أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - دينا عبد الحميد - لا تضربهن














المزيد.....


لا تضربهن


دينا عبد الحميد
(Dina Iraqi)


الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 00:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في الآونة الأخيرة، تفاقمت مظاهر العنف ضد المرأة في مجتمعاتنا، حيث باتت الأخبار تحمل بين طياتها قصصًا مأساوية عن نساء تعرضن للضرب المبرح، بل ولقي بعضهن حتفهن نتيجة لذلك. ما يزيد الأمر تعقيدًا أن بعض ممارسي هذا العنف يستندون إلى تأويلات مغلوطة للنصوص الدينية، محاولين تبرير أفعالهم عبر انتزاع آيات من سياقها الصحيح، وتطويعها بما يخدم نظرتهم الذكورية. غير أن الحقيقة تبقى أن القرآن الكريم، في جوهره، لا يبرر هذا العنف ولا يدعو إليه، بل هو نص يؤسس لعلاقة قائمة على الرحمة والعدل بين الرجل والمرأة.

من أكثر الآيات التي أسيء فهمها واستغلالها في هذا السياق هي قوله تعالى: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" (النساء: 34). يأخذ البعض كلمة "واضربوهن" على ظاهرها، معتقدين أن الإسلام يبيح ضرب المرأة كوسيلة للعقاب أو التأديب. لكن هذا الفهم يتناقض مع روح النص القرآني نفسه، كما أنه يتعارض مع السيرة النبوية التي لم يثبت أن النبي ﷺ ضرب امرأة قط، بل كان مثالًا في حسن التعامل والرفق.

عند التعمق في تفسير هذه الآية، نجد أن "الضرب" الوارد فيها لا يعني الإيذاء الجسدي، بل له معانٍ أخرى أقرب إلى الامتناع عن المعاشرة أو الابتعاد الرمزي لإظهار الاستياء، وهو ما يتفق مع التسلسل المنطقي للأوامر في الآية: الموعظة، ثم الهجر، ثم الضرب. فلا يعقل أن يكون المعنى هنا عنفًا جسديًا، إذ كيف يُفترض أن يكون الضرب الحلّ بعد الهجر في المضاجع، وهو في حد ذاته أسلوب عقابي نفسي عميق الأثر؟

إضافة إلى ذلك، فإن الفعل "ضرب" في اللغة العربية يحمل معاني متعددة، منها الترك والابتعاد، كما جاء في قوله تعالى: "وَإِذَا خَرَجْتُمْ فِي سَفَرٍ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا" (النساء: 101)، أي "الضرب في الأرض"، أي السفر والتنقل. هذا يعني أن "واضربوهن" يمكن أن تفهم على أنها الابتعاد الرمزي عنها كإشارة إلى جدية الخلاف، وليس العنف الجسدي.

إن الإسلام كمنظومة تشريعية وأخلاقية يؤسس لمبدأ العدل بين الجنسين، وليس لتفوق الرجل على المرأة. فقد ورد في القرآن الكريم بوضوح: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة: 228)، أي أن العلاقة بين الزوجين يجب أن تقوم على التكافؤ والاحترام، وليس على العنف والسيطرة. كما أن الحديث النبوي الشريف يؤكد هذا المعنى: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (رواه الترمذي).

إذن، محاولة تبرير العنف ضد المرأة بالاستناد إلى النصوص الدينية ليست سوى تشويه متعمد للحقائق، تعكس فكرًا أبويًا يسعى إلى تكريس سلطة الرجل على المرأة، متجاهلًا المقاصد القرآنية الحقيقية التي تدعو إلى التراحم والاحترام المتبادل.
إن مسؤولية تصحيح هذا الفهم المغلوط تقع على عاتق العلماء والمثقفين والمجتمع بأسره. يجب تعزيز الوعي بأن العنف ليس مبررًا دينيًا، بل هو سلوك مدان شرعًا وأخلاقًا. الإسلام، الذي كرم المرأة، لا يمكن أن يكون في الوقت ذاته مبررًا لإهانتها أو التعدي على حقوقها. علينا أن نعيد قراءة النصوص القرآنية بعيدًا عن الانحيازات الذكورية، ووفق رؤية منسجمة مع المبادئ القرآنية الحقيقية التي تقوم على العدل والمودة والرحمة.



#دينا_عبد_الحميد (هاشتاغ)       Dina_Iraqi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال ألفا- وتعدد الزوجات: بين التفسير الانتقائي وظلم المرأة
- رحلة الاسراء والمعراج بين الحقيقة والخرافة
- لماذا يحرمون ما أحل الله؟
- ديكتاتور العالم (فيس بوك , تويتر)
- عدو الأمس صديق اليوم (إسرائيل)
- العلمانية وهم (دكتورة نوال السعداوى)
- النفاق المهذب (جورج فلويد)
- علماء المسلمين أم فقهاء الأزهر ؟!
- ابن تيمية عدو الإسلام
- المسلم والكافر (في القرآن)
- يا عزيزى كلنا دواعش
- تأويلات (نادية بوقري)
- صديقى مثليي الجنس
- صديقى مثلي (الجزء الثاني)
- صديقى مثلي
- لا قداسة للبخاري
- اسلام البحيري والكهنوت
- مبارك طابا
- سلطة بلدى ولا فتوش
- عذرا سيدى الرئيس (25 يناير الاسود)


المزيد.....




- مصر.. اعتراف المتهم بمحاولة اغتصاب طفلة داخل مسجد في رمضان
- هل الجرعات العالية من حمض الفوليك أثناء الحمل آمنة؟ دراسة جد ...
- في يوم المرأة العالمي.. التريس لم يعد حكرًا على الرجال في كو ...
- وقفة في نابلس إسنادا للمرأة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال
- بدفاعنا عن حقوق المرأة، نبني مستقبلا أفضل للجميع.
- مفرمة لحم لأمهات الجنود القتلى في أوكرانيا.. روسيا تثير الجد ...
- الكويت.. توقيف امرأة مسحوبة جنسيتها بعد تطاولها على قرارات ا ...
- السودان.. مسؤولة حكومية تعلن توثيق أكثر من 1100 حالة اغتصاب ...
- طبيبة تحذر النساء من -العلامات الصامتة- للسرطان القاتل
- منظمات: وقف المساعدات الإنسانية الأميركية يعرض ملايين النساء ...


المزيد.....

- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - دينا عبد الحميد - لا تضربهن