صباح حزمي الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 09:15
المحور:
الادب والفن
سألت حسناء حكيما , ما أجمل ما يلفت نظرك في محاسن وجه المرأة يا فيلسوفنا العجوز ؟ ما الذي لفت نظرك في وجهي مثلا ؟ قال الفيلسوف : شنبك يا ابنتي جميل , قالت يا فيلسوف ألا ترى أنه ليس للأنثى شنب , و أنه للرجال فقط ؟ قال الفيلسوف : أعلم أنكِ أنثى ولكنّي أصر على أنّ لكِ شنبا , ثم قال : هل تعلمين ما معنى الشنب ؟ قالت نعم إنه الشعر الذي يغطي المنطقة التي فوق الشفة العليا للرجل قال : كلا أنا لا أعني هذا الشعر على الإطلاق , الشنب هو بردٌ وعذوبة ورقة في الأسنان , شنب الأَسنان يا بنيتي : صفاؤها جمالها .
يعتبرالشارب رمزا للرجولة والفخر , وهو الشعر الذي ينبت على الشفة العليا , وقد ارتبط منذ القدم بالرجولة والفخر, وكان العرب يعتبرونه جزءًا أساسيًا من مظهر الرجل , ويولونه عناية خاصة , وقد تغنى الشعراء بالشارب في قصائدهم , ووصفوه بأجمل الصفات , واعتبروه رمزًا للقوة والشجاعة , ومن أشهر الأبيات الشعرية التي تتغنى بالشارب : (( شاربي ما حنيته بذل***ولا وطيت لغير ربي جبيني )) .
أما الشنب , فهو جمال الثغر وصفاء الأسنان , وقد ارتبط بالجمال والجاذبية , وكان العرب يعتبرونه جزءًا أساسيًا من جمال المرأة , ويولونه عناية خاصة , وقد تغنى الشعراء بالشنب في قصائدهم , واعتبروه رمزًا للجمال والأنوثة , ومن أشهر الأبيات الشعرية التي تتغنى بالشنب قول ابن الرومي : (( يا حَبَّذَا الشَّنَبُ المَعْسُولُ رِيقُهُ***وَحَبَّذَا لَثْمُهُ مِنْ بَعْدِ تَقْبِيلِ )) , ويقول شاعر آخر: (( ضحكت فقالوا مبسم فيه الشنب***فقلت لا بل بارق فيه ذهب )) .
يكمن الفرق الأساسي بين الشارب والشنب في موقعهما من الوجه , فالشارب كما عرفنا هو الشعر الذي ينبت على الشفة العليا , بينما الشنب هو جمال الثغر وصفاء الأسنان , ولذا فهما يختلفان في دلالاتهما , فالشارب يرتبط بالرجولة والفخر, بينما الشنب يرتبط بالجمال والجاذبية , وقد اختلف مفهوم الشارب والشنب قليلًا في الثقافة الحديثة , حيث أصبح الشارب رمزًا للرجولة والأناقة , بينما أصبح الشنب مجرد تعبير عن جمال الأسنان , ومع ذلك لا يزال الشارب والشنب يحملان دلالات جمالية واجتماعية مهمة, حيث يبقى الشارب والشنب جزءًا أساسيًا من جماليات الوجه في الثقافة العربية , ويحملان دلالات جمالية واجتماعية مختلفة ,وقد تغنى بهما الشعراء في قصائدهم , ووصفوهما بأجمل الصفات , واعتبروهما رمزًا للرجولة والجمال.
قال الشاعر ذي الرُمَّة : (( لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَـسُ وفي اللِثاتِ وفي أنيابها شَنَبُ )) , والشنب صفاءُ الأسنان , و جمال الثغر , أما الشعر الذي ينبت فوق الشفةِ العليا للرجل فيسمى ( شاربا ) و ليس شنبا , وقد جاء في المعجم : الشَنَبُ حِدَّةٌ في الأسنان , ويقال بَرْدٌ وعُذوبَةٌ , وامرأةٌ شَنْباءُ , بَيِّنَةُ الشَنَبِ , قال الجَرْميّ: سمِعت الأصمعيَّ يقول: ((الشَنَبُ: بَرْدُ الفمِ والأسنانِ و ما هو إلا بَرْدُها )) .
