أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - -تفليل- العلويين ونفاق الإعلام العربي!















المزيد.....


-تفليل- العلويين ونفاق الإعلام العربي!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 09:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا خلاف في أن سقوط النظام المجرم أدى إلى تضرر فلول النظام الحقيقيين من ضباط القصر، ومسؤولي الأجهزة الأمنية، وعناصر المخابرات الذين عاثوا إجراماً على مدى أربع وخمسين سنة. هؤلاء خسروا مكانتهم وسطوتهم، بعدما كانوا كلاباً أميرية تحمي النظام بوحشية. سواء نجح بعضهم في تسوية أوضاعهم أم لم ينجحوا، فإنهم - وفق تصوري - لن ينجوا من المثول أمام محاكم العدالة الانتقالية، أو ربما الانتقائية، حيث إن بعض المتورطين في الجرائم قفزوا سريعاً إلى مراكب العهد الجديد.
لا يمكن إنكار أن نداء بعض مشايخ العلويين الموجه إلى إسرائيل - رغم دلالته على الجهل السياسي - جاء بعد استهداف العلويين وتهديدهم، وارتكاب العديد من الجرائم بحقهم، التي اعتُبرت مجرد "حوادث فردية" من قبل أولي الأمر. كما أن تأسيس "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، وتهديدات إيران، وتحركات فلول حزب الله المهزومين، ومصلحة روسيا في استعادة تدخلها والتحكم بالقصر الجمهوري الذي تتنازع عليه تركيا وبعض الدول العربية، كانت كلها عوامل وراء رفض بعض القوى تسليم أسلحتها للنظام الجديد.
العلويون بين التعميم والانتقام
صحيح أن فلول الأسد هم نتاج نظامه الذي لفظه حتى العلويون الشرفاء، الذين كان أبناؤهم من أوائل المعارضين له، وعانوا من سجونه كما عانى غيرهم من السوريين. إلا أن ما يجري اليوم من عمليات قتل ممنهج واعتداءات على المدنيين في الساحل السوري يتجاوز مسألة مواجهة الفلول. ولا يمكن القبول بتسويغ قتل المدنيين العزل لمجرد انتمائهم الطائفي، أو نهب ممتلكاتهم تحت غطاء محاربة النظام.
الطبيب، الصيدلاني، الأكاديمي المدني الذي يُقتل في بيته لا علاقة له بمخططات إيران أو إسرائيل أو روسيا. استخدام مصطلح "الفلول" بهذا الشكل الفضفاض، بحيث يُشمل به كل علوي، هو خطر حقيقي، ويفتح الباب أمام انتهاكات لا تقل وحشية عن جرائم النظام السابق. ما يحدث من سرقة ممتلكات الفقراء، وقتل القاصرين أمام أعين عائلاتهم، وارتكاب مجازر بمحاكمات ميدانية، كلها ممارسات تعيد إلى الأذهان ما كان يفعله النظام داخل السجون وخارجها. الفرق الوحيد أن القتلة الجدد لا يخفون جرائمهم، وربما سنسمع قريباً عن مقابر جماعية، أو رمي الجثث في البحر كما كان يفعل النظام.
مسؤولية القيادة الجديدة
إطلاق يد الفصائل الإرهابية في مناطق العلويين مسؤولية القيادة الجديدة، وعلى رأسها السيد أحمد الشرع. خطابه الأخير حمل نبرة وعيد تذكرنا بخطبة الحجاج بن يوسف الثقفي، بينما كان الأجدر به أن يوجه رسالة طمأنة إلى السوريين، لا أن يعيد إنتاج خطاب الأسد، الذي طالما كان مليئاً بالافتراءات. من المؤسف أن الفريق الاستشاري المحيط به لم يوجهه نحو خطاب أكثر مسؤولية، يراعي حساسية الوضع، ويعزز الاستقرار بدلاً من التحريض على مزيد من العنف.
نفاق الإعلام العربي
لم يكن الإعلام السوري، في ظل نظام الأسد، سوى آلة كذب وتضليل. وكنا نأمل أن يكون الإعلام الجديد أكثر شفافية، لكنه للأسف سقط في الفخ نفسه. لم يعكس الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين الأبرياء في الساحل، بل تبنى خطاباً سلطوياً لا يختلف كثيراً عن إعلام النظام السابق. الإعلام ليس ملكاً للسلطة الجديدة، بل هو ملك لكل السوريين الذين قدموا تضحيات جسيمة للوصول إلى هذه المرحلة.
نحن جميعاً مع محاسبة فلول النظام البائد وفق معايير العدالة الانتقالية، لا الانتقائية، لكن تحويل كل علوي إلى "فلول" هو خطر يهدد النسيج السوري. هناك من يسعى لتكريس منطق الانتقام، مستغلاً حالة الفوضى، وهو منطق لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والانقسام. سوريا ليست دولة لطائفة واحدة، بل لكل السوريين، وأي وهم بأن هناك "أكثرية" تمتلك حق الهيمنة هو خطأ قاتل. كسني، واراثياً، بما لايد لي في ذلك، لا أقبل دولة قائمة على الطائفية، وأرفض- كشخص- فكرة " تطييف الانتماء". لأن سوريا يجب أن تكون لجميع أبنائها.
المؤامرات الإقليمية
لا شك أن هناك جهات إقليمية تسعى إلى تشويه ما يحدث في سوريا. بعض القوى تستغل الفوضى لتبرير تدخلها، سواء تحت ذريعة محاربة الإرهاب أو حماية الأقليات. الإرهابي القادم من وراء البحار يُقدَّم كقديس في بعض وسائل الإعلام، بينما يتم التغاضي عن المجازر التي تُرتكب بحق الأبرياء. بعض النخب اليسارية، والقومية، والإسلاموية، تتواطأ مع هذه الأجندات بدافع الحقد على حكم البعث وآل الأسد، لكنها في الواقع تسهم في تدمير سوريا.
نعم، يجب تقديم كل بقايا النظام المجرم إلى المحاكم، لكن دون أن يتحول ذلك إلى ذريعة لتسويغ انتهاكات جديدة. ما فعلته الفصائل الإجرامية في المناطق الكردية من نهب وجرائم في عفرين، سري كانيي، وتل أبيض، يتكرر الآن في الساحل، بالأدوات ذاتها و بالوحشية. ذاتها
مؤكد أن هناك أيضاً من يحاول جر الكرد إلى هذه المعادلة، عبر نشر الأكاذيب عن علاقتهم بما يجري في الساحل. إنها محاولة لتجهيزهم ليكونوا الضحية التالية، بعد أن فشلت المخططات السابقة ضدهم في السويداء.
البئر والغطاس
أعتز بأنني، منذ اليوم الأول، ابتهجت واحتفلت بسقوط آلة النظام البعثي الأسدي المجرم، لكنني لم أنسَ أن أسجل حذري وملاحظاتي على أدوات الإسقاط. كنتُ مع قلة نادرة ممن اختاروا السباحة عكس التيار، بينما كان عشرات ممن حولي يحاولون إقناعي بأنني مخطئ، مرددين وعوداً زائفة: "الجولاني مجرد مرحلة عابرة، وسيسلم البلد لديمقراطيين!" لكن الأيام كشفت زيف تلك الادعاءات، والآن، يعود معظم هؤلاء أدراجهم بعد أن رأوا بأعينهم المصير الذي حذرتُ منه منذ البداية، والذي لم يكن إلا انزلاقاً إلى ظلام أشد.
سوريا بين العقل والفوضى
من نصب الكمين لعناصر "الحكومة" يجب تقديمه إلى المحاكمة، لكن ما يحدث اليوم ليس محاسبة عادلة، بل تطهير طائفي. على السوريين أن يدركوا أن التعويل على القوى الخارجية لن يجلب لهم سوى مزيد من الدمار. جميع القوى الإقليمية والدولية - من تركيا وإيران وروسيا وأمريكا وحتى إسرائيل - لا يهمها سوى مصالحها. لا أحد منهم يكترث إذا دُمرت سوريا" بالكامل"، طالما أن مكاسبهم مضمونة، في الوقت الذي تحتفل دول مغرضة: تركيا قطر إيران بإيصال سوريا إلى هذا المصير التراجيدي.
إن الحل الوحيد هو الاحتكام إلى العقل، ورفض منطق الانتقام والتصفية العرقية. هذه رسالة إلى أولي الأمر في دمشق، ليتراجعوا عن أخطائهم، ويعيدوا سوريا إلى مسارها الصحيح. البلاد لن تستقر إذا استمرت دوامة القتل، والميليشيات الإجرامية لن تبقى إلى الأبد. سوريا ستبقى لشرفائها، مهما حاول المرتزقة تقسيمها.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عين الكروم جارة العاصي المجيد
- ثقافة الثأر في سوريا: تهديد للسلام والمستقبل وضرورة محاكمة ا ...
- خالد كمال درويش: والآن، من يستقبلنا بابتسامته الملازمة!
- وباء التحريض: ديناميكية الخسَّة وصناعة الانحطاط
- في العنف والعنف المضاد أو ثقافة العبث وجذور العنصرية القديمة
- من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح
- الالتفاف على القضية الكردية في سوريا الجديدة: إعادة إنتاج ال ...
- تشويه صورة الأقليات في سوريا: وهم الأكثرية وصناعة الإقصاء
- تشويه الصورة المصطنعة ل- الأقليات- في سوريا: وهم الأكثرية وص ...
- الكرد في سوريا بين الإقصاء الممنهج ووعود الخداع
- أول رمضان سوري دون حكم البعث والأسد
- سحر أنقرة ينقلب على رؤوس طباخيها.1
- ضدَّ إعادة تدوير نظام البعث – الأسد
- الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم
- بيان استنكار لماسمي بمؤتمر الحوار الوطني
- ملك العود ملك المقامات: رشيد صوفي ما كان عليك أن تغادرنا الآ ...
- زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد ...
- الكتابة عبر الذكاء الاصطناعي وسلطة الكاتب
- أبواق الفتنة والتهليل لقرع طبول الحرب!
- فيمن ينتظرون حرباً تركية ضد الكرد السوريين: من يخرج بسواد ال ...


المزيد.....




- بذكرى تعود لعام 1971.. شمس البارودي تروي قصة ارتباطها بحسن ي ...
- حقيقة صورة متداولة لطفلة زُعم أنها -قُتلت- خلال أحداث الساحل ...
- فيديو مثير للجدل لرئيس لجنة الأمن القومي بالكنيست الإسرائيلي ...
- -تلغراف-: مخطط استخباراتي روسي للسيطرة على طرق الهجرة إلى أو ...
- سوريا: الشرع يتعهد بمحاسبة كل -من تورط في دماء المدنيين-
- ماسك يعلق على منع جورجيسكو من المشاركة في الانتخابات في روما ...
- أوكرانيا توقع مذكرة تفاهم مع شركة ألمانية لتصنيع أنظمة الدفا ...
- مسؤول سوري يرصد الأوضاع في اللاذقية بعد انطلاق المرحلة الثان ...
- الولايات المتحدة منفتحة على الشراكة مع الكونغو الديمقراطية ف ...
- -جسر للوصول للفرات والعراق-.. عضو كنيست إسرائيلي يثير الجدل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - -تفليل- العلويين ونفاق الإعلام العربي!