نوال الوزاني
الحوار المتمدن-العدد: 8273 - 2025 / 3 / 6 - 12:20
المحور:
الادب والفن
سكنتُ الديارَ، لم تكن دياراً، بل كانت صمتًا ذا أحاديثٍ،
ويا له مِن جائرٍ صمتُها.
يبحثُ الصدى عن صوتٍ خلفَ الستائرِ،
يبحثُ عن بقايا البيوتِ
نوافذٌ شاحبةٌ، هل عيونُها دامعةٌ؟
تبكي حلماً وصداقةً وأرجاءً كانت لها دوماً،
هناكَ مَن يَحوم عند العتبات، يُسائلُ الأبواب عن مفاتيحِها،
خطواتٌ خفيةٌ تتردَّدُ في الزوايا،
وحنينٌ معلَّقٌ بين الظلال، يَندسُّ عطراً في الذكريات،
مُعطّرِاً أنفاس الهواء.
تتكئ الأرواحُ على صدى الذكرى، ثم تتجوَّلُ في الغرفِ،
تَحنُّ إلى الدمى،
وفي الركن كرسيٌّ فارغٌ، وظلٌّ طويلٌ يتبعُ الغيابَ،
وغبارٌ يبكي الجدارَ العتيقَ،
لِمَ أصبحتَ عتيقًا أيُّها الهواءُ؟
الحاملُ بقايا لمسةٍ،
ولبقايا صمتٍ ثقيلٍ كالكفن،
يرفضُ أن يُفصحَ عن أسرارِهِ
أيّتها الدارُ، هل تسمعين ندائي؟
أشتاقُ إلى الأحاديثِ تَقرعُ الصمتَ،
لعلّه يزدهرُ بُرعماً،
وأحنُّ إلى مساءٍ، لعلَّ همساته
كضحكةٍ تُبحر في الجدران.
أينَ الأحبّةُ؟
(أمّا الأحبّةُ فالبيداءُ دونَهُمُ)
أينَ العائدون؟ كان لهم ضوءٌ ذات يومٍ، وكانوا للمكانِ نَفَساً،
أينَ الحبُّ؟ كان حلماً له، وكان السلامةُ
أيّتها الدارُ، فيكِ بقايا من كلِّ شيءٍ،
من اليتيمِ حتّى حلمِهِ.
تمرُّ الرياحُ بلا تحيّةٍ،
تحملُ وجهي لِمَنْ لا يراه،
والمكانُ يرمقُني،
صامتًا كأنَّهُ أدركَ النهاياتِ،
كأنَّهُ
ظلٌّ على الجدارِ، كهمسةٍ في الهواءِ،
لطالما في الروحِ رجوعٌ،
فلا شيءَ غيرُ الصمتِ سيبقى شاهداً.
على وجهِ الليلِ، قد نامتْ ملامحي، وهكذا، يتلاشى الليلُ
يا ليلُ، اخفِ ما تبقّى من الندى،
واسقِ زيتونةً حرَّةً مباركةً،
لعلَّ الصوتَ البعيدَ يعودُ،
لعلَّ الدارَ تبتسمُ.
#نوال_الوزاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