أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير خالد يحيي - سوريا.. معركة الوحدة في مواجهة رياح التقسيم والعقوبات والتحريض الخارجي















المزيد.....


سوريا.. معركة الوحدة في مواجهة رياح التقسيم والعقوبات والتحريض الخارجي


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 17:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خرجت سوريا من أتون حرب دامية دمرت بنيتها التحتية، أنهكت شعبها، وأغرقتها في بحر من التدخلات الخارجية، لكنها رغم ذلك لا تزال واقفة، تحاول إعادة بناء ذاتها من بين الرماد. ومع سقوط النظام السابق، وقيام حكومة انتقالية تحاول فرض الاستقرار، تواجه البلاد أخطر تحدٍ يهدد بقاءها: التقسيم الطائفي والعقوبات الدولية التي تعرقل إعادة الإعمار، إضافة إلى حملات التحريض والتشويه الإعلامي من بعض الأطراف العربية التي لا تزال تتعامل مع سوريا كساحة نفوذ وصراعات سياسية.

بين خطر الطائفية ومخاطر التدخل الخارجي

رغم أن الحكومة الانتقالية سعت منذ البداية إلى نبذ الطائفية، مؤكدة أن "سوريا للجميع"، إلا أن بقايا النظام السابق، إلى جانب قوى أخرى مدعومة خارجيًا، لا تزال تحاول إعادة عقارب الزمن إلى الوراء. رفض بعض الأطراف، مثل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والفصائل الدرزية، الانضمام إلى الجيش الوطني، زاد من تعقيد المشهد، خاصة مع محاولات استقوائها بدعم خارجي.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل امتد إلى الساحل السوري، حيث حاولت فلول النظام السابق تنظيم انقلاب مسلح، مستغلة الإرث الطائفي المتوتر في المنطقة. الإعلان عن "درع الساحل" كمليشيا عسكرية تهدف إلى السيطرة على المنطقة أعاد إلى الأذهان شبح الحرب الأهلية، مما استدعى تحركًا سريعًا من قبل الحكومة الانتقالية لاحتواء الموقف قبل انفجاره.

فتن الفلول.. عرقلة رفع العقوبات وإعاقة البناء

لا تقتصر جهود فلول النظام السابق على زعزعة الاستقرار الأمني، بل تتعداها إلى محاولات عرقلة أي خطوة نحو رفع العقوبات الدولية عن سوريا. مع كل خطوة تتخذها الحكومة الانتقالية لإعادة بناء المؤسسات، تبدأ الفلول بحملات منظمة لتشويه الصورة أمام المجتمع الدولي، متخذة من ورقة "الأقليات" ذريعة للضغط على الأمم المتحدة.

لطالما كانت مزاعم "الاضطهاد الطائفي" وسيلة مكشوفة لابتزاز القرارات الدولية، والآن يتم توظيفها بشكل ممنهج لمنع رفع العقوبات، مما يحرم سوريا من مشاريع تنموية حيوية تحتاجها بشدة. فالعقوبات المفروضة ليست مجرد إجراء سياسي، بل هي قيد خانق يمنع توفير الخدمات الأساسية، ويعرقل بناء المؤسسات الحكومية، ويؤخر مشاريع البنية التحتية التي من شأنها تحسين حياة السوريين.

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الانتقالية إلى بناء هيكلية الدولة، واستعادة دورها في تقديم الخدمات، تعمل فلول النظام السابق على إقناع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن رفع العقوبات سيؤدي إلى انتهاكات بحق "الأقليات"، رغم أن الوقائع على الأرض تثبت عكس ذلك تمامًا.

التحريض الإعلامي.. الدور العربي في تأجيج الأزمة

لم تقتصر التحديات التي تواجه سوريا على العقوبات والتدخلات الخارجية المباشرة، بل امتدت إلى حملات إعلامية منظمة يقودها بعض الأشقاء العرب، سواء عبر الفضائيات أو منصات التواصل الاجتماعي، بهدف تشويه صورة الحكومة الانتقالية وإثارة الفتنة بين مكونات الشعب السوري.

