|
قراءة في النجاح الانتخابي لحزب اليسار الالماني
رشيد غويلب
الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 22:15
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يستحق النجاح المشهود الذي حققه حزب اليسار الالماني في الانتخابات المبكرة في 23 شباط 2025، العودة اليه ومحاولة قراءته، ليس لاستنساخ التجربة، بل للاستفادة من اتجاهاتها العامة، فالتجارب تدرس ولا تستنسخ، وتاريخ الحركة العمالية العالمية يعلمنا أن الاستنساخ الميكانيكي وتجاوز التباين الموضوعي بين ظروف عمل وإمكانيات الأحزاب وساحات عملها المختلفة يقود بالضرورة إلى الفشل ، او على الأقل إلى تحجيم اي نجاح متوقع، ولكن المعركة المشتركة التي يخوضها اليسار العالمي ضد المراكز الرأسمالية العالمية، والانظمة التابعة لها في الأطراف، تجعل من الطبيعي ان يتبادل هذا اليسار دراسة تجاربه المختلفة بروح تضامنية، فالنجاح في بلد ما هو حافز ومثال يعلم الآخرين أن النهوض والانتصار ممكن، مهما بدت لوحة الصراع في العالم قاتمة وغير مشجعة. وعندما أعلن زعيما حزب اليسار المشاركان الترشح في الصيف الفائت، كان وضع الحزب يثير الإحباط، حتى في صفوف نواته الصلبة، وقد كنت شاهدا على إحدى المناقشات التي جرت في حزيران الفائت، حيث راح الحضور يطرحون الاحتمالات والضرورات لتجنب هزيمة تلوح في الأفق، فالحزب كان يعاني من النتائج المباشرة لانشقاق كبير قادته رئيسة كتلته البرلمانية الأسبق سارا فاكنكنشت. ولم يستطع الحزب وقف مسلسل الهزائم الانتخابية في الأشهر التي أعقبت الانشقاق مباشرة، كما حدث في انتخابات البرلمان الأوربي، وفي انتخابات ثلاث ولايات في شرق المانيا. ولم يكن هناك مؤشر قوي على امكانية إيقاف مسلسل التراجع هذا. وأهمية النجاح الأخير تكمن في تحقيقه انعطافاً مهما وكبيرا، فبعد مرور نصف عام فقط، حصل الحزب على 8,8 في المائة في الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي شكل إعلانها عامل ضغط جديد على الحزب، الذي بدأ استعداداته لخوض الانتخابات العامة في ايلول المقبل. متغيرات متسارعة
كانت المرحلة الأولى من مؤتمر الحزب التاسع (18 – 20 تشرين الأول) في مدينة هالة، بداية لنهوض سيترسخ لاحقا. لقد كانت أجواء المؤتمر رائعة بعد سلسلة من مؤتمرات التباين والاختلاف، وشهد المؤتمر الإعلان عن بداية جديدة، وكانت بعض منظمات الحزب مترددة. وعلى إثر تفكك التحالف الحاكم، بعد مرور أقال من ثلاثة أسابيع على ختام المؤتمر، والإعلان عن الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وجد الحزب نفسه فجأة في خضم حملة انتخابية، اعتقد كثيرون من منافسي الحزب وخصومه أنها ستكتب نهايته، لكنهم فوجئوا بحزب ً أكثر وحدةً وانضباطاً تتسع وتتعزز فيه روح ثورية تضامنية إلى جانب الرغبة بالعمل والكثير من الطاقة. لا شك أن نجاح الحزب وعودته المتميزة صاحبتها أيضا ظروف مناسبة، ولكن عودته كانت بالأساس نتيجة لعملية استراتيجية مدروسة جيداً داخل الحزب، بدأت في خضم مواجهة الانشقاق، وقد مكن هذا قيادة الحزب الجديدة، والتي تجمع بين الشباب