أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالرزاق دحنون - هل كانت نساء روما القديمة مواطنات؟















المزيد.....

هل كانت نساء روما القديمة مواطنات؟


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 11:50
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


إلى المرأة في كل مكان في يوم الثامن من مارس/آذار
إلى الرفيقات والصديقات العزيزات
إلى الأمهات المناضلات
من يفتح الباب للجنود العائدين من الجبهات غير الأمهات

تحاول الباحثة كريستينا روسيلو لوبيز أستاذ التاريخ القديم بجامعة بابلو دي أولافيدي في إشبيلية في إسبانيا التحري عن جواب هذا السؤال المهم من خلال دراسة قيّمة نشرتها مؤخراً. وقد سعت إلى توضيح صورة المرأة ودورها في المجتمع السياسي والذي تأسس على الفهم الديمقراطي تلك الأيام. ونحن نعلم بأن أحد أكثر الأوصاف إيجازًا للديمقراطية يقول: (شخص واحد، صوت واحد) وأصبح التصويت لانتخاب نواب الشعب أحد الطقوس التي تجعلنا نشعر بأننا جزء من مجتمع سياسي. ولكن هل من لا يصوت هو مواطن؟

طوال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تركز النضال السياسي للرجال والنساء من أجل حق التصويت للجميع، لأنه كان يعتبر المفتاح الرئيسي الذي من شأنه أن يؤدي إلى المساواة بين الرجل والمرأة. ويُعرّف القانون المواطن بأنه أي شخص "يعتبر عضوًا نشطًا في الدولة، ويتمتع بحقوق سياسية ويخضع لقوانينها".

إن كونك مواطنًا يذهب إلى أبعد من مجرد التصويت في الانتخابات. هذه المعضلة حاسمة لفهم تاريخ المرأة. تقول الباحثة في دراستها: (في روما القديمة، تمّ تعريف المواطنة على أنّها وضع قانوني؛ للمواطن حقوق وواجبات محددة، وتطبق عليه قوانين مختلفة عن تلك التي تنطبق على غير المواطنين. علاوة على ذلك، يلزم وجود أب وأم مواطنين، متزوجين في عقد زواج صحيح، حتى يرث الابن أو الابنة هذا الوضع. هذا الشرط القانوني هو بالفعل إعلان كامل للجنسية).

أنت مواطن، هذا يعني امتيازاً وتقديراً رغب فيه العديد من رعايا روما، لكن لم يكن بإمكان الأشخاص الأحرار غير الرومانيين تحقيق ذلك إلا بعد منح الجنسية من قبل مجلس الشيوخ، أو الجنرال، أو الإمبراطور. ولكن تغير كل شيء في عام 212، عندما منح الإمبراطور الروماني كركلا الجنسية لجميع سكان الإمبراطورية الأحرار، وعلى فكرة، أمه السوريّة (جوليا دومنا) بنت مدينة حمص والتي كانت ذات نفوذ وقوة وسلطة في الامبراطورية الرومانية.

نعم، بدأت روما مدينة صغيرة في إيطاليا، لكنها واصلت غزو وحكم منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها وجزء كبير من أوروبا منذ القرن الثاني قبل الميلاد. وكانت كل هذه المناطق تُحكم من العاصمة، حيث كان المواطنون (الرجال) يصوتون سنويًا في انتخابات ممثليهم (أعضاء المجلس المنتخب) الذين سيحكمونهم في العام التالي، ومن خلالهم تمر القوانين التي سيتم إصدارها.

ومن هذا المنطلق، يبدو أنه لا يمكن اعتبار المرأة مواطنة، لأنها لا تستطيع التصويت في أي من تلك المناسبات. لكن هذا مفهوم خاطئ، حيث تلتفت الباحثة إلى قضية حيوية: (فالنساء الرومانيات كن مواطنات وخدمن بهذه الصفة لأنهن عبّرن عن آرائهن في القضايا السياسية، ودفعن الضرائب، وأدرجن في التعداد السكاني، وشاركن في الحياة المدنية وكان لهن دور ذا صلة في الحراك العام اليومي).

ما الذي يحدد هوية المواطن أكثر من واجب دفع الضرائب، الذي يعتبر بشكل عام أحد الأفعال التي تخلق مجتمعًا سياسيًا؟ في روما، جمعت الدولة الرومانية ما نسميه الآن الضرائب المباشرة، أي على الدخل، والضرائب غير المباشرة، أي الأموال التي تجمعها الدولة مقابل معاملات معينة (في روما، على سبيل المثال، الضريبة التي كان يتعين دفعها عندما تحرير رقبة أو الحصول على ميراث).

تؤكد الباحثة في دراستها بأن: (النساء الرومانيات يدفعن الضرائب، مثل الرجال تمامًا، لأنهن كن مالكات للممتلكات. منذ القرن الثاني قبل الميلاد وحتى نهاية الإمبراطورية، بعد وفاة والدها، أصبحت كل امرأة رومانية -عزباء أو متزوجة- مستقلة قانونًا، أي أنها امتلكت ممتلكاتها بحقوق، ولها الحرية في إدارة جميع أنواع العمليات المبيعات والقروض والأعمال التجارية، الخ. ولهذا السبب، كان عليها أن تعلن عن ممتلكاتها في التعداد السكاني، وهو سجل لجميع المواطنين الرومان الذي يتم إجراؤه كل خمس سنوات في وسط روما والذي يشكل أحد الطقوس المدنية الأكثر صلة).

