أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حسين موسى - عبد الرزاق عبد الواحد ونزيف الكرامة














المزيد.....


عبد الرزاق عبد الواحد ونزيف الكرامة


محمود حسين موسى
(Mahmoud Housein)


الحوار المتمدن-العدد: 8273 - 2025 / 3 / 6 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


كتب شاعر على صفحته قبل أيام مقالا عن تجربة الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد، المقال لا يخلو من مبالغة في تمجيد أهمية عبد الرزاق عبد الواحد الشعرية والإنسانية، ولا خلو من نزوع تبريري لاعادة انتاج تجارب أدبية وفنية غير عابرة للزمن، ولدت في وحشة المقابر لتموت في زمنها الضحل، فرغم استحضار واستنطاق كل أشكال البداوات والعصبيات والكراهيات والضغائن والتموضعات في العقود الأخيرة، لكن روح هذا العصر تؤشر نحو روح أخرى وزمن آخر، لم يعد فيه شيخ الشعر أو القبيلة أو السياسة سنة حسنة، أعلنت الأجيال الجديدة مفاهيمها وبلاغتها الناصعة في الساحات،

قالتها جهارا.. (ذيل – لوگي)(*).

لا أحد ينكر موهبة عبد الواحد في لعبة النظم وأوزان المدائح، بل هو بارع فيها. وبتصفح أعمال مجايليه، الخمسيني والستيني والسبعيني كما يحلو للشعراء في العراق تصنيف أنفسهم، هو غير مصنف مع شعراء الطبقة الأولى ولا حتى الثانية، ربما كان غير محظوظ بمجاورة أساطين الشعر في العراق، وحين فرغت الساحة أواخر السبعينات بعد غياب أغلب مثقفي جيله في المنفى أو صمتهم حياء أو تقية أو احتقارا لمتطلبات ضحالة (الزمن الجميل) كما يحلو للبعض وصفه، صار هو الراقص الدائم في أعراس الإمبراطور (حفظه الله ورعاه).
كان عبد الواحد أهم المؤسسين لمدرسة جديدة في الثقافة العراقية (اللواگة الثقافية)، وهو من نحت مصطلحا جديدا للمثقف (المثقف اللواگي)، أضيف الى عشرات المصطلحات التي ينعت بها المثقف في معجم معاني الثقافة والمثقف، وهو أهم المجددين في سوق التسول الثقافي في حدائق الإمبراطور، صار انموذجا (فوتو موديل) لجيل من المقلدين، ساروا على خطى شيخ الطريقة في مرحلة توصف بالأكثر انحطاطا في تاريخ العراق الحديث السياسي والثقافي، تميزت بالابتكار في أنواع وطرق وأشكال اللواگة والإبداع فيها، هذه المدرسة التي يمكن تسميتها بالطريقة الواحدية، ساهمت بتشويه الحرف واللون والصوت والحس الإنساني، تشويه الذائقة المقروءة والمسموعة والمرئية وتشويه الهوية الثقافية، تشويه تعدّى حدود الشعر والسرد، طال كل شيء، التشكيل والمسرح والموسيقى والجمعيات الفلاحية والطفولة ومحو الأمية، تبدأ طقوس هذه المدرسة بتعليق الكرامات الشخصية طواعية على جدران حدائق الإمبراطور، أنتجت سلالا من البيوض، صارت تتقافز بعد الفقس في المرابد وفي مضافات وصالونات وصحف عداي وبرزان ووطبان وطگعان على أجساد أبناء جلدتهم، الثمانينيون والتسعينيون والتسعين ونص وحتى شعراء الألفين إلا ربع، أبدع بعضهم وتجاوز الشيخ المعلم، ورب تلميذ فاق في اللواگة أستاذه، طابور طويل من العيّارين والحيّالين والزيتونيين والواشين في سوق الثقافة، أُطلق عليهم حينها (المصنّعون في أقفاص الإمبراطور) حين تهافتوا على عمّان بحثا عن أرزاق وتكايا بعد أن جفت منابع بيت المال في الحصار، (صورة يرصدها محمد غازي الأخرس في خريف المثقف)، وفضحها عدنان الصايغ في بيانه الذي نشره في الصحافة في التسعينات بعد الضجة التي أثيرت عليه والمطالبة بمحاكمته في السويد، اعتذر الصايغ حينها وقرر اعتزال الشعر حسب بيانه، وحسنا فعل بالاعتذار.
فبعد سنة 2003، يتبختر أمامنا طابور طويل من مقلديه والمستنسخين عن النسخة الأصل للشيخ العجوز، طابور قليل أو منزوع الدسم أو الكرامة، منحتهم ظروف البلاد وتسامح المجتمع الفرص لاستعادة الكرامات المعلقة على الجدران وإعادة إنتاج الذات بحلة جديدة، لكن جمهرة منهم اعتادت العيش السعيد دونها في ظلال جدران المضافات، فلم تعد الكرامات من الأولويات، منهم من غيّر مولاه، ومنهم من لبس ثوب العفة والعقلانية في النهار، وفي الليل يتقيأ في نشوة الخمر سرّه، يرفع الأنخاب على ذكرى شوارب مولاه (حفظه الله ورعاه)، ومنهم من تسلّل بالطرق الناعمة الى الزوايا الرخوة في الاتحادات والنقابات والأكاديميات والقبليات والمضافات العربية والدولية، ومنهم من تمسك بعباءة أو جاكيت من الدرجة الثالثة أو الرابعة، ومنهم من أعاد إنتاج ذاته بحلة جديدة، صار يدعو لمولاه الجديد بطولة العمر وبالرفاه والبنين على الطريقة الخانقوية، علاوي جعفري مالكي عبادي كاظمي سوداني .. ، ومنهم من تهافت على عاصمة الثقافة وخمط 25 مليون ليشتري شقة في عواصم الفقر والحروب، ومنهم من صار يكتب ديوانا أو حكاية لجاهل أو جاهلة تمتلك المال، قيل بأن الثمن كان 10 آلاف دولار وقيل 18 ألف وفي رواية أخرى كان الثمن شقة في إسطنبول، والجروح لا تحصى..
وفي آخر الرحلة، اختار الشيخ العيش بظل الفلول الذين اجتمعوا هناك مع أموالهم وحراسهم وخدمهم وغلامانهم وماجداتهم وكاوليتهم ومداحيهم، مات بجاهليته ولم يعتذر ودفنت معه المدائح،
لكن الثقافة العراقية ستبقى تنزف تركة الشيخ، المنتجات المستنسخة من زمن الانحطاط الثقافي،
وستبقى تنزف (اللواگة) وبقايا ضحالة الزمن الجميل..
لزمن طويل..

وفي رواية أخرى،
هية اللواگة طبع ما تنشرى بفلوس

محمود حسين موسى

....................

(*) اللوگي، صفة لشخص، واللواگة في اللهجة العراقية مصطلح يجمع صفات عديدة منها الانتهازية والتملّق والمسكنة بأعلى صورها.



#محمود_حسين_موسى (هاشتاغ)       Mahmoud_Housein#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزلزال والتمثال السوراقي
- عاهات عرفتها
- القراءات الخاطئة وجحيم البلاد - ٢ -
- القراءات الخاطئة وجحيم البلاد
- لا تجاور شيوخ الغجر
- رحلة خاطفة
- الأيديولوجيا والسلة
- الدوران العراقي حول درجة الصفر
- للتذكير والعبرة
- 14 تموز بين التاريخ والسياسة
- أزرار قميصي
- سوق هرج
- ثقافة وتسول وجياع، من خذل الجياع في العراق ؟
- سعدي يوسف والضجيج المفتعل والشماتة
- حدث من قبل .. ومازال


المزيد.....




- فنانة شابة في علاقة حب مع نور خالد النبوي؟ .. يا ترى مين ضيف ...
- إيران.. 74 جلدة لنجم شهير حرض على خلع الحجاب!
- سلي أولادك بأفضل أفلام الكرتون.. اضبط أحدث تردد لقناة كرتون ...
- انتقادات واسعة للمسلسل العراقي -ابن الباشا-.. هل هو نسخة من ...
- فنان مصري مشهور يفقد حاسة النطق.. وتامر حسني يتدخل
- شاهد.. مغني راب يصفع مصارعا قبل نزالهما في الفنون القتالية
- -أشغال شقة جدا- كاد ألا يرى النور.. مفاجآت صادمة عن المسلسل! ...
- معرض للفنان العراقي صفاء السعدون بين جدارن جامعة موسكو الحكو ...
- الأرميتاج يعدل برنامج الارتياد المجاني
- مشاركة لافتة لفيلم عراقي في مهرجان -RT.Doc: زمن أبطالنا-


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حسين موسى - عبد الرزاق عبد الواحد ونزيف الكرامة