أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بثينة تروس - حكوماتنا ومظالم نسوية مستمرة!














المزيد.....


حكوماتنا ومظالم نسوية مستمرة!


بثينة تروس
(Buthina Terwis)


الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 04:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لقد استوقفني شعار احتفال هذا العام بيوم المرأة العالمي، الذي يحمل شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات". وأثناء مروري بمرحلة الكهولة، تعجبت: لماذا ظلت هذه المطالب البسيطة في جوهر العدالة أمراً عصياً على التحقيق؟ كيف أمضينا أعمارنا في السعي وراء هذه الحقوق ولم نحقق بعد ما نصبو إليه؟ تخصيصاً في ظل هذه الحرب، انتهى الحال بالنساء إلى البحث عن أساسيات الحياة من سكن، أمن، غذاء ، كساء وعلاج! ثم مرّ في ذاكرتي بعض من مظالم حياتنا في ظل دولة أوليغارشية يحرسها علماء السلطان والعسكر. بين حكومة جعفر نميري (16 سنة) وحكم الحركة الإسلامية برئاسة البشير (30 سنة)، لم تصنع تلك الأنظمة إلا المزيد من الذل والهوان للنسا، وإهدار طاقاتهن عبر الأجيال المتعاقبة.
حين دق جرس الطابور، تم جمعنا في باحة المدرسة. تم الإعلان عن أن جميع المدارس ستخرج اليوم لاستقبال "السيد" محمد عثمان الميرغني. كانت فرحتنا العارمة لأن اليوم سيكون بلا جهد دراسي. نعم، كان هذا الدرس الأول في التسييس. مشهد أطفال تحت شمس الظهيرة الحارقة، بلا ماء، يقفون لساعات طويلة في انتظار وصول قطار السيد. في بلد لم تعرف قيمة الزمن إلا في ظل الاستعمار، كان زعماء القبائل والإدارات الأهلية هم الأجهر صوتاً والأطول في الصفوف الأمامية. وأطل السيد ملوحاً بيده من نصف نافذة القطار، بينما الشعب يهتف متدافعًا عاش (أبو هاشم)! لم نشاهده. ثم شهدنا أحزابًا طائفية لم تُفطم عن التعلق بالسلطة.
وفي الديمقراطية القصيرة، تم حشدنا لكي نمارس التصويت في الانتخابات. لفونا بالثياب وأعطونا أسماء نساء غائبات. بعد الاقتراع، مددنا أصابعنا النحيفة ليخط لنا الرجال "الكذبة" علامة بالحبر (الكوبيا) على أننا قد قمنا بالتصويت. كانت هناك لجان خارجية وأخرى تضم شيوخ الحي المحترمين! الجميع كان يعلم أن هذه الكشوفات مزورة، وأننا كنا مجرد ممثلين. هكذا تم تشويه الديموقراطية في أعيننا كصبايا. تلك بدايات سابقة لانتخابات "الخج" التي برعت فيها حكومة الاخوان المسلمين، على نحو يؤكد أن السياسة كانت مجرد لعبة ذكورية بلا أخلاق.
شيطنة الحركة الإسلامية في مشروعها المزعوم "إعادة صياغة الإنسان السوداني" كان هدفها الأول هو التمكين. تم تحويل حظ أخوات نسيبة إلى مجرد صفقات بين الاستثمار والبرلمان. تُمرر قرارات لقهر النساء، ويتم تشريع قوانين تهينهن بدلاً من أن تحميهن، كما فعلت القانونية بدرية سليمان، التي شرعت معهم قوانين سبتمبر 1983 ً. وتبارت اللجان الأمنية والعسكر في سبيل رضا الحكام، فسنوا قوانين النظام العام، وأقاموا محاكم للزي ومخالفة الآداب العامة. بينما قادة الإسلاميين لا يتورعون عن ارتكاب الزنا وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، بل في شهر رمضان، دون عقاب أو رادع. ويشرّع لهم الفقهاء بأن عورة النساء أشد جرماً من فساد الحكام.
قد عانت النساء المناضلات من أجل كسب مزيد من الحقوق ورفع التمييز من أولئك الذين يرفعون المصاحف على أسنة الرماح. فقد تم استخدام التشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية، التي لا تصلح قوانينها لتطبيقها في حاضر النساء اليوم، كأداة للتمييز الاجتماعي والقانوني. وقد شرّعت تلك القوانين لوصاية الرجل على المرأة، وأضفت طابعاً للعنف الممنهج من خلال سيادة قوانين الأحوال الشخصية. وفي الوقت الذي يتعجب فيه البعض كيف لدولة تدعي تحكيم الشريعة الإسلامية أن يكون فيها منصب "اختصاصي اغتصاب"، يغضون الطرف عن حرب دارفور، حيث كان "ربها" البرهان وحليفه حميدتي (حمايتي) يتفنّنان في استخدام سلاح الاغتصاب. مرورًا باعتصام القيادة وحرب 15 أبريل اللعينة، ومسرح حربهم أجساد النساء.
كنا نعلم ونحن نناهض قضايا التمييز المدعومة من رجال الدين أن قضية المواطنة المتساوية تبدأ من "حصة الدين"! دخل علينا في الثانوية مدرس التربية الإسلامية الذي كان الجميع يلقبه بمولانا شيخ حسن، وكان يصلي بالناس في المدينة صلاة الجمعة. طرح شيخ حسن قضية التعدد بشكل لم يترك لتلك الفتيات خياراً سوى فهم أنهن سلعة تُشترى وتُباع! وحين كنت مسنودة بفهم من داخل سوح الإسلام، يناهض فهم رجال الدين القاصر لحقوق المرأة، كنت أؤمن بأن هناك نصوصاً أصلية في الدين تسمح بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة. الرجل الواحد يجب أن يقترن بالمرأة الواحدة، وليس من العدل أن يكون نصيب المرأة في الزواج ربع رجل! انتهى بنا النقاش إلى حرماني من الحصة طوال العام، بينما يبدأ درسه، رحمه الله قائلاً (الحصة دين، على المسيحيين والجمهوريين مغادرة الصف).
خلاصة الأمر، لم يكن التمييز والتهميش في بلادي حكراً على فئة نسوية دون أخرى، فالمعاناة التي لاقتها النساء في ظل تلك الحكومات لا توصف إلا بأنها تثير العار في السلم والحرب! وعلاج هذه المظالم يكمن في حل إشكالية كيفية حكم السودان. أصبح من الواضح أنه لا يمكن تحقيق ذلك من خلال فهم ضيق وفئوي مهما كان الوهج الذي يحيط به، بل يتطلب الأمر برنامجًا وطنيًا شاملًا يعزز السلام ويقوي الوحدة بين جميع شعوب السودان، بعيدًا عن فكرة تقسيم البلاد.



#بثينة_تروس (هاشتاغ)       Buthina_Terwis#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يجرؤ الجيش على التبرؤ من كتائب البراء؟
- لا سبيل لمدنية في حكومة مليشيا!
- الجنرال العطا مرشد عسكري لفلول الحركة الاسلامية
- التمييز بين الطلاب وتأصيل الأحقاد!
- نساء في حواضن الدعم والجيش!
- روسيا من دنا عذابها الي اخت بلادي!
- للذين قالوا لا للمدنية من بريطانيا!
- كارتيلات اخوانية وشعب في محنة!
- الي متي يلد الجيش ويبارك الشعب؟!
- السفير شرفي وراية السلام في الظلام!
- الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
- مشمعات المفوضية سبب الشكية!
- صوت الكنداكات وتنابلة السلطان!
- هواهم يجافي جنيف والجنينة!
- البرهان وساعتا التوهان!
- دبلوماسية (صرف البركاوي)!
- أم قرون ودواس الساسة الذكوريون!
- قلوب الاَثمين اَسنة من الظلم!
- قول عسكرية.. قول جاهزية!
- صناعة الموت! حرب المسيرات


المزيد.....




- طبيبة تحذر النساء من -العلامات الصامتة- للسرطان القاتل
- منظمات: وقف المساعدات الإنسانية الأميركية يعرض ملايين النساء ...
- عقرب يلدغ امرأة في مطار أمريكي أثناء استلامها لأمتعتها.. من ...
- تركيا تعتقل 200 امرأة في يومهن العالمي
- نرجس محمدي: النساء سيطحن الجمهورية الإسلامية في إيران
- بمناسبة عيد المرأة : مستمرة بالمعاناة والنضال لنيل حقوقها عا ...
- شاهد.. امرأة تقتحم ملعبا وتضرب لاعبا في مباراة كرة قدم لسبب ...
- توقيف 200 امرأة بعد مسيرة احتجاج نسائية في اسطنبول + فيديو ...
- في اليوم العالمي للمرأة : مكانة المرأة الفلسطينية ومعاناتها ...
- المرأة الفلسطينية في الدبلوماسية والقيادة السياسية


المزيد.....

- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بثينة تروس - حكوماتنا ومظالم نسوية مستمرة!