والخبرة والإمكانيات الفكرية المنفتحة، حيث الاستجابة المرنة، والخطاب السهل والمباشر للتعامل مع الوضع المتغير بشكل متسارع. لقد استطاع الحزب ان يوظف التحولات السياسية، ليطرح نفسه بديلا لأوساط غير قليلة من الناخبين، وخصوصا الشبيبة المحبطة من الحكومة المنتهية ولايتها. ثم جاء تعاون الاتحاد الديمقراطي المحافظ المباشر، مع اليمين المتطرف لتمرير قوانين معادية للمهاجرين، ليجعل من اليسار البديل الثابت بالنسبة للشبيبة التقدمية المناهضة للنازية الجديدة. ولكن لم يكن هذا ممكنا، بدون قيام الحزب بأكمله بجملة من الخطوات الصحيحة في الأشهر السابقة، والتي مثلت أرضية خصبة لا سباب النجاح. استراتيجية التغيير
أكد العديد من المساهمات المنشورة في وسائل إعلام الحزب، بضمنها مقالة لزعيمي الحزب المشتركين تناولت تقييما أوليا لإداء الحزب الانتخابي، بأن استراتيجية الحزب بدأت بالاعتراف بأزمة الحزب على جميع الصعد، والتي نوقشت في المرحلة الأولى من المؤتمر التاسع، ومؤتمره الانتخابي الاستثنائي في كانون الثاني الماضي، وقبلهما وبعدهما في النقاش المفتوح الذي اشتركت في جميع منظمات الحزب وجميع الداعمين لمشروع الحزب من نشطاء الحركات الاجتماعية والنقابيين والمثقفين والمبدعين والعلماء، والذين عبروا عن دعمهم للحزب في نداءات موجهة للناخبين تدعوهم للتصويت للحزب، بواسطة نصوص تفصيلية تقدم تحليلات مقنعة وأسبابا سهلة الفهم. يمكن تلخيص استراتيجية نجاح الحزب في الأشهر الأخيرة، باتفاق الحزب على استراتيجية مشتركة وتحقيق تقدم كبير في بناء الحزب واعتماد آليات فاعلة في فترة زمنية قصيرة. وبفضل خطة مشتركة للأسابيع التي سبقت الحملة الانتخابية، استطاع الحزب بناء منظمات فاعلة، قامت بالنشاط بأقصى قدراتها في الأشهر المتبقية. بالإضافة إلى التواصل الملموس مع الناخبين المحتملين. وأكد برنامج الحزب الانتخابي على مطالب محددة وملموسة مثل تحديد سقف أعلى للإيجارات وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية الأساسية وفرض ضريبة الثروة، وبهذا عاد الحزب إلى ممارسة فعل المعارضة الاجتماعية. وعلى أساس استراتيجية تعبئة تقوم على فكرة "نحن ضد القمة"، أي الطبقات والفئات المهيمنة، ركزت على المشتركات الطبقية، وخطاب واضح بشأن ماذا يمثل اليسار ولمن يصنع السياسة، مما وفر القناعة لدى الكثيرين ان الحزب لا يتحدث فقط، بل يعتمد الممارسة الملموسة. وأهم من ذلك ان الحزب قدم نفسه موحدا، وعكس ناشطوه متعة وابداعا في العمل. مقومات النجاح
تعتمد أحزاب اليسار في نشاطها على مواردها البشرية، ولا يمثل حزب اليسار الالماني استثناءً في ذلك، لكن الصراع الداخلي تسبب في انكماش عضوية الحزب، وبالتالي ساد الضعف العديد من منظماته المحلية، إلى درجة شل نشاط البعض منها، ولهذا ركز في الـ 18 شهرا التي سبقت يوم التصويت على حملات كسب أعضاء جدد، او استعادة بعض من الرفاق السابقين. وكان للتنسيق الجيد بين مهامه الأساسية، التي نشير إلى أبرزها، الدور الاساسي في تحقيق الهدف الموضوع: دخول البرلمان الجديد بكتلة برلمانية مؤثرة وهذا ما كان.
