دعوة اوربية لإنشاء جيش اوربي موحد لمحاربة الجيش المغربي

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خلفت دعوة لأميرال اسباني متقاعد ، لانشاء جيش اوربي موحد لمواجهة الجيش الملكي ، ردود فعل لذا بعض اليوتوبرز المغاربة المتواجدين كلاجئين بالديار الاسبانية ، حيث اولوها من الاهتمام الزائد عن المألوف ، ما رتبها بالتهديد المباشر لجيوش الاتحاد الأوربي في مواجهة الجيش الملكي .. لكن العارفين الاوربيين والمتخصصين ، لم يولوها من الاهتمام حتى ادنى ما تستحق اذا كانت حقا تهديدا فعليا للجيش الملكي ، وهو الجيش الذي لاق من الصعاب ما سجلته الحرب الضروس التي دارت بين الجيش الملكي وبين الجيش الصحراوي ، طيلة ستة عشر سنة من الحرب ، التي عرفتها حرب الصحراء الغربية ، قبل الوصول الى ابرام اتفاق 1991 بين الدولة المغربية ، وبين جبهة البوليساريو التي اعترفت بها الأمم المتحدة كممثل شرعي وحيد للشعب الصحراوي ، التي اعترفت به الأمم المتحدة عند إصدارها للقرار 34/37 ، الذي كان جوابا على دخول الجيش الملكي الى وادي الذهب بالقوة . فاعتراف الأمم المتحدة بتمثيلية جبهة البوليساريو التي اعتبرتها بمثابة حركة تحرير ، واعترفت بالجيش الصحراوي وبالشعب الصحراوي ، سبقت اعتراف الملك محمد السادس بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، واصدر ظهيرا وقعه بخط يده بقر فيه بهذا الاعتراف الذي أصدره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد 6539 / يناير 2017 .. فالملك اعترف بالدولة الصحراوية ، ولن يقتصر الاعتراف فقط على التمثيلية ، او على الشعب الصحراوي ، او الاعتراف بجيش التحرير الشعبي الصحراوي .. فالترتيبات القانونية والسياسية على هذه الاعتراف الملكي ، وقبله اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة ، قد غيرت من الاستحقاقات التي اصبح عليها وضع الصحراء ، لا سيما وان احد اطراف الصراع ، موريتانية تنازلت عن إقليم وادي الذهب ، واعتبرت ان اية قوة غير قوة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية ، هي قوة مخالفة للقانون الدولي ، لكنها هي لا تزال تحتل الگويرة ، التي احتفظت بها بعد خروجها من وادي الذهب ، والمشكل الذي زاد تعقيدا لنزاع الصحراء ، بقاء ثلث الأراضي المسماة بالعازلة خارج إدارة أي دولة من دول الصراع ، بل انها لا تخضع حتى للأمم المتحدة التي من المفروض ان تباشر مسؤوليتها التي يحددها القانون الدولي بالنسبة للأراضي العازلة ..
فهذا الوضع المضطرب ، الذي زاده اعتراف النظام المغربي بالدولة الصحراوية ، قد جعل مصير الصحراء محتما بالاستقلال ، ان لم يتدخل الرئيس الأمريكي ويتخذ قرارا بحل المشكل بما يرضي اطراف النزاع ، والذي سيكون الرجوع الى اتفاقية مدريد بصيغة أخرى .. والحل سيكون مع الملك الحسن الثالث الذي تنتظره اوراش كثيرة ، على راسها ورش الديمقراطية ودولة الحق والقانون ..
فهل حقا ان الجيش الملكي الذي واجه صعابا اثناء حرب الصحراء التي دامت ستة عشر سنة ، يهدد الدولة الاسبانية ، ويهدد جيشها الذي يرتعد من الجيش الملكي ، واتفاق سنة 1991 ، تم توقيعه بإيعاز من الملك الحسن الثاني الذي كان نظامه مهدد بحرب الصحراء ..
وهل لمواجهة الجيش الملكي المغربي ، يلزم اسبانية الاوربية ، الاستعانة بالجيوش الاوربية لردع أي تهديد من الجيش الملكي ، إزاء مليلية وسبتة والجزر الجعفرية ..
مؤخرا تم ترويج اخبار وهي مؤكدة ، عن تحضير الملك الاسباني لزيارة لمليلة او لسبتة ، وهي زيارة ستكون ذات طابع سياسي اكثر منه اقتصادي .. وتم الترويج في نفس الآن لغضب القصر الملكي المغربي من هذه الزيارة لملك اسبانية ، التي تعتبرها تحديا للملك محمد السادس الذي سبق وان نسج علاقات مع ملك اسبانية ، تكون قد ( تدهورت ) مؤخرا بسبب المشاكل الفارضة نفسها على العلاقات بين الدولتين .. ولا اعتقد ان هذا الاختلاف بين الملكين قد حصل ، لان ملك اسبانية يحتفظ بدور رمزي في النظام الاسبانية ، وان من يحكم هي أحزاب الحكومة التي فازت في الانتخابات .. وان كان هذا الحال ليس مطلقا ، لان لملك اسبانية سلطات دستورية خاصة ، خاصة في حقل الاتفاقيات الدولية ، وحقل الدبلوماسية ، ووحدة الاتحاد الاسباني ، وإعلان قرار الحرب .. وهي سلطات لا يعترف بها الدستور الذي له مكانة خاصة في النظام السياسي الاسباني ، بل هي من أمور السيادة التي تقررها التقاليد والطقوس الاسبانية التي تحافظ عليها دولة او حكومة الظل ، التي تتحكم بصفة غير مباشرة بالحكومة المنتخبة التي لا يمكنها ان تخرج عن اطار قيم السلطات الاسبانية ، التي تسمو حتى على الدستور المستفتي عليه من قبل الشعب الاسباني . فأكيد يمكن توقع ، وأقول توقع حصول ما يسمى بسوء الفهم بين الملكين ، دون ان يصل الامر الى حد الصراع الذي يوظف الملك فيه الحكومة الاسبانية التي انتخبها الشعب ، ومنها تحميل الشعب الاسباني نتائج أي خلاف يصبح خلافا بين الدولتين ، وليس بين الملكين .. المفروض انهما يخضعان لدستور ، ويخضعان للأعراف والتقاليد والطقوس التي تسمو عن الدستور . ففي اسبانية رغم ظهورها اللائيكي ، فللكنيسة وللجيش وللمحكمة العليا .. كلمتهم الفصل .. وفي المغرب فرغم ان الدستور مستفتي عليه من قبل الشعب ، فالدستور يوجد في مرتبة ادنى مع عقد البيعة ومن الامارة ومن الامامة ..
لكن هل وصلت زيارة ملك اسبانية الى مليلية وسبتة ، الى درجة تأزيم العلاقة مع ملك المغرب ، خاصة ومثل ملك اسبانية يتحمل الملك المغربي وبمقتضى الدستور ضمان وحدة الدولة المغربية ، ويتحملها كخليفة من سلاسة النبي محمد .. فلكلا الملكين سندهما القيمي والطقوسي / كنيسة / مسجد / ، ولكلاهما سنده في الذود عن التراب الوطني ..
ان ما يجهله العامة ، خاصة التي فاضت في شرح دعوة اسبانية في انشاء جيش أوروبي لمجابهة تهديدات الجيش الملكي المغربي ، ان سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، هي أراضي تسيطر عليها اسبانية بالقارة الافريقية ، ولا تتواجدان بالقارة الاوربية . لكن ورغم هذا الوضع المفهوم ، فان سبتة ومليلية والجزر ليست أراضي اسبانية ، بل قبل ان تكون أراضي اسبانية ، هي أراضي اوربية ، لأنها تخضع لاتفاق Schengen ، مما يجعل الدفاع عنها دفاعا اوربيا قبل ان يكون اسبانيا .. كما ان انتماءها الى فضاء Schengen ، يجعلها تحت المظلة النووية والهيدروجينية الأطلسية ، أي حلف " الناتو " NATO .. وهذه الحقيقة التي يدركها ضباط الجيش المغربي ، تستبعد اية مغامرة حمقاء للدخول عسكريا الى مجال يعود الى NATO أصلا ، هذا من دون تجاهلنا للجيش الاسباني الذي يعد من حيث جيش البر ، ومن حيث التكنولوجيا وأدوات اللوجيستيك ، احسن من عديد من جيوش NATO كفرنسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا ... الخ .. واسبانيا المدركة بهذه الحقيقة ، تجعلها تستبعد اية مغامرة حمقاء من قبيل مغامرة جزيرة " ليلى " ، التي الحقت إهانة شخصية بشخص محمد السادس كقائد دستوري للجيش الملكي المغربي .. هذا ما جناه عليه (صديقه )المخلص المدعو فؤاد عالي الهمة ..
