أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية














المزيد.....


سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يزال المكون الكُردي في سوريا يعاني من التهميش والإقصاء، حتى بعد مرور أربعة عشر عامًا على المأساة السورية. فبينما تتفاقم الأزمة وتزداد التحديات، يستمر البعض في محاولات خداع هذا الشعب الأصيل الذي عاش على أرضه منذ آلاف السنين. شعارات براقة يتم ترديدها دون أن تراعي خصوصية الشعب الكُردي وحقوقه الأساسية، التي لا يمكن التنازل عنها أو تجاهلها. فكلما تحدثنا عن القضية الكُردية، نجد أنفسنا أمام محاولات خبيثة للتهرب من الاعتراف بها، بل وأحيانًا تُختزل في مفاهيم سطحية لا تمت بصلة لحقيقة التاريخ الكُردي في سوريا.

أنتم الكُرد، أهلنا وجيراننا، تعلمنا منكم الكثير وأخذنا من ثقافتكم وأرثكم ما يعزز مكانتنا المشتركة في هذا الوطن. وقد تعلمت بعض الجمل الكُردية التي تدل على عمق العلاقة بيننا، مثل “روچ باش” التي تعني “صباح الخير” و*“از ته حزدكم”* التي تعني “أحبك”. هذه الكلمات ليست مجرد كلمات، بل هي جزء من هوية ثقافية مشتركة بيننا. ومع ذلك، رغم هذه الروابط العميقة بيننا، يظل هناك من يحاول إقصاء القضية الكُردية عن طاولة النقاش الوطني في سوريا، ويعمد إلى تجاهل حقوق الشعب الكُردي كأنه لا وجود لهم أو كأنهم مجرد أقلية تحتاج إلى المراعاة فقط في المناسبات، وفي أحسن الأحوال تكون حقوقهم مجرد مطالبات صغيرة لا تصل إلى مستوى الاعتراف الكامل.

منذ اتفاقيات لوزان وسيفر وسان ريمو، التي جرت فيها تقسيمات جغرافية وفرضت واقعًا مريرًا على الشعب الكُردي، تم إقصاؤهم من المشاركة الحقيقية في تقرير مصيرهم وحقوقهم، فتوزعوا بين أربع دول ناشئة: سوريا، العراق، إيران، وتركيا. ومنذ تلك اللحظة، بدأ الكُرد في معاناتهم المستمرة من التهميش، الإقصاء، القتل، والإبادة، وهي معاناة لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا. فأثناء حكم صدام حسين في العراق، كان يتغنى بالأخوة العربية الكُردية في الوقت الذي كان يشن فيه مجزرة الأنفال التي راح ضحيتها أكثر من 170 ألف مواطن كُردي، من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، وكانوا في سوريا من تعرضوا لحملات قمعية متواصلة بهدف محو أي أثر ثقافي أو لغوي كُردي.

في إيران، كان شاه محمد رضا بهلوي أيضًا يتغنى بالأخوة الكُردية، بينما كان يهاجم أراضي جمهورية مهاباد، ويقضي عليها بشكل وحشي، حيث شنق رئيسها قاضي محمد ووزراءه. وفي تركيا، لم يكن الحال أفضل، حيث تم إلغاء الهوية الكُردية، وتحولت المناطق الكُردية إلى ساحات قتل ودمار، ولا تزال هذه الممارسات مستمرة تحت حكم النظام التركي.

أما في سوريا، فمازال الشعب الكُردي يناضل منذ استقلال البلاد من أجل تحقيق المواطنة الحقيقية والمساواة في الحقوق والواجبات. لكن هناك عقلية عنصرية ترفض هذا التنوع وتصر على تغييب الهوية الكُردية عن مجريات الأمور السياسية في سوريا. هذه العقلية لا ترى في القضية الكُردية إلا محاولة للحصول على وظيفة أو ختم جواز سفر أو ورقة عبور من المخاتير، وكأن الشعب الكُردي لا يطلب سوى «حقوقه البسيطة»، دون أن يعترف أحد بحقوقه الأساسية كمكون قومي له ثقافة، لغة، وتاريخ يمتد لآلاف السنين.

نحن لا نقبل بهذا التشويه ولا نرضى بالاختزال في عفرين أو كوباني أو القامشلي. نحن شركاء في كل سوريا، جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن المتنوع، ولا نريد أن يتم اختزالنا أو تهميشنا باسم “المواطنة” التي لا تشملنا. نحن نطالب بما نحقه تمامًا مثل أي مكون آخر في هذا الوطن، ونرفض أن يتم القفز فوق القضية الكُردية أو التلاعب بمطالبنا السياسية.