1 – الكسب وتعزيز المنظمات المحلية بعد سنوات من الصراع بشأن تحديد الاتجاه، أصبحت هياكل الحزب ضعيفة ومتعبة. وبفضل حملة، تمكن الحزب من كسب آلاف الأعضاء الجدد في خريف عام 2023. وساهم الكثير منهم في إعادة بناء المنظمة في منطقتهم وتحولوا إلى ناشطين أساسيين. وفي سياق هذه العملية تحقق نجاح العمل المشترك بين الاجيال المختلفة من الرفيقات والرفاق. وفي صيف وخريف عام 2024، تمت زيارة قرابة 100 منظمة محلية في عموم المانيا، وتم تدريب الرفاق، وخصوصا الجدد منهم على أساليب التنظيم واستمر دعمهم بجدية. وبهذه الطريقة، تمكن الحزب من بناء قدرة جديدة لترسيخ سياسة اليسار في المدن والقصبات بشكل منهجي. والآن تقول أحدث المعطيات أن عضوية الحزب وصلت إلى قرابة 100 ألف عضو، نصفهم تقريبا انتموا للحزب، منذ الانشقاق وموجة الكسب الكبرى حدثت خلال الحملة الانتخابية.
2 – أكبر حملة تعبويه في تاريخ الحزب نفذ الحزب أكبر حملة تعبويه جماهيرية في تاريخه، جاءت نتيجة لنقاش واسع داخله. لقد دشن الحزب، منذ ربيع عام 2024، نقاشا حول خطة العمل الخاصة بالانتخابات العامة (خطة طريق 25)، بنيت على معطيات استطلاع الحزب الجماهيري في الحملة التي سبقت بدء للحملة الانتخابية المنتظرة للانتخابات العامة في موعدها الأصلي، كان الهدف حينها، حتى نهاية شباط، طرق 100 ألف باب والتوجه للناخبين الذين يهتم بهم الحزب. وكانت الحملة الأولية تعتمد على تحليل منهجي للبيانات، وسهل هذا الذهاب إلى المناطق التي يعيش فيها المواطنون ذوو الدخل المنخفض ومن رافضي التصويت. ونتيجة لدراسة ومناقشة المعطيات المتوفرة، استمد الحزب الأساس الاولي لحملته الانتخابية، بحيث كان كل حوار، وكل انطباع للمشاركين حاسما في تشكيل الصورة الجديدة للحزب. لقد أظهر ت الحملة أيضًا الإمكانات التي يمكن إطلاقها عندما يكون التعامل مع المحادثات من باب إلى باب والتنمية المجتمعية على نطاق واسع. وتم التوسع في الأمر بشكل أكبر في الحملة الانتخابية وتمكن الحزب وفي النهاية، تم طرق 638,123 بابًا بحلول يوم التصويت: وكانت هذه أكبر حملة تعبويه في تاريخ الحزب حتى الآن.
3 – الممارسة الملموسة يصبح الحزب اليساري قويا ويتعزز دوره بالاستمرار عندما يقتنع السكان أنه يحقق تغيرا في حياتهم. وهذه عملية تستغرق زمنا ولا تعطي ثمارها سريعا. ورغم ذلك، فقد استطاع حزب اليسار أن يفي بما وعد، عبر عدد من التدابير العملية، سواء حساب تكلفة ارتفاع الايجارات، ومراجعة كلفة التدفئة، وتقديم استشارات مجانية وفق ساعات عمل منظمة: مثلت الحملات فائدة حقيقية للناس. لقد وصل الحزب إلى أوساط من السكان، لم يتواصل معهم سابقا. لقد قدم الحزب للمستأجرين في ثلاثة أشهر أكثر مما قامت به الحكومة في ثلاث سنوات. واكتسب رفاقه ومناصروه أيضًا الخبرة الأولية عبر اجتماعات المستأجرين، التي ناقشت كيفية ترجمة مما تحقق إلى معركة مشتركة من أجل خلق واقع أفضل. وفي هذا كله استفاد الحزب من تجربة الحزب الشيوعي النمساوي المختبرة في أكثر من نجاح، وتجربة حزب العمل البلجيكي في تعدد أشكال التواصل المباشر مع السكان وتحويلها إلى برامج عمل على اساس رؤية الحزب الفكرية والسياسية. بالإضافة اعطت التجربة دليلا على امكانية توظيف التجارب الناجحة، إذا كانت الظروف متشابه إلى حد كبير كما هو الحال بين المانيا والنمسا وبلجيكا، او الاستفادة من الاتجاهات العامة للتجارب وما تنطوي عليه من أفكار في حال وجود تباينات كبيرة بين البلدان المختلفة دون اعتماد الاستنساخ المباشر.
4 – أولويات منظورة أحد العوامل وراء نجاح حملة الحزب الانتخابية، هو العودة إلى طرح عدد محدود من المطالب والقضايا الأساسية، التي تبناها الحزب منذ تأسيسه، وهذا لا يعني إهمال الملفات الاخرى. ركز برنامج الحزب الانتخابي على ثلاثة محاور: تحديد سقف أعلى للإيجار، إلغاء ضريبة القيمة، أي الأسعار المرتفعة، وفرض ضريبة الثروة. لقد ساعد ذلك على رسم صورة واضحة عما يمثله الحزب وماهي قضاياه الأساسية.
5 – الصراع الطبقي لقد وضع الحزب الصراع الطبقي في مركز الاهتمام، مبينا طبيعة وجذور الصراعات الاجتماعية، وأولوياته في اللحظة الراهنة، التي تمثل مصالح الاكثرية المجتمعية المتضررة التي يناضل من أجلها، ومن هم الخصوم المشتركون. وبين الحزب ضرورة تجميع القوى والدفاع عن المصالح المشتركة، لتغيير المجتمع. 6 – لغة بسيطة وحوار مفهوم تواصل الحزب مع الناخبين على أساس سردية مشتركة تبناها والتزم بها جميع المساهمين في الحملة الانتخابية، اعتمدت القيم المشتركة للأوساط المراد الوصول إليهم. لقد ساعد ذلك على فهم ما يمثله الحزب، وبالتالي التعاطف مع مواقفه وطروحاته، دون الحاجة إلى مزيد من التفسير والتأويل المعقدة، أو الرسائل التعليمية. وفي جميع مستويات الحزب التنظيمية تم تكرار المواقف بنفس الصياغات البسيطة ومفهومة، وبالتالي أصبحت راسخة في اذهان الكثيرين.
7 - منتديات التواصل الاجتماعي حقق حزب اليسار لأول مرة اختراقا كبير في مجال الانتشار على منتديات التواصل الاجتماعي ، وقد ساهم في هذا الجهد المتميز ناشطون من جميع مستويات تنظيم الحزب، وبرز فيه ثلاثة وجوه من كوادر الحزب النسوية أبرزهن رئيسة الكتلة البرلمانية المشاركة للحزب هايدي رايشنك، التي تحولت إلى سوبر ستار سياسي، خصوصا بعد كلمتها النارية في البرلمان ردا على تعاون المستشار المقبل لألمانيا وزعيم الحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ، لأول مرة ، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مع اليمين المتطرف، والذي دعت فيه الناس إلى المقاومة النازيين الجدد :"إلى المتاريس"، لقد وصلت مشاهدات الفيديو إلى قرابة 30 مليون. لقد استطاع الحزب أن يجعل عمله على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر احترافية، أهداف محددة، معاصرة تتناسب مع الفئة المستهدفة. وهذا مكن الحزب من الوصول إلى الشباب، بشكل متميز. لقد كان هذا الاختراق أحد الأسباب المهمة التي جعلت الحزب حاضرا بقوة مرة أخرى.
8 – التعلم وسيلة للتقدم ارتباطا بالوضع السياسي المعقد، والمتسارع التغيير، يرى الحزب معيار تقييم قدراته يجب أن يقوم على أساس تحديد الأهداف ووضع الخطط المطلوبة. ولقد طبق الحزب هذه الرؤية في حملته الانتخابية. اعتمد الحزب التجريب وواصل تبني وتنفيذ ما هو مفيد وناجح، وبذلك أعطى زخما قويا لحملته الانتخابية، واستطاع الاستجابة بنجاح للفرص السياسية المتاحة، او تلك التي استجدت نتيجة لمواقف وتصريحات المنافسين.
9 – وضوح وثبات المواقف خلال الحملة الانتخابية بين الحزب ان خطابه المباشر والسلس مصحوب بثبات الموقف أيضا، وقد بدا ذلك واضحا في تأكيد الحزب على مناهضة النازية الجديدة، وبذلك أصبح رافعة أمل لأوساط واسعة، خصوصا الشبيبة التقدمية المناهضة للنازيين الجدد، والذين يرون في حزب البديل من أجل المانيا خطرا جديا، ويدعون إلى اعتماد سياسة تضامن. تحول الحزب إلى المصد الأخير ضد اليمين المتطرف. في حين راح حزب الخضر يسعى بوضوح للتحالف مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي وبدا واضحا كم هو مهم بالنسبة لهم الاستمرار في الحكم وإن تغير الحلفاء. ونتيجة لذلك، اختار أكثر من مليون من ناخبي الحزب الديمقراطي الاجتماعي والخضر التصويت لحزب اليسار.
10 - تماسك جديد عمل الحزب، لأول مرة ومنذ سنوات، كفريق واحد. واستطاع الحزب أن يبين أن أفضل الاستراتيجيات، تظل ناقصة بدون أجواء صحية. ويصبح كل شيء لا يساوي شيئًا. لقد لعب المؤتمران الحزبيان وأداء القيادة الجديدة، دورا أساسيا في إشاعة روح التضامن الرفاقي بعد سنوات من الصراع كلفت الحزب الكثير. اليوم يبدو أن الأكثرية مقتنعة بضرورة مواصلة النضال في سبيل القضايا الأساسية. في الأشهر الأخيرة، نشأت ثقافة جديدة من الترابط والتعاون، واستبدل الإحباط والصراع بروح الفريق ومتعة بالنشاط السياسي والعمل المشترك. لقد شعر الجميع بالطاقة التي يطلقها هذا الأمر في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية. وهناك حرص كبير بين الناشطين على تفعيل وإدامة روح الرفقة والصداقة الثورية. أبرز النجاحات
وأخيرا لابد من الإشارة إلى أبرز النجاحات المتحققة، ويأتي في المقدمة حصول الحزب عموما على 8,8 في المائة، بعد ان كانت استطلاعات الراي في بداية الحملة الانتخابية تمنحه في أفضل التوقعات 4 في المائة. ومنذ المرحلة الأولى من المؤتمر التاسع في تشرين الأول 2024، كان الهدف الأهم دخول البرلمان اما بتجاوز العتبة الانتخابية (5 في المائة)، او بالحصول على أعلى النتائج في ثلاث دوائر انتخابية. ولهذا اتبع الحزب استراتيجية مزدوجة النضال من أجل تحقيق الهدف الأول، والعمل الجاد من أجل تحقيق الهدف الثاني. وبهذا الخصوص بادرت ثلاث شخصيات جماهيرية مخضرمة، كانت قد أعلنت عدم ترشيحها في الانتخابات المقبلة، إلى الترشيح مجددا لضمان المقاعد الثلاثة المرجوة: غر يغور غيزي (77 عاما)، يعد أبرز وجوه الحزب منذ عام 90، وبودو روملو (69 عاما) رئيس وزراء ولاية تورنغن (2014 – 2024) وديتمر بارتش (67 عاما)، رئيس الكتلة البرلمانية ألأسيق. وأطلق الثلاثة على مبادرتهم "بعثة التجاعيد الفضية" في إشارة سن التقاعد. لقد حصل الحزب على 6 مقاعد مباشرة اثنان من أعضاء "بعثة التجاعيد الفضية"، وأربعة نواب آخرين كان فوزهم غير مؤكد حتى يوم التصويت، ولعل أبرزهم "فرات كوتشاك" (45 عاما) المنحدر من أصول كردية – تركية، والمولود في برلين والمعروف بنضاله ضد العنصرية باعتبارها صراعا طبقيا. لقد حقق اختراقا حدث للمرة الأولى منذ الوحدة الالمانية، اذ تصدر أول دائرة انتخابية في برلين الغربية (المانيا الغربية السابقة)، لقد قاد فرات واحدة من أنجح حملات "طرق الأبواب" في منطقته، ودعا في مساء إعلان النتائج إلى تحويل هذا النشاط الانتخابي إلى حركة دائمة تضمن للحزب علاقة مباشرة وراسخة مع السكان. بالإضافة إلى ذلك احتل الحزب الموقع الأول في العاصمة برلين بحصوله على 19,9 في المائة، تاركا جميع الاحزاب الحاكمة خلفه. وحصل الحزب على 25 في المائة من أصوات الشبيبة دون سن 29 عاما. وبلغ مجموع ناخبي الحزب 4,3 مليون، منهم 300 ألف من رافضي التصويت السابقين. لا شك أن ما حققه الحزب يعتبر مهما بالنسبة لمسيرته المقبلة، ولأحزاب اليسار الأوربي، كما ان تجربته في النهوض من جدد تمثل درسا لا غنى عنه لقوى اليسار كافة، وفي الوقت نفسه دليلا ملموسا على الأن النصر حتى في أصعب الظروف ممكن شريطة العمل الجاد على توفير متطلباته. ولقد تجاوز الحزب أزمته وحقق الصعب، ولكن الأصعب ينتظره، الحفاظ على النجاح واستمراره.
