عبير خالد يحيي
الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 09:10
المحور:
الادب والفن
يقال إن الفن مرآةٌ للحقيقة، لكنه قد يصبح ستارًا يخفي وراءه وجوهًا متلونة، تعرف كيف تتبدل وفق المصالح. كيف يمكن لفنان أن يمتدح نظامًا لفظه التاريخ، بعد أن تحررت البلاد من قبضته؟ كيف يغامر بإهانة ذاكرة ملايين الضحايا بكلمة عابرة في مقابلة؟
التلون تحت أضواء متغيرة
عقب سقوط الأنظمة القمعية، يتسابق الكثير من الفنانين لمسح آثار ولائهم السابق، يدركون أن الجمهور لم يعد يتسامح مع المتخاذلين. سوزان نجم الدين، مثل كثيرين، سارعت إلى تغيير خطابها بعد التحرير، متنصلةً من تصريحات الماضي، محاولةً إعادة ترميم صورتها. آخرون، رغم بقائهم على موقفهم، آثروا الصمت، مدركين أن أي تصريح قد يُسقطهم في نظر الجمهور.
لكن سلاف فواخرجي اختارت طريقًا مختلفًا..
لم تكتفِ بالصمت، ولم تكتفِ بولائها القديم، بل مضت أبعد من ذلك، وراحت تمجّد رموز النظام البائد حتى بعد انهياره. تصف ماهر الأسد باللطيف، وتواصل مدح شقيقه وكأن عقود القتل والتهجير لم تكن إلا تفاصيل هامشية. أي انفصال عن الواقع هذا؟ وأي رهانات خاسرة تلك التي تجعلها تلتصق بماضٍ تحول إلى ركام؟
التمسك ببقايا السلطة.. ولماذا؟
سلاف لا تمدح نظامًا انتهى لمجرد الحنين إليه، بل لأنها تدرك أن النفوذ لا يزول بضربة واحدة، وأن هناك دوائر خفية، شبكات مصالح تمتد على مستويات مختلفة، لا تزال تدعم بقايا النظام البائد، وتحاول الحفاظ على بعض أوراقه. هي لا تخاطب الجمهور، بل تخاطب هذه الدوائر، تضمن لنفسها موطئ قدم في ظل أي سلطة قادمة، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة.
يارا صبري.. حين يكون الفن موقفًا
على الجانب الآخر، هناك من لم يساوموا على ضمائرهم، من لم يبعوا مواقفهم بثمن. يارا صبري، ابنة البيت الفني العريق، اختارت أن تكون صوتًا للناس لا بوقًا للسلطة، أن تكون الفنانة التي لا تُشترى، ولا تتلون بتغير الحكام. وبينها وبين سلاف، يتجلى الفرق بين فنان يرى الفن التزامًا، وآخر يتخذه وسيلةً للتقرب من أصحاب النفوذ، على اختلاف مستوياتهم، ممن لا يزالون يحاولون الإبقاء على بقايا النظام البائد.
التاريخ لا ينسى.. والجماهير أكثر وعيًا
لم يعد بوسع الفنان أن يختبئ خلف الأدوار، أو يطلب من الجمهور أن يفصل بين فنه ومواقفه. الكلمات قد تُنسى، لكن الذاكرة الجماعية تحفظ من خان ومن صمد. الفن ليس مجرد مشهد على الشاشة، بل موقف في الحياة، ومن يقف مع الجلادين، سيظل في أعين الجماهير مجرد ظلٍّ للزيف.. مهما حاول تجميل صورته.
#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