بعض أشقاءنا في الدول العربية، الذين يفترض أن يكونوا داعمين لاستقرار سوريا، انخرطوا في أجندات إعلامية مشبوهة، تسعى إلى بث الفرقة بين السوريين عبر تضخيم الخلافات، وشيطنة جهود إعادة الدولة، والترويج لنظرية أن "سوريا لن تتعافى إلا بعودة النظام السابق". هذه الرسائل الإعلامية لا تخدم سوى القوى التي تريد إبقاء سوريا ضعيفة ومنهكة، رهينة للفوضى والتدخلات الخارجية.

منصات التواصل الاجتماعي تحولت إلى ساحة أخرى للصراع، حيث يتم التلاعب بالرأي العام السوري عبر حملات إلكترونية موجهة، تهدف إلى تقويض ثقة المواطنين بحكومتهم، وبث الإحباط، ودفع الناس إلى فقدان الأمل في مستقبل أفضل.

مسؤولية الجميع.. الداخل والخارج

ليس المطلوب اليوم أن يتبنى الجميع موقفًا موحدًا من الحكومة الانتقالية، فالنقد البناء والاختلاف السياسي حق مشروع، لكن ما لا يمكن التساهل معه هو استدعاء القوى الخارجية للتدخل في الشأن السوري، أو تغليب الطائفية على حساب الوحدة الوطنية، أو المشاركة في حملات إعلامية هدفها بث الفوضى بدلًا من دعم الاستقرار.

كما أن على الدول العربية والمجتمع الدولي إدراك أن سوريا اليوم ليست مجرد ساحة صراع، بل وطن يحاول إعادة بناء نفسه. الدعم يجب أن يكون من أجل الاستقرار، لا من أجل تغذية الانقسامات أو إطالة أمد الأزمة عبر العقوبات الجائرة والحملات الإعلامية العدائية التي لم تحقق سوى المزيد من المعاناة للشعب السوري.

لقد عانت سوريا كثيرًا من تحريف مفهوم الحرية، حيث استُخدم أحيانًا كذريعة لنشر الفوضى، واستُغل من قبل أطراف لا تريد الخير للبلاد. ولذلك، فإن أي موقف سياسي، سواء كان مؤيدًا أو معارضًا، يجب أن يكون منطلقه الأساسي هو مصلحة سوريا، وليس أجندات شخصية أو خارجية تهدف إلى إضعاف الدولة.

القانون فوق الجميع.. والمصلحة الوطنية هي الأساس

في أي دولة حديثة، القانون هو الحكم بين الجميع، وهو الذي يضمن عدم انزلاق الخلافات السياسية إلى مواجهات تهدد الأمن والاستقرار. اليوم، سوريا بحاجة إلى ثقافة سياسية جديدة، تقوم على فكرة أن المعارضة ليست خيانة، والتأييد ليس تبعية، وأن الجميع شركاء في هذا الوطن، لكنهم جميعًا تحت القانون، بلا استثناء.

أي معارضة بناءة يجب أن تكون هدفها تحسين الأداء الحكومي، وتقديم بدائل واقعية لحل المشكلات، وليس مجرد رفض عشوائي لكل شيء. وبالمثل، فإن أي تأييد للحكومة يجب أن يكون قائمًا على وعي وإدراك لما تقوم به، وليس مجرد موقف عاطفي أو مصلحي.

وعي الشعب هو الحصن الحقيقي ضد محاولات التخريب

في ظل وجود حملات إعلامية مضللة، ومحاولات مستمرة لزرع الفتنة، يصبح وعي الشعب السوري هو السلاح الأقوى لمواجهة أي مخطط يهدف إلى تفكيك البلاد أو إبقائها رهينة للصراعات. المطلوب اليوم هو عدم الانجرار وراء الاستقطابات الحادة، بل التفكير بمصلحة سوريا ككل، بعيدًا عن الانتماءات الضيقة.

