اسكندر أمبروز
الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 00:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيراً ما تمّ طرح العديد من وجهات النظر المستندة الى شيء من الواقع حول السبب من وجود دولة اسرائيل, فمن اسباب دينيّة الى اسباب استعماريّة الى غيرها من الآراء المنقوصة والقاصرة على تفسير الواقع الذي نعيشه مع هذه الدولة في منطقتنا, ولكن لمعرفة الحقيقة علينا بالنظر الى الأمر بصيغة موضوعيّةٍ بحتة, بعيداً عن الرغبات الشخصيّة أو الآراء المستندة لخلفيّات فكريّة مختلفة. ومن أفضل عدسات الموضوعيّة في عالم السياسة في رأيي هي عدسة الجغرافيا, حيث ومن خلال هذه العدسة يمكننا رؤية السبب الحقيقيّ وراء تشكيل واستمراريّة اسرائيل في هذه المنطقة من العالم.
فبعرف العلوم السياسيّة هنالك نظريّة تسمّى بRegional Supremacy Theory والتي تفسّر الظاهرة الطبيعيّة في نشأة القوى والكيانات السياسيّة على مرّ التاريخ وخصوصاً في ظل نشأة الدول الحديثة. حيث قسّمت هذه النظريّة العالم الى أقاليم, حيث أنّه من المفترض في كلّ إقليم أن تسود وتهيمن إحدى القوى على باقي الدول فيه داخليّاً وخارجيّاً, أي أن تصبح هذه القوّة هي المسيطرة الفعليّة على مصير بقيّة دول الاقليم التي هي فيه. وهذا ليس شرطاً أو أمراً مقضيّاً, وإنّما ما حدث تاريخيّاً وما لهذا الأمر من تبعات. سوائاً بالاحتلال المباشر كالإمبراطوريّات الساقطة في القرن ال20 أو النفوذ كالولايات المتحدة الأمريكيّة في القارّتين الأمريكيتين او الايديولوجيا والقوّة العسكريّة كالاتحاد السوفييتي واقليمه المتمثل بشرق أوربا.
وبحسب النظريّة ما أن تسود قوّة ما على اقليمها, حتّى تبادر بالمنافسة على النفوذ على مستوى العالم, وبنائاً على ما سبق, يمكننا الآن استنتاج سبب اعتبار الولايات المتحدة الكيان المنتصر والقوّة العظمى الوحيدة في العالم, وذلك بسبب كونها القوّة الوحيدة المسيطرة بشكل مطلق على اقليمها, الأمر الذي اتاح لها الخروج من ذلك الاقليم وفرض الهيمنة والنفوذ على مستوى العالم, فنرى حنكة ودهاء وقوّة السياسة الأمريكية اليوم من خلال حصارها الجغرافي للصين من جميع الاتجاهات وخصوصاً بحريّاً من خلال تحالفات معقّدة مع كل من اليابان وتايوان والفيليبين. وهو ما يمنع الى الآن خروج الصين للمنافسة المباشرة وفرض النفوذ على مستوى العالم وتحدي الولايات المتحدة. إضافةً الى تقدّم النيتو وتحجيم روسيا في اقليمها الطبيعي الا وهو شرق أوربا من خلال ضم دول البلطيق وبولندا وصولاً لأزمة أوركانيا متمثّلةً بمقاومة الدولة الروسيّة لمشنقة النفوذ الأمريكي التي باتت تضيق حتّى تم اعلان الحرب التي ستستمرّ الى أن تؤمّن روسيا كامل أوربا الشرقيّة بالتحالفات والاتفاقيّات أو بالقوّة!
وهنا نرى طريقة تفكير الدول العظمى بشكل واضح, فكيف لا وقد حسمت الولايات المتحدة الصراع مع الصين بالجغرافيا قبل تشكّلها ونهضتها؟ وكيف لا وها هي روسيا اليوم تؤمّن مستقبل أمّتها وسيادتها المنظورة على بعد المئة سنة القادمة على الأقل!
ولكن أين نحن من هذا الصراع؟ كالعادة, في القاع! لكن هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟ والإجابة "نعم ولكن" واليكم التفاصيل...
فبحسب نظريّة السيادة الإقليميّة بالعلوم السياسيّة وتحديداً من خلال عدسة الجغرافيا السياسيّة, نرى أن الشرق الأوسط كغيره من الاقاليم يحوي على دول مختلفة, ولو افترضنا امكانيّة بسط اي دولة من هذه الدول السيادة والسيطرة على أقرانها, لنجدن قوّة اقليميّة كبيرة تتمكّن من المنافسة على مستوى العالم أو على الأقل تشكيل قطب له من السيادة ما يكفي لضرب مصالح أي قوّة عظمى أُخرى.
ولمنع تشكّل هذا الكيان, تمّ وضع عدّة ضوابط وحواجز والتي اسمّيها بالسرطانات وعددها محدود ولكنّها تتفاوت بالخطورة, فأقل هذه السرطانات خطورةً هو السرطان الحميد المسمّى بإسرائيل! فالraison d être أو السبب الوجودي لإسرائيل هو منع أي قوّة من قوى الشرق الأوسط من بسط النفوذ على باقي دول المنطقة وبالقوّة إن تطلّب الأمر, وإسرائيل كمشروع ماهي إلّا قاعدة عسكريّة بريطانيّة في بداياتها وأمريكيّة في حاضرها, أي هي امتداد للقطب الغربي الرأسمالي, وبصيغة أُخرى هي دي فاكتو ولاية أمريكيّة مع مراعاة كونها متخذةً لشكل دولة مستقلّة.
ولماذا اذاً اليهود؟ لكونهم الأكثر رغبةً في التشبّث بالأرض بسبب صلاتهم التاريخيّة بها, ولأسباب دينيّة معيّنة في قلوبهم أيضاً كشعب, ولكن السبب الأهم هو عدم اكتراث الغرب بشكل عامّ لأمرهم ووضعهم ككبش فداء للحرب والقتال خدمةً لمصالح القطب الرأسمالي المتمثل اليوم بالولايات المتحدة الأمريكيّة, بدليل عدم اكتراث الحلفاء بالحرب العالمية الثانية للمحرقة اليهوديّة أثناء حدوثها وعدم ايقافهم للمجزرة رغم امتلاكهم للسلاح والقدرة على ذلك جوّاً ورغم علمهم التامّ بحدوث المجزرة المُثبتة من خلال تقارير استخباراتيّة وردتهم اثناء الحرب تم الكشف عنها لاحقاً. ولكن هل هذا يعني ان الهدف هو خدمة اليهود بأي شكل من الأشكال؟ لا طبعاً, فأي خدمةٍ هي تلك التي تقتضي بوضع ملايين البشر في بيئة حاقدة عليهم دينيّاً كالبيئة الاسلاميّة؟ التي شهدنا تاريخيّاً فظائعها بحق اليهود من خلال التهجير القسري لهم من بيوتهم وبلدانهم قبيل وعقب تشكل اسرائيل من قبل جيرانهم وبلدانهم العربيّة! الأمر الذي تسبب بجعل يهود اسرائيل الأغلبيّة في اسرائيل الوليدة عام 1948, وهو ما تطرّقت له باستفاضة في مقال سابق تجدونه في النهاية.
ولكن وبشكل عامّ فإن العواطف والأهواء لا علاقة لها كما ذكرت بالواقع, والواقع الجغرافيّ يقول ويقتضي ويحتّم على القوّة العظمى السائدة في العالم ألا وهي بريطانيا في ذلك الوقت واليوم الولايات المتحدة, أن تصنع وتخلق دويلة ونحن نعلم انها وبشكل عمليّ مجرّد امتداد للقوّة الأمريكيّة لا أكثر, في اقليم خالٍ تماماً من الحلفاء الذين يمكن الوثوق بهم لمنع أي قوّة من الهيمنة على الشرق الأوسط وبالتالي فرض التنافس مع الأمريكي على مستوى العالم, وهو ما لن يُسمح به خصّيصاً بعد التجربة المريرة بالحرب الباردة والضغوطات المهولة التي عاشتها الولايات المتحدة في تلك الفترة اثناء الصراع مع السوفييت.
ولكن وكالعادة فإن الدول العظمى التي تفكّر لمئات السنين مسبقاً كانت قد حسمت أمر الشرق الأوسط قبيل وجود الاتحاد السوفييتي حتّى! وأمّنت هذا الاقليم ليبقى تحت السيطرة ربما للأبد! وطبعاً كتأكيد بسيط على هذا الكلام يمكننا النظر لمقولة هينري كيسينجر الشهيرة بخصوص اسرائيل حيث قال "إن وجود إسرائيل ما هو الّا ضمان لعدم تمكن أي قوة أو ائتلاف منفرد من الهيمنة على الشرق الأوسط, وبالتالي الحفاظ على المصالح الاستراتيجية الغربية". (من اتصالات كيسنجر الدبلوماسية بشأن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط, منتصف سبعينيات القرن العشرين).
وطبعاً هل اسرائيل هي الضامن الوحيد لهذه الحالة من الانحلال الاقليمي والمانع الوحيد لتشكّل قوّة اقليميّة شرق أوسطيّة تنافس على مستوى العالم؟ لا طبعاً, فالسرطان الحميد المتمثل بإسرائيل معلوم المعالم ومحدود القدرات لا بل يمكن التعايش معه ما أن تتخلّى دول المنطقة على احلام الهيمنة والسيادة أو تشكيل قطب عالمي جديد, كأحلام ايران التي تم سحق جميعها من قبل الاسرائيلي والأمريكي اليوم وتركيا التي سُحِقَت أصلاً ككيان في القرن العشرين من خلال السرطان الثاني الذي سنذكره الآن...
وعلى أي حال فإن اسرائيل مفهومة المعالم والوجود والمسببات, وكما ذكرت يمكن التعامل معها من خلال وضوح في الرؤية والحنكة السياسيّة المنطقيّة المدركة لحجم التحدّي الذي يمكن أن يشكّله أي كيان سياسي مهيمن على الشرق الأوسط للولايات المتحدة. ولكن ما هو أخطر في رأيي من اسرائيل وألف اسرائيل هو السرطان الخبيث في جسد الأمّة العربيّة والفارسيّة والتركيّة...ألا وهو الدين! وقبل تفصيل بسيط في هذا المضمار دعونا نمرّ على بعض من أهم ما ذُكر وبعدها سندخل لصلب الموضوع وخطورة السرطان الخبيث الاسلامي...
ففي تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن عبد الناصر والقومية العربية (1958) جاء عنوان "ناصر ومستقبل القومية العربية" أهداف الرئيس ناصر والتأثير المحتمل على الأنظمة العربية المحافظة. ويشير التقرير إلى أن ناصر يهدف إلى القضاء على النفوذ الأجنبي وتوحيد العالم العربي في ظل سياسات قومية. ويشير التقرير إلى أن الحكومات المحافظة في المنطقة قد تحل محلها أنظمة تنتهج سياسات مماثلة لسياسات ناصر. حيث ذُكر فيه ما يلي "إن القومية العربية التي يتبناها ناصر تهدد المصالح الغربية. ولابد من تشجيع المعارضة الإسلامية لحكمه كلما أمكن ذلك". وفي تقرير للكونجرس الأمريكي (1985، عن الإسلام السياسي) جاء ما يلي "الحركات الإسلامية تعمل كحاجز طبيعي أمام الأيديولوجيات اليسارية المتطرفة". وفي مذكرة مجلس الأمن القومي (1953) جاء: "قد يكون الحماس الإسلامي لجماعة الإخوان المسلمين بمثابة ورقة رابحة في معركتنا ضد الشيوعيين الملحدين".
وبالطبع جائت كل هذه التقارير وغيرها الكثير ضمن اطار ما سمّي بسياسة آيزنهاور المناوئة للشيوعية الدوليّة التي كانت على حراك دائم ومنافسة على اعلى المستويات في الشرق الأوسط, وطبعاً هذا النهج في استعمال الدين ضد الشيوعيّة من قبل الولايات المتحدة ظهر في عدّة مواضع ومواقف أُخرى, منها ما حصل في ايطاليا من انتخابات بين الشيوعيين والديمقراطيين, حيث أرسل الرئيس الأمريكي ترومان رسائل مناشدة للبابا مع الدعم المادّي المطلق مطالباً اياه بحثّ الايطاليين على التصويت ضد الشيوعيّين, إضافةً الى حملة في الداخل الأمريكي تحثّ الرعايا الأمريكان من اصول ايطاليّة لإرسال رسائل تشجيعيّة لأهلهم وأقربائهم لا بل ارسال النقود من اجل التصويت ضد الشيوعيّة وطبعاً الخطاب الديني هو السائد حتى على المستوى الاجتماعي بحكم طبيعة الشعب الايطالي المحافِظة بعمومه وخصوصاً مهاجريهم في الولايات المتحدة. وانتهى الأمر وانقضى بفوز الديمقراطيين والتيار الديني في تلك الانتخابات واخراج الشيوعيين من اللعبة.
والأمر في الشرق الأوسط كان على ذات الحال تقريباً, ففي في عام 1953, سعى المسؤولون الأميركيون إلى مواجهة انتشار الشيوعية من خلال التعامل مع شخصيات إسلامية مؤثرة. وكان أحد الأحداث البارزة هي ندوة عُقدت في الولايات المتحدة, جمعت علماء إسلاميين, بما في ذلك سعيد رمضان, أحد القادة البارزين لجماعة الإخوان المسلمين وصهر مؤسسها حسن البنا. وكان الهدف الأساسي من هذا الاجتماع استكشاف إمكانية الاستفادة من الزعماء الدينيين لتعزيز المشاعر المعادية للشيوعية والعلمانيّة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة.
ووصفت تحليلات وكالة المخابرات المركزية في ذلك الوقت سعيد رمضان بأنه "كتائبي" و"فاشي مهتم بتجميع الأفراد من أجل السلطة". وعلى الرغم من هذه التوصيفات, فقد شرعت الحكومة الأميركية في التعامل معه, مما يعكس قراراً استراتيجياً بالتحالف مع الحركات الدينية المعارضة للشيوعية والعلمانيّة في البلاد العربيّة التي قد تتجه بحكم علمانيّتها للمعسكر السوفييتي.
والتعاون مع شخصيات إسلامية مثل رمضان كان له آثار على العلمانية في الدول العربية. فمن خلال دعم الجماعات ذات التوجه الديني كقوة موازنة للنفوذ الشيوعي, تحدت الولايات المتحدة الحركات القومية العلمانية في المنطقة. وساهم هذا النهج في التفاعل المعقد بين القوى العلمانية والدينية في السياسة العربية خلال تلك الحقبة. وهذا بالطبع كان الشق الأوّل من المصيبة وأمّا الشق الثاني فكان له شكل ومنظر الوهّابيّة العالميّة, وأيضاً بالدعم الأمريكي لنسف النفوذ السوفييتي, والذي اتخذ شكل ما سمّي بالصحوة الاسلاميّة من حملات اعلامية ودعائيّة خصوصاً بدول علمانيّة الروح كسوريا ومصر والعراق والمغرب العربي عموماً.
وشمل هذا الجهد تمويل المؤسسات الدينية والبرامج التعليمية والمنافذ الإعلامية التي روجت للقيم الدينية المتخلّفة, ووضعتها في مواجهة الروايات القومية العلمانية. فكانت الرسائل المعادية للشيوعية والقومية غالباً ما تصور القومية العربية العلمانية والشيوعية على أنها تهديدات للقيم الإسلامية. ومن خلال تصوير هذه الأيديولوجيات على أنها معادية للإسلام, سعت المملكة مع الولايات المتحدة إلى نزع الشرعية عنها بين السكان المسلمين على نطاق أوسع, وهو ما اعترف به الأمير محمد بن سلمان في محاولاته القويّة لدحر هذا المسخ الذي اقترب من القضاء على الأمّة العربيّة عموماً والسعوديّة خصوصاً!
وطبعاً الأمثلة الأُخرى كثيرة, فذات الصراع كان قائماً في أفغانستان, وايران بعيد سقوط الشاه وخوفاً من وصول الشيوعيين للسلطة ارسلت امريكا الخميني بطائرة خاصّة من فرنسا الى ايران لركوب الثورة وسحق الشيوعيين ما أدّى الى نسف الدولة الفارسيّة من الداخل بحكم تخلّف الشريعة وثمارها الفاسدة المفسدة, والأمر ذاته يتم محاولة اجتراره في تركيا أيضاً من خلال الاسلاميين وتخريب الاقتصاد التركي من قبل اردوغان هو خير دليل على هذا في رأيي, حيث أن استلام السلطة من قبل حكومة تريد تطبيق الهراء الديني القادم من العصور الوسطى هو أفضل طريقة لدحر أي خصم يمكن له أن يتشكّل لمواجهة النفوذ والهيمنة الامريكية في المنطقة, فما بالكم لو أن هذه الطريقة هي صراع داخليّ يؤدّي لانتحار أمم ودول وهي تحسب أنها تُحسن صنعا؟
وفي الختام وللتأكيد على خطورة السرطان الديني الاسلامي, واستعماله كأداة لسحق هذه الدول والشعوب من الداخل يكفي لنا النظر الى وثيقة PSD-11 Policy التي كشفت وجودها الضابطة بالمخابرات الأمريكية CIA كلير لوبيز والتي جاء مما اضطَلَعَت عليه هي فيها من الأجزاء التي أُتيح لها النظر اليها مع بقاء ما تبقى من الوثيقة قيد السريّة التامّة...
أن إدارة أوباما وجهت الموارد الأمريكية للمساعدة في الإطاحة بحكومات الشرق الأوسط الحليفة (على سبيل المثال, مبارك في مصر, القذافي في ليبيا, بن علي في تونس) واستبدالها بأنظمة يقودها الإخوان المسلمون حيث سمّيت باستراتيجية "شمال أفريقيا مقابل الشرق الأوسط" والتي كانت تهدف إلى تمكين الجماعات الإسلامية السنية متمثّلةً بالإخوان المسلمين في شمال أفريقيا, مع السماح لإيران والقوى الشيعية بالهيمنة على الخليج الفارسي والهلال الشيعي من العراق للبنان مقابل تخلّي ايران عن مشروعها النووي ضمن ما عُرف لاحقاً ب"اتفاقيّة اوباما". حيث نُقلت الأسلحة إلى الجهاديين من خلال قطر ومن ثم تزويد جماعة الإخوان المسلمين والميليشيات المرتبطة بتنظيم القاعدة في ليبيا بالأسلحة خلال انتفاضة عام 2011 ضد القذافي, وهو ما ستجدونه بمقطع فيديو للسيدة كلير لوبيز وهي تتحدّث عن الموضوع وتطالب بنشر ما تبقّى من الوثيقة.
فها هو الحال اليوم, بين سرطان حميد يضرب ويفتك كما يشاء ويحمل المهامّ الصعبة, وسرطان آخر خبيث ينخر جسد الأمّة العربيّة من الداخل, فشعوبنا خسرت الحرب عسكريّاً وسياسيّاً, ومن ثم فكريّاً ! لم نجد هويّة تجمعنا, وكنّا أرضاً خصبة للاستغلال والتآمر, فرغم كل ما ذكرت هل ألوم الغرب؟ ولا بأي طريقة! فمثلاً عندما أُعطي احد قادة نابليون بونابارت تشارلز جون بيرنادوت ملكيّة السويد, تصرّف بنائاً على مصلحة السويد وبشكل مطلق رغم كونه فرنسيّاً ومدين لنابليون شخصيّاً بهذا المنصب, وبعد أن وجد أن مصلحة السويد تصب بالحرب مع نابليون في نهاية عهده, أعلن الحرب عليه واستفادت السويد من تلك السياسة. فلو كنت انا شخصيّاً رئيساً أو مسؤولاً عن اي دولة في الحلف الغربي لتصرّفت بذات الطريقة ضد الشرق الأوسط ودون أي تردد من دعم مطلق للإسلام فيها وبشكل حثيث, ففي السياسة لا مجال للمثاليّات فإمّا البقاء من خلال استراتيجيّات محسوبة الأبعاد والنتائج, حتى وإن كانت بعضها سلبيّة كالإرهاب الاسلامي مثلاً, أو خسارة النفوذ والحياة الكريمة لمن يقع تحت مسؤوليتي من بشر بحكم القانون والنظام السياسي.
فكما قلت كلّ ما ذُكر محسوب ومعروف النتائج مسبقاً, ومن يضع هذه الخطط أدرك انه في لحظةٍ ما ستتعرّض بلاده لضربات ارهابيّة اسلاميّة فيما بعد, ولكن بالمقارنة مع المكاسب فهي لا تُقاس على الإطلاق! فعلى صعيد الاقتصاد هذه السياسة في دعم السرطان الخبيث الاسلامي كفيلة بتدمير هذه الدول اقتصاديّاً من الداخل دون أي مجهود وبالتالي ضرب اي منافس يمكن ان ينافس على مستوى الصناعة والتكنولوجيا, الاسلام كفيل بتسفيه العلم والعلماء والتطوّر العلمي في أي بلد من بلداننا فهو مكسب على هذا الصعيد ايضاً, وهو ما يضرب التقدّم التكنولوجي بشكل رهيب لا بل ينسف الفاعليّة العسكريّة لبلداننا وهو ما تطرّقت له في مقال سابق مهم عن علاقة الدين بفشل الجيوش العربيّة, وأخيراً وليس آخراً الدين كفيل بنسف أي بلد من بلداننا من الداخل بحروب طاحنةٍ تنسف الأخضر واليابس بين سنّة وشيعةٍ وعلويّة وغيرهم.
فهل من مصلحة الغرب أن يحاذيه دول مستقلّة قويّة ومنتجة؟ أم حديقة حيوانات يخرج منها حيوانٌ ليؤذي أحدهم بين الحين والآخر؟ الاسلام هو الطابور الخامس للاستعمار اليوم, وآمل ان يُدرك ذلك أُلو السلطة منّا وتدارك المصيبة قبل فوات الأوان.
المقالات المذكورة سابقاً:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=720461
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=851268
المصادر:
https://www.cia.gov/readingroom/document/cia-rdp79r00904a000400020016-1?utm_source=chatgpt.com
https://history.state.gov/historicaldocuments/frus1958-60v12/d40?utm_source=chatgpt.com
https://www.cia.gov/readingroom/document/cia-rdp79r01012a018500030001-5?utm_source=chatgpt.com
https://carnegieendowment.org/research/2024/12/influence-abroad-saudi-arabia-replaces-salafism-in-its-soft-power-outreach?center=middle-east&lang=en&utm_source=chatgpt.com
https://www.nybooks.com/articles/2011/03/10/our-secret-connections-muslim-brotherhood/?utm_source=chatgpt.com
https://youtu.be/PJL_6WUZjnM?si=-paRwlZjn9YQI2DL
https://www.vox.com/2016/1/6/10719728/us-saudi-arabia-allies
#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