أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - للاإيمان الشباني - نساء فوق العادة الملكة (ديهيا)















المزيد.....

نساء فوق العادة الملكة (ديهيا)


للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 19:21
المحور: الادب والفن
    


نساء فوق العادة الملكة (ديهيا)
ملكة جمعت بين الجمال الأمازيغي والدهاء، هذان الأمران جعلاها تحفر اسمها بعمق في تاريخ منطقة شمال إفريقيا وفي ذاكرة شعوبها العربية والأمازيغية. الحديث هنا عن الملكة الأمازيغية ديهيا، المعروفة بلقب الكاهنة، تلك المرأة التي حازت إعجاب المؤرخين ورهبة خصومها. وصفها ابن خلدون بأنها "ديهيا فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان"، فقد كانت تمتطي صهوة الجياد وتسير بين قومها من الأوراس إلى طرابلس، حاملة السلاح تدافع عن أرض أجدادها بكل بسالة. وُلدت ديهيا عام 680م، وخلفت الملك كسيلة في حكم الأمازيغ، حيث تمكنت من بسط سيطرتها على مناطق واسعة من شمال إفريقيا، التي تُعد جزءًا من المغرب الكبير قديمًا، واتخذت من مدينة خنشلة الواقعة في جبال الأوراس الشامخة عاصمة لمملكتها، تلك الجبال التي أشار إليها البكري بقوله: "وفي هذا الجبل الأوراس كان مستقر الكاهنة"، بينما أكد ابن الأثير انتماءها للبربر قائلاً: "وكانت بربرية وهي بجبل أوراس".
لقب الكاهنة الذي أطلق عليها أثار الكثير من الجدل بين المؤرخين والباحثين، إذ يرى البعض أن تسميتها بالكاهنة أو الساحرة تعود إلى قدرتها على التنبؤ بالأحداث، والتي اعتُقد أنها مستمدة من "وحي شياطينها"، وهو الرأي الذي تبناه ابن خلدون متأثرًا بما شاع عنها بين العرب آنذاك. لكن هذه الألقاب قد تكون محاولة لطمس اسمها الحقيقي أو ترجمة خاطئة لاسمها الأمازيغي الأصلي ديهيا أو تيهية، الذي يعني "جميلة" في الأمازيغية. أما بخصوص ديانتها، فقد تعددت الآراء، حيث ذهب بعض الباحثين إلى اعتبارها يهودية أو وثنية. ويؤكد الدكتور مصطفى أوعشي من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن فرضية يهوديتها غير مقبولة، مستدلًا بخروجها إلى المعارك مسبوقة بتمثال خشبي يُحمل على ظهر جمل، وهو ما يشير إلى ارتباطها بديانة وثنية تعبد الأرباب الأمازيغية القديمة مثل تانيت أو آمون أو سيبيل أو أمور. هذا الارتباط بالديانات الوثنية ربما يفسر منحها لقب الكاهنة، باعتبار الكاهن رجل دين أو وسيطًا بين الأرباب والناس في المعتقدات الوثنية.
لم تكن ديهيا ملكة عادية بل كانت زعيمة عسكرية ذات حنكة سياسية، وهذا ما جعلها مصدر قلق للعرب الفاتحين بقيادة حسان بن النعمان. إذ ورد في كتب التاريخ أن جميع الأمازيغ كانوا يخضعون لسلطتها ويخشون بأسها، إلى درجة أن ابن الأثير أورد قول حسان بن النعمان عندما وصل إلى القيروان: "دلوني على أعظم ملك بقي بإفريقية، ومن إذا قُتل خاف البربر والنصارى وهابت المسلمين فلا يقدمون عليهم"، فقيل له: "ليس بإفريقية أعظم من امرأة بجبال أوراس يُقال لها الكاهنة". هذا الاحترام المشوب بالخوف كان نتيجة لشجاعتها وحنكتها الحربية، حيث لم تكن تأبه لحجم الجيوش الزاحفة ولا للأسلحة التي تحملها، بل كانت تؤمن بضرورة الدفاع عن أرضها حتى آخر رمق. وضمن هذا السياق، تشير الدكتورة نضار الأندلسي في كتابها شخصيات نسائية من تاريخ شمال إفريقيا القديم إلى أن الكاهنة لما علمت بما يخطط له حسان بن النعمان لم تتردد في اتباع سياسة حازمة، واضعة نصب عينيها هدفًا وحيدًا: دفع العرب عن أراضيها بكل الوسائل الممكنة.
في النهاية، تظل شخصية ديهيا أو الكاهنة واحدة من أبرز النساء في التاريخ الأمازيغي، رمزًا للشجاعة والذكاء والمقاومة، فقد جمعت بين صفات القيادة الحكيمة والصلابة في الميدان. وبينما يختلف المؤرخون حول تفاصيل حياتها وديانتها، إلا أن الجميع يتفق على أنها امرأة استثنائية، استطاعت أن تخلف أثرًا عميقًا في ذاكرة شمال إفريقيا.

للاإيمان الشبانيملكة جمعت بين الجمال الأمازيغي والدهاء، هذان الأمران جعلاها تحفر اسمها بعمق في تاريخ منطقة شمال إفريقيا وفي ذاكرة شعوبها العربية والأمازيغية. الحديث هنا عن الملكة الأمازيغية ديهيا، المعروفة بلقب الكاهنة، تلك المرأة التي حازت إعجاب المؤرخين ورهبة خصومها. وصفها ابن خلدون بأنها "ديهيا فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان"، فقد كانت تمتطي صهوة الجياد وتسير بين قومها من الأوراس إلى طرابلس، حاملة السلاح تدافع عن أرض أجدادها بكل بسالة. وُلدت ديهيا عام 680م، وخلفت الملك كسيلة في حكم الأمازيغ، حيث تمكنت من بسط سيطرتها على مناطق واسعة من شمال إفريقيا، التي تُعد جزءًا من المغرب الكبير قديمًا، واتخذت من مدينة خنشلة الواقعة في جبال الأوراس الشامخة عاصمة لمملكتها، تلك الجبال التي أشار إليها البكري بقوله: "وفي هذا الجبل الأوراس كان مستقر الكاهنة"، بينما أكد ابن الأثير انتماءها للبربر قائلاً: "وكانت بربرية وهي بجبل أوراس".
لقب الكاهنة الذي أطلق عليها أثار الكثير من الجدل بين المؤرخين والباحثين، إذ يرى البعض أن تسميتها بالكاهنة أو الساحرة تعود إلى قدرتها على التنبؤ بالأحداث، والتي اعتُقد أنها مستمدة من "وحي شياطينها"، وهو الرأي الذي تبناه ابن خلدون متأثرًا بما شاع عنها بين العرب آنذاك. لكن هذه الألقاب قد تكون محاولة لطمس اسمها الحقيقي أو ترجمة خاطئة لاسمها الأمازيغي الأصلي ديهيا أو تيهية، الذي يعني "جميلة" في الأمازيغية. أما بخصوص ديانتها، فقد تعددت الآراء، حيث ذهب بعض الباحثين إلى اعتبارها يهودية أو وثنية. ويؤكد الدكتور مصطفى أوعشي من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن فرضية يهوديتها غير مقبولة، مستدلًا بخروجها إلى المعارك مسبوقة بتمثال خشبي يُحمل على ظهر جمل، وهو ما يشير إلى ارتباطها بديانة وثنية تعبد الأرباب الأمازيغية القديمة مثل تانيت أو آمون أو سيبيل أو أمور. هذا الارتباط بالديانات الوثنية ربما يفسر منحها لقب الكاهنة، باعتبار الكاهن رجل دين أو وسيطًا بين الأرباب والناس في المعتقدات الوثنية.
لم تكن ديهيا ملكة عادية بل كانت زعيمة عسكرية ذات حنكة سياسية، وهذا ما جعلها مصدر قلق للعرب الفاتحين بقيادة حسان بن النعمان. إذ ورد في كتب التاريخ أن جميع الأمازيغ كانوا يخضعون لسلطتها ويخشون بأسها، إلى درجة أن ابن الأثير أورد قول حسان بن النعمان عندما وصل إلى القيروان: "دلوني على أعظم ملك بقي بإفريقية، ومن إذا قُتل خاف البربر والنصارى وهابت المسلمين فلا يقدمون عليهم"، فقيل له: "ليس بإفريقية أعظم من امرأة بجبال أوراس يُقال لها الكاهنة". هذا الاحترام المشوب بالخوف كان نتيجة لشجاعتها وحنكتها الحربية، حيث لم تكن تأبه لحجم الجيوش الزاحفة ولا للأسلحة التي تحملها، بل كانت تؤمن بضرورة الدفاع عن أرضها حتى آخر رمق. وضمن هذا السياق، تشير الدكتورة نضار الأندلسي في كتابها شخصيات نسائية من تاريخ شمال إفريقيا القديم إلى أن الكاهنة لما علمت بما يخطط له حسان بن النعمان لم تتردد في اتباع سياسة حازمة، واضعة نصب عينيها هدفًا وحيدًا: دفع العرب عن أراضيها بكل الوسائل الممكنة.
في النهاية، تظل شخصية ديهيا أو الكاهنة واحدة من أبرز النساء في التاريخ الأمازيغي، رمزًا للشجاعة والذكاء والمقاومة، فقد جمعت بين صفات القيادة الحكيمة والصلابة في الميدان. وبينما يختلف المؤرخون حول تفاصيل حياتها وديانتها، إلا أن الجميع يتفق على أنها امرأة استثنائية، استطاعت أن تخلف أثرًا عميقًا في ذاكرة شمال إفريقيا.



#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان وتجلي النور في القلب
- أنواع العلاقات المجتمعية
- الاحاسيس
- الشك وآثاره الوخيمة
- حكمة الله في التعايش الأسري


المزيد.....




- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟
- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - للاإيمان الشباني - نساء فوق العادة الملكة (ديهيا)