صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 00:31
المحور:
كتابات ساخرة
أيام الثمانينات من القرن الماضي كنا نستمتع بمشاهدة فيلم عادل امام "المتسول"، وكنا نتعجب من قصة الفيلم، ونتساءل هل صحيح توجد مثل هذه العصابات المنظمة التي تقوم برصد المتشردين وجلبهم لأماكن مخصصة، ثم يقوموا بتدريبهم وصنع عمليات إعاقة بأجسادهم، وزرعهم بالشوارع والتقاطعات وامام المحلات والأسواق للتسول، مع تخصيص حراسات لهم؛ كان فيلما مثيرا ومضحكا جدا؛ لكننا لم نكن نستوعب تلك القصة.
قبل أيام القت مفارز الشرطة القبض على شخص قالت عنه انه "زعيم المتسولين"، المسؤول عن توزيعهم في تقاطعات الكرادة في بغداد، الشرطة قالت انه عرض الرشوة على المفرزة لكنها رفضت ذلك، وقد تم اقتياده الى مركز الشرطة لإكمال الإجراءات القانونية.
ما كان فيلما لا يمكن تصديقه صار واقعا ملموسا، المشكلة ان هذا البلد صار نموذجا لكل العمليات الغريبة والعجيبة؛ بلد المخدرات، بلد العصابات، بلد البلطجية والمافيات، بلد الاتجار بالنساء، بلد الفساد والنهب، بلد الخراب؛ صار متربعا على عرش التخلف والرجعية.
في احدى مقاطع فيلم المتسول يظهر خليل الغبي "سيد زيان" "مدير إدارة المتسولين"، يظهر غاضبا بعد ان القت الشرطة القبض على مجموعة من المتسولين، وهو يلقي اللوم على الجرائد التي تردد القول "امنعوا المتسولين من اجل السياحة والسواح"، هذا المقطع متوافق جدا مع القاء القبض على "زعيم متسولي بغداد"، فقد تم اختيار بغداد كعاصمة للسياحة لهذا العام، والكثير أصبح يردد تلك الجملة، لتنقية أجواء العاصمة امام السياح.
لا نعتقد ان "زعيم المتسولين" هذا سيبقى في السجن فترة طويلة، فحتما خلفه اشخاص ذوي مناصب كبرى، او انه سيهدد بكشف أسماء كبيرة إذا لم يتم العفو عنه، مثلما يفعل جميع السراق واللصوص في هذا البلد، او ستتفق معه الشرطة على تقاسم نصف الوارد اليومي؛ على العموم فأن مشكلة التسول لا تحل بإقامة حملات شرطة، لأنها مشكلة اقتصادية واجتماعية.
طارق فتحي
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