أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المعارضة














المزيد.....

بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المعارضة


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 02:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما لعبت بريطانيا دورًا محوريًا في صياغة المشهد السياسي في العراق، بدءًا من الاحتلال وصولًا إلى تكريس نظام طائفي يخدم مصالحها. فهي صاحبة المبدأ الاستعماري الشهير "فرّق تسد"، ومع تصاعد الدعوات الشعبية للتغييرفي اي بلد ومن بينها العراق ، تتعمد بريطانيا إلى استخدم اسلوبها المعروف "تدجين المعارضة"، حيث توهم قوى المعارضة الوطنية بدعم التغيير السياسي لكنها في الواقع تسعى إلى شلّ حركتها وإجهاض أي موجة تغييرية تهدد النظام القائم. وإبقاء العراق ضمن المعادلة التي تخدم بريطانيا التي لم تكن مجرد قوة استعمارية مرت بالعراق ثم غادرته، بل بقيت بصماتها واضحة في بنية النظام السياسي والاجتماعي للبلاد، إذ أنها لم تكتفِ بوضع أسس نظام طائفي قائم على الانقسامات، بل استمرت في رعايته وضمان بقائه بالشكل الذي يخدم مصالحها. ومن أبرز أدواتها في ذلك رعايتها لقضية المرجعية الدينية، حيث تعمل بريطانيا على تعزيز وجودها كأداة فعالة للتحكم في المشهد السياسي العراقي. بما يضمن بقاء البلد تحت السيطرة غير المباشرة عبر تركيز الانقسام الطائفي فيه . وليس بخاف إن بريطانيا هي صاحبة فكرة "القناع"، لاستمرار وجود مرجع ذو نفوذ ديني في العراق رغم غيابه الفعلي عن الحياة .
لقد سبق لبريطانيا ان حركت اشخاص عراقيين من المقييمن فيها للادعاء بأن هناك تنسيق مع برلمانيين بريطانيين وهذا قد أعطى انطباعًا لدى بعض المعارضين بأن هناك دعمًا حقيقيًا لمشروع التغيير، وأن المجتمع الدولي، ممثلًا ببريطانيا، قد قرر أخيرًا التدخل لصالح القوى الوطنية الساعية لإنهاء النفوذ الإيراني وإنقاذ العراق من نظامه الطائفي القائم. وبحكم أن المعارضين كانوا يبحثون عن أي بارقة أمل، فقد تجاوبوا مع هذه الدعوة بحسن نية، وبدأوا بإرسال بياناتهم الشخصية ومعلوماتهم التنظيمية إلى الجهة المنظمة التي يديرها ذلك الشخص المقيم في لندن، على أمل أن يكون هذا التحرك خطوة جادة نحو تحقيق تطلعاتهم الوطنية. وقد استنفذهذا المخطط وقتا طويلا من الانتطارللوعود والمطالة التي انتهت بتبخر الاوهام ولكنها حققت للبريطانين هدفهم فيما يسمى ب ( تدجين المعارضة ) حيث اصابت حراكهم بالشلل املا بتلك الوعود .
وفي هذه الايام ، ومع تصاعد مطالب الحراك الشعبي من جديد لتغيير اوضاع العراق ، عادت بريطانيا لاستخدام الأسلوب نفسه، ولكن هذه المرة من خلال شخصية جديدة، امرأة عراقية ، تحمل الجنسية البريطانية وتقيم في اسكتلندا، وتنتمي إلى حزب المحافظين البريطاني هذه السيدة، التي عُرفت بتنقلاتها بين عدة أحزاب لأسباب مصلحية، ظهرت فجأة على الساحة السياسية العراقية مقدمة نفسها كمنقذة للمعارضة، وداعية لتوحيد جهودها تحت مظلة مشروع سياسي تدعمه أطراف غربية. وعلى نفس النوال طلبت هذه السيدة من اطراف المعارضة إرسال بياناتهم الشخصية ومعلوماتهم التنظيمية ومؤهلاتهم حيث وعدت باختيارهم لتولي المناصب والوزارات في حكومة انقاذ مؤقتة في العراق .
وبهدف إضفاء المصداقية على هذا المشروع المزعوم، تم الترويج لقائمة تضم أسماء كيانات وشخصيات سياسية معروفة، زُعم أنها جزء من هذا التكتل المعارض الذي يتم تشكيله بدعم بريطاني. إلا أن الحقيقة سرعان ما انكشفت، حيث أنكرت العديد من هذه الشخصيات أي صلة لها بالمشروع أو حتى معرفتها به، مما أثبت أن هذه القائمة لم تكن سوى وسيلة للترويج لهذا المخطط وإضفاء مصداقية زائفة عليه. أما باقي الأسماء التي وردت في القائمة، فاتضح أنها أسماء وهمية لا وجود لها في الواقع، مجرد واجهات خُلقت لتضليل الرأي العام وإيهام المعارضين بأن هناك تكتلًا قويًا وموحدًا يقف خلف هذه المبادرة.
واصبح من الواجب علينا ان نحذر الاخوة العراقيين المعارضين اشخاصا او تجمعات، من هذا الخداع والوهم . ونؤكد لهم أن المستفيد منه ، إلى جانب بريطانيا، هم بطبيعة الحال الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم العراق منذ عام 2003، وعلى رأسهم نوري المالكي ومن تحالف معه من الكتل التي تشكل نظام المحاصصة الطائفية. فبريطانيا، التي كانت اللاعب الأساسي في تشكيل هذا النظام، لا تزال تعمل على حمايته والحفاظ عليه، مستغلة في ذلك أدواتها الناعمة وأساليبها الخفية لإجهاض أي محاولات جادة لتغييره.
إن المالكي وحلفائه من اركان العملية السياسية يدركون جيدًا أن أي تغيير حقيقي في العراق يعني نهاية نفوذهم وسلطتهم، ولهذا فإنهم أكثر من يستفيد من المخططات التي تهدف إلى تدجين المعارضة وإضعافها. فهم بحاجة إلى إبقاء المشهد السياسي كما هو، حيث يتم تداول السلطة بين نفس الوجوه والأحزاب التي تعتمد على الفساد والمحاصصة لضمان بقائها. ولذلك، فإن أي تحرك شعبي أو معارضة جادة تهدد هذا الترتيب، يتم استهدافها مباشرة عبر أساليب متعددة، منها ما تقوم به بريطانيا من إغراق الساحة بمشاريع معارضة وهمية، هدفها ليس التغيير، بل إلهاء المعارضين وإدخالهم في دوائر الانتظار والوعود الفارغة حتى يفقدوا زخمهم ويتراجعوا.
إن استمرار هذا النهج هو سبب رئيسي في الأوضاع المأساوية التي يعيشها العراق اليوم، حيث يتم سحق أي محاولات لبناء قوة معارضة حقيقية تتبنى التغيير الحقيقي. وبالنظر إلى تجارب الماضي، فإن الحل الوحيد أمام القوى الوطنية العراقية هو عدم التعويل على أي مشاريع خارجية، خصوصًا تلك التي تأتي بوعود براقة لكنها في حقيقتها ليست سوى أدوات لإعادة إنتاج النظام نفسه وإحباط أي فرصة لإنقاذ العراق من قبضة الفساد والطائفية.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين ...
- الزمن الجميل: بين السردية التاريخية والتعايش المجتمعي
- قرأة في القانون والفقه الدستوري
- تعريف كتاب الديمقراطية في العراق بين النظرية والتطبيق
- الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
- من احتلال بغداد الى دمــار غزة
- السطو الاعظم
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
- اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
- للانتصار وثبة وفرح
- مسرحية التبادل تمثيل امريكي هابط
- بلينكن واكاذيب امريكا المتجولة
- قراءة في المشروع الامريكي – البريطاني في تكوين شرق اوسط جديد ...
- محمد شياع السوداني وبناء عالم افتراضي
- مهرجان البصرة الرياضي والهوية الوطنية العراقية
- كم انت طيب يا صديقي
- التوافقية في العراق مشروع استعماري


المزيد.....




- غارات على سوق فروة الشعبي في صنعاء، والحوثيون يتوعدون بـ-محا ...
- تشويه تماثيل في لندن خلال مظاهرة حاشدة مؤيدة لحقوق المتحولين ...
- السوداني: قمة بغداد تعقد وسط تحديات كبيرة يواجهها العرب والم ...
- -إل موندو-: فارق بسيط مهم في صفقة ترامب.. هل تمتلك كييف القد ...
- إعلام: ضغوط أمريكية على كييف للرد على مقترحات واشنطن لوقف ال ...
- ترامب: الكثير من قادة العالم يطلبون مني إعفاءهم من الرسوم ال ...
- انتهاء هدنة عيد الفصح التي أعلنتها روسيا في أوكرانيا
- رئيس السلفادور يقترح تبادل سجناء مع فنزويلا
- 4 وزراء إسرائيليين يدعمون ضم الضفة الغربية المحتلة
- الصحة في صنعاء: 12 قتيلا و30 جريحا في حصيلة غير نهائية للقصف ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المعارضة