أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أوزجان يشار - الحمار المظلوم وحكمة “موت يا حمار”














المزيد.....


الحمار المظلوم وحكمة “موت يا حمار”


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 14:20
المحور: كتابات ساخرة
    


لطالما ارتبط اسم الحمار في ثقافاتنا بالغباء، رغم كونه رمزاً للصبر والتحمل. بينما نحن نسخر منه، فإنه في أماكن أخرى، مثل الولايات المتحدة، تحول إلى أيقونة سياسية وتجارية، بل وأصبح شعار الحزب الديمقراطي الأمريكي.
الحمار في السياسة: من السخرية إلى الرمز
عام 1828، عندما ترشح أندرو جاكسون للرئاسة، رفع شعار “لنترك الشعب يحكم”. لم يعجب خصومه الجمهوريين، فسخروا منه بلقب “أندرو جاك آس” – أي “أندرو الحمار”. لكنه لم ينزعج، بل قلب الطاولة عليهم وجعل الحمار شعاراً لحملته، مؤكداً أنه يمثل عامة الشعب الكادح. كسب الانتخابات، وأصبح أول رئيس ديمقراطي للولايات المتحدة، وبعد عقود، تبنى الحزب الديمقراطي الحمار رمزاً رسمياً له، بفضل رسام الكاريكاتير توماس ناست.
حكاية جحا والخليفة المقتدر: التسويف في أبهى صوره
أما في بلادنا، فكان للحمار نصيب آخر في التاريخ، ليس كرمز سياسي، بل كضحية للسخرية والتسويف. وهنا تأتي قصة جحا والخليفة العباسي المقتدر بالله، الذي صعد إلى الحكم طفلاً، بينما كانت أمه، السيدة شغب، تدير الدولة باسمه. كانت الخلافة آنذاك غارقة في اللهو والترف، حتى إن الخليفة نفسه كان بحاجة إلى التسلية الدائمة.
وذات يوم، أراد الخليفة الاستمتاع بشيء جديد، فسأل حاشيته عن أكثر الناس حماقة في بغداد، فجاء الرد فوراً: “جحا، مولاي!” فأمر بإحضاره، وحين مثل بين يديه، قال له الخليفة:
“أريد شراء حمارك!”
فأجاب جحا بلا تردد: “بعتك إياه بألف دينار!”
ضحك الخليفة، لكنه دفع المبلغ، ثم سأله: “والآن، ماذا ستفعل بدون حمارك؟”
قال جحا ببساطة: “سأشتري غيره!”
لكن الخليفة، الذي كان يبحث عن تسلية أطول، قال: “أريدك أن تعلّم هذا الحمار الغناء، ولديك 15 عاماً، وإن فشلت، سأقتلك!”
هنا لم يكن جحا غبياً، بل ذكياً يتظاهر بالحماقة ليحول الموقف لصالحه. نظر إلى الخليفة نظرة تأمل، ثم قال:
“ليس مستحيلاً يا مولاي، لكنه يحتاج إلى وقت ومال: ألف درهم شهرياً لإطعامه، وألف لمصاريف التعليم، وألف لي لأني سأكرّس حياتي لهذه المهمة!”
ضحك الخليفة، ووافق، محدداً الموعد بعد خمسة عشر عاماً.
عاد جحا إلى منزله، فاستقبلته زوجته بالبكاء والصراخ:
“كيف توافق على هذا؟ بعد 15 سنة سيقطعون رأسك!”
لكنه أجابها ببرود:
“بعد 15 سنة، قد يموت الخليفة، أو أموت أنا، أو يموت الحمار!”
ومنذ ذلك اليوم، كان جحا كل صباح ينظر إلى حماره ويبتسم، ثم يردد عبارته الشهيرة: “موت يا حمار!”
ومع مرور الأيام، ظل الخليفة منهمكاً في لهوه، والحمار لم يغنِ، لكن جحا كان واثقاً أن الزمن سيتكفل بالأمر. وفي النهاية، لم يكن بحاجة إلى اختبار مهارات حماره الموسيقية، لأن الثورات أطاحت بالخليفة وقتل بطريقة شنيعة. وبينما سُحبت جثته في الشوارع، كان جحا يراقب المشهد عن بعد، وربما لأول مرة، قال عبارته بصوت مسموع وضحكة مكتومة:
“مات الحمار أخيراً!”
التسويف السياسي: لعبة جحا في كل عصر
تحولت قصة جحا مع الخليفة المقتدر إلى نموذج مثالي لفن التسويف السياسي. فمنذ ذلك الحين، أصبحت الحكومات والأنظمة السياسية تتقن أسلوب “موت يا حمار” في التعامل مع المطالب الشعبية والوعود الإصلاحية والاتفاقيات الدولية.
كلما واجهت سلطةٌ ما وعداً لا تريد الوفاء به، فإنها تلجأ إلى هذه الحيلة:
• تطلق وعوداً طويلة الأجل تدرك أنها قد لا تحتاج إلى تنفيذها.
• تربط القرارات بإجراءات معقدة تستنزف الزمن وتفقد الناس صبرهم.
• تؤجل الحلول حتى تصبح الظروف مختلفة أو يزول أصل المشكلة.
وهكذا، يظل المواطن ينتظر إصلاحاً لم يتحقق، تماماً كما كان جحا يراقب حماره كل صباح متمنياً موته قبل موعد الاختبار. الفارق الوحيد أن الحمار في السياسة لا يموت بسرعة، لكنه يتحول إلى دائرة لا نهائية من التسويف، حيث يصبح “الغناء” المنتظر مجرد وهم يلوح في الأفق، بينما الواقع يبقى على حاله.
في النهاية، قد يتغير الحاكم، وقد تتغير الظروف، وقد تمضي العقود، لكن السؤال يبقى: من الذي سيفوز بلعبة “موت يا حمار”؟



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع النبل والإنسانية: دروس مستوحاة من الذئاب
- الصراع العالمي القادم على الليثيوم: وقود معركة الطاقة المستق ...
- إتقان منهج يونغ: رحلة إلى أعماق النفس البشرية
- سبينوزا وفلسفة السعادة: طريق العقل إلى الحرية
- الإحباط من الواقع قد يقتل فرص النجاح
- قواعد التعامل الاجتماعي
- مصاصي الطاقة والعلاقات السامة
- خطاء المديرين في الإدارة
- طواحين الهواء (متلازمة دون كيشوت)
- أنواع العقد النفسية: تحليل لأشهرها وأسبابها وآثارها وطرق الت ...
- من مذكرات الكاتب التركي عزيز نيسين..- الفأر الصغير في زيت ال ...
- مخلوقات تهدد المرافق الصناعية
- -العفريت والمحيط- من مذكرات الكاتب التركي -عزيز نيسين-
- يا جملي الصغير
- الديك و الشادوف
- رؤية جاك ديريدا
- نوايا تقمص الشخصيات
- الحمى و الخوخ الأخضر
- فضلات المدن و التعامل معها
- و مضات من حياة ديكنز


المزيد.....




- فنانة شابة في علاقة حب مع نور خالد النبوي؟ .. يا ترى مين ضيف ...
- إيران.. 74 جلدة لنجم شهير حرض على خلع الحجاب!
- سلي أولادك بأفضل أفلام الكرتون.. اضبط أحدث تردد لقناة كرتون ...
- انتقادات واسعة للمسلسل العراقي -ابن الباشا-.. هل هو نسخة من ...
- فنان مصري مشهور يفقد حاسة النطق.. وتامر حسني يتدخل
- شاهد.. مغني راب يصفع مصارعا قبل نزالهما في الفنون القتالية
- -أشغال شقة جدا- كاد ألا يرى النور.. مفاجآت صادمة عن المسلسل! ...
- معرض للفنان العراقي صفاء السعدون بين جدارن جامعة موسكو الحكو ...
- الأرميتاج يعدل برنامج الارتياد المجاني
- مشاركة لافتة لفيلم عراقي في مهرجان -RT.Doc: زمن أبطالنا-


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أوزجان يشار - الحمار المظلوم وحكمة “موت يا حمار”