#رشيد_غويلب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على الرغم من تقدم اليمين المحافظ والمتطرف/ الانتخابات الألما
...
-
خطاب فانس في مؤتمر ميونخ للأمن وجديد الرأسمالية الغربية
-
صوتوا لحزب اليسار الألماني في الانتخابات المبكرة
-
مؤتمر ميونخ للأمن.. اختفاء الإجماع الغربي وغياب الحلول
-
بعد تولي ترامب السلطة / ملفات الاختلاف داخل المعسكر الغربي ت
...
-
بعد الاقتراب من التعادل في الجولة الأولى.. هل تصبح مرشحة الي
...
-
البحث عن سردية معاصرة لليسار
-
لا لترامب والحرب، نعم للاشتراكية.. حول الطبقة العاملة وعسكرة
...
-
خمس سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.. خيبة أمل تع
...
-
للفلسطينيات المفرج عنهن وجوه وأسماء أيضاً
-
احتجاجات غاضبة ضد التعاون بين اليمين المحافظ والنازيين الجدد
...
-
كولومبيا وبقية بلدان أمريكا اللاتينية ترفض غطرسة ترامب
-
قبيل الانتخابات المبكرة في ألمانيا.. دعوات لهيكلة الدولة على
...
-
حزب اليسار الألماني.. مؤتمر استثنائي وحملة انتخابية واعدة
-
تمثيل واسع لليمين المتطرف الأوربي في مراسيم تنصيب ترامب
-
لماذا تفوز الأحزاب اليمينية المتطرفة بأصوات الطبقة العاملة ف
...
-
الليبرالية والديمقراطية أمران مختلفان
-
طلبة صربيا يحتجون على الفساد والقمع
-
بالعودة إلى خريطة «المكسيك الكبرى».. رئيسة جمهورية المكسيك ت
...
-
مراجعات 2024 .. العام الثالث لحكومة الفاشيين الجدد في ايطالي
...
المزيد.....
-
بعد -اللقاء العاصف- بالبيت الأبيض.. ماذا يريد ترامب من زيلين
...
-
مصر.. حزمة حماية اجتماعية لدعم الفئات الأقل دخلا في شهر رمضا
...
-
ما الذي يمكن أن تكشفه فضلاتك عن صحتك؟
-
القمة الأوروبية في لندن: تشديد على أهمية إعادة تسليح أوروبا
...
-
ألمانيا -تدرس- إنشاء صندوقين بتريليون دولار للدفاع والبنية ا
...
-
التاريخ الوجودي ونزع الأسطرة. نظرة جديدة إلى النص المقدس
-
واشنطن: لا بد من تغيير القيادة الأوكرانية لحل الأزمة
-
لافروف: أوروبا تحرض على مواصلة الحرب
-
أفغانستان: المعدات العسكرية التي تركتها القوات الأمريكية هي
...
-
فون دير لاين تدعو إلى تسليح أوروبا بشكل عاجل
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|