أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد السامرائي - إنكار الواقع وتطبيق نظرية الحصان الميت, سياسة لا تبني دولة.














المزيد.....


إنكار الواقع وتطبيق نظرية الحصان الميت, سياسة لا تبني دولة.


عماد السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 19:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حقيقة السياسة الفاشلة التي تتبعها الحكومات عندما ترفض مواجهة الواقع مواجهة حقيقية، تكاد تكون هذه الألية واضحة الوجود في سياسة الكثير من دول الشرق الوسط وللأسف إن العراق يُعَدْ أحد هذه البلدان ، بلد الرافدين الذي كان في يوم من الأيام مهداً للحضارات التي أغنت الإنسانية بتراثها الإنساني الزاخر . من خلال متابعة الأحداث على مدى العقود الماضية أستطيع أن استحضر هنا حِكمه يستخدمها قبائل الهنود الحمر في داكوتا تعتبر واحدة من الحِكَمْ التقليدية السائده هناك يطلقون عليها “نظرية الحصان الميت” (Dead Horse Theory)  مفادها …( إذا اكتشفت أنك تركب حصانًا ميتاً،  فإن أفضل استراتيجية هي النزول عنه). هذه الحكمة لها بعد فلسفي عميق تحمل في طياتها دعوه إلى الابتعاد عن العبثية في مواجهة الواقع، بمعنى آخر الاعتراف بالمشكلة ومحاولة البحث لها عن حلول جديدة ومتحضرة تتماشى مع العصر، وما نشاهده على الوقع العكس تماماً لما تقوم به الحكومات الفاشلة اليوم من خلال وضع حلول ترقيعية مستهلكة ومشتقة أن لم تكن مستنسخة من خلال تجاربها السابقة، حيث نجدها تارةً تقوم بشراء أغلى سرج على أمل أن ينعش الحصان أو أن تشكيل لجنة لدراسة أسباب موت الحصان ومن ثمّ تعيين مستشارين لإعادة تأهيل الحصان، وقد يتطلب الأمر إلى مقارنة وضع الحصان الميت بأحصنة ميتة في دول أخرى لتبرير الاستمرار وبعض الأحيان يمكن لها أن تَدَّعي أن الحصان لا يزال يتحرك، لكنه يحتاج إلى مزيد من الوقت.
هذه العقلية ليست مجرد نكتة إدارية، بل هي انعكاس حقيقي لسياسات فاشلة تتبعها الحكومات التي ترفض مواجهة الواقع، وهو ما نراه اليوم بشكل واضح في العراق.فالعملية السياسية هنا يمكن لنا ان نشبهها بذاك الحصان الميت والساسة من حوله يرفضون النزول عن ظهره،فعلى مدى عقود يعاني العراق من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية خانقة، ورغم تغير الحكومات، إلا أن النهج الإداري لم يتغير، بل ازداد تعقيدًا بسبب إصرار الطبقة الحاكمة على إنكار الواقع بدلًا من مواجهته. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الفساد المستشري الذي انهك الدولة وميزانيتها، أو تلك الإصلاحات الشكلية وغياب المعالجة الجوهرية حتى اصبح الفساد سمةً مؤسساتية في البلد والحكومات المتعاقبه مستمرة ولا تزال تتبع نفس الأساليب العقيمة، مثل تشكيل لجان مكافحة الفساد التي غالبًا ما تضم شخصيات متورطة أصلاً في الفساد نفسه!!! فبدلًا من اقتلاع الفاسدين، يتم الالتفاف على المشكلة بتغييرات شكلية تُبقي النظام نفسه دون أي إصلاح حقيقي.
والمحور الآخر الذي هو جزء مهم في جسد الدولة ألا وهو الاقتصاد الريعي والإصرار على التمسك بالنفط كمصدر وحيد وكأن البدائل غير موجودة أو لا تذكر، وهذا مانجده في سياسة الدولة اليوم إذ يعتمد العراق بشكل شبه كامل على النفط، ومع كل أزمة في أسعار النفط، تدخل البلاد في شلل اقتصادي بينما الحكومات المتعاقبة تواصل الاعتماد على نفس نفس المصدر بدلًا من تنويع مصادر الدخل عبر دعم الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها من اركان الدولة الشبه معطلة.
أما عن قطاع الخدمات فحدث ولا حرج والتي اقل ما يمكن وصفها بالمتردية وما تشهده ماهو إلا عمليات ترقيع بين الفينة والأخرى بدلًا من بناء جديد وتطوير بناها التحتية، والذي تشهد الأخيرة فيها بالانهيار بالرغم من الميزانيات الضخمة، الشوارع تغرق مع كل موجة أمطار، والكهرباء تنقطع رغم عقود من الوعود بحل المشكلة. الحلول التي تقدمها الحكومات عادةً لا تتجاوز مسألة “الترقيع” بدلًا من وضع خطط جذرية لإصلاح النظام بالكامل.
وعليه يبقى المشهد السياسي هو العامل المؤثر الأول لشلل جسد الدولة من خلال عمله على إعادة تدوير الفاشلين، فالطبقة السياسية نفسها تعود كل مرة بوجوه مختلفة ولكن بذات النهج، وكأن العراق لا يمتلك كفاءات قادرة على القيادة. يتم الترويج لكل تغيير سياسي وكأنه تحول جذري، لكنه في الحقيقة مجرد إعادة تدوير للحصان الميت بأسماء جديدة.

