أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - القارة السابعة 1989(مايكل هاينكه): هناك درجات للارتباط بالحياة،ودرجات لقياس قوة الارتباط بهذه الحياة















المزيد.....


القارة السابعة 1989(مايكل هاينكه): هناك درجات للارتباط بالحياة،ودرجات لقياس قوة الارتباط بهذه الحياة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 02:53
المحور: الادب والفن
    


القارة السابعة 1989(مايكل هاينكه): هناك درجات للارتباط بالحياة،ودرجات لقياس قوة الارتباط بهذه الحياة
القارة السابعة هو أول إطلالة سينمائية لمايكل هاينكه على الشاشة الكبيرة،وهو الذي سيعتبر أفضل فيلم في مسيرة مايكل هاينكه على الاطلاق،وسيعتبر أيضا الجزء الأول من ثلاثية كبيرة ستدعى لاحقا بثلاثية البرود العاطفي.
الفيلم لايحمل إشكاليات كبرى من ناحية السرد،فنحن نعرف مسبقا أن هناك شيئا لن يحدث لهذه العائلة المكونة من ثلاثة أفراد سوى الانشغال بالأمور اليومية الأقل من عادية.
الأم-تدعى آنا-في اوسط الثلاثينات من عمرها تخاطب والدها بهذه الرسالة:
أبي وامي العزيزين،أعذرونا أنا وجورج لأننا لم نكتب لكم منذ زمن طويل،لكن حدثت أشياء كثيرة منذ ان توفيت امه،ولم نجد الوقت الكافي للكتابة قبل الآن.
هذه الرسالة تشي-من ظاهرها-بأنهم في أفضل حال،ولكن ابسط ما نقول عنها،أنها أسلوب سطحي تبريري فقط للتعامل مع الآخرين،او نوع من التواصل الارغامي ليس إلا.
وهناك إيفا إبنتهم في عمر عشر سنوات التي تعاني من مشاكل نفسية أيضا بحيث تدعي العمى ذات مرة.
وهناك مشهد لإمرأة في اواخر العمر عند طبيبة العيون مغرمة بالغيبة والنميمة،ولكن لا احد يأبه لها ولا يقاطعها سوى شحذ عدسة على حجر القص.
هذا المشهد يوضح أو يقول أن هناك درجات للارتباط بالحياة،ودرجات لقياس قوة الارتباط بهذه الحياة بين البشر انفسهم.
جورج الأب،أربعيني يعمل في مختبر،ويواجه مشاكل مع رئيسه وغير ذلك
لانستطيع ان نقول عن الفيلم سوى إنه عن عائلة نمساوية من الطبقة المتوسطة أقل من عادية.
هل هو عبث على شاكلة فيلم المغامرة...؟!
الموضوع قطعا مختلف،فلايمكن تشبيه سينما انتونيوني بسينما مايكل هاينكه على الإطلاق
في خضم وجبة عائلية،العم أليكس الذي كان يشحذ عدسة النظارة أعلاه يبكي بدون سبب،وفي لقطة لاحقة بعيدة في الزمن،تبكي آنا بدون سبب أثناء القيادة في محطة غسيل السيارات....وهي التي تملك آخا هو الآخر يعاني من مشاكل نفسية وعصبية.
مشهد غسيل السيارة أكثر مشهد يتكرر في الفيلم...
يقول جورج:أتعرفين ما قالته أمي قبل أيام قليلة من وفاتها...؟!
أحيانا،وأنا مع الناس،أتخيل برأسي البليد أن لدي شاشة يمكنني بها ان أقرأ افكارهم
وتظهر مع نهاية الجزأ –الذي عنوانه 1986-صورة القارة السابعة
صورة القارة السابعة...صورة استراليا:
بحر من خلفه جبل أسود،ومن امامه شاطئ مقفر محاطا بالصخور
ثم يبدأ الجزء الثاني بعنوان 1989:
يبدأ أيضا مع صباح تقليدي من الجنس،فلازالت الأشياء هي نفسها،والعادات هي نفسها مع حوض السمك أيضا.
مايكل هاينكه مخرج إشكالي مستفز،على نمط كل المخرجين الكبار الذين قالوا كل شيء،وأي شيء،بطريقة متوارية تعطي المشاهد وابلا من الاحتمالات...
تكرار لمشهد غسيل السيارة لايقول شيئا سوى التكرار نفسه،فمع مرور عامين بين الجزء الأول والثاني،لاشيء مختلف في الحقيقة قد حدث في حياة هذه العائلة،وحتى طريقة إيقاظ آنا لإبنتها إيفا تتم بالكلمات نفسها.
من الممكن إذا وصف الفيلم بأنه بارد،وهذا البرود في الفيلم هو برود اتجاهات الحياة نفسها،وهذا مفتاح الفيلم.
ينجح جورج في معركته الوظيفية،ويتحول إلى رئيس القسم...لكن هل هذا سيضفي على حياة جورج تحديدا،وحياة هذه العائلة أي شيء جديد...أقول انها بداية لتكرار لروتين قاسي.
إنها بداية تكرار لتكرار سيستمر بلا نهاية...
ما الذي من الممكن ان يقوله هذا الفيلم بغض النظر عن الطبيعة القاسية للوظيفة،سوى نهايته الفخمة...القاسية جدا...فوق المتصور وفوق المتوقع...فوق كل شيء من الممكن ان يحدث..؟!
هل علينا أن نعيد ونذكر فلسفة شوبنهاور...؟!
فيلم القارة السابعة هو مزيج تام من فلسفة تشاؤمية مطلقة،لكنها محددة مركزة وليست عشوائية،تُعنى بالعام،لكنها تعنى بالخاص الذي هو جزأمن عام...ثم هناك نهفات من بكاء بدون سبب..؟!
الجزء الثالث 1989:لكن ماهو الاختلاف بين الجزء الأول والثاني...لاشيء
ان تقدم حياة بين جزاين لايحدث فيهما أي شيء على الاطلاق فهذا شيء متعمد...إنه اختصار بأن تمضي الحياة وتظن بانك على قيد الحياة،ولكنك فعليا لاتعيش لأن الحياة مبنية على وهم حدوث شيء جديد...
حتى الرحلة الاستجمامية هي مجرد حل ممكن للملل...مسكن للملل
يوجه جورج رسالة إلى والديه،وهو المتهم أصلا بعدم التواصل معهما...يقول فيها:
حين نتخذ قرارا علينا ان نتمسك به،ذلك ما تردده دوما يا أبي،فنحن اتخذنا قرارنا وقررنا الابحار،لاشيء آخر يبقينا هنا.
ويقومون بسحب كامل رصيدهم البنكي بحجة:سنغادر البلاد الى القارة السابعة
بعد ان يتحول جورج إلى رئيس قسم،من الوضح بانه يتخذ قرارا مع زوجته بالانتحار
لكن هذا الانتحار لن يكون جزافا،ولن يكون بسيطا
هذا الانتحار سيلقي بظلاله على علاقة الإنسان بالأشياء،فهذه الأشياء تعطي قيمة معقدة فوضوية للحياة التي لاقيمة لها،هذه الأشياء يجب أن تتداخل بقسوة مع معادلة الإرادة الإنسانية الحرة لتدير الذات.
إنه قرار يتعلق بالكبار فقط...إنه يبدأ قبل كل شيء بتحطيم الأشياء،أما بالنسبة لإيفا فأنهم يقررون أخذها معهم إلى القارة السابعة.
تظهر القارة السابعة بإطلالتها المألوفة...بنفس الوصف السابق،ويوجه هذه الرسالة الأخيرة لوالديه:لم يتبقى لنا سوى القليل،أما إيفا فقد تساءلنا لمدة طويلة هل نأخذها معنا،أو هل من الأفضل تركها معك؟
كما لك أن تتصوري يا أمي،وبالتأكيد أنت أيضا أبي العزيز،بأن قرارنا أصابنا بوجع القلب والدماغ حتى ونحن متأكدون بأن هذا أفضل لنا.
تقرير المصير شيء،ومن نحبه فوق كل شيء
ومن ثم،يستغرق الفيلم فترة طويلة في وصف تحطيم كل شيء...كل شيء...كل الأشياء حتى الأبسط منها من دون ذكر أمثلة،والشيء الوحيد الذي تبدي عليه آنا اعتراضا مفاجئا هو حوض السمك،ولكن هذا الاعتراض لايعفيه من التحطيم.
وحتى النقود-يستغرق هاينكه أيضا فترة طويلة في تصوير هذا المشهد-يقومون بتمزيقها وإلقاءها في كابينة الحمام،وحتى النقود المعدنية يقومون بالتخلص منها.
لاداعي لأن نزيد على ذلك...قلنا أن الأشياء-ومن ضمنها النقود طبعا-تعطي للحياة تلك القيمة التافهة التي لاتستحقها.
تتصرف آنا تصرفا غير منطقيا لأنها تبكي على ابنتها التي قتلتها...
إن الرحيل إلى القارة السابعة يبدأ بالموت،وهذه القارة ليست إلا عبارة عن تخيل وتصور لعالم أكثر استجماما مع النفس...العالم الذي بالتأكيد لايحدث فيه أي شيء.
21/09/2024



