أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح














المزيد.....


من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 09:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن سقوط الأسد لحظةً محدَّدةً بحدثٍ واحد، بل كان عمليةً متدرجة، بدأت منذ اللحظة التي ظن فيها- عبر يقينية وراثية- أن الاستبداد قدرٌ محتوم، وانتهت حين تحوّل من "حاكم" إلى مجرد "ورقة تفاوض". فالأسد لم يعد يحكم، بل تحكمه التوازنات، وحين يسقط الجدار الأخير الذي يسنده، سينهار فوق رأسه. ومن هنا، فإنه لم يسقط الأسد في أواخر سنة ٢٠٢٤، بل سقط فعليًا، لآخر مرة، عندما خرج أطفال درعا عام ٢٠١١ ليكسروا جدار الخوف، بعد أن خرج شباب الكرد قبل ذلك، في انتفاضة آذار 2004
تلك العبارات التي خطّها أطفال درعا على الجدران كانت كفيلة بهدم أسطورة "هيبة النظام". كان الرد الدموي على الأطفال إعلانًا لبدء نهايته، لكنه لم يفهم الرسالة. قبل ذلك، كان الكرد في قامشلو قد سبقوا جميع السوريين عام ٢٠٠٤ عندما كسروا حاجز الرعب و الصمت، وأظهروا أن النظام ليس إلا صنمًا من رمال!؟
حين خرج المتظاهرون في شوارع سوريا من عين ديوار حتى درعا، على اختلاف وتدرج الظهور العلني لكل منهم على روزنامة الثورة، هاتفين غير هائبين"الشعب يريد إسقاط النظام"، كان ذلك الإعلان الشعبي الأول لسقوطه. لم يكن الأمر مجرد شعار، بل كانت هناك إرادةً جامعة، تحوّلت إلى واقع سياسي وعسكري.
ولقد رأينا أنه مع بدء الثورة، انهار الأسد نفسيًا وسياسيًا، لكنه لم يسقط وحده على الأرض، بل من أنهضه- صورياً- من قوى أكبر، جعلت من سقوطه أمرًا مؤجلًا، ريثما تحين اللحظة المناسبة.
ورث بشار الأسد عنجهيةً فارغةً عن أبيه، لكنه لم يرث مهاراته في المراوغة، ولا قدرته على استخدام التناقضات لصالحه. كان حافظ الأسد يعرف كيف يكذب على الشرق والغرب في آنٍ واحد، وكيف يخدع العالم تحت شعارات كبرى، بينما كان يخدم إسرائيل التي يدعي معاداتها، بصمت. ولم يكن ليستمر لولا الحصانة الدولية التي تمتع بها، والتوازنات التي فرضها في المنطقة. أجل، كان الأسد الأب يجيد استخدام القمع والخداع كأدواتٍ للبقاء، لكن ابنه جاء ليكرر وصفةً ممجوجةً، ممسوحة الحبر، عبر ببغائيةً فارغةً، جعلته يسقط منذ اللحظة الأولى. لم يدرك أن أدوات والده لم تعد صالحةً لعالمٍ جديد، وأنه لم يكن إلا نسخةً باهتةً من طاغيةٍ أكثر دهاءً منه.
وحقيقة، لم يُبقِ الأسد في الحكم ذكاؤه، ولا قوته، ولا إرث أبيه، بل أبقته معادلاتُ القوى الكبرى والمصالح المتشابكة، لاسيما الموروثة منها. وقف معه الإيرانيون، ليس حبًا به، بل حفاظًا على مشروعهم التوسعي. حزب الله قاتل إلى جانبه، لا لأنه مقتنعٌ به، بل لأن سقوطه كان يعني انهيار منظومتهم في لبنان. الروس أنقذوه ليس حبًا به، بل ليعيدوا بناء أمجادهم على أنقاض سوريا. أما إسرائيل، فكانت ترى فيه أهون الشرور، إذ لم يكن هناك بديلٌ مضمونٌ لمصالحها.
أما أوباما، فكان يتحدث عن "الخطوط الحمراء"، لكنه لم يرسم إلا مساحاتٍ رمادية أبقت النظام متماسكًا. تركيا، التي قال رئيسها إن "حماة لن تتكرَّر"، استغلت الحرب، فنهبت المعامل، واستفادت من الفوضى، وعندما احتاجت إلى ورقة تلعب بها، كانت سوريا جاهزةً لتكون ساحةً لمساوماتها. لقد كان سقوط الأسد محتومًا، لكن من أرادوا إسقاطه لم يمتلكوا قرارهم، ومن امتلكوا القرار لم يكونوا يريدون سقوطه بعد. بعد غزة، وبعد مقتل قاسم سليماني، وبعد تصفية قادة فلسطينيين في إيران، بدأت الصورة تتغير. لاسيما بعد مقتل حسن نصر الله- إن صحّت التقارير- في الطابق ١٤ تحت الأرض، ومقتل من تولوا القيادة بعده، كانا إشارات إلى أن اللعبة تقترب من نهايتها، ولكن وفق اتفاقاتٍ دوليةٍ لا وفق ثورةٍ شعبيةٍ.
من هنا، فإنه لم يكن الأسد يومًا سيدَ قراره، منذ أن أُتي به، مغمض العينين- وهو طبيب العيون المزيف- لكنه لم يكن أضعف مما هو عليه اليوم. انشغال بوتين بحربه في أوكرانيا جعله عاجزًا عن دعم الأسد كما في السابق. إيران، التي نزفت في معاركها الإقليمية، بدأت تبحث عن مخرجٍ يحفظ رأسها. تركيا، التي كانت تلعب دور "الجوكر"، وجدت اللحظة المناسبة لتظهر بمظهر من يُسقط الأسد، فتقدمت عند الساعة الصفر، مستخدمةً أدواتها، وحركت بيادقها.
لقد قدّمت تركيا نفسها كـ "الوكيل الحصري" وراعية مخططات الإطاحة بالأسد، لكن الحقيقة أن الثورة السورية لم تفشل إلا عندما تحوّلت إلى رهينةٍ لقطر وتركيا، وبدل أن تكون معركة حرية، أصبحت صراع نفوذ.
الأسد سقط منذ اليوم الأول للثورة، لكنه بقي كدميةٍ معلّقةٍ بخيوط المصالح الدولية، ليستمر حوالي عقد ونصف بعد ذلك بسندات كفالة دولية. إن من أسقطه فعليًا، في سقوطه الأخير، لم يكن المتظاهرون وحدهم، ولا المعارضة، بل سقوط مشروعيته داخليًا، وعجز داعميه خارجيًا. إذ كان معروفاً أنه عندما يحين الوقت، فلن يكون سقوطه إلا خطوةً أخيرةً في مسرحيةٍ كُتبت فصولها منذ سنوات.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الالتفاف على القضية الكردية في سوريا الجديدة: إعادة إنتاج ال ...
- تشويه صورة الأقليات في سوريا: وهم الأكثرية وصناعة الإقصاء
- تشويه الصورة المصطنعة ل- الأقليات- في سوريا: وهم الأكثرية وص ...
- الكرد في سوريا بين الإقصاء الممنهج ووعود الخداع
- أول رمضان سوري دون حكم البعث والأسد
- سحر أنقرة ينقلب على رؤوس طباخيها.1
- ضدَّ إعادة تدوير نظام البعث – الأسد
- الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم
- بيان استنكار لماسمي بمؤتمر الحوار الوطني
- ملك العود ملك المقامات: رشيد صوفي ما كان عليك أن تغادرنا الآ ...
- زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد ...
- الكتابة عبر الذكاء الاصطناعي وسلطة الكاتب
- أبواق الفتنة والتهليل لقرع طبول الحرب!
- فيمن ينتظرون حرباً تركية ضد الكرد السوريين: من يخرج بسواد ال ...
- العهد الجديد وتحريض الشوفينيين ضد الكرد والدروز والعلويين
- ضيف جديد الليلة على مقبرة خزنة
- انتقام وتشفٍّ بالجملة: عنصريون يستثمرون خلافاتنا ويحرضون علي ...
- وسائل التواصل الاجتماعي في وجهها الإيجابي: دعونا نستفد منها ...
- الانقلاب الثقافي والتنمر الديسمبري
- الثورة السورية و تشريح التشريح بين المسار والانحراف


المزيد.....




- مصر: زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شمال مدينة شرم الشيخ
- سوريا.. مظاهرة معارضة في السويداء تزامنا مع تفعيل قوى الأمن ...
- لوكاشينكو ينتقد ترامب: فكرة تهجير أهل غزة غير واقعية وفيديو ...
- صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- ضباط استخبارات سابقون لا يستبعدون -تهدئة- استخباراتية بين وا ...
- زيمبابوي تدق باب -بريكس- وتوقع مع روسيا اتفاقية بشأن تخفيف ع ...
- فيتسو: سلوفاكيا ترفض اقتراح الاتحاد الأوروبي تخصيص أموال لأو ...
- -نيويورك تايمز-: إدارة ترامب تبدأ حملة تسريح واسعة في صفوف و ...
- -رويترز-: إدارة ترامب تدرس خطة لتفتيش ناقلات النفط الإيرانية ...
- إصابة شخصين بانفجار في موقع لشركة -كونتيننتال- في هانوفر بأل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح