أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 8281 - 2025 / 3 / 14 - 04:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في هذه المرحلة من تطور المسألة السورية فإن اقصي ما نتمناه لسوريا - موضوعيا - هو عدم تقسيمها وبقاءها دولة موحدة ... لا أحد - واقعيا - يطلب او يتمني أكثر من ذلك الآن ... أو في المدي المنظور ...
واذا خرجت سوريا من هذه المحنة شديدة القسوة موحدة فيمكن في مرحلة تالية التفاوض مع الامريكيين والاسرائيليين والاتراك حول الانسحاب من الأراضي السورية المحتلة بواسطة الدول الثلاث ...
أما نظام الحكم الداخلي في سوريا ، وبرغم الاختلاف العميق مع المجموعات التي استلمت السلطة في دمشق فإن ذلك - في النهاية - شأن سوري داخلي ، سوف يخضع لتفاعلات الداخل السوري ، ودرجة تطوره فكريا وسياسيا ، وهي مسيرة مضنية لابد فيما يبدو من قطعها ، وتجربة لابد من خوضها ، حتي تأخذ الدول والشعوب مناعة منها ... سواء لها ولغيرها ...
ويبدو - كما اثبتت تجارب عديدة حولنا - أنه لا يمكن اختصار مراحل التطور ، وأنه لابد من المرور بالعصور الوسطي أولا قبل الوصول الي العصور الحديثة ...
وربما كل ما نأمله ألا تطول إقامة العصور الوسطي بيننا ، فقد استمرت في التجربة الأوربية ألف عام من الظلام ، قبل ان تنسحب جحافل الظلام امام بشائر عصر الأنوار ...
الأمل أن تكون مجرد سنوات وان طالت ، او حتي عقود قليلة ، ثم تشرق الشمس بعد ظلام الليل الطويل ...
ولمن يري ان تلك التنظيمات والفصائل لن تترك سوريا الا وهي جثة هامدة ــ وبرغم ان ذلك الرأي له أسبابه الوجيهة ــ الا أن ما يحد من خطورته وتأثيره ان فصائل الاسلام السياسي ليست اللاعب الوحيد علي الساحة ، ولا حتي اللاعب الأقوي ، بالإضافة الي أن منطق العصر الحديث سيفرض نفسه في النهاية ، مهما كابرت وعاندت تنظيمات هاربة من جوف العصور الوسطي تحاول أن توقف الزمن وأن تجمد حركته ...
ومن زاويتنا نحن في مصر فإن ابتعاد خطر هذه الجماعات والتنظيمات عنا هو الخبر الجيد الوحيد في هذه المأساة التي تقف وراءها قوي عظمي ، ولولاها لما كان لهؤلاء مكان بيننا اليوم ، ولا كان لهم تأثير يذكر علي الدول الحديثة ، فضلا عن حكمها !!
لكن ماذا نفعل وهذا هو منطق العصر الذي نعيشه ... ومنطق الاقوياء فيه ...
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