تختلف الآراء حول بعض التفاصيل المتعلقة بحكم الشارب , ولكن يتفق العلماء على أهمية قص الشارب والنظافة الشخصية , وقد وردت أحاديث نبوية تحث على قص الشارب , وتعتبره من سنن الفطرة , والهدف من قص الشارب هو النظافة وتجنب تراكم الأوساخ والطعام فيه , وقد اختلف العلماء في درجة قص الشارب , فمنهم من رأى أنه يجب قصه حتى تظهر حافة الشفة , ومنهم من رأى أنه يكفي تقصيره , وبعضهم يقول لا يجوز حلق الشارب بالكامل , لأن ذلك يعتبر تشبهًا ببعض الأمم الأخرى , أما الشنب الذي هو جمال الثغر وصفاء الأسنان , فلا يوجد حكم شرعي خاص به , وينصح الإسلام عموما بالنظافة والعناية بالأسنان , وذلك يشمل تنظيفها وتجميلها.
يمكن استخلاص بعض الاستنتاجات من خلال النظر في السياق التاريخي والممارسات الاجتماعية السائدة في الدولتين الأموية والعباسية , ففي تلك الحقبة , كان هناك اهتمام كبير بالتصنيف , والتمييز بين الفئات الاجتماعية المختلفة , وقد وجدنا ان قص الشارب كان ممارسة خاصة بالخدم الخصيان في الدولتين الأموية والعباسية , حيث يكون قص الشارب وسيلة لتمييز الخدم الخصيان عن غيرهم من الخدم , أو عن عامة الناس , وكذلك كانت النظافة الشخصية مهمة في البلاطين الأموي والعباسي , خاصة للخدم المكلفين بخدمة الخلفاء والأمراء , وقد يكون قص الشارب جزءًا من ممارسات النظافة , حيث يسهل الحفاظ على نظافة الوجه ويقلل من تراكم الطعام والأوساخ , او لأنه كان للخصيان دور كبير في الدولتين , وكانوا يقومون بأعمال داخل القصور, لذلك كان يجب أن يكون مظهرهم لائقاً.
في الدولة العثمانية , كان الخصيان يشغلون مناصب مهمة في القصر العثماني , يؤدون أدوارًا متنوعة في القصر, بما في ذلك حراسة الحريم والقيام بمهام إدارية وخدمية , وكانت النظافة الشخصية أمرًا بالغ الأهمية , خاصة بالنسبة للخدم الذين يتعاملون مباشرة مع السلطان وأفراد العائلة المالكة , وفي المجتمع العثماني , كان هناك اهتمام بالتصنيف والتمييز بين الفئات الاجتماعية , قد يكون قص الشارب وسيلة لتمييز الخصيان عن غيرهم من الخدم أو عن عامة الناس .
يمكن الحديث أيضا عن علاقة الشوارب بالشخصيات اليسارية العالمية من خلال عدة جوانب , فالشارب أصبح في بعض الحالات مرتبطًا بشخصيات يسارية بارزة , مما جعله رمزًا سياسيًا , على سبيل المثال , شارب جوزيف ستالين , الزعيم السوفيتي , أصبح علامة مميزة له , وارتبط بالشيوعية في فترة حكمه , هناك أيضًا شارب فيدل كاسترو الزعيم الكوبي , كان جزءًا من مظهره المميز, وارتبط بالثورة الكوبية واليسارية في أمريكا اللاتينية , كما اصبح الشارب كتعبير عن الهوية لدى بعض الشخصيات اليسارية , قد يكون الشارب تعبيرًا عن هويتهم الثقافية , او يعكس مظهرا للتمرد على الأعراف السائدة أو التعبير عن انتماء لتيار فكري معين .
#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