|
الإلحاد والملحد: -التكبر على خلق الله-؟ سامي الذيب -حاكم تفتيش-؟
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 09:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
1- "التكبر على خلق الله"؟ أولا: لا يوجد إله، ولم يحدث إطلاقا "الخلق" المذكور في العنوان، إنما هو تعبير من الثقافة الدينية السائدة، أصله مزاعم الأديان بدون دليل. مع مرور القرون صار التعبير بديهيا، ولا يُناقش أو يُشكك فيه، ككل المسلمات التي يعتقد بها أغلب البشر. ثانيا: القادم، وهو "دردشة" مع الجميع، مؤمنين وملحدين. يعرف القارئ خلفيتي، لكني مثلما فعلت في الأجزاء السابقة، سألعب دور "محامي الشيطان" -والتعبير أيضا ديني! فلا يوجد شيء اسمه شياطين وملائكة!-، وسأواصل محاولة تصحيحي للمفاهيم والنتائج المترتبة عنها بخصوص الإلحاد. مع توضيح أني "لا أنظّر" هنا، بل "أشارك" أفكارا أرى أنها الأقرب إلى الصواب. وأدعو المؤمنين إلى الاطلاع على الأجزاء السابقة، وأذكّرهم بالقول المشهور: اسمعوا منا لا عنّا! أحد الأصدقاء، قال بعد اطلاعه على مقالات السلسلة، أنه رأى فيها وكأني أرفض حتى أن أصنف على أني "ملحد"، وفي قوله شيء من الصحة، فالأصل فاسد وهو الدين، وأهله هم من وضعوا الخانات والتصنيفات! ولو تخيلنا من وُلد في مكان نائي، ولم يسمع يوما بالأديان والآلهة، ثم قيل له أنه "ملحد" لاستغرب وتعجب من الصفة! ما بُني على باطلٍ باطلٌ عادة، لكنه مع صفة "ملحد" يُصبح حقيقة وحقا! الدين باطل وكل ما يخرج منه كذلك بما في ذلك التوصيف بالإلحاد! افتخار البعض بإلحادهم، هو في أصله افتخار بمنتوج ديني! فـ "الإلحاد صناعة دينية صرفة، وماركة دينية مسجلة مثله مثل الإله!" وهذا قول غريب أظن أن الكثيرين سيسمعونه لأول مرة! وهو في ركن صغير من عقلي يقلقني ويشعرني بالضجر! لكني أقبل به مثلما قبلتُ بغيره من التناقضات البشرية، وأضيفه كدليل على قول سابق لي أن "الإنسان كائن خرافي تخريفي مخرّف شيزوفريني بامتياز!" الملحد ينطبق عليه الأخير أي الشيزوفرينيا! الخروج من سجن الأديان وآلهتها انجاز كبير لا شك في ذلك، لكنه يُشبه أتباع ترامب هذه الأيام، فمثلا ما يقوم به بخصوص لوبي الحروف المقطعة، وخصوصا حرف T جيد بل ممتاز! لكنه في الحقيقة لم يقم بشيء! فهو قد أعاد الأمور إلى مسارها الطبيعي وبذلك يكون: لم يفعل شيئا! خروج الملحد من سجن الأديان وآلهتها هو عودة إلى الطريق الطبيعي والبديهي لكل البشر... من المفروض! لكن بما أن أغلبهم سجناء، يرى الملحد ذلك إنجازا والحقيقة أنه لم يفعل شيئا! مثال آخر: المرأة وضعها "عظيم" في المنطقة المقدسة، فهل سيكون إنجازا كبيرا أن يحترمها شخص ما؟ الجواب: من المفروض لا! لكن، بما أن ذلك الشخص عاش في بيئة موبوءة، يُصبح موقفه من المرأة انجازا! والحقيقة أنه لم يفعل شيئا غير العودة إلى الطريق الصحيح أو السليم! هل الإلحاد إنجاز إذن؟!! كلنا نقول أن "أديانهم صنعت إلحادنا"، فلماذا يكون قولي أن "الإلحاد ماركة دينية مسجلة" غريبا وثقيلا على المسامع؟ بل سأزيد ما قد يُغضب الكثيرين: إذا كان الدين تافها وسخيفا وفكرا طفوليا وغيره من الأوصاف، فكيف يكون الإلحاد شيئا عظيما؟! وهل تُنتج التفاهة والسخافة شيئا غير التفاهة والسخافة؟! (لا أدّعي فضائل هنا، بل أدعو القارئ إلى التأمل جيدا في عدم التحزب، والذي قيل لا يخرج بسهولة من فم متحزب... هذا إن خرج أصلا!) الذي يُقال هنا "تأمل عميق"، أصله إعلاء سقف الحرية -أعظم قيمة بشرية- إلى أقصى ما يُمكن، ومن ذلك رفض الأيديولوجيا والتحزب والخانات! سيقودنا ذلك، إلى رفض كل شيء! لم أختر اسمي، ولا أهلي، ولا بلدي ولا حتى جنسي وهذه الأرض التي وُجدتُ عليها! الحل سيكون صعبا، لكن بتذكّر أن المطلق وهم ستأخذ الأمور مجراها الطبيعي. وبتذكّر أن الحرية المطلقة وهم، سنبتعد أكثر عن طريق السفه والانحلال: قلتُ أني لم أختر جنسي! وهذا باب كبير، يدخل منه منحرفو لوبي الحروف المقطعة للأطفال الغربيين اليوم! قلتُ لم أختر بلدي! وهذا مطب كبير يسقط فيه الانتهازيون والأنانيون و... ولنقلها كما هي دون تجميل... والخونة! وأرجو من المؤمنين ألا يسقطوا في مطب القول أني قلتُ "أننا كلنا سواسية!" لا، لم أقل ذلك! وشتان بين الحر والسجين! قلتُ أن الأصل هو غياب السجن، ولذلك -من المفروض- لا يكون إنجازا أن يكون الإنسان حرا! التدخين ضار، فهل لو كان كل من أعرف يدخنون وأنا لا أدخن، نفس الشيء مع المخدرات، الكحول إلخ... هل قمتُ بإنجاز عظيم؟! كل من تعرف أغبياء لم يتجاوزوا الابتدائية، هل حصولك على ماجستير أو دكتوراه إنجاز عظيم؟! هل ما أكتبه أنا الآن إنجاز عظيم؟! "تأمل عميق" مثلما سميته؟! هل وأنتَ تقرأ لي الآن، قمتَ بإنجاز عظيم؟! إذا نظرت إلى الأصل أي الدين وكل مآسيه التي لا تزال مجتمعاتنا تعاني منها، وحكمتَ بموضوعية، ستجد أن كل شيء مضيعة وقت! بل ما يُقال هنا يُعيدنا أقل شيء قرنين أو ثلاثة إلى الوراء لو قارنا بالغربيين! الذي قيل إلى الآن، لو حكمنا عليه، من منظور جدلي سيكون "مثاليا"، لأنه ينفي الجدلية بين البشر وواقعهم، وينفي حقيقة إنجازاتهم! ونفس الجدلية ستقودنا إلى الحكم على قولي بأن "الملحد شيزوفريني"، أنه باطل أو على الأقل مبالغ فيه! فأن تُفلت من فخ يعني أنك علمتَ أنه فخ وقمتَ بما يلزم لتُفلت منه، الشيء الذي لم يفعله غيرك الذي جهل ما عرفتَه أنتَ فوقع فيه، وهذا يُعتبر إنجازا! أصل من أصول الحكم: المقارنة، والبشر يعتقدون بأشياء يرونها حقائق، وانطلاقا منها يحكمون على الغير في أفكاره ومواقفه، تلك المقارنة حقيقة لا يُمكن نفيها أو تجاهلها، فمنها وبها حدث وتحرّك التاريخ البشري! منذ بدائية البشر إلى ما وصلوا إليه اليوم: المصالح المادية كانت محركا رئيسيا، لكن تخطئة الآخر بعد مقارنته بالحق الذي عندنا كان لها دور فعال أيضا، وكمثال على ذلك الأديان وحروبها! لا شك أن المصالح والسيطرة والمال والجنس كانوا في قائمة الأهداف، لكن "هداية الآخر" و "إيصال النور إليه" كانا ضمن القائمة... أقلهن عند الأتباع والعوام! وهؤلاء كانوا السواعد التي حملتْ السيوف، وقطعتْ الرؤوس، وبهم تحققت الأهداف الخفية لمن قادوهم وعلّموهم وعبّؤوهم! من الذي قيل في البدء، ثم، من نقضه بعد ذلك، تظهر أهمية النسبية وخطورة المطلق، أهمية التحرر من قيود الأديان والأيديولوجيات: القول الأول عنده حججه التي يقبلها المنطق والعقل، لكن القول الثاني مثله إن لم يكن أقرب إلى الحق. إذا تبنى أحد قولا وأغمض عينيه عن الآخر، سيكون خطؤه كبيرا، وبما أن مِن أهداف ما يكتب أهل الفكر أن تتغير أحوال مجتمعاتهم، لن يكون هذا المخطئ شريكا في ذلك وإن ظن أنه ليس شريكا فحسب، بل حامل المشعل والسائر في مقدمة الركب! هل ما فهمتَه صحيح؟! الجواب نعم! من قال أن الملحد "تنويري" أو "شريك تنوير" "مطلقا"؟ خذ مثال سبّاب لعان يتعمّد الاستفزاز، ليس ليُنير ظلمة، بل ليؤلم ويسخر ويضحك: سلوك سادي بامتياز لا علاقة له لا بأوطان ولا بمجتمعات! قارنه بمسلم "كيوت"، يرفض أغلب تشريعات الإسلام، حتى رئيس الدولة المسلم وبند الإسلام دين الدولة: من سيكون الشريك يا ترى؟! مثال الملحد المذكور قليل وشاذ نعم، وملاحظة شخصية على بعض هؤلاء، وهي مداهنتهم الغريبة لإسرائيل! وكأنهم لا يعرفون اليهودية وتاريخ دولتها! قوس... (مع رفضي المطلق لحماس ومشتقاتها بالطبع: كلامي يخص حصرا ما نسميه "المسلم الكيوت"، ووجب ذكره لتذكير اليساريين بخطئهم الشنيع في مساندة حركة المخابرات الإسرائيلية ح م اس! وأقول هنا: "لا أحد ساند إسرائيل من الخارج مثل أمريكا، ولا أحد ساندها من الداخل مثل حماس!"، وللمزيد: [https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=846242]... لولا هتلر والهولوكوست ما تأسست إسرائيل: يقول الحاخامات، وأزيد عليه: لولا حماس وقبلها العنتريات العروبية ما توسعت إسرائيل! أي لولا الهولوكوست المزعوم، والعروبة وحماس، ما وُجدت واستمرت إسرائيل... وفي العروبة حركة فتح بالمناسبة... وقولي عن الهولوكوست والعروبة وحماس وفتح ليس "رأيا" بل واقع وحقيقة تاريخية! سوريا اليوم يحكمها الهمج القتلة قطاع الرؤوس: هذا ليس "رأيا" بل واقع وحقيقة!) 2- سامي الذيب "حاكم تفتيش"؟ سؤال فلسفي عميق، وربما يكون من أهم الأسئلة التي على كل مثقفي المنطقة المقدسة التمعن فيه جيدا، من سيسخر قبل قراءة القادم عليه أن يتساءل عن كل ما عرفه حتى هذه اللحظة لأني سأزعم أنه لم يفهم شيئا مما يحصل في المنطقة وبالتأكيد لن يكون جزءا من الحل... الفلسفة التي لا تخدم الواقع ولا تمس البشر مباشرة مكانها مدارج الجامعات وسخرية المجتمعات، الجموع لا يعنيها الكلام الكبير المنمق، وقال فلان ورأى علان، بل يعنيها: "هذا باب!" "هذا حمار!!" ومع تجهيل المجتمعات وتبقيرها اليوم في كل مكان على سطح الأرض، ومع سياسة تتفيه العقول وتربية العجول، حتى مع "هذا باب!" "هذا حمار!!" لن تسمع منها إلا نسبة قليلة! السؤال طُرح عليّ ممن يعرف موقفي من اليهودية واليهود وإسرائيل، وملخصه: (إذا كنتَ ترفض محاكم التفتيش اليهودية في الغرب، فماذا يفعل سامي الذيب عندنا؟ بل ماذا تفعل أنتَ؟ ألا يُشبه حالكَ معه حال الغربيين الذميين في بلدانهم مع اليهود، وحال أجدادنا مع العرب؟ كل كلامكَ لن يُقنع لأن نتيجته لن تبتعد كثيرا عن نفس الواقع الموجود أي فلسطين واستعمارها لبلداننا ولشعوبنا!) الكلام من ملحد يهادن إسرائيل بعض الشيء، أي لا يهتم لما تقوم به في فلسطين، ولا لما يفعله أعوانها في الغرب، بل فقط يريد أن تنتهي قضية فلسطين، بأي طريقة كانت، المهم أن "ننتهي من هذا الكابوس وإلى الأبد"! بعض الأجوبة قيلت في مقالات سابقة، لكني سأذكر بها دون إطالة... مفتاحان مهمان جدا: الإلحاد والهولوكوست! الصديق عنده الأول لكنه لم يعرف كيف يستعمله، لكنه لا يملك الثاني فهو يرفض حتى أن يسمع كيف يكون الهولوكوست أكذوبة... الإلحاد يعني الخروج من سجن الأديان، كلها وليس الإسلام فقط ومهادنة غيره! حروب المتدينين مع بعضهم لا يُمكن أن يقف فيها الملحد مع طرف: فقط يرفض العنف لكن أن يتجاوز ذلك فهذا "من المفروض" خطأ لا يجب أن يقع فيه: الجولاني السني يُقتّل العلويين، الفعل مرفوض جملة وتفصيلا، والتعاطف يكون مع الأشخاص لا مع العقائد... سني، علوي، درزي، مسيحي، يهودي، هندوسي، بوذي... كلهم سواسية عند الملحد، كلها أديان والفرق الوحيد بينها يكمن فيمن يملك السلطة ويحكم! لو صار البهائيون أغلب سكان مصر غدا، ومعهم قلة مسيحيين ومسلمين ولادينيين، لن نر ونسمع ما يقولونه اليوم! الخروج من سجن الإسلام "من المفروض"، يتزامن مع الخروج من سجن العروبة وفلسطين، لكن هذا لا يحدث مع أغلب الملحدين: ملحد لكن مؤمن بالدين العروبي وإذا حصل ذلك غالبا ما يتبع الدين الفلسطيني. في حالات قليلة، مثل الصديق المذكور، يتجاوز الملحد الثلاثة لكنه يقع في مطب إسرائيل: مثلا، لا يهم أن يُهجّر كل الفلسطينيين من أرضهم، ولنفرض أنهم نُقلوا إلى سيناء، لا يهم ذلك، المهم أن القضية ستنتهي! وهذا قول مُشكل... أُرجعه شخصيا إلى عدم الإلمام بكل جوانب القضية الفلسطينية، وأهمها المسألة اليهودية! القضية أصلها دين، ولو لم تكن كذلك ما تأسست إسرائيل على تلك الأرض التي تكلمتْ عنها الكتب العبرانية. المؤسسون كانوا لادينيين وملحدين نعم، لكن تلك الأرض أرض أجدادهم كما اعتقدوا وزعموا: الدين، الخرافة عندهم، هو الذي صنع الأرض ثم الشعب المشتت! وذلك الشعب وإن كان لا يؤمن بالدين، إلا أنه يؤمن بالقومية اليهودية أي العرق الذي صنعه الدين: الأصل إذن دين! عوامل أخرى ساهمت بالطبع، لكن الأصل دين! والملحد تجاوز الدين! أي أصل القضية الفلسطينية خرافات عبرانية وأنا هنا لست في حاجة للكلام أصلا عن فلسطين والإسلام والعروبة بل فقط عن اليهودية وشعبها المشتت المزعوم! والكلام الذي قيل، قاله من يعيشون في إسرائيل اليوم، ويقولون عن أنفسهم أنهم يهود، وليس لا اكتشافا ولا ادعاء مني أو من غيري! فلسطين الآن... نعم، ولا ذرة شك أو تردد، أنها استعمار لبلداننا ولوجدان شعوبنا، ليست قضية وطنية، ولا قضية أمة وهمية صنعها دين مثلما حدث مع اليهودية وشعبها المزعوم، لكن! وهنا فخ كبير: إذا اعتُدي على مُستعمِري، ما هو موقفي؟ الجواب سيكون: عدو عدوي، صديق! وكل ضرباته لمُستعمِري ستساهم في تَحرّري! لكن هل ينطبق هذا على فلسطين؟ والجواب قطعا لا! فلسطين ليست فرنسا، وإسرائيل ليست ألمانيا أيام الحرب العالمية الثانية، ليست استعمارا مباشرا بجنود وعتاد، بل بـ "فكر"، أصله دين، صَنع قومية وهمية، ثم نضالا يساريا! (أرض الإسلام ويجب تحرير الأقصى/ أرض العروبة والفلسطينيون "إخواننا العرب"/ إسرائيل رأس حربة الإمبريالية وفلسطين قضية وطنية) "اليهود عاشوا على تلك الأرض منذ أقدم العصور"! نعم، لكن من عادوا وأسسوا إسرائيل لا علاقة لهم بأولئك القدامى... أصل هذا الكلام دين فكيف يصدقه ملحد؟! أي خرافة الشتات والحفاظ على العرق النقي لقرون! هل البولوني والأريتيري إخوة جينيا؟ هل العيون الزرقاء والشعور الصفراء يمكن أن تخرج من تلك المنطقة؟ مع ملاحظة لمن لا يزال يُصدق "الدراسات" الجينية المنشورة في مجلات "علمية": هل تأكدتَ أن ما يقال فيها حقا "علم"؟ ابحث أولا عمن نشرها ومن وراء "البحث" وتمويل المجلة قبل أن تقرأ المقال "العلمي"! قليل من المنطق فقط يُفند الأكذوبة، وهو بالمناسبة نفس المنطق الذي استعملتَه لتفنيد عروبتنا المزعومة! سؤال هام الآن: موقفي هو نفس موقف حماس! فأنا أقول أن كل تلك الأرض أرض الفلسطينيين وحدهم! مع فرق: ليست قضيتي أن "يُرمى الإسرائيليون في البحر"، لا أدعو إلى ذلك، لكن لو حدث ذلك لن يهجرني النوم في الليل، وجوابي للمستغرب سيكون: الإسبان بقوا لقرون تحت الاحتلال الإسلامي ثم تحرروا، لنفرض أنهم إلى اليوم مستعمَرون، موقفي لن يتغير وسأقول أن تلك الأرض إسبانية، من يُقرر ليس أنا بل صاحب الأرض! لستُ ملكيا أكثر من الملك، والأمر سيان عندي أن يرضى المستعمَر بأن تُسلب أرضه أو يرفض ذلك، لكني لن أتراجع عن رأيي أنه مستعمَر حتى لو قال أنه حر وأن كلامي كذب وافتراء على مستعمِره! القضية مبدأ أخلاقي: أعيش في بلد أغلب سكانه ونخبه يعتقدون أنهم "عرب"، لن أقول ذلك حتى لو بقيتُ وحدي، ليس في بلدي فحسب، بل في كل شمال أفريقيا وكل الأرض! ولو قال كل سكان الأرض أنه يوجد إله، سأبقى وحدي أقول أنه لا إله ولن يُؤثر ذلك ذرة تأثير عليّ: هذا اسمه حق عندي عليه الأدلة، وليس "تعصبا" أو "أدلجة"! موقفي نفس موقف قتلة حماس إذن؟ ليست مشكلتي، هم أيضا يقولون مثلي أن 1+1=2، فهل سأقول =3 لكيلا أكون مثلهم ومثل غيرهم؟ فلان السارق المغتصب الكاذب الـ الـ الـ يمشي مثلي في الشارع مرتديا ملابس! فهل سأمشي عاريا لكيلا أكون مثله؟ هو نفسه لا يرفع عينا أو صوتا مع أمه، فهل عليّ ضرب أمي؟! الحق قيمته من ذاته ومن الأدلة عليه لا ممن يقولون به: أغلب سكان الأرض يعتقدون بالهولوكوست، من العامي إلى الحاصل على نوبل، من الفقير إلى الملياردير، من النكرة إلى رئيس الدولة: هل عندهم دليل واحد؟ مليارات البشر تعتقد بالأديان والآلهة: ما أدلتهم؟! سامي الذيب الآن... هل هو "حاكم تفتيش"؟ أي يُعطي شهادات حسن السيرة، ويحرم من ضلوا من "المتصهينين"؟ المهم في السؤال هنا فلسطينية سامي الذيب، أي شخص فلسطيني، انطلاقا من تأثير قضية فلسطين على المنطقة، يعطي لنفسه الحق ليحرم كل من طبّع مع إسرائيل، أي كأنه يهودي في الغرب يوزع شهادات حسن السيرة بخصوص الهولوكوست ومعاداة السامية: أنت محل رضا، لك الحق في النشاط، وغيرك ملعون يُمنع من كل شيء... جوابي: لا أعلم هل خرج سامي الذيب من سجن الهولوكوست أم لا، ولا أحد يستطيع أن يعلم لأنه لن يستطيع الكلام علنيا خوفا من العقوبات التي لن تتأخر، هذا لو كان يعرف الحقيقة. أمر آخر مهم، هناك من يعلم لكنه لا يُصرح اعتقادا أن ذلك سيضر القضية الفلسطينية -وهو واهم-... في كل الحالات لا أستطيع أن أعرف حقيقة موقفه من الهولوكوست وبذلك لن أستطيع الحكم عليه، لكن سأقول إن كان يعرف فموقفه سيكون موقفي، وإن كان يجهل فسيكون كغيره من أغلب مثقفي المنطقة المقدسة، أي لا حق له في توزيع شهادات حسن السيرة! زعمتُ في مقالات سابقة أنه حتى الفلسطينيون أنفسهم ليسوا أهلا ليتكلموا عن قضية فلسطين، ودليلي أنهم يؤمنون بكل الخرافات التي سلبتهم أرضهم وعلى رأسها الهولوكوست الذي لولاه ما قامت إسرائيل أصلا! سامي الذيب أو غيره، إذا آمن بالخرافة، لا يُمكن أن يتكلم عن غيره، وكل أحكامه لن يكون لها أي قيمة، وستسقط مباشرة إذا ما علمنا أنها مبنية على أصل فاسد وباطل! أعيد أني هنا لست ملكيا أكثر من الملك، لكني أذكر الحق الذي عندي عليه الأدلة: ليست مشكلتي أن يفتخر السعودي بسعوديته، أنا سأقول أنه عربي قبل بأن يكون عبدا/ ملكية لآل سعود! سأفترض الآن أن سامي الذيب يعرف حقيقة الهولوكوست، أي من حقه الحكم، وفلسطينيته لا قيمة لها هنا، لأنه سيكون شخصا يُعلن عن حق (بولونيون وروس يزعمون أن هتلر قام بإبادة في حق شعبهم، وعندهم كتاب قال بأن تلك الأرض ملك لهم، من حقهم إذن تأسيس دولة عليها، ومن واجب كل العالم مساندتهم ليُكفّر عن ذنبه في السماح بتلك الإبادة المزعومة!)، نتيجته ستكون رفض إسرائيل جملة وتفصيلا (هذا موقف أخلاقي، أما على الأرض فالفلسطينيون وحدهم من يُقررون وإن غادروا أرضهم بالكلية! رفض التطبيع مطلقا مع إسرائيل ليس بسبب فلسطين بل لأنها يهودية يستحيل أن يأتي منها خير حتى إن حدث وظهر ذلك على السطح، الباطن والحقيقة لن تكون إلا الذمية والخراب!). فهل أنا "ذمي" له؟ أي، كذلك الغربي الذي لا يعرف أصلا أن اليهودية وأعوانها يستعمِرون بلده ووعي شعبه، وهو ليلا نهارا يسبّح بحمد الهولوكوست ومعادة السامية وإسرائيل: جوابي أن المقارنة لا تصح، الذميون من الغربيين للأنتلجنسيا اليهودية أهل سلطة ومناصب، ولفظ "الذمية" لا ينطبق إلا على من جهل حقيقة الهولوكوست أو من عرفها لكنه "يريد أن يعيش": كاتب/ فيلسوف يريد نشر كتبه، إعلامي يريد تواصل برنامجه، مخرج يريد أموالا لأفلامه، نائب في برلمان يريد ولاية أخرى وهكذا، أما الرؤوس الكبيرة أو الحكام الفعليون (أصحاب البنوك، الشركات العملاقة، الأوليغارك، لوبي الأسلحة، النفط، الأدوية...) فهم يعرفون والأنتلجنسيا اليهودية شريكة معهم في الحكم أي ليسوا ذميين بل هم الحكام ويستعملون اليهود -ويستعملونهم!-: خرافة الهولوكوست لم يصنعها اليهود بل السوفيات ثم الأمريكان والإنكليز تبنوها! هل لسامي الذيب كفلسطيني "هيمنة أخلاقية" Moral ascendancy عليّ؟ أي كهيمنة اليهودي على المسيحي والمسلم فهو الأصل وهم الفروع؟ والجواب: لا، لأن هدفه فلسطين، أما هدفي فبلدي؛ الحق الذي عندي لم آخذه من فلسطين وأهلها كحال المسيحي والمسلم اللاحقين على اليهودي، بل من حقائق تاريخية وعلمية، ثم وهذا مهم: في طرحي فصلتُ بين فلسطين وإسرائيل، وبينتُ كيف أن فلسطين بعروبتها وإسلامها يمكن إخراجها من المعادلة أصلا، لتبقى القضية إسرائيل ويهوديتها وهولوكوستها! الشق الأخير من كلام الصديق أي: (كل كلامكَ لن يُقنع لأن نتيجته لن تبتعد كثيرا عن نفس الواقع الموجود أي فلسطين واستعمارها لبلداننا ولشعوبنا!)... كلامي ليس لن يُقنع، بل ربما سيضحك منه الكثيرون، لكن للأسف ستكون سخريتهم كسخرية كل متدين بدين: أصل الهولوكوست هنا دونه، لن يفهم أحد ما قيل ولن يقبله. من عرف حقيقته سيكون الأمر عنده كمعادلة رياضية بسيطة، فمثلا ألف باء منطق: أنا أستعمر أرضك بفكر قال أن أرضكَ ملك لي، كيف تؤمن بذلك الفكر ثم تظن نفسك ستُحرر أرضكَ مني؟! أيضا، الهولوكوست أسس إسرائيل، نقطة! كيف تؤمن به وهو أكذوبة وخرافة وتعتقد أنك ستتحرر من إسرائيل؟! لماذا يتواصل الدعم الغربي لإسرائيل؟ الجواب الأول: الهولوكوست! إسرائيل لن تصمد شهرا دون الغرب، فكيف يُعقل أن يستنكر أحد يؤمن بالهولوكوست دعم هذا الغرب؟! الأمر عندي لا فرق بينه وبين مسلمة صفعها زوجها ومباشرة بعد ذلك تقرأ في القرآن "واضربوهن" ولا تُفكر أصلا في العلاقة بين الاثنين وهذا عجيب جدا! ليس عندها، بل عند من يعرف ذلك الكتاب وما فيه من مآسي وعلاقتها بسلوك من يؤمنون به! الإلحاد والملحد! مفتاح عظيم الإلحاد! فتح باب سجن الأديان، يعني الخروج من التلقين، من الإيمان والتصديق دون دليل، يعني إعمال العقل ورفض المزاعم والادعاءات الزائفة وإن صدّقها كل سكان الأرض! هذا "من المفروض"، يكون النتيجة المباشرة لذلك المفتاح، لكنه للأسف ليس قاعدة، بل أحيانا كثيرة يُرى العكس أي الإيمان وليس أي إيمان! بل تصديق أعظم الأكاذيب التي نُستعبد بها جميعا تحت العالم العبراني، ولا فرق في ذلك بين الغربيين وسكان المنطقة المقدسة! هم أرقى قليلا فقط: هم يُؤكلون بعد أن يُطلق عليهم الرصاص، أما نحن فنُؤكل أحياء!
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هرطقات في هيكل العروبة (2): وهم تحرير المرأة -العربية-
-
جرثومة -العامية-
-
-المحارم- بين الحب والجنس
-
وهم حرية التعبير بين الغرب والمنطقة المقدسة
-
هرطقات في هيكل العروبة
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-4
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-3
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-2
-
عن الكراهية والحق فيها
-
قاتم (6) ليلة
-
قاتم (5) ملفات
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 14-1
-
الإلحاد والملحد ونقد الإسلام في الغرب: سلوان موميكا لا يُمثل
...
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-28
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-27
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7 ملاك: 13-26
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-25
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-24
-
قاتم (4) ...
-
قاتم (3) انتقام
المزيد.....
-
آفاق جديدة للتعاون الزراعي بين موسكو والدول الإفريقية
-
البيت الأبيض يعلق على العلاقات الراهنة بين الولايات المتحدة
...
-
أمير الكويت يصدر 4 توجيهات عاجلة
-
الجيش الروسي يطوق سودجا بمقاطعة كورسك من كافة الجهات والمعار
...
-
بن غفير يهاجم نتنياهو بعد إفراج إسرائيل عن 5 أسرى من حزب الل
...
-
إعلام غربي يتحدث عن تبعات تعليق الولايات المتحدة توريد الأسل
...
-
قيادي في حماس: نحذر الاحتلال من مخطط ما يسمى -القدس الكبرى-
...
-
عون يبحث مع الدفاع البريطانية استكمال بناء أبراج المراقبة عل
...
-
الخارجية الأمريكية متفائلة بشأن المفاوضات مع الوفد الأوكراني
...
-
واشنطن: أوكرانيا توافق على مقترح لوقف فوري لإطلاق النار 30 ي
...
المزيد.....
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|