أي حوار وطني أو دستور جديد لا يعترف بهوية الشعب الكُردي وخصوصيته هو حوار غير شامل وغير حقيقي. لا يمكن لسوريا أن تكون ديمقراطية حقيقية دون الاعتراف بكافة مكوناتها الثقافية والاجتماعية. نحن نرفض تمامًا أن تُسمى الجمهورية بـ “الجمهورية العربية السورية”، فهذا يشوه الهوية الوطنية ويقوض العدالة والمساواة بين كل مكونات الشعب السوري. سوريا هي سوريا للجميع، دولة متعددة القوميات والديانات، تضم الكُرد، الأرمن، الآشوريين، الكلدان، الجركس، والتركمان، وكلهم أبناء هذا الوطن. لا يمكن لأي ورقة أو توقيع أن يحولهم إلى “عرب” من خلال عملية إلغاء ثقافي وقسري.

نحن نرفض تحويل هويتنا إلى ورقة لا قيمة لها. لدينا حقوقنا الثقافية، لغتنا، وإرثنا التاريخي الذي نعتز به. نريد بناء سوريا جديدة قائمة على معالجة القضايا والتراكمات التاريخية، وليس على القفز عليها وتجاهلها. سوريا لا تحتاج إلى التكرار في مسار الأنظمة الاستبدادية التي تروج للحلول بالقوة أو السلاح، كما كان يفعل نظام البعث البائد. نحن بحاجة إلى دولة حقيقية، قائمة على المواطنة، حيث يعترف الجميع بحقوق الجميع دون استثناء.

لن نقبل بأقل من ما نستحق، خاصة بعد كل ما قدمناه من دماء شهدائنا الذين ارتقوا إلى العلياء. دماؤهم كانت في سبيل الحرية والعدالة، لن نقبل أن نكون مجرد تابعين أو لا شيء. نحن شركاء في بناء سوريا الجديدة، سوريا التي تحتفل بتنوعها وتحترم هوياتها.

رسالتنا واضحة: سوريا من دون تهميش أو إنكار أو إقصاء، سوريا لكل السوريين، سوريا للجميع.



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-
- كوباني: هوية لا تُمحى وتاريخ لا يُزوّر – في مواجهة محاولات ا ...
- لماذا اجتماع جنيف الموسع: نحو رؤى وطنية لسوريا المستقبل
- اجتماع جنيف الموسع للقوى والشخصيات الوطنية نحو سوريا ديمقراط ...
- - حمار بدرجة بروفيسور : عندما يصبح الجهل ذكاءً اصطناعيًا!
- المثقف الاصطناعي: عندما يكتب الذكاء الاصطناعي بدلاً عن الكات ...
- - الطبقية: قيدٌ آخر للاستبداد، متى نحطّمه؟
- “حيث صار الأملُ جريمةً، بَكَتِ المدينةُ حتى تلاشى صوتُها”
- العبودية الحديثة: قصة الدمشقي وفنون التقديم والطاعة
- الكورد : صرخةٌ في وجه التاريخ وهوية متمردة في وجه التهميش
- ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغ ...
- “من يحكم سوريا غدًا؟ جدل الشرعية والواقع العسكري”
- هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!
- أكراد سوريا: بين هوية مهددة ومستقبل مجهول
- سورية بعد الحرب: هل يتحول الاستقرار الهش إلى سلام دائم؟
- -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دو ...
- -الفتنة القادمة من منغوليا: سقوط غابة السلام-
- “سوريا بين مطرقة الجهادية وسندان اللامركزية: فرصة ضائعة أم أ ...
- الخوف الذي يهدد وجود الأقليات في سوريا: الكورد ، الآشوريون، ...
- “توقف واقرأ جيدًا: الاستقلال حقٌ مشروع وليس انفصالًا يا هذا”


المزيد.....




- بعد المشادة مع ترامب ونائبه.. زيلينسكي يُعلق على موقف أوكران ...
- ابتكار بخاخ أنفي لمساعدة المصابين بإصابات دماغية رضية
- رئيس وزراء اليابان حول المشادة بين ترامب وزيلينسكي: لا ننوي ...
- مسؤول إسرائيلي: المفاوضات ستبدأ بمجرد موافقة -حماس- على مقتر ...
- أزمة كهرباء وانهيار العملة.. احتجاجات في حضرموت تعكس معاناة ...
- تربية الأطفال وتأثيرها على الدماغ.. الدور الأكبر للآباء والأ ...
- دراسة: البلاستيك الدقيق قد يسبب اضطرابات عقلية وحركية خطيرة ...
- عواقب صحية خطيرة لاستخدام الرياضيين للمنشطات
- ما الخطأ الفادح الذي ارتكبه زيلينسكي؟
- روسيا تطلق صاروخ سويوز يحمل مركبة فضاء لأغراض دفاعية


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية