|
تشكل القيم عند المثقف الشرق اوسطي
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 20:00
المحور:
قضايا ثقافية
تكاد معظم الاساطير التي وصلتنا عن بداية خلق البشر انها تمت وفق مخطط ومن صلصال مجبول بدم الالهة ومن روحها اعطي النفس-الحياة-، ان التسليم بتنوع الحياة يقتضي ان يكون هناك تطور وخلق وإعادة خلق وعلاقات جديدة وان الفوارق تكون في القدرة العقلية، والتأويل سجل مكتوب منذ الازل وعلينا ان نعيد الوحدة بين اللغة والمجتمع ونحن نعلم ان أكثر الأشياء مراوغة هي اللغة. تتشكل القيم عند المثقف التي تمثل مجموعة من المبادئ التي يستند إليها في تكوين رؤيته للعالم والتي من خلالها يؤطر مفاهيمه الفكرية، ترتكز على تراثه الثقافي والذي يعمل على فهمه وتطويره لصنع هوية ثقافية تمثل جزءًا أساسيًا من قيمة الروحية، القيم الأخرى مثل العدالة، الحرية، والمساواة تلعب دورًا محوريًا في توجيه تفكير المثقف وأبداعه، وتعزز من التزامه بالمبادئ الإنسانية. من الخصائص القيمية للمثقف انه يمتلك القدرة على نقد الأفكار السائدة والممارسات الاجتماعية المتخلفة هذا النقد هو جزء من القيمة العقلية التي تساعده في تطوير أفكاره والانفتاح على الثقافات والأفكار الأخرى وتعزز من قدرة المثقف على التفاعل مع العالم بشكل إيجابي وفعال .السعي المستمر نحو المعرفة والتعلم هو قيمة عقلية مهمة ،المثقف يسعى لتوسيع آفاقه الفكرية ويشعر بمسؤولية تجاه مجتمعه، يعمل على الإسهام في تطويره وتحسين ظروفه ،من خلال القيم الروحية وتشمل القدرة على الإبداع وتقديم أفكار جديدة تسهم في حل المشكلات المعاصرة ،يحاول المثقف للحفاظ على توازن داخلي بين القيم الروحية والمتطلبات العقلية، مما يعزز من استقراره النفسي كل هذه القيم تشكل إطارًا يساعد المثقف على التفاعل مع العالم بعمق ووعي، مما يسهم في تطوره الشخصي والمجتمعي. المفهوم القيم الروحية تشير إلى المبادئ والأخلاقيات التي تتعلق بالروح والإنسانية، والتي تشكل عماد التفكير والمشاعر لدى المثقف وهي القدرة على قبول الآخر واحترام الاختلافات وتعزيز العلاقات الإنسانية من خلال الحب والدعم المتبادل والسعي لتحقيق العدالة في المجتمع والدفاع عن حقوق الأفراد. القيم الروحية تشمل جوانب من الإيمان الديني أو الفلسفي الذي يعطي معنى للحياة. تساعد القيم الروحية المثقف على التوجه نحو الأهداف النبيلة، وتعزز من شعوره بالانتماء والالتزام تجاه المجتمع. القيم العقلية تشير إلى المبادئ التي تنظم التفكير والتحليل وتساعد المثقف على اتخاذ القرارات بطريقة موضوعية وعقلانية والقدرة على تحليل الأفكار والنقد بطريقة إيجابية، غرضها تطوير استخدام التفكير المنطقي والاستدلال لتحليل المشكلات والسعي المستمر لتوسيع المعرفة والفهم والقدرة على التفكير خارج الصندوق وتقديم أفكار جديدة تساعد المثقف على التعامل مع التحديات بفعالية، وتعزز من قدرته على الإسهام في الحوار الفكري والنقاشات. العلاقة بين القيم الروحية والعقلية القيم الروحية والعقلية تتكامل لتشكل شخصية المثقف. فبينما تمنح القيم الروحية معنى وهدفًا، تساعد القيم العقلية على تحقيق هذا الهدف بطريقة منهجية، يسعى المثقف إلى تحقيق توازن بين كلا النوعين من القيم، مما يمكنه من التصرف بحكمة في مواقف الحياة المختلفة، تشكل القيم الروحية والعقلية الأساس الذي يستند إليه المثقف في فكره وسلوكه، مما يعكس تأثيرهما العميق على المجتمع والثقافة. التناقض بين القيم العقلية والروحية ان قبول آراء ومعتقدات الآخرين، حتى لو كانت تتعارض مع القيم الشخصية يتطلب القدرة على تحليل وانتقاد تلك الآراء بشكل موضوعي، مما يؤدي إلى صراع داخلي بين الرغبة في التسامح والالتزام بالمبادئ. الثقة في معتقدات معينة دون الحاجة إلى دليل مادي لا يشجع على التفكير النقدي، مما يؤدي إلى صراع مع القيم الروحية المرتبطة بالإيمان وقد تدفع الفرد إلى اتخاذ قرارات تتناقض مع مبادئ العدالة يتطلب التفكير خارج الصندوق وتقديم أفكار فرض الالتزام بالنماذج والقيم الجديدة، مما يعوق الابتكار الارتباط بالقيم الروحية التي تدعو إلى الحفاظ على التقاليد والثوابت. يتطلب التفكير العقلاني في كيفية تحسين الأوضاع، يتعارض مع الرغبة في الحفاظ على الوضع الراهن، التناقض بين القيم الروحية والعقلية يؤدي إلى صراعات داخلية، ولكنه أيضًا يمثل فرصة للنمو والتطور إذا فهم على انه تناقض ديالكتيك مثمر. من خلال التعامل مع هذه التناقضات، يمكن للمثقف أن يطور تفكيره ويعزز من فهمه لنفسه وللعالم من حوله. دور الثقافة في تشكيل المتناقضات ان دور الثقافة في تشكيل القيم الروحية والعقلية المتناقضة يعد محوريًا، حيث تؤثر الثقافة على كيفية فهم الأفراد لهذه القيم وتطبيقها في حياتهم. تحدد الثقافة القيم والمعايير الاجتماعية التي يتبناها الأفراد، مما يؤثر على كيفية تفسيرهم للقيم الروحية والعقلية ،يتم تشكيل القيم من خلال التنشئة الاجتماعية، حيث يتعلم الأفراد من الأسرة، المدرسة، والمجتمع ما هو مقبول وما هو غير مقبول ،الثقافات تحمل تاريخًا طويلًا من التقاليد التي يمكن أن تتعارض مع قيم جديدة أو عقلانية، مما يؤدي إلى تأصيل التناقضات مع مرور الوقت، تتغير القيم نتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، مما يخلق توترًا بين القيم التقليدية والحديثة ،التفاعل مع ثقافات أخرى يمكن أن يؤدي إلى تبني قيم جديدة تتناقض مع القيم المحلية ، يؤدي هذا التفاعل إلى صراعات بين القيم التقليدية والقيم المكتسبة من الثقافات الأخرى. وسائل الإعلام تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل القيم من خلال تقديم نماذج مختلفة من السلوكيات والأفكار، بتسليط الضوء على القيم المتناقضة، مما يسهم في زيادة الوعي بها. التعليم يمكن أن يساعد الأفراد على فهم التناقضات بين القيم المختلفة وكيفية التعامل معها، تؤثر المعتقدات الدينية على القيم الروحية، وقد تتعارض مع القيم العقلية في بعض الأحيان وتؤثر كيفية تأويل النصوص الدينية تؤدي إلى تباين في فهم القيم بين الأفراد والمجتمعات. من خلال فهم التأثيرات الثقافية، يمكن للأفراد والمجتمعات التعامل مع هذه التناقضات بوعي أكبر، مما يسهم في تطوير فهم شامل ومتوازن للقيم الإنسانية. الثقافة وحل التناقضات القيمية يمكن للثقافة أن تلعب دورًا حيويًا في حل التناقضات القيمية من خلال تعزيز الحوار، تطوير التعليم، استخدام الفنون، والتركيز على القيم المشتركة. من خلال هذه الأساليب، يمكن للأفراد والمجتمعات أن يحققوا فهمًا أعمق للقيم المتناقضة ويساهموا في بناء بيئة أكثر تسامحًا وتفاهمًا، التناقضات القيمية يمكن أن تكون موجودة في كل من بنية الثقافة وبنية المثقف، وكلٌ منهما يؤثر على الآخر. في المجتمعات المتنوعة ثقافيًا، قد تتواجد قيم مختلفة ومتعارضة نتيجة لتأثيرات ثقافية متعددة، مما يؤدي إلى صراعات حول ما هو "صحيح" أو "خطأ." التحولات الثقافية، مثل التحديث أو العولمة، تخلق توترات بين القيم التقليدية والحديثة، مما يسهم في ظهور تناقضات، بعض التقاليد تعارض القيم الحديثة مثل حقوق الإنسان والمساواة، مما يؤدي إلى تناقض بين ما هو مُمارس وما هو مُعتَقد، المثقف الذي يفتقر إلى تعريف واضح لهويته قد يواجه صعوبات في التوفيق بين القيم المختلفة، مما يؤدي إلى تناقضات داخلية. المثقفون قد يتعرضون لتأثيرات ثقافية متعددة، تجعلهم يتبنون قيمًا مختلفة أحيانًا تتعارض مع مبادئهم الأساسية الروحية والعقلية، خاصة إذا كانت هذه القيم متناقضة، مما يؤدي إلى صراع داخلي. الثقافة التي ينتمي إليها المثقف تساهم بشكل كبير في تشكيل قيمه وأفكاره، إذا كانت الثقافة غنية بالتناقضات، يكون المثقف أكثر عرضة للمعاناة من هذه التناقضات، بالمقابل المثقفون يمكن أن يؤثروا على الثقافة من خلال أفكارهم ونقدهم، مما يمكن أن يسهم في معالجة بعض التناقضات القيمية. التناقضات القيمية الروحية والعقلية كل منهما يلعب دورًا في تشكيل الآخر، مما يستدعي فهمًا عميقًا للتفاعل بينهما، تشكل هذه التناقضات تحديا للمثقفين في معالجة قضاياهم منها تعدد الثقافات، التحولات الاجتماعية، نقص الدعم، الاستقطاب السياسي، تحديات الهوية، والافتقار إلى الوعي. لذا مواجهة هذه التحديات يتطلب استراتيجيات فعالة وتعاونًا بين المثقفين والمجتمع. صراعات الهوية المثقفون الذين ينتمون إلى مجتمعات غير تقليدية يواجهون صراعات حول هويتهم ،خاصة إذا كانت ثقافتهم لا تتقبل تلك الهويات، مثقف ينتمي إلى أقلية عرقية أو قومية قد يشعر بالضغط للتكيف مع معايير الأغلبية، مما يؤدي إلى صراع في كيفية التعبير عن هويته الثقافية، مثقف يشعر بالتضارب بين ولائه لبلده ورغبته في الانتماء إلى مجتمع عالمي، خاصة في أوقات الأزمات السياسية أو الحروب ،مثقف ينتمي إلى جيل قديم قد يجد صعوبة في التكيف مع القيم الحديثة، مثل المساواة بين الجنسين أو حقوق الأقليات، مما يخلق صراعات داخلية ،مثقف يعمل في مجال أكاديمي أو ثقافي قد يواجه صراعًا بين الالتزام بمبادئه الشخصية وبين متطلبات العمل أو ضغوطات السوق، تتعدد صراعات الهوية التي تواجه المثقفين، حيث تشمل التوترات بين الهوية الثقافية والعالمية، الانتماء الديني والتوجهات العقلانية، الهوية الجنسية والجنسانية، والتمييز العرقي. هذه الصراعات تتطلب وعيًا ومرونة من المثقفين للتعامل معها بفاعلية وبلورة نمط معرفي يتميز بالخصوبة والفعالية لامتحان التجارب على منصة الواقع.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة تعريف الحقيقة باغتصاب العقل
-
المثقفون وصياغة الوعي المغاير
-
طواحين دون كيشوت
-
المجاهرة بالغباء والجهل البسيط
-
صعاليك الامس وصعاليك اليوم
-
الانسان وآليات التخفي والخداع
-
الحدس جسر بين العقلانية واللاعقلانية
-
حياة بلا عقل
-
اللجوء إلى جهنم ورفض التدجين
-
إستراتيجيات الخوف من الموت والوعي المأزوم
-
ضوضاء تاريخي من الخداع
-
مازالت بذرة التفاح محرمة
-
اللوحة مخلوق يساعد على تشكيل الالوان
-
جسد مهمل يرقص مع الألوان
-
ثلاثية سارتر
-
الملامح الثقافية للعصر الامبريالي الجديد
-
سيميائيات النص وضياع المعنى
-
المثقف والضياع في مقبرة الكتابة
-
تواطؤ المُثقف وفيزياء السُلطة
-
صخب العقل والسعادة المزيفة
المزيد.....
-
السعودية.. انزعاج من ظاهرة افتراش أرض الحرمين يثير تفاعلا وا
...
-
واشنطن تعلن انتهاء حظر المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات ا
...
-
برلمانية أوكرانية: سيرسكي يقيل جنرالا تلاحقه روسيا جنائيا
-
زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة لوقف كامل لإطلاق النار لمدة 30 يوم
...
-
مستشار أمريكي سابق: قيادة أوكرانيا ستحاول تعطيل وقف النار با
...
-
ترامب يعاقب ولاية أمريكية رفضت تنفيذ أمر أصدره بخصوص المتحول
...
-
البيت الأبيض: لا تسامح مع المنحازين لمنظمات إرهابية
-
سفن حربية لروسيا وإيران والصين تتدرب على تحرير سفينة مختطفة
...
-
خطأ شائع نرتكبه في المطبخ يمكن أن يسبب الخرف!
-
المكسيك تقرّ تعديلا دستوريا لمكافحة التدخلات الأجنبية
المزيد.....
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|