فلا سوريا ستنهض بدون حكومة قوية، ولا الحكومة ستنجح بدون شعب واعٍ يدرك حقوقه وواجباته. الوحدة الوطنية لا تعني أن الجميع يجب أن يكونوا بنفس الرأي، لكنها تعني أن الاختلاف يجب أن يكون ضمن إطار يحمي البلاد من الانقسامات، ويضمن استقرارها ومستقبلها.

ختامًا.. سوريا تحتاج إلى الوحدة قبل كل شيء

في لحظات التحولات الكبرى، تكثر الأصوات المتباينة، لكن الحقيقة الثابتة هي أن سوريا لن تقوم لها قائمة إذا استمرت في التشرذم. الطريق نحو الاستقرار طويل وصعب، لكنه ممكن إذا توحدت الجهود خلف هدف واحد: بناء دولة حديثة، تتجاوز مخلفات الماضي وتؤسس لمرحلة جديدة.

إن من يحب سوريا، لا يمكنه إلا أن يدعم وحدتها، حتى لو اختلف مع حكومتها أو قيادتها الحالية. لأن البديل الوحيد هو التفكك، وحينها لن يكون هناك مجال للجدل، بل فقط للحسرة على وطن ضاع بين المصالح المتصارعة.
#دعبيرخالديحيي



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا بين فكي العاصفة: تحديات الداخل والخارج
- بين المبدأ والانتهازية.. الفن حين يكشف الوجوه الحقيقية
- تجليات العزلة والاعتراف في السرد الوجداني : قراءة في بناء ال ...
- مي سكاف: نجمة الحرية التي أبت أن تنطفئ
- حسن نصر الله: زيف إيران الذي احترق بنيران الحقيقة
- أدب الرحلات المعاصرة: سفر في الجغرافيا والذات دراسة ذرائعية ...
- اغتيال الحريري: الرصاصة التي فجّرت لبنان
- (ألفيّة القس جوزيف إيليا) بين هندسة الشكل وجمالية القيَم في ...
- مجزرة حماة 1982: إبادة جماعية بأوامر الأسد وجرح لم يندمل
- الروح الضائعة في اللحن المكسور : بين الشغف والتضحية دراسة ذر ...
- مأساة الأطفال المختطفين من أبناء المعتقلين في سوريا: جريمة إ ...
- النقد وأدب الذكاء الاصطناعي
- الميتاقص- أساليبها وتمظهراتها في قصة / رسول الشيطان/ للقاص ا ...
- ديستوبيا الماسونية الجديدة في رواية (العوالم السبع) للأديب ا ...
- أدب الرسائل عند الأديبة حياة الرايس (رسائل أخطأت عناوينها) د ...
- قراءة في رواية / جبل الزمرد/ للروائية المصرية منصورة عز الدي ...
- تجلّيات المكان في أدب الحرب رواية / زند الحجر/ أنموذجًا للكا ...
- اقرئي.. ابحثي.. واكتبي
- فن الواو.. فن الإيحاء والتجريد بمفهوم ذرائعي الناقدة الدكتور ...
- جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأ ...


المزيد.....




- الشرع يتعهد بـ-محاسبة المتورطين في مقتل المدنيين- خلال أحداث ...
- روسيا تطور مسيرات بمواصفات فريدة
- نعيم قاسم يتحدث عن -مؤشرات متوفرة بقوة- على تقسيم سوريا
- رومانيا.. استبعاد اليميني المتطرف جورجيسكو من جولة الإعادة
- -وكأنك تأخذ حلوى من طفل-.. ترامب يصف تلقي زيلينسكي أموالا أم ...
- موسكو وواشنطن تطالبان بمشاورات مغلقة في مجلس الأمن بشأن سوري ...
- الإعلام السورية تصدر بيانا هاما عن صور ومقاطع فيديو جرى تداو ...
- إسرائيل تواصل قصف قطاع غزة قبيل مفاوضات مرتقبة في الدوحة
- البيان الختامي لاجتماع دول جوار سوريا
- مقتل عسكري وإصابة مدنيين برصاص الجيش الإسرائيلي جنوبي لبنان ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير خالد يحيي - سوريا.. معركة الوحدة في مواجهة رياح التقسيم والعقوبات والتحريض الخارجي