نزار فجر بعريني
الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 17:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صباح الخير،
المجد للضحايا،
من المدنيين العزّل وعناصر الأمن العام، الشهداء الأبرار الذين دفعوا أرواحهم أثمان الحرب القذرة التي تكاملت جهود قواها في العمل على قطع الساحل من الجسد السوري، وقد شكّلت دماؤهم الطاهرة قربانا، وستبقى منارة لوحدة السوريين، وانتصار مسار وجهود توحيد سوريا .
في آخر مستجدّات الصراع على سوريا، يبدو جليّا أنّ أكثر من ضربتين على الرأس، قد أسقطت الجنرال المتمرّد بين يدي ممثّل الدولة السورية، الرئيس أحمد الشرع :
١هزيمة مشروع تقسيم الساحل، وقد كانت قسد إحدى القوى الداعمة لقيادة "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، والمستفيد الأوّل من إمكانية نجاح " الإنقلاب " وقيام "إقليم مستقل"، يشرعن سوريّا وقائع تقسيم سوريا.
٢دعوة الزعيم التاريخي عبد الله أوجلان لتفكيك جميع الأجسام العسكرية التي تشكّلت تاريخيا في سياق مشروع إقامة" دولة كردستان الكبرى" الذي كان يقوده حزب العمال الكردستاني التركي ،وزعيمه الأسير، وفي مقدمتها قسد التي تقودها مباشرة القيادة العسكرية التابعة لحزب العمال الكردستاني التركي في " قنديل " .
إذا إضفنا إلى هذين العاملين الرئيسيين، الضغط العسكري التاريخي والراهن الذي تتعرّض له قسد بفعل رفض الدولة التركية القاطع لبقاء مشروع التقسيم، وحرص أردوغان على الوصول إلى تفاهمات استراتيجية مع ترامب، تكون السلطة الجديدة جزءا رئيسيّا فيها، وتهديد تركيا حاسما باجتياح الإقليم عسكريا، نفهم مجمل الأسباب و الدوافع التي جعلت مظلوم عبدي يتراجع عن شروطه السابقة حول بقاء قسد ككتلة عسكرية في مناطق سيطرتها الحالية، وحول "اللامركزية السياسية" التي تجسّدها سلطة "الإدارة الذاتية" و دستورها الخاص الذي اعتمدته ٢٠٢٤، وقد وافق في البيان على "دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد، وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها ".
يشكّل الاتفاق انتصارا تاريخيا لقوى وإرادة بناء سوريا الجديدة، الدولة الموحّدة والديمقراطية " ، وتجسيدا لرفض الرئيس أحمد الشرع أطروحات الجنرال مظلوم عبدي التي تتعارض مع شروط توحيد سوريا، (١) وقد أظهر الشرع وعيا سياسيا استراتيجيا للعلاقة الجدلية بين " وحدة سوريا ونهضتها" ،(٢) وأكّد على ضرورة حصر السلاح على كامل الجغرافيا السورية بيد الدولة، وقال منذ البداية أنّ توحيد سوريا هو خط احمر" .."سلما أم حربا "!
"نحن خَيارنا الحوار والنقاش، لإقناعهم، نحن أكثر الناس عشنا آلام الحرب، وتداعياتها، وحريصين أن لا يعيش هذه المآسي اي سوري مرّة أخرى."(٣)
رغم الثمن الباهظ الذي دفعه عناصر الأمن العام ، و أبناء الساحل، من أبناء الطائفة العلوية وغيرهم الذين تعرضوا لمذابح جماعية ، يبدو جليّا هزيمة قوى مشروع التقسيم في الساحل ، وتراجع زخمه على الصعيد السوري العام (٤)، وهو ما يفسّر طبيعة ردّة فعل حكومة العدو الإسرائيلي المجرمة . بعد توقيع "إعلان نوايا " توحيد الجغرافيا، قصفت طائرات إسرائيلية، مستودعات أسلحة ودبابات ومعدات عسكرية تابعة للجيش السوري في محافظة درعا الجنوبية.(٥).
غني عن البيان أنّه منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، شنت إسرائيل مئات الغارات على مواقع عسكرية في عدة مناطق بسوريا....وأتت جميعها في سياق إضعاف مرتكزات الجيش السوري، لصالح مشروع تفشيل سوريا ، و تقسيمها!
في الختام،
إذ نبارك للشعب السوري حصول هذا الأتفاق الأوّلي، نؤكّد على مسؤولية فلول مشروع التقسيم اوّلا عن تفجير الصراع، و على مسؤولية آليات وأدوات الهجوم المضاد التي استخدمتها السلطة والتي سمحت لميليشات إرهابية طائفية مرتبطة بوزارة الدفاع السورية الجديدة بارتكاب جرائم حرب طائفية ضدّ المدنيين ، وعلى مسؤولية سلطة الدولة المباشرة عن محاسبة القتلة وجبر الضرر المادي والمعنوي ،وقد تكون المبادرة إلى الإعتراف بحصول المجازر ضد المدنيين من أبناء الطائفة العلوية، وإعلان الحداد العام على أروح الضحايا خطوة ضرورية وموفّقة !
العزاء الحار لأهالي الشهداء ، ضحايا المقتلة الطائفية الغادرة، وضحايا كمائن الفلول والحرب من عناصر الأمن العام.
(١)-
حتى على صعيد لغة ومفردات الاتفاق ،لم يتضمّن البيان أبرز التعابير التي روجّتها ثقافة " مشروع التقسيم " ، التي حرصت على توصيف الوجود الكردي ب" المكوّن " الخاص ، وطالبت" بحقوقه القومية السياسية " وهو ما أشار إليه صديقنا الأستاذ أكرم حسين، القيادي المتميّز في " تيار مستقبل كردستان سوريا " ، معاتبا :
" الاتفاق المبرم بين الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، الصادر في ١٠ آذار ٢٠٢٥، يحمل أهمية كبيرة من حيث توقيته وظروفه، ولكنه يثير تساؤلات جوهرية حول كيفية تعامله مع القضية الكردية في سوريا. سأتوقف عند (البند ٢) حاليا ً:
“المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.” ، وهو كما يوضّح " لا يقر بالقضية الكردية كقضية قومية سياسية ذات خصوصية تستدعي معالجة دستورية واضحة ، بل صياغة المطالب ضمن إطار الحقوق الفردية فقط"، وأن " لاتفاق لا يعترف بالتعددية القومية، بل يسعى لتذويبها ضمن إطار "المواطنة" .
(٢)- في الهدف الاستراتيجي الواعد للعملية السياسية ، يؤكّد خطاب الرئيس الانتقالي كما أتى في استراتيجية " خطاب النصر"- ٣٠ ك٢، على العمل من أجل "تحقيق وحدة سوريا ونهضتها"، (٣)-
في جواب على سؤال :
"ماذا عن الشّمال الشّرقي، المنطقة الكرديّة؟ تعطّلت المباحثات مع قوّات سوريا الدّيمقراطيّة. هل ستسمحون بنظامٍ فيدرالي كما يرغب الأكراد، أم أنّ هناك خطر اندلاع مزيد من العنف، وربّما حربٍ أهليّة؟
شرح الرئيس أحمد الشرع مبررات رفضه لمشروع "اللامركزية السياسية" القسدي :
".. لا يحظى النّظام الفيدرالي بقبول شعبي في سوريا، وأراه غير مناسبٍ لمصلحة سوريا المستقبليّة؛ لأنّ مجتمعاتنا غير معتادة على ممارسة الفيدراليّة، وقد يذهب البعض إلى تفسيرات تصل إلى الاستقلال التّام تحت هذا المسمّى. والأمر الآخر هو أنّ المنطقة هناك ذات أغلبيّة عربيّة لا تقبل حكم قوّات سوريا الدّيمقراطيّة، إضافةً إلى وجود فصائل أجنبيّة تحمل تاريخًا طويلًا من الصّراع مع تركيا، ونحن قدّمنا تطمينات لكلّ الدّول بأنّ سوريا لن تكون منصّة للإضرار بدول الجوار. والتزمنا بذلك. كذلك لدى تركيا تخوّف كبير من وجود حزب العمّال الكردستاني في الشّمال الشّرقي، وكانت تستعدّ لشنّ حربٍ شاملة هناك، لكنّنا طلبنا منهم التّريّث لإتاحة الفرصة للتفاوض. وهناك أيضًا ضغط شعبي من المكوّن العربي هناك يطالب بعودة المنطقة لسلطة الدّولة السّوريّة، وإنهاء حكم قوّات سوريا الدّيمقراطيّة. "
" إذًا تعتقد أنّه سيكون هناك اتّفاق، وأنّكم فقط تضبطون التّفاصيل؟"
دعني أقول إنّي متفائل بحذر. نحن ندخل المفاوضات على أمل حلّ الأمور سلميًّا دون أضرار."(وهذا ما أكّد عليه أحمد الدالاتي، القيادي العسكري :
" نحن رح نسلك جميع سبل المفاوضات مع قسد للوصول إلى صيغة تحافظ على مصالح سوريا العليا... وتضمن الهواجس الموضوعية والمنطقية لأي مكوّن.
إذا خرجوا عن الإجماع السوري، وأصرّوا على بقاء السلاح خارج إطار الدولة، وعارضوا مصالح سوريا، وحطوا أنفسهم في موقع بيهدد أمن سوريا ، ويجعل منها مصدر تهديد دول الجوار....مع الأسف، بيكونوا اخذوا انفسهم، وأخذونا للخَيار الذي لا نرتاح له.
في النهاية، لن نسمح بوجود سلاح خارج سلطة الدولة، وسيتم معالجته بالوسائل القانونية، والطرق التي تمنع وجود السلاح، مَن يقاوم ذلك بقوّة السلاح، يكون قد وضع نفسه في المكان الغلط. الخيار العسكري هو آخر الخَيارات في حال أصرّت قسد على بقاء سلاحها خارج إطار الدولة."
(٤)-تؤكّد آخر الاخبار، أنّ " الحكومة السورية تعقد اتفاقاً مع أهالي ووجهاء السويداء بدمج كامل المحافظة ضمن مؤسسات الدولة " وأنّ " الاتفاق يقضي بإلحاق الأجهزة الأمنية في السويداء بوزارة الداخلية السورية "، وينصّ "الاتفاق ينص على أن يكون عناصر الشرطة المحلية من أبناء محافظة السويداء "، و "أنّ تعين الحكومة السورية محافظاً وقائداً للشرطة لا يشترط أن يكونا من السويداء " .. ( خبر منقول عن الجزيرة ؟ ).
في الماضي القريب، نجحت جهود القوى الوطنية في السويداء، بالتنسيق مع وليد جنبلاط والسلطة السورية ، في منع قيام كانتون "قسدي" في السويداء، كما جاء في تقرير "الجمهورية – نت":
("علمت الجمهورية. نت بأنّ خلدون الهجري، قريب الزعيم الديني في السويداء حكمت الهجري وممثّله في الخارج، التقى مسؤولين أميركيين في واشنطن خلال شهر شباط (فبراير) الماضي بصفته «ممثّلاً سياسياً للشيخ حكمت الهجري»، وعرضَ عليهم خطةً لتنفيذ تمرّدٍ مسلّح على حكومة أحمد الشرع، تقوده قواتٌ مرتبطةٌ بحكمت الهجري من السويداء، وبمشاركةٍ من قوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا ومجموعاتٍ علوية من الساحل السوري، وبدعمٍ إسرائيلي، بحسب ما قال خلدون الهجري في تلك الاجتماعات. وتشير أدلّةٌ إلى أنّ الذي استدعى استنفار جنبلاط في لبنان «أكبر» من مجرد تصريحاتٍ أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً بخصوص الدروز في سوريا.
من جهته، كان الشيخ موفق طريف قد أجرى مجموعةً من اللقاءات في العاصمة الأميركية واشنطن في الثالث عشر من شهر كانون الثاني (يناير) بداية هذا العام، ركّزت على أوضاع الدروز في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. وقال طريف للصحفيين هناك: «إنّ حالة عدم اليقين في جنوب سوريا تتطلّبُ مشاركةً ومراقبةً دولية. لا يمكن تحقيق الاستقرار في سوريا دون ضمان استقرار وحقوق المجتمعات الدرزية التاريخية»، وذلك بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
وأجرى طريف بداية شهر آذار (مارس) الجاري زيارةً ثانيةً إلى واشنطن من أجل حضور أعمال مؤتمرٍ تنظّمه مجموعة ADL التي تنشط في قضايا محاربة معاداة السامية، وألقى خطاباً في الحدث إلى جانب آخرين من بينهم وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.").
(٥)-
وقال مراسل الجزيرة إن طائرات إسرائيلية شنت غارات على الفوج 89 في جباب بريف درعا، كما استهدفت غارات أخرى مستودعات سلاح في اللواء 12 قرب مدينة ازرع بريف المحافظة.
المجد للشهيد مشعل التمو ، وجميع شهداء وحدة سوريا، و ديمقراطيتها.
#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