أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - تجليات العزلة والاعتراف في السرد الوجداني : قراءة في بناء الذات المتشظية في نص ( امرأة تتشابك مع بقاياها) للأديبة والفنانة التشكيلية المصرية سهير شكري بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي














المزيد.....


تجليات العزلة والاعتراف في السرد الوجداني : قراءة في بناء الذات المتشظية في نص ( امرأة تتشابك مع بقاياها) للأديبة والفنانة التشكيلية المصرية سهير شكري بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


الخاطرة هي بوح الوجدان. وهي جنس أدبي سردي من أكثر الأشكال الأدبية تعبيرًا عن عمق المشاعر والتجارب الإنسانية، حيث يتجلّى الصوت الداخلي للكاتب بحرية دون قيود السرد التقليدي. في هذا النوع من الكتابة، تمتزج العاطفة بالتأمّل، وتتحوّل الكلمات إلى مرآة تعكس الانكسارات، الآمال، والبحث عن الذات. النص الذي بين أيدينا يمثل نموذجًا لهذا التدفق الشعوري، إذ يرسم ملامح العزلة والاعتراف الذاتي من خلال صور حسّية ولغة صادقة، ليكشف عن رحلة إنسانية تتأرجح بين الألم والتصالح مع الماضي، في مونولوج داخلي يغوص في خبايا الذات ويعيد تشكيل الذكريات والانفعالات ضمن إطار تأمّلي حزين.

البنية السردية واللغة
النص يعتمد على ضمير المتكلم، مما يمنحه طابعًا اعترافيًا يعزز من صدق العاطفة وحرارة التجربة. فالساردة تستعرض رحلتها النفسية في مساحات الوحدة والانكسار، مستخدمة صورًا حسية تعكس حالتها الشعورية المتذبذبة بين الأمل واليأس، مثل:
"امرأة تتشابك مع بقاياها" → صورة تجسد التشظّي الداخلي والتشابه بين الإنسان وظلّه الماضي.
"وحدي أنتظر على رصيف الرحيل" → تعبير قوي عن الإحساس بالتخلّي أو ربما التهيؤ لفراق محتوم.
"مشاعري معلقة بين اليأس والرجاء" → ازدواجية المشاعر تشي بصراع داخلي مستمر.
اللغة في النص تتراوح بين المجاز والاستعارة، فتخلق صورًا متعدّدة المستويات تعبّر عن التجربة الشعورية للساردة. غير أن بعض الجمل جاءت طويلة ومتتابعة دون فواصل، ممّا أدّى إلى فقدان الإيقاع السردي أحيانًا، وكان من الأفضل استخدام تقنيات مثل الجمل القصيرة أو الأسئلة الاستفهامية لتكثيف التأثير الدرامي.

الثيمة والمواضيع المطروحة
النص يعالج ثيمات العزلة، خريف العمر، الخيبة، والانكشاف المتأخر على حقيقة الآخرين والنفس معًا. فالساردة تعيد النظر في حياتها، وتكشف عن ندمها إزاء سذاجتها السابقة، لكنها في ذات الوقت لا تفقد تمامًا الرغبة في استعادة بعض الأمل. وهو ما يظهر في قولها:
"فهل تستطيع الأيام الباقية ترميم نفسي واستردادها؟"
وهذا السؤال التأملي يفتح النص على احتمالات متعددة، بين الاستسلام أو السعي للتصالح مع الذات.

البعد النفسي والدرامي
الكتابة هنا تأخذ طابع الاعتراف النفسي العميق، حيث تحاول البطلة تفكيك ذاتها وإعادة بنائها من خلال اعترافها بأخطائها الماضية. المشهد الذي تصف فيه علاقتها بالجدران (كصديقة وحيدة) يجسد حالة الانعزال الداخلي، ويجعل الوحدة عنصرًا محسوسًا، لا مجرد شعور داخلي مجرد.
أما اللحظة التي تختلط فيها الدموع بالضحك فتعدّ نقطة تحوّل، حيث تواجه البطلة ذاتها بجرأة، وتتحوّل من كونها ضحية إلى شخص يحاسب نفسه، ما يضفي على النص بعدًا دراميًا حقيقيًا.

الخاتمة والتساؤلات المفتوحة
النص ينتهي بتساؤلات غير محسومة، مما يترك أثرًا عميقًا في القارئ، إذ لا يقدم إجابات جاهزة، بل يترك المجال للتأمل. ورغم أن الساردة تشير إلى رغبتها في البحث عن "المبهج والمنير"، إلا أن النغمة الحزينة تبقى مسيطرة، مما يعكس طبيعة الصراع الداخلي المستمر.
هذا النص يتميز بحساسيته العالية، ويعكس تجربة وجدانية صادقة تمتزج فيها المشاعر بالتأملات العميقة حول العمر والعلاقات الإنسانية. ورغم طغيان الحزن والانكسار، إلا أن الأمل يظل كامنًا بين السطور، كوميض بعيد لكنه حاضر.
#دعبيرخالديحيي الاسكندرية – مصر 23/ 2/ 2025

النص القصصي:
امرأة تتشابك مع بقاياها
وحدي أنتظر علي رصيف الرحيل.
أمتطي صهوة خيالي الجامح وأستعيد ذكريات ما مضى بعد أن أصبحت في صحراء العمر مشتاقة لسحابة تمطر علي حبًّا وحنانًا روحي معلقة بين اليأس والرجاء
أريد أن أنفض عني أحزاني وألقي بها خارج بيتي لكن إلى أين ؟
رفعت ستائر شباكي المسدلة من زمن وفتحت نافذتي لأستقبل الهواء؛ ولتنير الشمس جوانب حجرتي القاتمة، واستنشقت الهواء بعمق وأخرجت زفيرًا طويلًا وكأني أطرد أحزاني لتطير في الهواء.
أعياني طول الوقوف في النافذة فألقيت بجسدي الواهن المتعب فوق مقعدي المتهالك، انظر حولي في كل الأرجاء فلا أجد من يؤنسني سوى جدراني الصامته الصامدة التي أصبحت شريكتي وصديقتي الوحيدة ولا أخجل منها، فأطلقت العنان لدموعي علي صدرها أشتكي لها من خيباتي وانكسارات الوحدة والتهاب جروح روحي.
فعندما نصل لخريف العمر نستطيع إسقاط الأقنعة عن كل من نافقنا واستغل عواطفنا ولعب بمشاعرنا وصدّقناه ونتعرّف على غباءنا وغرورنا وأوهامنا التي نسجناها بكل طيبة وتسامح وعشناها وانغمسنا فيها.
أمسح دموعي الساخنة وأضحك ساخرة من غبائي حتي كادت تقف دقات قلبي فبديت كالمهرج تختلط دموعي بابتساماتي لابدّ أن أعترف أمام نفسي وجدراني بأني أنا من آذيت نفسي لعدم خبرتي بنفوس الآخرين وخبايا ضمائرهم.
إنها ليلة عجيبة مرّت عليّ كمن تقف أمام رجل الدين في الكنيسة علي كرسي الاعتراف بعد أن اكتشفتُ أني لم أجنِ من الزهور إلا أشواكها، ومن النحل سوى لذ،عاته وضاع العمر في صراعات لا جدوي منها ولا طائل
فهل تستطيع الأيام الباقية ترميم نفسي واستردادها، وهل أستعيد هدوئي وسكينة قلبي أم أظل أتشابك مع بقاياي وأستعيد ذكرى جروحي وآلامي ؟
لا أريد أن أفقد حنان جدراني بعد أن فقدت أحبابي وأصدقائي المخلصين لابدّ أن أرضى بما أنافيه وأبحث في نفسي عن كل مبهج ومنير في أيامي حتي أرحل في أمان وهدوء دون إقلاق الآخرين.



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مي سكاف: نجمة الحرية التي أبت أن تنطفئ
- حسن نصر الله: زيف إيران الذي احترق بنيران الحقيقة
- أدب الرحلات المعاصرة: سفر في الجغرافيا والذات دراسة ذرائعية ...
- اغتيال الحريري: الرصاصة التي فجّرت لبنان
- (ألفيّة القس جوزيف إيليا) بين هندسة الشكل وجمالية القيَم في ...
- مجزرة حماة 1982: إبادة جماعية بأوامر الأسد وجرح لم يندمل
- الروح الضائعة في اللحن المكسور : بين الشغف والتضحية دراسة ذر ...
- مأساة الأطفال المختطفين من أبناء المعتقلين في سوريا: جريمة إ ...
- النقد وأدب الذكاء الاصطناعي
- الميتاقص- أساليبها وتمظهراتها في قصة / رسول الشيطان/ للقاص ا ...
- ديستوبيا الماسونية الجديدة في رواية (العوالم السبع) للأديب ا ...
- أدب الرسائل عند الأديبة حياة الرايس (رسائل أخطأت عناوينها) د ...
- قراءة في رواية / جبل الزمرد/ للروائية المصرية منصورة عز الدي ...
- تجلّيات المكان في أدب الحرب رواية / زند الحجر/ أنموذجًا للكا ...
- اقرئي.. ابحثي.. واكتبي
- فن الواو.. فن الإيحاء والتجريد بمفهوم ذرائعي الناقدة الدكتور ...
- جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأ ...
- تجلّيات الأدب التأمّلي في قصيدة الومضة دراسة تقنية ذرائعية م ...
- تجليات أدب الخيال العلمي في المجموعة القصصية / تشابك سرّي/ ل ...
- إشهار كتاب /عوالم حياة الرّايس السّردية/ للناقدة السورية د. ...


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - تجليات العزلة والاعتراف في السرد الوجداني : قراءة في بناء الذات المتشظية في نص ( امرأة تتشابك مع بقاياها) للأديبة والفنانة التشكيلية المصرية سهير شكري بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي