أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - رؤية نقدية فلسفية لقصيدة (لا شيء يبقى بعد حين) لصلاح زنكنه














المزيد.....


رؤية نقدية فلسفية لقصيدة (لا شيء يبقى بعد حين) لصلاح زنكنه


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 15:11
المحور: الادب والفن
    


د. عبدالكريم الحلو

البنية الدلالية: ثنائية البقاء والفناء
تقوم القصيدة على ثنائية مركزية بين البقاء والفناء، حيث يفتتح الشاعر, بنفي الديمومة عن كل شيء:
“لا شيء يدوم
كل الأشياء ستزول”
هذا التأكيد القاطع يضع القارئ أمام رؤية فلسفية عميقة مستوحاة من الطابع الوجودي للحياة، حيث يصبح الزوال حتمية لا يمكن إنكارها.
وهنا، يبدو الشاعر متأثراً بنزعة تشاؤمية قريبة من الفلسفة الوجودية، وخصوصًا أفكار مارتن هايدغر حول “الكينونة نحو الموت”، حيث يدرك الإنسان هشاشته أمام الزمن، لكنه في الوقت ذاته يعيش بحثًا عن معنى يتجاوز حتمية العدم.
الصورة الشعرية: الحب كتجربة مقاومة للفناء, رغم يقين الشاعر بأن “كل الأشياء ستزول”، إلا أنه يخلق استثناءً وحيدًا يتمثل في (سماحي) الحبيبة التي تبقى أنيقة في ذاكرته. هذه المفارقة تفتح القصيدة على بعد أكثر تعقيدًا:
• هل يمكن للحب أن يكون وسيلة للخلود في عالم محكوم بالفناء؟
• هل الحبيبة كفكرة )وليس كوجود مادي) تستطيع مقاومة الزمن؟

الشاعر هنا لا يؤكد ذلك يقينًا، بل يضعه كاحتمال ضمني، حيث يشبّه حضورها في ذاكرته : بـ “أمنية أو حلم أو حماقة”، مما يعكس عدم استقراره العاطفي والفكري تجاه هذه الفكرة.
البعد الفلسفي: الإنسان ككائن مأزوم بين الوجود والعدم, حيث تتجلى الأزمة الوجودية في الأبيات التالية:
“لكنها أشد وقعًا
من حرب ضروس
لم أخضها بعد
وقد أخوضها رغمًا عني”
هنا، يتحول الحب من تجربة رومانسية إلى معركة محتملة، مما يعكس حالة الصراع الداخلي بين الاستسلام لفكرة الفناء والتمسك بالحياة عبر المشاعر.
اللافت أن الشاعر يستخدم صيغة الشرط الاحتمالي (وقد أخوضها) مما يوحي بعدم اليقين، وكأن الحياة ذاتها ليست خيارًا بقدر ما هي إجبار.
هذه الفكرة تقترب من الفلسفة العبثية عند ألبير كامو، حيث يُطرح السؤال:
هل نستمر في العيش رغم إدراكنا عبثية العالم، أم نستسلم للعدم؟

اللغة والأسلوب: بين البساطة والعمق الدلالي.
تتميز القصيدة بلغة مباشرة خالية من الزخرفة البلاغية، لكن هذه البساطة تخفي خلفها عمقًا فكريًا. فمثلاً، التشبيه الأخير:
“كما يعوم البحر
غريق من دون نجادة”
يحمل دلالة مأساوية عميقة، حيث يصبح البحر، رمز الحياة واللانهاية، مكانًا للضياع بدلاً من النجاة.
هذه الصورة تشبه رؤية نيتشه للعالم كحالة من الفوضى التي لا تحمل أي خلاص مطلق.

الخاتمة: جدلية الفكر والجمال في القصيدة
تمثل القصيدة نموذجًا للجدلية بين الفكر والجمال، حيث تمتزج التأملات الفلسفية حول الفناء والوجود مع تجربة وجدانية ذات طابع حسي وعاطفي. هي ليست مجرد قصيدة حب، بل تأمل في معنى الحب نفسه داخل عالم زائل، مما يجعلها قريبة من التيارات الفلسفية التي تربط العاطفة بالقلق الوجودي.
وتظل القصيدة مفتوحة على التأويل: هل تبقى الحبيبة في الذاكرة كاستثناء حقيقي، أم أنها مجرد وهم جميل وسط زوال حتمي؟
الشاعر لا يمنح إجابة، لكنه يترك لنا السؤال معلقًا، كما لو أن الحياة ذاتها ليست سوى هذا السؤال المستمر.
وأخيرا, صلاح زنكنه لا يرثي الأشياء التي تزول فقط، بل يحتفي بها بطريقة خاصة، كأن الحياة ليست إلا محاولة للتمسك بأجمل ما يمرّ بنا، حتى لو كان حلما أو “حماقة لم يعنِها”.
قصيدة عذبة، تنبض بصدقها، وتهزّ القارئ بعمقها الهادئ، إنها تأملٌ شجيّ في الفقد، لكنه فقدٌ لا يخلو من كبرياء الحب.

لا شيء يبقى بعد حين
لا شيء يدوم
كل الأشياء ستزول
الأحلام .. الأمنيات .. الصبوات
لا يهمني كل ذلك
كونكِ وحدكِ يا سماحي
ستبقين أنيقة في ذاكرتي
كأمنية أو حلم
أو حماقة لم أعنِها
لكنها أشد وقعا
من حرب ضروس
لم أخضها بعد
وقد أخوضها رغما عني
تشبثا بالحياة
الحياة التي أعنيها بشغف مر
كما يعوم البحر
غريق من دون نجادة



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة (سأحبكِ) لصلاح زنكنه أمام مرايا النقد
- النَّصُّ الطّافحُ بلذّةِ التَّشْويق / قراءة تأويلية في قصص ( ...
- جلولاء ضيقة كصحراء, و فسيحة مثل قلب أم رؤوم.
- الحرب أورثتني العطب الروحي, وسلبتني الطمأنينة
- الحياة بكل تفاصيلها هي الخلفية الحقيقية والذخيرة الحية لأي أ ...
- أحبكِ
- صلاح زنكنه يرسم بالكلمات
- فيزياء الحضور الأنثوي في مجموعة (الصمت والصدى) لصلاح زنكنه
- صلاح زنكنه / صياد الدهشة
- القاص صلاح زنگنه في حوار صريح / الكاتب الحقيقي له موقف
- القصة الكبيرة لا يكتبها إلا قاص الكبير
- لا أحفل بالتراث ولست مغرماً بالسلف
- حالات استثنائية في قصص (‎صوب سماء الأحلام) لصلاح زنكنه / أحم ...
- عمق الثيمة وبساطة اللغة في أحلام صلاح زنكنه .. مشتاق عبد اله ...
- ثلاث إضاءات على مجموعتي القصصية (وجع مر)
- من أرشيفي الورقي .. حوار أجرته معي الشاعرة كولالة نوري
- سماحيات 32
- ثلاث إضاءات لكتابي وجع مر
- مدن
- أسماء الشهور ومسمياتها عبر التقاويم الرومانية والسريانية وال ...


المزيد.....




- فيلم -لا أرض أخرى- يحصد الأوسكار عن أفضل وثائقي طويل
- رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة يرد على -الروايات ا ...
- بين السرقة والتدمير.. مواقع أثرية من ضحايا إبادة إسرائيل لغز ...
- -أبجد- تطلق -تحدي الخير- لدعم محاربات سرطان الثدي في رمضان
- ما قصة القفاز الأسود في يد مورغان فريمان في حفل الأوسكار؟
- حملة إسرائيلية على فيلم -لا أرض أخرى-
- حفل توزيع جوائز الأوسكار : فيلم -أنورا- الفائز الأكبر
- لحظات مؤثرة وساحرة من حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 97
- صناع فيلم -لا أرض أخرى- يوجهون خطاب تحدٍ بعد فوزهم بالأوسكار ...
- روسيا بصدد تصوير أول مسلسل وثائقي عن الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - رؤية نقدية فلسفية لقصيدة (لا شيء يبقى بعد حين) لصلاح زنكنه