في بعض الأحيان نعتقد أن التاريخ خطي، أي أن هناك تقدمًا مستمرًا منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. ومع ذلك، فإن هذا ليس هو الحال: فالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تمتعت بها المرأة الرومانية اختفت تدريجياً بعد سقوط الإمبراطورية ولم يتم استعادتها إلا في القرن العشرين وبعد صراعات سياسية مكثفة. إنها حقيقة أن النساء الرومانيات لم يكن بوسعهن التصويت على القوانين أو انتخاب نواب الشعب، وهذا لا يعني أنهن كن غائبات عن المجال العام. كانت السياسة في روما والمدن الخاضعة للحكم الروماني تتم في الشارع، وعلى مرأى من الجميع. وهكذا، يمكن للنساء الذهاب إلى المنتدى السياسي أو المركز السياسي في كل مدينة للاستماع إلى المتحدثين الذين يقدمون حججهم المؤيدة أو المعارضة للتدابير السياسية. وكما كان الحال مع الرجال أيضًا، حظيت النخبة النسائية بمشاركة أكبر بكثير، لأنهن كن جزءًا، إلى جانب أفراد أسرهن الذكور، من شبكات المحادثة وتبادل المعلومات والأخبار.

إن حالة مدينة بومبي الإيطالية، التي دفنها بركان فيزوف عام 79 بعد الميلاد، مثيرة للدهشة: فقد تم الاحتفاظ بـأكثر من أربعمائة بطاقة انتخابية مكتوبة يطلب فيها شخص أو أكثر التصويت لمرشح لمنصب القضاة المحليين. 54 من هذه البطاقات (أي 15٪) تم توقيعها من قبل النساء، بمفردهن أو برفقتهن، بنفس نوع البطاقة الانتخابية تمامًا مثل تلك الموجودة في الكتابة على الجدران التي وقعها الرجال. نحن نعلم أن العديد من هؤلاء النساء كن من ملاك الأراضي الأثرياء، لكن أخريات كن أكثر تواضعًا. خلال الإمبراطورية، من المحتمل أن المشاركة السياسية النشطة في الانتخابات البلدية قد وفرت لهؤلاء النساء رؤية أكبر. ومن ثم يتبين بوضوح ما تؤكده الباحثة في دراستها: (إن استحالة التصويت لا تعني عدم الانخراط في القضايا السياسية. كانت النساء الرومانيات بمثابة مواطنات، وبالتالي كن مواطنات).

ومن الواضح أن هذا لا يعني أن المرأة يمكن أن تتحدث في المجال العام أو أن تتمتع بسلطة فعالة. ومع ذلك، فإن غياب الصوت العام لا يعني بالضرورة أنهم لم يكونوا جزءًا من الجسم السياسي. إن النظر إلى النساء كمواطنات يعني جعلهن مرئيات كجزء من الجسم المدني، ليس فقط منذ القرن العشرين فصاعدا، بل عبر التاريخ كله.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحد عشر يوماً من تاريخ الثورة السورية
- الشيوعيون والنوم في العسل
- حكايات سورية
- متلازمة البطة العرجاء
- الشّعب معصِّب
- هل كان ألبرت أينشتاين اشتراكياً؟
- السعي لفهم أسرار الكون
- كيف سيغير ترامب العالم؟
- بقايا كلام في جمهوريّات العسكر
- هل تحتاج إلى الدّين كي تكون إنساناً أخلاقيّاً؟
- في التفكير المستقيم والتفكير الأعوج
- اليسار العربي حاطب ليل
- عطس الأسد فخرج السنور من أنفه
- حسيب كيالي يشكو أمره إلى رئيس الجمهورية
- احتفظ بأصدقائك قريبين وبأعدائك أقرب
- الميسور يأكل ثلجاً في جهنم
- لينين وابن عمي نضال
- كيف أحبَّ جدّي سميرة توفيق؟
- على هامش يوم ميلاد لينين
- كيف ظهر البشر على كوكب الأرض؟


المزيد.....




- الانتخابات البلدية في لبنان لعام 2025.. النساء ذوات الإعاقة ...
- صفاء سكرية: دمج النساء المعوقات في الحياة السياسية ضرورة ولي ...
- 43% نساء بالتعليم العالي.. والعبودي: المرأة هي المجتمع!
- ناشط: البرلمان -رجعنا- لأيام الجاهلية.. العفو عن الإرهابيين ...
- -فظائع التعذيب- في النقب و-عوفر-: اغتصاب وتعذيب وحشي لمعتقلي ...
- الصهيونية العلمانية تُشرعن للصهيونية التوراتية اغتصاب فلسطين ...
- دبي بلينغ: أموال مغمسة بالدماء ووهم التضامن مع القضية
- دراسة تربط الصداع النصفي لدى النساء بعدم العناية بالأسنان
- تحذير أممي من ارتفاع العنف الجنسي ضد النساء والأطفال بالكونغ ...
- شاهد كيف تسللت امرأة من دون تذكرة على متن طائرة متجهة من نيو ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبدالرزاق دحنون - هل كانت نساء روما القديمة مواطنات؟