هل من مخرج؟

لا يمكن بناء دولة عبر إنكار المشكلات الحقيقية أو التظاهر بأن الحلول الفاشلة لا تزال صالحة. العراق بحاجة إلى عقلية جديدة في الحكم، تعتمد على الاعتراف بالمشاكل بدلًا من التستر عليها، ووضع استراتيجيات طويلة الأمد بدلًا من المعالجات المؤقتة.

إذا لم تدرك القيادات أن حصانها ميت، ولم تتوقف عن المحاولات العبثية لإحيائه، فسيبقى العراق يدور في نفس الحلقة المفرغة، وسيظل المواطن هو الضحية الأكبر لهذا الإنكار الجماعي للواقع.

9/3/2025
أوسلو/النرويج



#عماد_السامرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استخدام الدراما الفنية في إثارة الفتن، جدلية الشخصيات التاري ...
- رجل الفودغا: قراءة نقدية
- إذا فسدت البيئة، فلا بد للإنسان أن يحتمي بعقله…
- الصحافة الصفراء في الإعلام العربي: قراءة في مقابلة قناة العر ...
- تلاعب السلطة الإعلامية بالعقول وصناعة( الوعي المعلّب)
- النقد والانطباع, اختلافه وتأثير المزاج في تقييم الأعمال الفن ...
- ظاهرة الفاشنيستات وأثره على تدهور الإعلام في العراق
- مستر نوركَه ورحلة سمك السلمون


المزيد.....




- كندا.. انتخاب مارك كارني زعيما للحزب الليبرالي ليحل محل ترود ...
- ماذا قال مبعوث ترامب لـCNN عن أول محادثات مباشرة مع -حماس-؟ ...
- ترامب يهاجم الإدارة السابقة بسبب كييف
- واشنطن بوست: شركة تركية متورطة في تزويد الجيش السوداني بطائر ...
- البرلمان الأوكراني يسحب مشروع قانون المسؤولية عن التعبئة غير ...
- السيناتور الأمريكي غراهام يعتزم تقديم مشروع قانون حول عقوبات ...
- -كم ستبقون؟-.. أمين عام حزب الله اللبناني يهدد الإسرائيليين ...
- تقدم روسي في كورسك ودونيتسك.. وواشنطن تتخلى عن دعم كييف
- -أوشن فايكينغ- تنقذ 25 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا (صور)
- أوكرانيا ستحاول خلال لقاء السعودية إقناع واشنطن باستئناف الد ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد السامرائي - إنكار الواقع وتطبيق نظرية الحصان الميت, سياسة لا تبني دولة.