المهدي المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 8274 - 2025 / 3 / 7 - 00:07
المحور:
قضايا ثقافية
هجرة البؤس!!!
هجرت او بالاحرى هجرت من وطنك قسرا هذا الذي لا تملك فيه شيء سوى بطاقة هوية قديمة. هجرت أرض الشمس و الحجارة و رفاهية الطقس و الرمال الدهبية و جمالية لكنة لغتك القديمة و حكايات المقاومة و رائحة الحطب و العشب و طين الجدران و عشرة الناس الفقراء مثلك و الخبز الأسود و ما عشقت من أطباق العدس في جرة الفخار المحترق في الأسواق الشعبية و غبار الأزقة و الشوارع الذي لا يفارق سواد حذائك الوحيد على طول السنة.
و كان اخوك مجبر لا بطل و ارطميت و كانك بلا ملابس في أحضان مجتمع مركز الرأسمالية الأوروبي المتشبع بالليبيرالية و متاع الغرور الحضاري مسلح انت بعضامك المتيبسة على جلدك و طول قامتك و شعرك الأشعث و لونك البني و لسانك الطويل و الف باء معركة الجهل في الحضارة و ما ادخرت من صبر و غضب و حس نقدي و نبض عقلك الذي لا يهدأ كي تعيش على الأقل حياة أخرى بلا أوجاع الفقر و بعيدا عن دولة الاستبداد و ان تستأنف مسار المعارض السياسي أكثر مما بدأت.
هل حققت السعادة و الاستقرار في هذا الوجود الغامض المضطرب؟ ام فقط تساير الظروف مؤمنا بما جادت عليك به؟
او بما أنت صانع حتى تعبر الجسر؟ دون أن تذوب منك ذرة واحدة.
على الارجح في ابعد الحدود للحياة معنى واحد و هو ان لا تنسى السر في حكمة المقاومة مهما تكون ظلمة الزوايا و مهما تكون الاضواء المصطنعة و مهما دارت بك هذه كرة الارض و استدارت و انت واقف على ظهرها تميل بك رياح الأفكار مثلما تميل بك رياح الطبيعة و قد تكون في ذلك نسمة هواء منعشة تعيد القلب إلى مكانه بعد طول هذا السفر المرير المتعب رغم ما انتزعت منه من لحظات جدية و اخرى مسلية.
كانت تجربة في الحياة و ستنتهي يوما ما و ستظل أسئلة الممكن و اللاممكن تؤرق فقط من لا يهمه الأمر اما نحن بلا عصبية شاذة و بلا انفعال سنظل نجيب على كل شيء خطر بالبال او فقط حتى و إن مر سهوا من باب الاحتمال.
ان في الكتابة متعة لا توصف!!!
حلم آخر!!!
بالرغم أنه ليس لوحده تقدم به العمر النسبي نوعا ما و في لحظة سهو تذكر انه لحد الآن ليس عنده لا زوجة و لا أطفال و لا بيت مستقل و لا صحة ظلت كما كانت و لا وطن حر رغم كل التضحيات كي نعيده و نسترجع طعم الوطن و قريبا سنصبح "رجل هنا و رجل هناك" كما قال يوما ما الشاعر العظيم بابلو نيرودا عندما سألوه في عجالة عن أمور الدنيا.
لا شماتة و لا تشاؤم هي الأعمار تظل عموما قاب قوسين أو أدنى معلقة بحظوظ البقاء الطبقي و يوم علينا و يوم عليك كما يقول المثل الشعبي.
يجن و يستغرب و يقول من أين له بكل هذه الفلسفة و هذا التوازن العجيب الغريب و كل المؤشرات تقول عكس ذلك؟
أي غرابة هذه؟
لكن يستطرد و يقول فقط هو توازن البقاء حتى و إن لم يكن توازن الحياة لانه أن يظل المرء واقف على رجليه هذا في حد ذاته طاقة تضمن له الاستمرار حتى و إن لم توفي مجهوداته المبذولة تحقيق كل ألاحلام التي بالتأكيد قد تتجلى و تجعل الوضع افضل.
و هنا افتح قوس و استعير بل فقط اقتبس من الشاعر العظيم محمود درويش و أقول و الحيرة تحرق ما تيبس
" يا خالقي في هذه الساعات من حلم تجلى لعل لي حبا اعبده لعل"!!!
قطبي فلسفة التوازن لحد الآن الذي يحدد السير العادي اذا صح التعبير هما من جهة عالم الشغل و الروابط الاجتماعية بما فيها نسبة من الهم السياسي.
و من جهة ثانية عالم الكتابة و الابداع.
و ما تبقى لا استطيع ان أجزم فيه مائة بالمائة قد يكون هامش تستانس فيه الاوجاع بالقدر الذي تتنكر فيه الافراح مجازا و تجعلنا رغم كل شيء نضحك علما أن الضحك لا يكفي و الحزن هو كذلك لا يكفي و ما بينهما الحلم المفقود الذي يظل على الدوام يؤرق أكثر من هذين الاثنين المذكورين اعلاه.
الوحدة ليست قاتلة كما يعتقد من الفوا حياة الضجر لكن بصدد وصغي هذا و كأنها لعنة عشق مجنون تلاحقني تمادت زيادة.
صحيح أن مؤسسة الزواج جنة لكن غالبا ما تهجرها الملائكة مخافة من برودة الحيطان. و كلما فتحت نوافذ الشبابيك تسرب ضوء يجعلها جنة مقبولة حتى و لو من طرف واحد بحجة أن ليس هناك في الحياة شيء يستحق أن يكون مطلقا و كاملا و ثابتا.
إنه اللغز الذي يجعلنا نتنفس الصعداء كلما زادت حدة لعنة العشق المفقود و بعدها عني الذي قد يخالف كل القواعد و يصبح ابديا.
خلاصة القول
"في هذه الحياة لكل شيء ثمن حتى و لو بلا ثمن المهم انها كلها على منوال أخذ و رد."
و بما ان السعادة ليست شيئا ثابتا فانها تحضر و تغيب و ان هي طولت الغيبة اعكس الآية و سترى!!! و كي لا يتفاجأ المرء لا يجب ان يضعها مثلما البيض كل البيض في سلة واحدة.
عشق الشرفات المفتوحة.
المشكلة ليست بتاتا في عدم القدرة على تحمل المرأة نفسيا فنحن أخلاقيا و انسانيا جزء واحد و إنما المشكلة ان الزواج يشترط الصبر و انا صبري نفذ منذ كنت طفلا ابن اربع سنوات و كان ما يخفف التعب هي هوايتي المفضلة التي كانت النظر إلى الشمس بعينين جاحضتين.
كابدت كل هذه السنين أقاوم ليل نهار و اتحدى العقبات و ما ادراك ما هي و قد صدق من قال نار حامية!!!
انا ليس لي صبر سقف الزواج لما غادرت الوطن رغم انه دام عشرة سنوات فقط. و بعد ذلك صرت تروبادور الدروب المزينة شرفاتها بالورود الجميلة و الابتسامات الفاتنة.
بويهمي بالفطرة خارج بيت الزوجية استقوي فقط بالحب تارة و تارة أخرى بالعشق.
و بغض النظر عن الحق الطبيعي
يمر الزمن و تظل ترميني كرة العشق إلى الحب و كرة الحب إلى العشق رغبة في حركة بندول المعاش اللحظي هنا و هناك لا غير.
هي حياة عجيبة و مغرية لكن تظل المسافات المتشابكة تختزلها مرة بنعومة و مرة أخرى بخشونة فلا شيء مجبر ان يتخلى عن منطق التوازن بل هي طاقة فطرية صارت و كانها من عدم لكن ليست كذلك قد اكتسبها البشر منذ آلاف السنين و في كنفها تعايشت المرأة بحب الرجل و تعايش الرجل بعشق المرأة و كان دائما الصبر زئبق ينفلت و هذا شيء لحد الآن لغز محير جدا في حياتنا. !!!
و السؤال يطرح كذلك معكوسا هل هناك إضافات اخرى عند الأزواج خارج التشجيع على استمرار النسل البشري؟
بالتاكيد موجودة باختلاف التجارب لكن تظل نسبية مثلها مثل الحالة الأخرى المعاكسة.
أحيانا يشعر الإنسان أنه في دوامة من العبث و لو أنه في الغالب ليس بالمعنى الحرفي هو كذلك!!!
من يدري يا ترى إلى أين تجرانا اقدارنا ؟
ام نحن من يجرها في الخفاء و لا ندري؟
قد يتبع في الموضوع...
مع اطيب التحيات.
#المهدي_المغربي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