ان من حق ملك اسبانية ان يزور سبتة ومليلية ويزور الجزر ، والقصر المغربي ليس من حقه الاحتجاج ، لأنه وبمعية Pedro Sanchez الذي ومن داخل القصر الملكي ، ذكر باسبانية سبتة مليلية ، ولم يصدر رد فعل عن الملك ، ولا عن (صديقه) الهمة ، ولا عن حكومة الملك ، ولا عن حزب من الأحزاب الملكية .. وكل الأحزاب ملكية من دون استثناء ..
فكيف بعد هذا التسليم باسبانية المدينتين ، سيقوم النظام بالاحتجاج على زيارة ملك اسبانيا ، او زيارة رئيس الحكومة الاسبانية ، او زيارة الجيش ببوارجه العسكرية الخطيرة ..
فدخول المدينتين تحت نظام Schengen ، هو اعتراف من كل دول الاتحاد الأوربي ، ومن قبل كندا والولايات المتحدة الامريكية ، بإسبانية المدينتين .. وهو ما يجعل الدفاع عنهما مهمة ومسؤولية الحلف الأطلسي والاتحاد الأوربي .. وقد سبق لوزير الخارجية الفرنسي السابق Jean – Yves le Drian ان أجاب صراحة عن سؤال طرحه احد الصحفيين الفرنسيين ، عندما كانت العلاقات قد تأزمت بين الرباط ومدريد ، حين سأله عن التموضع الفرنسي في حال اندلاع حرب بين المغرب واسبانيا ، انْ قال .. سنكون مع اسبانيا .. وهذا يذكرنا بنزاع " المالوين " " الفلوكاند " بين بريطانيا والأرجنتين عندما وقف الحلف الأطلسي مع بريطانيا ضد الارجنتين .. ووقفت واشنطن صديقة جنرالات الارجنتين ضد الارجنتين ..
اذن . هل كل ما نعق حمار ، نكون مجبرين على مده بالشعير ؟ .. فهل الدفاع عن سبتة ومليلية يلزم انشاء جيش اوربي لمواجهة الجيش الملكي .. ؟ .. لحسن الحظ ان الدعوة لاقت الإهمال من المختصين ، ولم يولوها أهمية .. والا لكان الهدف هو النيل من الجيش الاسباني ، ومن الحلف الأطلسي ، بسمو الجيش الأوربي عليهم .. فهل الاوربيون حمقى حتى ينشؤوا جيشا اوربيا لمحاربة الجيش الملكي ، بدعوى الدفاع عن سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، المهددين باجتياح الجيش الملكي .. ؟ .. بل حتى محاربة الإرهاب ، لا تلزم تكوين جيوش اوربية لمحاربته ، لان التنسيق بين الأجهزة البوليسية الاوربية ، كافي لمواجهة الظاهرة .. ونجح في محاربة الآفة ، دون مساعدة ( عبداللطيف الحموشي ) المختص في الخلايا النائمة والغير النائمة ..
المغرب لن يدخل ولن يجرأ بدخول جيشه فاتحا او غازيا او محررا الى سبتة ومليلية .. لان المغرب ليس بالأحمق ، الذي سيعيد مهزلة جزيرة " ليلى " التي كانت درسا له ، ودرسا ل ( صديق ) الملك المدعو فؤاد عالي الهمة .. ولنفرض جدلا انه دخل عسكريا الى المدينتين ، فهنا سيكون سبب هلاكه عن اخره .. فهل يقدر الجيش الملكي على حلف NATO ، وهل يقدر على الجيش الاسباني الذي أعطاه درسا في جزيرة " ليلى " .. ان نشوب حرب بين الجيشين ، على سبيل الافتراض ، يعني ان رئيس الوزراء الاسباني سيشرب La bière Brune في الرباط ، والملك سيشرب La bière Blonde في مراكش ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات