أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نجاح محمد علي - الإبادة الجماعية بحق العلويين في سوريا: مسؤولية الجناة ومخاطر الحرب الأهلية















المزيد.....


الإبادة الجماعية بحق العلويين في سوريا: مسؤولية الجناة ومخاطر الحرب الأهلية


نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 00:32
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


منذ قرار التعيينات العسكرية والأمنية لمقاتلين سوريين وأجانب تلطخت أيديهم بدماء السوريين، والصمت المحلي والدولي عن هذه الجرائم، أصبح واضحًا أن سوريا تسير نحو كارثة إنسانية جديدة تحت مظلة ديكتاتورية سوداء ترتدي ثوبًا أيديولوجيًا متطرفًا. تلك التعيينات، التي قادها أحمد الشرع في إدلب تحت غطاء “حكومة وطنية”، لم تكن سوى خطوة نحو ترسيخ نظام استبدادي جديد، يعيد إنتاج القمع، لكن هذه المرة باسم الدين وليس الدولة.

إدلب كنموذج لسلطة الإرهاب

العمليات “التجميلية” التي أشرف عليها حقان فيدان، رئيس جهاز المخابرات التركي السابق ووزير الخارجية الحالي، هدفت إلى تقديم هيئة تحرير الشام كنموذج ناجح لإدارة إدلب، في محاولة لتلميع صورتها دوليًا. لكن تحقيقات ميدانية مستقلة كشفت أن إدلب اليوم تضم أكبر عدد من السجون والمعتقلين في سوريا، وأن حكومة الجولاني لم تتغير قيد أنملة، لا في مناهجها التعليمية ولا في سياساتها الأمنية أو الاقتصادية، ولم تتخلَّ عن مشروعها الأصلي القائم على حكم تكفيري استبدادي.

في خطاب مُسرّب عام 2014، قال الجولاني بوضوح: “قد آن الأوان لأن نقيم إمارة إسلامية على أرض الشام، نطبّق حدود الله عز وجل بكل ما تقتضيه الكلمة من معنى، دون تهاون أو مواربة.” هذا التصريح يعكس نية واضحة في إقامة حكم قمعي لا يعترف بحقوق المختلفين عنه، دينيًا أو سياسيًا، حتى لو اضطر إلى القضاء على كل من يقف في طريقه، بما في ذلك الفصائل المعارضة له.

إن تواطؤ بعض القوى الإقليمية والدولية مع هذا المشروع، سواء بدعمه علنًا أو السكوت عنه، جعل حزب “فليأت الشيطان” أكبر حزب في سوريا اليوم، حيث أصبح القتل على الهوية مبررًا، والسجون السياسية أمرًا واقعًا، والتنكيل بالمعارضين سياسة رسمية.

التحضير للإبادة الجماعية: بناء جيش طائفي وفرض السيطرة بالقوة

إن بناء “جيش جديد” على أسس طائفية، ومن مقاتلين متورطين بجرائم حرب، ليس مجرد خطوة خاطئة، بل هو تمهيد لحرب أهلية واسعة النطاق. فالتعيينات التي شهدتها إدلب، وانتشار عناصر متشددة في شوارعها، وفرض رقابة دينية مشددة على الحياة اليومية، كلها إشارات واضحة إلى توجه سلطوي لا يختلف في جوهره عن النظام الذي ثار السوريون ضده عام 2011.

منذ اللحظة الأولى، استخدمت هيئة تحرير الشام خطاب الكراهية الطائفية كوسيلة لتثبيت حكمها، فتم اعتقال وتسريح كل من يخالفها، سواء في الإدارة أو في الحياة العامة، وأصبحت إدلب مدينة يحكمها الرعب، حيث يخشى الجميع من أن يكونوا الضحية التالية لمزاج الأمنيين الملثمين في الشوارع.

لكن الكارثة الحقيقية ظهرت بوضوح مع الطريقة التي تعاملت بها الهيئة مع ما سُمي بـ”تمرد بعض ضباط النظام السابق”. لم يكن هناك تمرد حقيقي، بل كان الأمر فرصة ذهبية لشن حملة تطهير عرقي ضد العلويين، حيث تمت تعبئة الجمهور ضدهم بشكل فج، وارتكبت مجازر جماعية راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء.

جريمة الإبادة الجماعية بحق العلويين

التقارير الحقوقية التي وثّقت المجازر التي وقعت في الساحل السوري تؤكد أن ما حدث ليس مجرد انتهاكات حرب، بل هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها، والتي تنص على أن الإبادة تشمل:
1. قتل أعضاء من الجماعة : حيث تم توثيق مقتل 4000 مدنيًا حتى الآن، مع وجود مشاهد مروعة لحرق الجثث وإلقائها في البحر بعد جمعها بالجرافات.
2. إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة: تضمنت الاعتداءات أعمال تعذيب ممنهجة وقتل جماعي، فضلاً عن تهجير قسري لأعداد كبيرة.
3. إخضاع الجماعة لظروف معيشية تؤدي إلى تدميرها: حيث تم حصار القرى العلوية وقطع الإمدادات عنها، ما أدى إلى كارثة إنسانية لسكانها.

هذه الأفعال لم تكن مجرد جرائم حرب، بل كانت محاولة منظمة لتصفية طائفة بأكملها، تحت غطاء “التمرد” و”إقامة العدل”، فيما كان الهدف الحقيقي هو التطهير العرقي وإرساء نظام لا يقبل بأي تنوع ديني أو سياسي.

المجتمع الدولي ومسؤولية محاسبة الجناة

إن جرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم، ولا يمكن التعامل معها بصمت أو بيانات إدانة فارغة. فغياب المحاسبة يعني إعطاء الضوء الأخضر لجرائم أخرى. واليوم، لم يعد الحديث عن لجان تحقيق شكلية كافيًا، بل يجب التحرك الفوري عبر:
• إصدار قرار واضح من مجلس الأمن يدين الجرائم المرتكبة، ويطالب بوقف الانتهاكات فورًا.
• تحريك دعاوى أمام المحاكم الجنائية الدولية والإقليمية ضد قادة هيئة تحرير الشام وكل من شارك أو تواطأ في هذه الجرائم.
• تجميد أصول وممتلكات المسؤولين عن المجازر، وفرض عقوبات مباشرة عليهم.
• تقديم الدعم القانوني للضحايا وعائلاتهم لملاحقة الجناة أمام كل المحاكم الممكنة، سواء الوطنية أو الدولية.

إن الصمت عن هذه الجرائم يجعل من العالم شريكًا في الجريمة، خاصة أن المجازر تمت على مرأى ومسمع من الجميع، دون أي تدخل جدي لوقفها.

سوريا أمام مفترق طرق: المصالحة الوطنية أو الحرب الأهلية

إذا لم يحدث تغيير جذري في النهج السياسي والعسكري في سوريا، فإن البلاد مقبلة على سيناريو أكثر دموية. المطلوب اليوم ليس الاكتفاء بالشجب والإدانة، بل التحرك العاجل نحو:
• تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تمثل جميع السوريين، وتعمل على إنهاء سيطرة الميليشيات.
• إعادة بناء الجيش والشرطة على أسس وطنية بعيدًا عن الفصائلية والطائفية.
• إلغاء جميع المراسيم والقرارات الدكتاتورية التي كرّست حكم الأمر الواقع في إدلب.
• عقد مؤتمر وطني شامل يضع خارطة طريق لإنهاء الصراع وبناء دولة عادلة تحمي جميع مواطنيها.

إن التحديات التي تواجه سوريا اليوم خطيرة، لكن الأمل في التغيير لم ينتهِ بعد. لا يمكن السماح بتكرار المآسي، ولا يجب أن يصبح القتل على الهوية مشهدًا عاديًا في الحياة اليومية. العدالة يجب أن تأخذ مجراها، والجناة يجب أن يُحاسبوا، لأن غياب المحاسبة يعني استمرار الجريمة، بل وتكرارها في أماكن أخرى.

المعركة ضد التطرف والاستبداد لم تنتهِ، لكنها بحاجة إلى أصوات قوية تقف ضد الظلم، وإرادة حقيقية لإعادة بناء سوريا على أسس العدالة والمواطنة، لا على الدماء والكراهية.



#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)       Najah_Mohammed_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: إبادة العلويين بصمت مريب
- المجازر ضد العلويين : صفحة جديدة من المأساة السورية
- الجيش الصهيوني يخطط لعمليات اغتيال مركزة: استراتيجية جديدة ل ...
- العلاقة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في ظل العملية العسكري ...
- وهم الوثوق بأمريكا: تعلموا الدرس من زيلينسكي
- المتغطي بالأمريكان عريان: المثال الأوكراني نموذجًا
- أوجلان يدعو للسلام: هل تتراجع تركيا عن العراق؟
- زيارة لافروف إلى إيران في الإعلام الروسي: تحالف استراتيجي أم ...
- صراعات الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الدولة العميقة بعد إعا ...
- تقدير موقف: العلاقات العراقية-الإيرانية والتحديات الأمنية وس ...
- جسر الثقافات: الاحتفال بالتعايش والحوار في مهرجان الانسجام ب ...
- تقييم قمة الرياض وتأثيراتها على إيران والعراق ومحور المقاومة
- خطة لنقل جميع سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء كخيار مفضل
- المهمة الحيوية لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة
- هل ايران متورطة في طوفان الأقصى..؟!
- اتفاقية عدم اعتداء سعودية ايرانية مطلوبة قبل إعلان التطبيع م ...
- شرق أوسط جديد ..فقاعة بايدن الانتخابية !
- كركوك مدينة القوميات المتآخية تبحث عن هوية
- سوريا أزمة تلد أزمات
- الوجود الأمريكي في العراق وسوريا : ما الذي تغير؟


المزيد.....




- روسيا تعلن استعادة 100 كيلومتر مربع في كورسك وتهدد قدرات كيي ...
- مصر.. الداخلية تعلن ضبط 3 تشكيلات عصابية جديدة تحتال على الم ...
- -لا مقارنة إطلاقا-.. نجيب ساويرس يرفض تشبيه خالد مشعل حرب 19 ...
- اتفاق قسد والحكومة السورية بين شبح الحرب الأهلية وسوريا لامر ...
- الجزائر تستورد مليون رأس ماشية استعداداً لعيد الأضحى
- فيديوهات تحريضية ضد العلويين في سوريا تثير غضبا
- مفاوضات السلام في السعودية: زيلينسكي يعرض خطته لوقف الحرب مع ...
- هل يصوم لامين يامال في رمضان؟
- انتخابات مصيرية في غرينلاند: الاستقلال أم النفوذ الأمريكي؟
- كيف صارت السعودية وسيطا أساسيا في الأزمات العالمية؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نجاح محمد علي - الإبادة الجماعية بحق العلويين في سوريا: مسؤولية الجناة ومخاطر الحرب الأهلية