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فراولين 1986(مايكل هاينكه):ميلودراما ألمانية
- من هو إدجار ألن 1984(مايكل هاينكه): الفيلم المختلف في مسيرة ...
- بين معلمة البيانو لمايكل هاينكه 2001 ومعلمة البيانو لألفريدة ...
- انحرافات 1983(مايكل هاينكه):وجود ويوتوبيا
- بدلة للعرس 1976(عباس كيارومستاني):.الله ستر
- اللاموس-lamminge1979(مايكل هاينكه):مسارات تدمير الذات
- بعد ليفربول 1974:الفيلم التلفزيوني الأول لمايكل هاينكه
- عن مايكل هاينكه وثلاثة مسارب للبحيرة 1976
- الحياة ولا شيء آخر1992:كيارومستاني الذي يبحث عن مصير ابطاله
- استعراض ترومان1998(من اخراج بيتر وايلدر وتمثيل جيم كاري): تل ...
- 1900(برناردو برتولوتشي)-1976: فيلم عن الصعود والسقوط الطبقي
- الريح ستحملنا 1999(عباس كيارومستاني):ارتجال الحياة
- تذاكر 2005(عباس كيارومستاني): فيلم عن التذكرة التي نحجزها في ...
- القمر 1979(برناردو برتولوتشي): انه حب اوديبي ولكن ليس بالمعن ...
- البجعة السوداء(دارين آرنوفسكي) 2010 : اوبرا تشايكوفسكي تحولت ...
- حياتي في ذلك الزمن الذي قضيته مع انتونين ارتو 1993:مسرح القس ...
- تجربة 1973(عباس كيارستمي):اللقطة هي الحياة
- أليس 1990(وودي ألن):صراع
- سبتمبر 1987(وودي ألن): .اليد الالهية واضحة جدا
- وردة القاهرة الارجوانية 1985(وودي ألن):السينما مثل المخدر... ...


المزيد.....




- بعد سنوات من السطوة.. تحرير المركز الوطني للفنون البصرية في ...
- مصر.. إصابة الفنان أحمد السقا أثناء تصوير مسلسل
- صراخ ودماء وتلاعب بالعقول.. أدوات تخويف الجمهور في أفلام الر ...
- منصة الأوسكار تتهاوى.. هل انتهى عصر جائزة السينما الأشهر؟
- قراءة تحليلية ونقدية في(رواية – يناديها روح) للروائية / نه ...
- قراءة أدبية تحليلية في:المجموعة القصصية (حصار وضرب نار) لل ...
- الموسيقي عماد جريرة هو ضيف حكايتي مع السويد
- للمرة الأولى.. ترامب سيعترف باللغة الإنجليزية لغة رسمية للول ...
- -ذا قول من يلوي على الهرج بهروج-.. تنوع أغراض الشعر النبطي
- إسكات التاريخ.. القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - القارة السابعة 1989(مايكل هاينكه): هناك درجات للارتباط بالحياة،ودرجات لقياس قوة الارتباط بهذه الحياة