|
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق سَطْوَة الْمَيِّتُافِيزِيقِيَا
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 17:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق وَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا هِيَ ثَلَاثَةُ مَجَالَات مُتَرَابِطَة وَ لَكِنْ مُخْتَلِفَةٌ فِي طَبِيعَتِهَا وَأَهْدَافَهَا. فِيمَا يَلِي تَفْصِيلُ لِكَيْفِيَّة إرْتِبَاطَ هَذِهِ الْمَجَالَاتِ بِبَعْضِهَا الْبَعْضِ, الْعِلْمُ هُوَ الْمَنْهَجُ الْمُنَظَّم لِلْبَحْث وَالِإسْتِقْصَاءُ عَنْ الظَّوَاهِرِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالمَادِيةِ فِي الْعَالَمِ مِنْ خِلَالِ الْمُلَاحَظَةِ وَالتَّجْرِبَةِ وَالْقِيَاسُ. أمَّا الْأَخْلَاق فَهِي مَجْمُوعَةُ الْمَبَادِئِ وَالْقِيَمِ الَّتِي تَحْكُمُ سُلُوكَ الْإِنْسَانِ وَتَصَرُّفَاتُه وَتَعَامُلُاتِه مَعَ الْآخَرِين. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْأَخْلَاق يَخْتَلِفَانِ فِي طَبِيعَتِهِمَا، إلَّا أَنَّهُمَا مُتَرَابِطَان بِشَكْل وَثِيق. فَالْعِلْم يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ عَلَى الْأَخْلَاقِ مِنْ خِلَالِ الِإكْتِشَافَات وَ الْمَعَارِف الَّتِي يُوَفِّرها، وَاَلَّتِي قَدْ تُؤَدِّي إلَى ظُهُورِ قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة مِثْل الْأَخْلَاقَيَّات الْحَيَوِيَّة وَالتِّكْنُولُوجِيَّة. كَمَا أَنَّ الْأَخْلَاقَ لَهَا دَوْرٌ فِي تَوْجِيهِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَضَبَط إسْتِخْدَامَات الْعِلْمِ بِمَا يَتَمَاشَى مَعَ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ. أَمَّا الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا فَهِيَ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْفَلْسَفَة يَهْتَمّ بِدِرَاسَة الطَّبِيعَة الْأَسَاسِيَّة لِلْوَاقِع وَالْوُجُود. بَيْنَمَا الْعِلْم يُرَكِّزُ عَلَى دِرَاسَة الظَّوَاهِرِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالمَادِيةِ فِي الْعَالَمِ مِنْ خِلَالِ الْمَنْهَج التَّجْرِيبِيّ. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الِإخْتِلَافِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَ الْميِّتُافِيزِيقِيَا، إلَّا أَنَّهُمَا يَتَدَاخَلَانِ فِي بَعْضِ الْجَوَانِبِ. فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تَسْعَى إِلَى فَهْمِ الْأُسُس وَالْمَبَادِئ الْأُولَى لِلْكَوْن وَالْوُجُود، وَالْعِلْم يُمْكِنُ أَنْ يُقَدِّمَ مُبَرِّرَات لِبَعْض الِاعْتِقَادَات الْمَيتَافِيزِيقِيَّة وَيُسَاعِدُ فِي إخْتِبَارِهَا. وَلَكِنْ، هُنَاكَ مِنْ يَرَى أَنَّ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا تَقِفُ عَائِقًا أمَام تَقَدُّمِ الْعِلْمِ وَتَطَوُرُه. تَتَدَاخَلُ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالْأَخْلَاقِ فِي مَجَالِ الْبَحْثِ عَنْ الْحَقِيقَةِ وَالْقَيِّم الْأَسَاسِيَّة لِلْوُجُود. فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تَسْعَى لِفَهْم طَبِيعَةِ الْوُجُودِ وَالْحَقِيقَة الْمُطْلَقَة، بَيْنَمَا الْأَخْلَاق تَبْحَثُ فِي طَبِيعَةِ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ وَالْقِيَمِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا الْإِنْسَانُ. وَهُنَاكَ إرْتِبَاطٍ وَثِيقٍ بَيْن الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالْأَخْلَاقِ، فَالنَّظَرُيَّات الْمَيتَافِيزِيقِيَّة حَوْلَ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ وَالْكَوْنِ قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى مَفَاهِيمِ الْأَخْلَاق وَ تَوَجَّهَاتِهَا. كَمَا أَنَّ الِإعْتِقَادَاتِ الْأَخْلَاقِيَّة قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى الرَّؤى الْمَيتَافِيزِيقِيَّة لِلْإِنْسَانِ وَالْكَوْنِ. وَبِالتَّالِي يُمْكِن الِإسْتِنْتَاج أَنَّ الْعِلْمَ وَالْأَخْلَاق وَالْميِّتُافِيزِيقِيَا هِيَ مَجَالَات مُتَدَاخِلَة وَ مُتَرَابِطَة بِشَكْل مَعْقِد. فَالْعِلْم يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ عَلَى الْأَخْلَاقِ وَ الْميِّتُافِيزِيقِيَا، وَالْميِّتُافِيزِيقِيَا قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى الْأَخْلَاقِ وَالْعِلْمِ، وَ الْأَخْلَاقِ قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْميِّتُافِيزِيقِيَا. وَمَنْ خِلَالِ فَهْمِ هَذِهِ الْعَلَاقَاتِ الْمُتَشَابكة، يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُحَقِّقَ تَقَدَّمَا شَامِلًا فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَات الْمَعْرِفَة وَالْحَيَاة.
_ الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق مِنْ وَجْهِة نَظَر الْميتَافِيزِيقِيٍّا
الْميتَافِيزِيقِيٍّا تَنْظُرُ إلَى الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق مِنْ مَنْظُورٍ شَامِل وَ مُتَرَابِط. فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تَدْرُسُ الْمَبَادِئ الْأُولَى وَالْأُسُس الْجَوْهَرِيَّة لِلْوُجُود وَالْمَعْرِفَة وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة. وَبِالتَّالِي فَهِي تَرَى أَنَّ الْعِلْمَ وَالْأَخْلَاق لَا يَنْفَصِلَانِ، بَلْ لَهُمَا جُذُور مُشْتَرَكَةٌ فِي فَهْمِ طَبِيعَةِ الْوَاقِعِ وَالْحَقِيقَةِ. بِالنِّسْبَةِ لِلْعِلْم، تَرَى الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَهْمُ وَتَفْسِير الظَّوَاهِر الْعِلْمِيَّة بِمَعْزِلٍ عَنْ الأُسُسِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة. فَالْعِلْمُ يَنْبَثِقُ مِنْ جُهُودِ الْإِنْسَان لِفَهْم الْعَالِم الطَّبِيعِيّ وَإِدْرَاك قَوَانِينِه، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَسَاعِي الْعِلْمِيَّة مَبْنِيَّةٌ عَلَى إفْتِرَاضِات مِيتَافِيزِيقِيَّة حَوْل طَبِيعَة الْوَاقِع وَالْمَعْرِفَةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، إفْتِرَاض وُجُودِ نِظَامٍ طَبِيعِيّ مُنْتَظِم وَخَاضِع لِقَوَانِين قَابِلَة لِلْإِكْتِشَاف هُوَ أَصْلُ مِيتَافِيزِيقِيّ يَقُومُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ. لِذَلِكَ تَرَى الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا إنْ الْعِلْمِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْمُشَاهَدَات التَّجْرِيبِيَّة بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الْأُسُسِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة الْمُتَضَمِّنَةِ فِي هَذِهِ الْمُشَاهَدَات وَاَلَّتِي تَوَجَّه وَتُشَكِّل الْمَعْرِفَة الْعِلْمِيَّة. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْلَاق، تَرَى الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا إنْ الْأُسُس الْأَخْلَاقِيَّة تَسْتَنِدُ إلَى حَقَائِقِ مِيتَافِيزِيقِيَّة عَنْ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ وَالْعَالِم. فَالْأَخْلَاق لَا تَنْشَأُ مِنْ فَرَاغِ أَوْ عَنْ طَرِيقِ إتِّفَاقَات إجْتِمَاعِيَّة عَرْضِيَّة، بَلْ لَهَا جُذُور فِي الطَّبِيعَةِ الْحَقِيقِيَّة لِلْوُجُود وَالْإِنْسَانِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، الِإعْتِقَادِ بِأَنْ لِلْإِنْسَان طَبِيعَة جَوْهَرِيَّة تفْرَضُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِطَرِيقة أَخْلَاقِيَّة هُو إفْتِرَاض مِيتَافِيزِيقِيّ يُشْكِلُ أَسَاس الْأَخْلَاق. وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ بِوُجُود حَقَائِق أَخْلَاقِيَّة مُطْلَقَة مِثْلُ الْخَيْرِ وَالْعَدْل يَسْتَنِدُ إلَى أُسِّس مِيتَافِيزِيقِيَّة عَنْ طَبِيعَةِ الْوَاقِع وَالْكَوْن. لِذَلِكَ تَرَى الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا إنْ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق لَا يَنْفَصِلَانِ، بَلْ هُمَا جَانِبَان مُتَكَامِلَان لِفَهْمِ الْوَاقِعِ وَالْحَقِيقَةِ. فَالْعِلْم يَدْرُس الْوَاقِع الْمَوْضُوعِيّ وَالنَّوَامِيس الطَّبِيعِيَّة، بَيْنَمَا الْأَخْلَاق تَبْحَثُ فِي الْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ الْجَوْهَرِيَّة الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرْشِدَ بِهَا الْإِنْسَانُ فِي سُلُوكِهِ وَتَعَامُلِه مَعَ هَذَا الْوَاقِعِ. وَبِالتَّالِي فَإِنَّ أَيَّ فَهُمْ حَقِيقِيّ لِلْعِلْمِ أَوْ الْأَخْلَاقِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْطَلِقَ مِنَ الْأُسُسِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا وَاَلَّتِي تَرْبِطُ بَيْنَ الْمَعْرِفَةِ وَ الْقَيِّمِ فِي مَنْظُومَةِ مُتَكَامِلَة. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْمَوْقِفِ الْمَيتَافِيزِيقِيّ يَخْتَلِفُ عَنْ النَّزْعَة الْعِلْمَانِيَّةِ الَّتِي تُحَاوِلُ فَصْلِ الْعِلْمِ عَنْ الْأَخْلَاقِ وَتَجْرِيد الْعُلُومِ مِنْ أيَةٍ إفْتِرَاضِات مِيتَافِيزِيقِيَّة. لَكِنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا تَرَى أَنَّ هَذَا الْفَصْلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَا مَرْغُوبٌ فِيهِ، إذْ إنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إفْقَار الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَسَاسِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالْمَعْنَى وَالْقَيِّمُ، كَمَا يُؤَدِّي إلَى تَجْرِيدِ الْأَخْلَاقِ مِنْ أَسَّسَهَا الْوَاقِعِيَّةَ وَالْمَوْضُوعِيَّةَ. لِذَلِك تَدْعُو الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا إلَى تَكَامُلِ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق عَلَى أَسَاسِ مِنْ الْفَهْمِ المُتَعَمِّق لِلطَّبِيعَة الْجَوْهَرِيَّة لِلْوُجُود وَالْإِنْسَان، بِمَا يَضْمَنُ تَطْوِير مَنْظُور شَامِل وَمُتَوَازُن لِلْمَعْرِفَة وَالْقَيِّم.
_ جُذُور الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا
الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا هِيَ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْفَلْسَفَة الَّذِي يَهْتَمُّ بِدِرَاسَة الطَّبِيعَة الْأَسَاسِيَّة لِلْوَاقِع وَالْوُجُود. يطْرَح الْمَيتَافِيزِيقِيٍّون أَسْئِلَةٌ مِثْلَ "مَا هِيَ طَبِيعَةُ الْوُجُودِ؟"، "مَا هِيَ طَبِيعَةُ الزَّمَانِ وَ الْمَكَانِ؟"، وَ"مَا هِيَ طَبِيعَةُ الْعَقْل وَالْوَعْي؟". أَنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا تَسْعَى لِفَهْم وَتَفْسِير الْحَقِيقَة الْأَسَاسِيَّة لِلْوُجُود وَالْكَوْن. يَرَى الْعَدِيدِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق لَهُمَا جُذُور مِيتَافِيزِيقِيَّة. فَالْعِلْمُ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ إعْتِمَادِهِ عَلَى الْمُلَاحَظَةِ وَ التَّجْرِيب، يَسْتَنِدُ فِي النِّهَايَةِ إلَى إفْتِرَاضِات مِيتَافِيزِيقِيَّة حَوْل طَبِيعَة الْوَاقِع وَالْمَعْرِفَةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، الِإفْتِرَاض بِأَنَّ الْعَالَمَ الطَّبِيعِيّ قَابِل لِلدِّرَاسَة وَالِإكْتِشَاف مِنْ خِلَالِ التَّجْرِبَةِ الْعَلَمِيَّةِ هُوَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ إفْتِرَاض مِيتَافِيزِيقِيّ. وَ بِالْمِثْلِ، فَإِنَّ الْأَخْلَاقَ وَالْقِيَمَ الْأَخْلَاقِيَّة تَرْتَبِط إرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِالْمَيِّتِافِيزِيقِيَا. فَمَا هِيَ طَبِيعَةُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؟ هَلْ هُنَاكَ حَقَائِقَ أَخْلَاقِيَّة مَوْضُوعِيَّة أَمْ أَنَّ الْأَخْلَاقَ نِسْبِيَّة؟ هَذِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَسْئِلَةِ الْأَسَاسِيَّة لِلْأَخْلَاق تَنْتَمِي إِلَى مَجَالِ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا. وَ يَذْهَبُ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ إلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ، مِثْلُ الْفَيْلَسُوف الْبِرِيطَانِيّ بَرَّتْراند رَاسَل، الَّذِي يَرَى أَنَّ الْقَيِّمَ وَالْأَخْلَاق لَيْسَتْ مُجَرَّدَ بَحْث مِيتَافِيزِيقِيّ، بَلْ هِيَ بِحَدِّ ذَاتِهَا مِيتَافِيزِيقِيَّة. فَالْمَسَائِل الْأَخْلَاقِيَّة، بِالنِّسْبَةِ لَهُ، لَا يُمْكِنُ أَنْ تُخْضِعَ لِلِإخْتِبَار التَّجْرِيبِيّ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْعُلُومِ الطَّبِيعِيَّةِ. وَبِالتَّالِي، لَا يُمْكِنُ دِرَاسَتِهَا بِنَفْس الطَّرِيقَةِ الَّتِي يُدَرَّسُ بِهَا الْعُلَمَاءُ الظَّوَاهِرِ الطَّبِيعِيَّةِ. وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ يُدَافِعُ عَنْ إِمْكَانِيَّة تَأْسِيس عَلِم أَخْلَاقِيّ قَائِمٌ عَلَى الْمُلَاحَظَةِ وَالتَّجْرِيب، بَدَلًا مِنْ الِإعْتِمَادِ عَلَى الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا. فَالْفَيْلَسُوف الْأَمْرِيكِيّ جَوْن دُيوي، عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، حَاوَل تَطْوِير نَظَرِيَّة أَخْلَاقِيَّة تَجْرِيبِيَّة قَائِمَةً عَلَى دِرَاسَة السُّلُوكِ الْإِنْسَانِيِّ وَالتَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ. فِي النِّهَايَةِ، يَبْقَى الْجَدَل حَوْل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق مُسْتَمِرًّا فِي الْفَلْسَفَةِ. فَبَيْنَمَا يَرَى البَعْضُ أَنَّ هَذِهِ الْمَجَالَاتِ لَهَا جُذُور مِيتَافِيزِيقِيَّة أَسَاسِيَّة، يَذْهَب آخَرُونَ إلَى أَنْ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا مُسْتَقِلَّيْنِ إلَى حَدِّ مَا عَنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا. وَيَبْقَى الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْعَلَاقَاتِ أَحَد أَهَمّ المَهَامّ الَّتِي تُوَاجِهُ الْفَلَاسِفَة الْمُعَاصِرِين. وَيَنْطَلِقُ رَاسَل فِي بُحُوثَه مِنْ كَوْنِ الْعِلْمِ لَا يَهْتَمُّ بِالْقِيَم، وَالْقَيِّم هِيَ بَحْثٌ فَلْسَفِيّ مِيتَافِيزِيقِيّ، وَهَذَا يَنَمْ عَنْ الثُّنَائِيَّة الْمَعْهُودَةُ فِي تَارِيخِ الْفَلْسَفَة (الْمَادِّيّ/الرُّوحِيّ) فِي الْأَخِيرِ، يَبْقَى الْجَدَل حَوْل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالْعِلْمُ وَ الْأَخْلَاق مُسْتَمِرًّا فِي الْفَلْسَفَة.
_ الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق مَا قَبْلَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا
فِي هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ الَّتِي طَرَحَهَا الْفَيْلَسُوف الْفَرَنْسِيّ أَوْغَست كَوَّنَت Auguste Comte (1798-1857)، يَرَى أَنَّ تَطَوُّر الْفِكْرِ الْبَشَرِيِّ يَمُرُّ بِثَلَاثِ مَرَاحِلَ أَسَاسِيَّة؛ أَوَّلًا الْمَرْحَلَة اللَّاهُوتِيَّة، فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، يُفَسِّر الْإِنْسَان الظَّوَاهِرِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّة مِنْ خِلَالِ الْأَسْبَابِ وَالْعِلَلِ الْإِلَهِيَّةِ أَوْ الْخَارِقَة لِلطَّبِيعَة. فَالْعَقْل الْبَشْري فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ يَلْجَأُ إلَى الْعَوَامِل الْإِلَهِيَّة وَالْأَرْوَاح وَالْآلِهَة لِتَفْسِيرِ الظَّوَاهِر الْمُخْتَلِفَة. وَهَذَا مَا كَانَ سَائِدًا فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْبَشَرِيَّة الْقَدِيمَة وَالْعُصُور الْوُسْطَى. ثَانِيًا الْمَرْحَلَة الْمَيتَافِيزِيقِيَّة، فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، يُفَسِّر الْإِنْسَان الظَّوَاهِرِ مِنْ خِلَالِ الْمَفَاهِيمِ الْمُجَرَّدَة وَالْكُلِّيَّات وَالْجَوَاهِر الْمُجَرَّدَة بَدَلًا مِنْ الْآلِهَة وَالْقوى الْخَارِقَة لِلطَّبِيعَة. فَالْعَقْل الْبَشَرِيّ هُنَا يُفَسِّرُ الطَّبِيعَة عَبَّر مَبَادِئ عَامَّة مُجَرَّدَة كَالطَّبِيعَة وَالْمَادَّة وَالْقِوّى الْكَامِنَة. وَقَدْ كَانَ هَذَا الطَّابَع سَائِدًا فِي الْفِكْرِ الْفَلْسَفِيّ الْكِلاَسِيكِيّ الْيُونَانِيّ وَفِي الْفَلْسَفَةِ المَدْرَسِيَّة لِلْعَصور الْوُسْطَى. ثَالِثًا، الْمَرْحَلَة الْوَضْعِيَّةُ/الْعِلْمِيَّةُ، أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، فَيَتَخَلَّص العَقْلَ البَشَرِيَّ مِنْ الْأَفْكَارِ اللَّاهُوتِيَّة وَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَّة، وَيَتَّجِهُ إلَى دِرَاسَة الظَّوَاهِرِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالِإجْتِمَاعِيَّةِ دِرَاسَةٍ عِلْمِيَّةٍ قَائِمَةً عَلَى الْمُلَاحَظَةِ وَ التَّجْرِبَةِ وَالْقَوَانِين الْعِلْمِيَّة. فَالْعَقْل هُنَا يَتَوَجَّهُ إلَى الْبَحْثِ عَنْ الْعَلَاقَات الْمُنْتَظِمَة بَيْنَ الظَّوَاهِرِ دُونَ الِإلْتِفَاتِ إلَى أَيِّ أَسْبَابٌ أَوْ عَلَّلَ خَارِقَة أَوْ مُجَرَّدَةً. وَهَذِهِ هِيَ الْمَرْحَلَةُ الَّتِي تُمَثِّلُ الْقِمَّة فِي تَطَوُّرِ الْفِكْرِ الْبَشَرِيِّ وَفْقَ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ. وَبِالنِّسْبَةِ لِمَوْضُوع الْعِلْم وَالْأَخْلَاق قَبْل الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا، فَإِنْ كَوَّنَت يَرَى أَنَّ الْعُلُومَ الْوَضْعِيَّةُ (الْعِلْمِيَّةُ) تَسْبِقها الْمَرْحَلَة الْمَيتَافِيزِيقِيَّة، حَيْثُ إنَّ الْعُلُومِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالِإجْتِمَاعِيَّةِ تَتَطَوَّر وَتَنْمُو فِي الْمَرْحَلَةِ الْوَضْعِيَّة دُونَ الْحَاجَةِ إلَى أَيِّ أَطِرْ مِيتَافِيزِيقِيَّة. فَالْعِلْمُ هُنَا يَكْتَفِي بِالْمُلَاحَظَة وَالتَّجْرِبَة وَالْبَحْثُ عَنْ الْعَلَاقَات الْمُنْتَظِمَة بَيْن الظَّوَاهِر. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْلَاق، فَيَرَى كَوَّنَت أَنَّهَا تَنْتَمِي إِلَى الْمَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ (الْمَيتَافِيزِيقِيَّة)، حَيْثُ إنَّ الْأَخْلَاقِ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ تَسْتَنِدُ إلَى مَفَاهِيم عَامَّة مُجَرَّدَة كَالطَّبِيعَة الْإِنْسَانِيَّة وَالْحَقّ وَالْوَاجِب وَالْفَضِيلَة. وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَفَاهِيمِ الْأَخْلَاقِيَّة تَنْتَمِي إِلَى عَالَمِ الْمُجَرَّدَاتِ وَلَيْسَ إلَى الْوَاقِعِ الْمَلْمُوسِ الَّذِي يُمْكِنُ دِرَاسَتِه عِلْمِيًّا. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ كَوَّنَت يَرَى أَنَّ الْعِلْمَ وَالْأَخْلَاق لَا يَنْتَمِّيَّان إلَى نَفْسِ الْمَرْحَلَة، فَالْعِلْم يَنْتَمِي إلَى الْمَرْحَلَة الْوَضْعِيَّة الْمُتَقَدِّمَة، بَيْنَمَا الْأَخْلَاق يَنْتَمِي إلَى الْمَرْحَلَة الْمَيتَافِيزِيقِيَّة السَّابِقَةِ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ أَخْلَاق عِلْمِيَّة وَضْعِيَّة قَبْلَ تَخَطِّي الْمَرْحَلَة الْمَيتَافِيزِيقِيَّة. وَ هَذَا مَا يُفَسِّرُ دَعْوَة كَوَّنَت إِلَى إِحْلَالِ الْعُلُوم الْوَضْعِيَّة مَحَلّ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالْأَخْلَاقِ الْمُجَرَّدَة، وَإتِّجَاهُه نَحْوُ وَضْعِ أَخْلَاق وِجْدَانِيَّة إجْتِمَاعِيَّة بَدِيلًا عَنِ الْأَخْلَاقِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. فَهُوَ يَرَى أَنَّ الْأَخْلَاقَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَرْتَكِزُ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ وَضْعِيَّة إلَّا بَعْدَ تَخَطِّي مَرْحَلَة الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا. وَبِهَذَا، يَكُونُ كَوَّنَت قَدْ وَضَعَ نَظَرِيَّة مُتَكَامِلَةٌ فِي تَطَوُّرِ الْفِكْرِ الْبَشَرِيِّ مِنْ الْمَرَاحِل اللَّاهُوتِيَّة إلَى الْمَيتَافِيزِيقِيَّة وُصُولًا إِلَى الْمَرْحَلَة الْوَضْعِيَّةِ أَوْ الْعَلَمِيَّةِ، وَإِنْ هَذَا التَّطَوُّرُ يَنْطَبِقُ عَلَى مُخْتَلِفِ الْمَجَالَات، بِمَا فِي ذَلِكَ الْعُلُوم وَالْأَخْلَاق. فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تَسْبِقُ الْمَرْحَلَة الْعِلْمِيَّةِ فِي هَذَا التَّطَوُّرُ، وَلَا يُمْكِنُ لِلْأَخْلَاق أَنْ تَرْتَكِزُ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ إلَّا بَعْدَ تَخَطِّي مَرْحَلَة الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا.
_ الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق مَا بَعْدَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا
مَا يُمَيِّزُ هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ التَّارِيخِيَّة لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق هُوَ التَّحَوُّلُ الْكَبِيرِ الَّذِي طَرَأَ عَلَى مَوْقِعِ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَدَوْرُهَا فِي هَذِهِ الْعَلَاقَةِ. فَبَعْدَ أَنْ كَانَتْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا هِيَ الْمَرْجِعِيَّة الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي تُؤطَر وَتُضْبَطُ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق، فَقَدْ أَصْبَحَ مَوْقِعَهَا أَكْثَر إشْكَالِيَّة وَتَعْقِيدٌا فِي الْمَرْحَلَةِ الْمُعَاصِرَة. أَوَّلًا، لَقَدْ أُزِيح دُور الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا كَمَرَجْعِيَّة أَسَاسِيَّةً فِي تَحْدِيدِ عَلَاقَة الْعِلْم بِالْأَخْلَاق، وَحَلّ مَكَانَهَا الْعِلْمِ الْحَدِيثَ بِمُنْطَلِقَاتِه وَأَدَوَاتِهِ التَّجْرِيبِيَّة. فَقَدْ شَهِدَتْ الْمَرْحَلَة الْحَدِيثَة بُرُوز نَزْعة عِلْمِيَّة وَضْعِيَّة تُنْكِر دُور الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَتَحْصَرَهَا فِي مَجَالِ الْمَحْسُوسَات وَالْمُشَاهَدَات التَّجْرِيبِيَّة. وَبِالتَّالِي أَصْبَحْت الْأَخْلَاقِ مِنْ وَجْهِة النَّظَر هَذِهِ مُجَرَّدُ مُخَلَّفَات مِيتَافِيزِيقِيَّة يَنْبَغِي تَجَاوَزَهَا نَحْوِ أَخْلَاقِ عِلْمِيَّة مَوْضُوعِيَّة. وَ لَعَلّ أُبْرِزَ مَنْ مَثْلَ هَذَا الِإتِّجَاهَ هُوَ أَوْغَست كَوَّنَت، الَّذِي رَفَضَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَإعْتَبَرَهَا مُجَرَّد مَرْحَلَة إنْتِقَالِيَّة بَيْن الْمَرْحَلَة اللَّاهُوتِيَّة وَالْمَرْحَلَة الْعِلْمِيَّةِ، الَّتِي تُمَثِّلُ وِجْهَةِ النَّظَرِ الْحَقِيقِيَّة لِلْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ. ثَانِيًا، مَعَ ظُهُورِ التَّيَّارَات الْفَلْسَفِيَّة الْحَدِيثَة كَالْوَضْعِيَّة الْمَنْطِقِيَّةِ logical positivism وَالْفَلْسَفَة التَّحْلِيلية Analytic philosophy، أَصْبَحْت الْمَسْأَلَة الْأَخْلَاقِيَّة أَكْثَر إشْكَالِيَّة فِي عَلَاقَتُهَا بِالْعِلْمِ. فَقَدْ أَصْبَحَتْ الْأَخْلَاقِ مِنْ وَجْهة نَظَرِ هَذِهِ التَّيَّارَات مُجَرَّد قَضَايَا لُغَوِيَّةً أَوْ نَفْسِيَّة لَيْسَتْ لَهَا صِلَة بِالْعِلْمِ. فَفِي الْفَلْسَفَة التَّحْلِيلية مَثَلًا، يُنْظَرُ إلَى الْأَحْكَامِ الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى أَنَّهَا مُجَرَّدُ تَعْبِيرَات عَنْ إنْفِعَالَات وَلَيْسَتْ أَحْكَامًا مَعْرِفِيَّة قَابِلَة لِلتَّحَقُّق، وَبِالتَّالِي لَا يُمْكِنُ إخْضَاعِهَا لِمَعَايِير الْعِلْم. وَهَكَذَا تَحَوَّل مَوْقِع الْأَخْلَاقِ مِنْ مَجَالِ مُرْتَبِط بِالْمَيِّتِافِيزِيقِيَا إلَى مَجَال خَاصٌّ بِالْإِنْسَانِ وَ الذَّات. ثَالِثًا، مَعَ تَطَوُّرِ الْعُلُومِ الْحَدِيثَةِ وَإنْتِشَار النَّزْعَة الْعِلْمِيَّة الْوَضْعِيَّة، أَصْبَح هُنَاك إتِّجَاه مُتَزَايِد نَحْو التَّخَلِّي عَنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا كَمَرَجْعِيَّة لِلْأَخْلَاق وَإسْتِبْدَالُهَا بِأُسُس عِلْمِيَّة مَحَّضَة. فَقَدْ أَصْبَحَتْ مُحَاوَلَات تَأْسِيس أَخْلَاق عِلْمِيَّة مَوْضُوعِيَّة تَسْتَنِدُ إلَى نَتَائِج الْعُلُوم السُّلُوكِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ الْبُيُولُوجِيَّة أَكْثَرُ إلْحَاحًا. وَبِذَلِك أَصْبَحْت الْأَخْلَاقِ فِي هَذَا السِّيَاقِ مُجَرَّد مُخَلَّفَات لَا مَنْهَجِيَّة تَنْتَمِي إِلَى الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ، وَ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا وَيُؤَسِّس أَخْلَاقًا جَدِيدَةٍ قَائِمَةٍ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ صَرَفَة. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ هَذَا التَّوَجُّهِ الَّذِي يَسْعَى إلَى إسْتِبْعَادِ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا مِنْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَ الْأَخْلَاق لَمْ يَخْلُ مِنْ إنْتِقَادَات وَإِشْكَالٌيات. فَهُنَاكَ مَنْ يَرَى أَنَّ الْأَخْلَاقَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُجَرَّد نَتَائِج عِلْمِيَّة صَرَفَة، بَلْ لابُدِ لَهَا مِنْ أُسُسِ فَلْسَفِيَّة وَمِيتَافِيزِيقِيَّة. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ مِنْ يَرَى أَنَّ الْعِلْمَ نَفْسَهُ لَا يَخْلُو مِنْ إفْتِرَاضِات مِيتَافِيزِيقِيَّة، وَبِالتَّالِي فَإِنَّ الْفَصْلَ الْمُطْلَقِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا أَمَرَ مُسْتَحِيل. فِي هَذَا السِّيَاقِ، بَرَز تَيَّار فَلْسَفِيّ جَدِيد يُحَاوِل إعَادَةِ النَّظَرِ فِي عَلَاقَةِ الْعِلْم بِالْأَخْلَاق، وَذَلِكَ عَبْرَ إعَادَة إدْمَاج الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا فِي هَذِهِ الْعَلَاقَةِ. وَمِنْ أَبْرَزِ رَوَّاد هَذَا التَّيَّارِ الْفَيْلَسُوف الْإِنْجِلِيزِيّ الْفَرِيد نُورَث وَايْتهيد، Alfred North Whitehead الَّذِي يَرَى أَنَّ الْعِلْمَ وَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ، بَلْ عَلَى الْعَكْسِ، فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تُكَمَّلُ الْعِلْمِ وَتَقَدَّمَ لَهُ الْأُسُس الْفَلْسَفِيَّة الضَّرُورِيَّة. وَبِالتَّالِي فَإِنَّ الْأَخْلَاقَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُجَرَّد نَتَائِج عِلْمِيَّة صَرَفَة، بَلْ لابُدَ. لَهَا مِنْ أُسُسِ مِيتَافِيزِيقِيَّة تَرْبِطُهَا بِالْوُجُود وَالْحَقِيقَة. وَيَذْهَبُ وَايْتهيد إلَى أَنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا هِيَ الْبَحْثِ عَنْ الْخَصَائِصِ الْعَامَّة لِلْكَائِنَات الْفِعْلِيَّة، وَمُحَاوَلَة إكْتِشَافِهَا، وَلِكَيْ تُكْتَشف هَذِهِ الْخَصَائِصِ الْعَامَّة الْوَاقِعِيَّة الْفِعْلِيَّةُ لَا بُدَّ أَنْ نَسْتَجِيب لِلتَّجْرِبَة، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ التَّجْرِبَة مُتَغَيِّرَة بِتَغَيُّر الشَّيْء الْمُلَاحِظ، كَانَ لَا بُدَّ مِنْ الرُّكُونِ إلَى الْعَنَاصِر الْمُمْكِنَة الثَّابِتَةِ الَّتِي نَجِدُهَا فِي الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا، أَيْ الْخَصَائِص الْعَامَّة وَالْكُلِّيَّة لِلْأَشْيَاء لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ لَا تَتَغَيَّرُ، وَضَرُورِيَّة. وَبِالتَّالِي فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تَضْطَلِع بِدُور أَسَاسِيٍّ فِي تَأْسِيسِ الْأَخْلَاق وَرَبَطَهَا بِالْوَاقِع الْفِعْلِيّ لِلْأَشْيَاء. وَهَكَذَا، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ مَوْقِعَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا فِي الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق فِي الْمَرْحَلَةِ الْمُعَاصِرَة قَدْ أَصْبَحَ أَكْثَر إشْكَالِيَّة وَتَعْقِيدٌا. فَمَنْ جِهَة، هُنَاك إتِّجَاه قَوِيّ نَحْو إسْتِبْعَادها وَتَجَاوَزَهَا بِإسْمِ الْعَلَمِ وَالْمَوْضُوعِيَّة، وَمِنْ جِهَةِ أُخْرَى، هُنَاكَ مُحَاوَلَات لِإِعَادَة إدمَاجُهَا فِي هَذِهِ الْعَلَاقَةِ بِإعْتِبَارِهَا الْمَرْجِعِيَّة الْفَلْسَفِيَّة الضَّرُورِيَّة لِرَبْط الْأَخْلَاق بِالْوَاقِع الْفِعْلِيّ. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ مُسْتَقْبِل هَذِهِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَ الْأَخْلَاق لَا يَزَالُ مَحَلّ نَقَّاش وَجَدَل فَلْسَفِيّ وَفِكْرِي. مِمَّا سَبَقَ، يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق مَا بَعْدَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا يَفْرِضُ نَفْسِه بِإِلْحَاح فِي الْمَرْحَلَةِ الْمُعَاصِرَة، وَأَنَّ هُنَاكَ إتِّجَاهَات مُتَبَايِنَةٍ فِي التَّعَامُلِ مَعَهُ. كَمَا يَتَّضِحُ أَنَّ إعَادَةَ النَّظَرُ فِي دُورِ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا فِي هَذِهِ الْعَلَاقَةِ أَصْبَح ضَرُورَةً مُلِحَّةً، نَظَرًا لِلتَّحَوُّلَات الْكُبْرَى الَّتِي شَهِدَهَا مَوْقِعُهَا فِي الْمَرْحَلَةِ الْحَدِيثَة. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ الْبَحْثَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَ مُحَاوَلَة إيجَاد صِيَغ جَدِيدَة لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَخْلَاق تُعَدُّ مِنْ أَبْرَزِ التَّحَدِّيَات الْفِكْرِيَّة وَالفَلْسَفِيَّة فِي عَالَمِنَا الْمُعَاصِرِ.
_ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق مُخَلَّفَات الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق مُرْتَبِطَان بِشَكْل وَثِيق بِالْمَيِّتِافِيزِيقِيَا وَمَا وَرَاءَ الطَّبِيعَةِ. الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا تُعْتَبَرُ مِنْ أَهَمِّ وَأَوْلَى الأُطْرُوحَات الْفَلْسَفِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى إِلَى تَفْسِيرٍ وَشَرْح الطَّبِيعَة الْأَسَاسِيَّة لِلْأَشْيَاء وَأَصْل تَكْوِينِهَا وَمَبْدَأ نَشْأَتِهَا وَخَصَائِصِهَا الْأَوَّلِيَّة وَ بِنِيَّة كَيْنُونَتُهَا وَأَسَاسُهَا. فَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَا تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ رَئِيسِيَّة: الأنْطوَلُوجْيَا Ontology وَهِيَ عِلْمٌ الْوُجُود الْمُتَمَحِّور حَوْلَ وَصْف وَتَوْصِيف مُخْتَلَف الكِيَّانِات الْمَادِّيَّةِ وَالْعَقْلِيَّة وَ الرُّوحِيَّة وَكَشَف خَصَائِصِهَا. عَلِم اللَّاهُوت theology وَهُوَ الْعِلْمُ الْمَعْنَى بِدِرَاسَة طَبِيعَةِ الدِّينِ وَالْمُعْتَقَد وَالْخَلْق وَالرُّوح وَالْإِيمَان. الْعِلْمِ الْكُلِّيِّ Cosmology وَيَشْمَل دِرَاسَة الْمَبَادِئ الْأُولَى المُكَوِّنَة لِلْمَنْطِق وَ الِإسْتِدْلَال الْعَقْلِيّ. وَ بِالتَّالِي، فَإِنَّ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا بِأَقْسَامِهَا الْمُخْتَلِفَة تُشْكِل الْأَسَاس الْفَلْسَفِيّ وَالْمَعْرُفِيّ الَّذِي يَنْطَلِقُ مِنْهُ كُلَّ مَنْ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق. فَالْعِلْم الْحَدِيثَ فِي مُخْتَلَفٍ تَخْصِصَاتِه مُرْتَبِطٌ بِشَكْلٍ وَثِيق بِالْمَيِّتِافِيزِيقِيَا فِي كَوْنِهِ يَسْعَى إلَى إسْتِكْشَاف وَدِرَاسَة وَ تَفْسِير طَبِيعَةِ الْكَوْنِ وَالْوُجُودِ وَ الْخَصَائِص الْأَسَاسِيَّة لِلْمَوْجُودَات. كَمَا أَنَّ الْأَخْلَاقَ وَقَضَايَا الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْفَضِيلَةُ وَ الرَّذِيلَةُ تُسْتَمَدّ جُذُورُهَا مِنْ الْمَنْظُور الْمَيتَافِيزِيقِيّ لِلْعَالِمِ وَ الْإِنْسَان. وَتَكُمن قُوَّةُ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا فِي كَوْنِهَا تَتَنَاوَل مَوَاضِيع كُلِّيَّة وَشَامِلَة تَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ الْكَوْنِ وَ الْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ وَالْإِنْسَانِ، مُسْتَعِينَة فِي ذَلِكَ بِالِإسْتِقْرَاءِ وَ الْقِيَاس وَالْمَنْطِق. وَبِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ النَّتَائِجَ الَّتِي تَتَوَصَّلُ إلَيْهَا الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا قَدْ لَا تَكُونُ قَابِلَةً لِلتَّحَقُّق التَّجْرِيبِيّ الْمُبَاشِرِ، إلَّا أَنَّهَا تَوَفُّر إِطَارًا فَلْسَفِيًّا وَفِكْرِيًّا يُسْتَمَدُّ مِنْهُ الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق أُسِّسَهما وَمُنْطَلَقُاتِهَمَا. وَمَنْ جَانِبِ آخَرَ، يُؤْخَذُ عَلَى الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا أَنَّهَا دِرَاسَة تَأَمُّلِيَّة جَدَلِيَّة قَدْ لَا تُنْتِجُ نَتَائِجَ مَلْمُوسَة تَعُود بِالنَّفْع الْمُبَاشِرِ عَلَى الْوَاقِعِ. كَمَا أَنَّ إهْتِمَامِهَا بِالْجَوَانِب الْغَيْبِيَّة وَالْمَيِّتُافِيزِيقِيَّة قَدْ يَجْعَلُ إسْتِنْتَاجَاتِهَا بَعِيدَةٌ عَنْ التَّحَقُّق الْعَمَلِيِّ وَالتَّجْرِيبِيِّ. وَبِالتَّالِي، تَمَثَّل الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق عَلَاقَة تَكَامُلِيٍّة وَتَرَابُطَيْة، حَيْثُ تُشْكِل الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا الْإِطَارُ الْفَلْسَفِيّ وَالْمَنْطِقِيّ الَّذِي يَنْطَلِقُ مِنْهُ كُلَّ مَنْ الْعِلْمِ فِي مُحَاوَلاتِه لِفَهْم الطَّبِيعَةِ وَالْكَوْنِ، وَالْأَخْلَاق فِي سَعْيِهَا لِتَحْدِيد مَفَاهِيم الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْفَضِيلَةُ وَالرَّذِيلَةُ. وَيتَطَلَّب الْأَمْر السَّعْيِ إلَى التَّوَازُنِ وَالتَّكَامُلِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَجَالَاتِ الْمَعْرِفِيَّة الْمُخْتَلِفَة لِتَحْقِيق التَّقَدُّمِ وَالرُّقِيِّ الْإِنْسَانِيّ.
_ هَلْ أَصْبَح الْعِلْم وَالْأَخْلَاق مُتَحَرَّرَان مِنْ مِيتَافِيزِيقِيَا ؟
حَوْلَ مَا إذَا كَانَ الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق قَدْ أَصْبَحَا مُتَحَرَرَيْن مِنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا هُوَ سُؤَالٌ مُهِمّ وَمَعْقِد فِي الْفَلْسَفَةِ وَالْفِكْر الْمُعَاصِر. بِنَاءً عَلَى الْبَحْثِ و التَّقَصِّي فِي الْمَصَادِرِ الْفَلْسَفِيَّة، يُمْكِنُ الْقَوْلُ لَطَالَمَا كَانَ الْعِلْمُ وَالْفِكْر الْعِلْمِيِّ فِي تُوتِر مَع الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا وَالتَّصَوُّرَات الْمَيتَافِيزِيقِيَّة عَنْ الْكَوْنِ وَالْوُجُودِ. فَالْعِلْم يَعْتَمِدُ عَلَى الْمَنْهَجِ التَّجْرِيبِيّ وَالتَّفْسِيرَات الْمَادِّيَّةِ لِلظَّوَاهِر، بَيْنَمَا الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا تَتَعَامَلُ مَعَ الْجَوَانِب الْغَيْبِيَّة وَ الْمَاوَراء طَبِيعِيَّةٌ, وَمَعَ تَطَوُّرِ الْعِلْم وَتَرَاكُم الْمَعَارِف التَّجْرِيبِيَّة، أَصْبَحَ مِنْ الْمُمْكِنِ تَفْسِير الظَّوَاهِرِ الطَّبِيعِيَّةِ دُونَ الْحَاجَةِ إلَى إفْتِرَاضِات مِيتَافِيزِيقِيَّة. فَالْعِلْم الْحَدِيثَ قَدْ نَأَى بِنَفْسِهِ عَنْ الْأَسْئِلَةِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة وَالتَّرْكِيزِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْوَضْعِيّ لِلْعَالِم. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ الْعِلْمَ فِي طَرِيقِهِ إلَى التَّحَرُّر أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ مِنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا التَّقْلِيدِيَّة. أَمَّا الْأَخْلَاق وَالتَّحَرُّرِ مِنَ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا يُمْكِنُ الْقَوْل تَارِيخِيًّا، إرْتَبَطَتْ الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّة بِشَكْل وَثِيق بِالْأَفْكَار وَالتَّصَوُّرَات الْمَيتَافِيزِيقِيَّة، سَوَاءٌ فِي الْفِكْرِ الْغَرْبِيِّ أَوْ الْإِسْلَامِيِّ. فَالْفَلْسَفَات الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة كَانَتْ تَسْتَنِدُ إلَى أُسِّس مِيتَافِيزِيقِيَّة كَاَللَّه وَالنَّفْس وَالْخَيْر الْمُطْلَق. لكِنْ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ، بَرَزَتْ مُحَاوَلَات لِتَأْسِيس الْأَخْلَاقِ عَلَى أُسُسٍ عِلْمِيَّةٍ وَعَقْلَانِيَّة بَعِيدَةٍ عَنْ الْمَيتَافِيزِيقِيٍّا. فَفِي ظِلّ نُمُوّ الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالسُّلُوكِيَّة، أَصْبَحَ مِنْ الْمُمْكِنِ دِرَاسَة السُّلُوكِ الْأَخْلَاقِيِّ وَالْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ مِنْ مَنْظُورٍ تَجْرِيبِيّ وَمَوْضُوعُي, كَمَا ظَهَرَتْ إتِّجَاهَات فَلْسَفِيَّة نَقْدَية تَسْعَى إِلَى تَحْرِير الْأَخْلَاقِ مِنْ مَرْجعِيَّتِهَا الْمَيتَافِيزِيقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة، مِثْل فَلْسَفَة كَانَط النَّقْدِيَّةُ الَّتِي حَاوَلَتِ صِيَاغَة نَظَرِيَّة أَخْلَاقِيَّة عَقْلَانِيَّة. وَبِشَكْل عَامّ، هُنَاك تَوَجَّه مُتَزَايِد نَحْو تَأْسِيس الْأَخْلَاقِ عَلَى أُسُسٍ عَقْلَانِيَّة وَعِلْمِيَّة بَعِيدَةٍ عَنْ الْأَفْكَارِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة. فِي ضَوْءِ مَا تَقَدَّمَ، يُمَكَّنُ الْقَوْلِ أَنَّ هُنَاكَ إتِّجَاهًا عَامًّا نَحْوُ تَحْرِيرُ كُلِّ مَنْ الْعِلْم وَالْأَخْلَاق مِنَ الْهَيْمَنَةِ الْمَيتَافِيزِيقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. فَالْعِلْم يَتَّجِهُ نَحْوَ التَّفْسِيرَات الْمَادِّيَّة وَالْوَضْعِيَّة لِلْعَالِم، بَيْنَمَا الْأَخْلَاق تَتَطَوَّر بِإتِّجَاه تَأْسِيسِهَا عَلَى أُسُسٍ عَقْلَانِيَّة وَعِلْمِيَّة. إلَّا أَنْ هَذَا التَّحَرُّر لَا يَزَالُ قَيَّد التَّطَوُّر وَالنَّقَّاش الْفَلْسَفِيّ الْمُسْتَمِرّ.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نَقْد فَلْسَفِيّ لِلْخِطَاب الْعِلْمِيّ و الْأَخْلَاقِيّ
-
الْمَشْرُوع الْفَلْسَفِيّ الشَّامِل لِلْوُجُود الْإِنْسَانِي
...
-
أَخْلَاقِيَّات الْعِلْمُ وَ عِلْمِيَّة الْأَخْلَاق
-
حِوَارٌ مَعَ صَدِيقِي الشَّيْطَانُ الْأَكْبَرُ
-
جَدَلِيَّة الِإنْتِمَاء و الِإنْتِسَاب
-
جَدَلِيَّة التَّنْمِيط وَ التَّسْطِيح
-
السُّؤَالُ عَنْ السُّؤَال
-
إيلَون مَاسِك عَبْقَرِيّ أَمْ شَيْطَانِي
-
سُّلْطَة المُثَقَّف أَمْ مُثَقَّف السُّلْطَة
-
مَقَال فِي الأَسْئِلَةُ الْوُجُودِيَّة الْكُبْرَى
-
ثَمَنِ قَوْلِ الْحَقِيقَةِ فِي مُجْتَمَعَاتٍ النِّفَاق وَالت
...
-
جَدَلِيَّة الْفَلْسَفَة و التَّفَلُّسِف
المزيد.....
-
الاتحاد الأوروبي يقر نظام رقابة آليا على حدوده الخارجية بديل
...
-
إسرائيل تريد إبقاء القواعد الروسية في سوريا
-
روبيو: النزاع في أوكرانيا هو حرب بالوكالة بين الولايات المتح
...
-
تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا يُفاقِم الصراعا
...
-
السيناتور غراهام: زيلينسكي كان جيدا في الحرب لكنه يحتاج إلى
...
-
روبيو يحذر -حماس-: خذوا تهديدات ترامب على محمل الجد
-
كوريا الجنوبية.. إصابة مدنيين وتدمير عدة مبان إثر إلقاء طائر
...
-
السودان.. تحركات في 3 مسارات لوقف الحرب المتصاعدة
-
700 دبلوماسي أميركي يحتجون على تفكيك وكالة التنمية
-
خطاب ترامب أمام الكونغرس جذب 36.6 مليون مشاهد
المزيد.....
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|