- تشويه صورة الأقليات في سوريا: وهم الأكثرية وصناعة الإقصاء
- تشويه الصورة المصطنعة ل- الأقليات- في سوريا: وهم الأكثرية وص ...
- الكرد في سوريا بين الإقصاء الممنهج ووعود الخداع
- أول رمضان سوري دون حكم البعث والأسد


المزيد.....




- فيديو يُظهر نائب الرئيس الأمريكي يتعرض لصيحات استهجان في حفل ...
- حماس تُعلن استعدادها للإفراج عن رهينة أمريكي-إسرائيلي وجثث أ ...
- تفاعل واسع على مواقع التواصل بـ -قطايف- سامح حسين
- مصارع مصري يدخل موسوعة -غينيس- بعد أن سحب بأسنانه قطارا يزن ...
- فيضانات وسيول في بوليفيا تؤدي إلى تدمير المنازل والمحاصيل وا ...
- -هولي-... مهرجان الألوان الهندوسي يجذب الملايين
- لأول مرة.. وفد ديني درزي من سوريا في إسرائيل
- وزير الخارجية السوري يصل إلى بغداد في زيارة رسمية
- وزير عراقي يروي تفاصيل عملية لاغتيال صدام حسين كان طرفا فيها ...
- أوكرانيا تعلن -بدء تشكيل فريق لمراقبة وقف إطلاق النار-


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقالية