أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - استحواذ على ملكيتنا الفكرية















المزيد.....


استحواذ على ملكيتنا الفكرية


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 16:53
المحور: الادب والفن
    


عندما استضافت غرفة التحرير في صحيفة فايننشيال تايمز إنسانا آليا على الغداء عام 2016 من أجل تجربة قدرته على مساعدة المحررين في إنجاز أسرع للقصص الإخبارية، لم يتناول هذا الروبوت حبة بازلاء واحدة، لكن السؤال الذي أطلق في حضرته “هل نحن حقا على استعداد للعيش مع الروبوتات” فقد أهميته منذ ذلك الوقت عندما تحولت هذه الكائنات التكنولوجية إلى ذكاء اصطناعي يزيحنا عن مكاتبنا وينتج صحيفة يومية متكاملة، والأكثر من ذلك بات اليوم يهدد الملكية الفكرية للمنتج الإبداعي، شعريا كان أم روائيا!
أتذكّر أن أندرو هيل أحد أبرع صحافيي الجريدة الوردية تحدى الإنسان الآلي على الغداء عما إذا كان هو ومبرمجو شركته قادرين على تحقيق المستوى الإنساني من الحكمة.
وتحدث هيل عن نفسه آنذاك بقوله “قضيت ثلاث سنوات في بناء الثقة والمهارات متدربا عن طريق تحليل الأخبار عن أرباح الشركات. هذا هو بالضبط نوع التقارير الذي تقوم أسوشيتد برس بإنتاجه الآن تلقائيا، في شراكة مع شركة تدعى البصائر الآلية، على نحو مشؤوم بالنسبة لجميع الصحافيين.”
وأقترح أن يؤتى بأذكى إنسان آلي ليرى بعدها إن كان ما تنتجه تكنولوجيا “البصائر الآلية” يرقى إلى ما كتبه في تحليل الأخبار.
وصلنا حينها إلى نوع من اتفاق الرأي -إلى حد ما- بأن لا يكون الإنسان الآلي صحافيا إلا بحدود لا يمكن تخطيها، لأنه في كل الأحوال يستحيل عليه التعامل مع اللغة بوصفها كائنا حيّا ينمو ويتغيّر، وإعادة تشكيل العلائق بين الكلمات لا تتمّ ببرمجة آلية من أجل اكتشاف العمق الكامن فيها.
بيد أن “شات جي.بي.تي” كسر مثل هذا الاتفاق وتسربت الشكوك إلى ثقة أندرو هيل بنفسه كصحافي متميز، حتى وصلنا اليوم إلى مطالبة كبار الكتّاب بضرورة وقف اعتداء الذكاء الاصطناعي على ملكيتهم الفكرية، عندما شددت الروائية البريطانية كيت موس على ضرورة ألا يتحمل الكتاب وحدهم عبء المواجهة من الشركات التي تسرق أعمالهم من دون تحرك الحكومات لإصدار القوانين.
وتقول إن روايتها “المتاهة” مثلا استغرقت منها أكثر من عقد من البحث والتخطيط والكتابة. فترجمت إلى 38 لغة في احتفاء يليق ويكافئ الجهد الإبداعي الذي بذلته في التفكير والكتابة. وكان نجاح رواية موس العالمي سببا جعلها تتخلى عن وظيفتها اليومية لتصبح كاتبة متفرغة لابتكار نصها الإبداعي باطمئنان مجز.
وهي تطالبنا اليوم مشاركتها التخيّل حين نكتشف أن تلك الأعوام الخمس عشرة من الأحلام والبحث والتخطيط والكتابة وإعادة الكتابة والتحرير وزيارة المكتبات والأرشيفات وترجمة النصوص وتعقب الوثائق الأصلية القديمة للخروج بنهاية مقنعة في “المتاهة”، لا قيمة لها، بمجرد أن يقوم الذكاء الاصطناعي في كتابة رواية مماثلة من دون أجر وبوقت أقصر!
أليست تلك سرقة واستحواذا على الجهد الإبداعي للكاتب؟
مع ذلك فهذه الروائية التي أسهمت في إنشاء “جائزة المرأة للرواية” كإحدى أهم الجوائز الأدبية التي تمنح للكاتبات في بريطانيا متحمسة للذكاء الاصطناعي وإمكانياته. باستخدام التكنولوجيا لتعزيز وتطوير وتجربة وإبداع شيء ما يشكل جزءا من مجموعة أدوات أي فنان.
وتقول “نحن بحاجة إلى الوقت للإبداع، ومن المحتمل أن يمنحنا الذكاء الاصطناعي مساحة للتنفس للقيام بالأشياء التي نحبها. لكن سرقة الملكية الفكرية هي اعتداء على الإبداع وحقوق النشر، وسوف تقوض الاقتصاد الإبداعي الرائد على مستوى العالم. لقد حان الوقت للتجمع معا والعمل من أجل ضمان حقوق الملكية الإبداعية في مواجهة هذا الغزو.”
لقد نشرت جمعية المؤلفين البريطانيين تقريرا صادما بعنوان “عالم جديد شجاع؟” ألقى قنبلة يدوية على المناقشة أحادية الجانب حول النهب غير القانوني لأعمال المؤلفين والمفاهيم الخاطئة المحيطة باقتباس الذكاء الاصطناعي لمنتجاتهم من دون ترخيص مسبق.
وطالبت الجمعية بضمان قيام مطوري الذكاء الاصطناعي بتزويد أصحاب الحقوق من المؤلفين بمزيد من الوضوح حول كيفية استخدام موادهم. وألا يتم اقتباس أعمالهم بشكل أو بأخر من قبل الذكاء الاصطناعي باسم “التقدم التكنولوجي” أو للتدريب على الذكاء الاصطناعي.
إن شركات الذكاء الاصطناعي تصور المبدعين على أنهم ضد التغيير. ولكنهم ليسوا كذلك عندما يستعينون بهذا الذكاء لتطوير مهاراتهم الإبداعية، ولا يمكن أن يقفوا مثلا أمام هذه التكنولوجيا التي تعمل بشكل رائع في التشخيص الطبي، لكن من الضروري التمييز بين الذكاء الاصطناعي الذي يمكن استخدامه بطرق مفيدة ونماذج الذكاء الاصطناعي التي تتم فيها سرقة أعمال المبدعين لتحقيق الأرباح للشركات.
ولا ينبغي هنا أن ننسى أن شركات الذكاء الاصطناعي تعتمد على المبدعين لبناء نماذجها. ودون قانون قوي لحقوق النشر يضمن للمبدعين القدرة على الاستمرار في الحياة والكتابة سوف تفتقر شركات الذكاء الاصطناعي إلى المواد عالية الجودة التي تشكل ضرورة أساسية لنموها في المستقبل.
مع ذلك تبقى ثمة مفارقة، فحتى مع انتشار الذكاء الاصطناعي في حياتنا، تظل مشاعر العداء مرتفعة للغاية. بسبب خروقات “أمن البيانات” و”انتشار المعلومات المضللة” و”التشريد الوظيفي.”
في يوم ما شبه أوسامو تيزوكا أحد أهم مطوري الرسوم المتحركة اليابانية المعروفة باسم “الأنمي” الروبوتات، بديانة “الشنتو” التي لا تضع حدودا صارمة بين الأشياء الحية وغير الحية.
لاحظ تيزوكا أن “اليابانيين لا يميزون بين الإنسان، المخلوق المتفوق، والعالم من حوله. فنحن نتقبل الروبوتات بسهولة إلى جانب العالم الواسع من حولنا، الحشرات والصخور… وكأن كل هذا شيء واحد.”
ومع أنه يصعب وصف الديانة “الشنتوية” التي لا يعرف لها مؤسس ولا معتقد تقوم عليه عكس الديانات السماوية الأخرى. إلا أن الذكاء الاصطناعي في طريقه أن يتحول إلى نوع من “الشنتو” كديانة بشرية تبدو في مفاهيمها السائدة مفيدة وتتقدم مع الإنسان بسرعة مذهلة، لكنها في حقيقتها تتحول إلى “وعد زائف” وفق عالم اللسانيات نعوم تشومسكي، عندما يحول الذكاء الاصطناعي، الإنسان إلى مجرد عقل خامل لا يعتمد إلا عليه، في وقت يقوم هذا الذكاء الاصطناعي بتحريض الإنسان نفسه على رفده بكمية ضخمة من المعلومات وتطويره بشكل مستمر ليتفوق عليه في كل شي ويجعله عاطلا عن العمل إلا من مهمة واحدة هي تطوير واستمرار عمل الذكاء الاصطناعي!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوروبا الرجل الطيب أم المريض
- دمشق يا أخت بغداد
- بيرس مورغان مدير على نفسه
- نسخة ترامب2.0 تحرق السقف
- السياب في لندن
- أوبريت حمائم الإطار التنسيقي
- بشارة الخوري بمقام عراقي
- عندما كانت الرسائل شفاعة وجد
- سقوط صحافيين كبار!
- بيت العجائب
- صبا وحجاز عراقي
- البيت الشيعي اختراع مزيف
- نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف
- لا أسوأ من التخمين السياسي
- الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي


المزيد.....




- -بعد مليون ونصف مشاهدة-.. أغنية -انتحر عادي- تنتهي بصاحبها خ ...
- زينة تفاجئ جمهور -رامز إيلون مصر- بكشفها محطة غير مألوفة من ...
- جدل كبير بعد اختفاء اسم طارق العريان من تتر مسلسل -معاوية-.. ...
- اتهامات بـ-سرقة- قصته.. مسلسل -بالدم- يثير جدلا واسعا في لبن ...
- فنانة تشكيلية إيرانية ترسل هدية إلى جورجينا رونالدو (صورة)
- الجمعيات الأهلية بالمغرب تتصدى لهيمنة اللغة الفرنسية
- السلطات الإماراتية تحيل فنانة خليجية شهيرة إلى محكمة الجنايا ...
- قراءة نقدية وتحليلية في(رواية – متاتيا)للكاتبة الروائية الأ ...
- نجم الغناء المصري محمد حماقي يتعرض لأزمة صحية مفاجئة 
- فنان خليجي شهير يعلق على الجدل المثار بشأن ظهوره في مشاهد -ج ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - استحواذ على ملكيتنا الفكرية