هل يكفي أننا اصحاب حضارة عريقه؟

اكرام نجم

الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بلا شك ان اقدم حضارات الشرق هما حضارتي وادي الرافدين وووادي النيل ، فتلك الحضارتين قدمت للعالم إنجازات عظيمه وعلمت العالم الطب والفلك والهندسه والكتابه ومعظم العلوم التي كان لها الفضل على كل العلوم الحديثه التي تخدم البشرية فقد نهلت من تلك الحضارتين ، والشعوب التي تبني حضارات كتلك لاتموت نعم قد تتعرض لنكبات ونكسات ولكنها تنهض من جديد
اسرد تلك المقدمه وأنا ارى ما يحدث للشعوب صاحبة تلك الحضارات ، فالعراق مثلا غرق منذ احتلاله من قبل أمريكا عام 2003 إلى الآن في الفوضى والصراعات والفساد والخراب الذي خلفته أمريكا منذ دخولها العراق في ذلك التاريخ فضلا عن تدميرها لكل قيم نبيلة للإنسان العراقي ونفذت ومازالت تنفذ خطتها في القضاء على العراق وتحويله لمستعمرة أمريكية تفعل به ما تشاء وتنهب خيراته وتحوله إلى بلد مستهلك وغير منتج كما هو الحال في دول الخليج، وبالرغم من مناهضة ذلك من قبل فئة قليلة من العراقيين إلا ان الأمر ظل على ماهو عليه وكانت أمريكا بمن ولتهم على شؤون العراق تأتي في كل مرة بطرق جديدة لإشغال الشعب العراقي عن مكافحة الفساد والفوضى وبناء الخراب الذي خلفته منذ دخولها العراق
بلا شك ان هناك أسباب عديدة أهمها غياب قيادة عراقيه وطنيه انتماءها مطلق للعراق ، تعمل على أعاده بناء التخريب والدمار الذي لحق بالعراق خاصه وان العراق بلدا غنيا ولديه الكثير من الموارد ، ولا داعي للدخول في تفاصيل كل ما فعلته الحكومات المتتالية الفاسدة في العراق لان كل ذلك بات معروف وواضح للجميع إلا انه وللأسف فان الشعب العراقي الذي بنى واحدة من اهم وأكبر وأغنى حضارات العالم اصبح شعبا مهمشا خانعا خائفا من بطش تلك الحكومات التي قادت ومازالت هذا الشعب بالترهيب والتخويف على أيدي عصابات مسلحة ، الأمر الذي أجهض محاولة القيام بثورة ضد الفساد على أيدي تلك العصابات بفئة
وإذا نظرنا إلى بلد كمصر أسس حضارة عظيمه كحضارة وادي الرافدين في العراق فسوف نرى الفرق الكبير بين شعبه والشعب العراقي ، فمصر ظلت تحت حكم الاستبداد على يد حسني مبارك لأكثر من ربع قرن وظل شعبها يعاني الفقر والظلم إلا ان شعبها استطاع ان يشعل ثوره من خلال وساءل التواصل الاجتماعي وأطاح بنظام حسني مبارك وعندما حاولت جماعة الاخوان المسلمين نشر الأرهاب وواد الثورة وقف لها الشعب بالمرصاد وحماها وها نحن نشاهد اليوم التغييرات الكبيرة التي تشهدها مصر في مختلف مرافق الحياة على الرغم من ان مصر تعيش على القروض الدوليه وتعاني من ديون دولية كبيرة جدا وأنها لاتمتلك ربع الموارد التي يمتلكها العراق إلا أنها استطاعت ان تعيد ترميم البلد من الخراب الاقتصادي والعمراني الذي خلفه حكم مبارك ، ومن يقف وراء هذا هو شعب مصر الذي يمتلك ولاء مطلقا لمصر وليس لغيرها ، واعتزاز الشعب المصري الكبير ببلده وكل شيء فيه ، فضلا عن وطنية الحاكم الذي يحكمها ووطنية وولاء الجيش المصري لمصر ، ومع كل هذا قدم الشعب المصري تضحيات كبيرة من اجل الثورة وحمايتها ، كما لعب الإعلام المصري بكل قنواته دورا هاما ومميزا في التوعيه، وتاكيد الحب والولاء المطلقين لمصر الأمر الذي انعكس على جميع مفاصل المجتمع المصري الذي قدم ومازال صورا راءعا لتكاتف شعبه وعطاءه وحبه ودفاعه عن بلده ، وهذا يعطينا صوره واقعيه وحقيقيه عن ان الشعوب التي تبني حضارات عملاقه تتغلب على كل الصعاب وتقف من جديد في مواجهة التحديات وتثبت للعالم أنها حضارة قوية وخالده وتستمر في تقديم الإنجازات لشعوبها وللعالم
اماً في العراق ، فالعراقيون لم ينجزوا أي شيء لبلدهم ومجتمعهم منذ ربع قرن ، وقد سمحوا للقوى الغوغائية ولامريكا ان تحتلهم بحجة غياب الديمقراطية وتحرير العراق من نظام الحزب الواحد ، وكل ما فعلوه هم السماح لتلك القوى بسرقة أموالهم وقتل أحبتهم وزرع الحقد والكره في نفوسهم تجاه أبناء وطنهم وإغراق العراق بالفساد الإداري والأخلاقي والعنف والفوضى الأمر الذي فسح المجال لقوى ظلامية ان تتحكم في مصيرهم ، وكل ما فعلوه هو مباهاتهم بحضارة وادي الرافدين التي تمتد إلى سبعة آلاف سنة دون الاستفادة من الإنجازات العظيمة التي قدمتها تلك الحضارة للعراق والعالم
قد يتشدق البعض بانه لا يمكن مقارنة العراق بمصر ، وأنا أقول بل ممكن لان مصر هي اقرب دولة عربية شبيهه ظروفها بظروف العراق باستثناء أنها لم تختل من قبل امريكا ، ما أريد قوله هنا ان الشعوب الحيه تريد ان تبني دولها ومجتمعاتها نحو التقدم تتعلم من تجارب الدول الأخرى وتاخذ ما ينفعها ولا تقلد بشكل اعمى بدون اية نتائج إيجابية تعود بالنفع على بلدانها ، والكفاءات العراقية المنتشرة في اصقاع العالم المختلفة والقليلة التي مازالت في العراق مع كل الموارد الكثيرة التي يمتلكها العراق باستطاعتها ان تعيد بناء العراق وتسير به الى مستقبل افضل
وللحديث بقيه

#اكرام_نجم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات