لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 8267 - 2025 / 2 / 28 - 23:46
المحور:
الادب والفن
أخاطبكم أنتم:
هل كان الشعب السوري لعقود طويلة منافقاً؟
هل قمنا بتحية علم دخيل علينا.. لعقود؟
هل خدمت الغالبية العظمى من السوريين في جيش “ خائن”؟
هل استمر النظام ذاته لأكثر من خمسة عقود بسبب أقلية لا تتجاوز 15٪ من الشعب؟
هل كنّا من الرضوخ بأن نصفق للابن مع كل “ الذلّ الذي سببه الأب؟
هل سرقنا الخوف حتى من أنفسنا؟
و أخاطبكم أنتم:
هل كان جميع المثقفين المنفيين في السند، الهند.. أوروبا وبلاد الواق واق عملاء؟
هل كان كل المهاجرين جاحدين؟
هل كان للظلم صوت؟
هل كان أحد ليجرؤ على نقدا لأسد الأخرس ولفيفهم؟
هل كنت تأخذ ثمن تعبك، أو كان يسرق منك محسوبية وواسطة؟
هل سرقنا الخوف حتى من أنفسنا؟
إن كان جواب أي قبيلة منكم: نعم، فأنتم تقولون لأولادكم وأحفادكم أن الشعب السوري العظيم منافق، وهذا ما لن يقبل به أي سوري شريف.. ولا يقبله أيضاً الطب النفسي.
في الطب النفسي السياسي، بشكل الوعي الجمعي تاريخ الدول، ويؤسس لمستقبلها..
يدرس الطب النفسي السياسي السياسة وسلوك السياسيين من وجهة نظر علم النفس والطب النفسي، الطوطم في الطب النفسي السياسي هو أساس متين تبنى عليه مخططات الساسة لتغيير جذري في مفاهيم الحق والباطل، الحدود والشعوب.
سأبسط الأمر لشبابنا السوري النبيل:
الطوطم هو رمز، ممكن علم دولة، ممكن طائر، ممكن حيوان، آثار.. ممكن شجرة ياسمين.. الخ..
يمثل الطوطم مجموعة من الأشخاص، مثل عائلة، قبيلة، دولة ما، ويتمتع بأهمية روحية ويعمل كرمز مميز لهذه المجموعة -مثلاً كعلم الدولة-،وبالتالي يوحد المجموعة ككتلة واحدة ويحمي من الانقسامات.
يعمل الطوطم على مستوى اللاوعي، فيحدد الولاء الفردي وبالتالي المجتمعي.. قسم الساسة بمساعدة المحللين النفسيين الشعوب إلى قبائل بحسب الحاجات الاقتصادية والتوسعية عبر التاريخ..
ويدمغ الوعي الجمعي بطرق عديدة كالرموز الوطنية مثلاً كالنسر الأصلع في بلاد العم سام، النمر في الهند، القندس في كندا، والباندا في الصين..
كما يساهم الطوطم في تأكيد الهوية الثقافية للمجموعة والحفاظ عليها في الحروب وعبر التاريخ مثل احتفالات الأعياد والمناسبات الوطنية ومثل الجهود المبذولة من قبل الشعوب لإعادة آثارها، كشعب هايسلا في كولومبيا عندما جهد لإعادة عمود جيسجولوكس من متحف سويدي في القرن الماضي..
ولطوطم عمود جيجيولوكس أسطورة جميلة تحكي عن مرض الجدري الذي أصاب شعب الهايسلا - في كولومبيا اليوم- مما أودى بحياة غالبية السكان، حتى قام زعيمهم جيجولوكس بالسعي للحصول على المساعدة والتقى بالأرواح - الروح زيلا و الروح تسودا-، فمكناه من مقابلة الموتي وتعلم طرق الشفاء، بعدها نجى شعب الهايسلا، و بُنِّي عمود بثلاثة أشكال في رمزية الروحانية و بقاء الشعب على قيد السعي، فالنجاة.
وبينما استخدم الزعماء الحقيقيون مفهوم الطوطم للحفاظ على شعوبهم وتاريخهم، يقوم المستبدون عبر التاريخ بنسف طواطم شعوبهم وصنع تماثيل لهم مكنونها سيادتهم إلى الأبد، كتماثيل الأسد وصدّام.. في اعتقاد المستبد أن تمثاله ممكن التحول إلى طوطم، لكن الطب النفسي يقول : تمثال البشري الذي يقام في حياته لن يصلح طوطماً مطلقاً.. بعد وفاته بسبب حسن صنيعه: نعم.
يستغل دهاة الساسة مفهوم الطب النفسي السياسي للطوطم، لإحداث انقسامات في مجتمع ما..
كأن -مثلاً- يتم تغيير علم دولة أو تلوين كامل تاريخها بلون حدّي أبيض أو أسود.. لضمان انقسام الشعب فيها روحياً، مما يؤهب لحرب أهلية.. حيث يظن كل قسم من الشعب بأنه يدافع عن معتقداته، في حين أنه يحارب الطوطم في العقل الجمعي، وتدريجياً يساعد الساسة في مخططاتهم.
كان تحطيم تماثيل الطغاة من أجمل لقطات القرن الحادي والعشرين، لكن تشويه تاريخ البلاد بكاملها وتحويل تاريخ البلاد إلى تاريخ جهنم، لن يضير الطغاة في شيء، بل سيضر لا وعينا كيف نرى نفسنا؟ وكيف سيرى أولادنا وأحفادنا أنفسهم.
تسألوني: هل أنت مع تمجيد التاريخ إذاً، فأقول: طبعاً لا، لكن لا تنسفوه.. شعوب بلا تاريخ أو بتاريخ خاضع أو منافق، لن يكون لها مستقبلاً.
كل حقبة تاريخية كان فيها خير وشر، كل مجموعة فيها الصالح والطالح -حتى في العائلة الواحدة-
الطواطم السوريّة كالعلم مثلاً يجب أن تخرج من معادلات الثورة السابقة والقادمة.. اختاروا أي علم تريدون لكن لا تختاروه لتهينوا إنساناً أو تسحبوا انتماء..
لا أجمل من الياسمين طوطماً لسوريا.. السوريون برقة الياسمين، يمكن أذيتهم بسهولة لكنهم أيضاً -إن توفر لهم الأمان- ملأ عطرهم الساحات.
***********
حوّلت مهزلة المؤتمر الوطني السوري وحقوق الرد الجديدة: الأسد الأخرس إلى صدّام آخر، "بطل" من خبز في قاموس المتمسحين بالقضية.. وإن استمر الوضع هكذا فالطواطم قادمة على قياس القبائل..
الشبه بين نظام الأسد البائد، نظام صدام و لفيف الجولاني هو: ثقافة الموت.
فنانو التمسح بقضايا الدفاع عن الأرض وعن الله.. وكأن الله في حاجة إلى من يدافع عنه، أو كأن الأرض في زمن الفضاء تشتريها الصلوات أو يحمي أحلام أطفالها رصاص البتر وفقئ العيون…
والحل:
العلم، العلم.. وأن تكون ثقافتنا ثقافة حياة..
عندها فقط: ستنتصر الثورات.
منذ يومين دخل " النظام" السوري الجديد قرية عين الشمس، فاعتقل الفقراء وطلاب المدارس بسبب -فضفاض- كونهم " فلول النظام".. السبب الحقيقي-كما يبدو- انتماؤهم إلى الطائفة العلويّة.
نادى أصحاب الضمير بحجم الكارثة التي تحصل، فكانت ردود الموالين الجدد تشبه ردود الموالين في الماضي -وليس بعيد-.
قلنا لهم: طالما تدخلون القرى السوريّة من دون صحافة ولا إعلام ملثمين تخشون أن نرى وجوهكم، وتمنعون السكان من التصوير، فأنتم تكررون ما فعله البائد، وحتماً سنصدق أنكم ظَلَمَة..
ما تفعلونه كارثة بكل المقاييس، تسهمون في إشعال نارٍ ساعد اللهُ سوريا في إطفائها.
كذّبوا الخبر ثم وثقوه حيث اضطروا -للحفاظ على الكرسي أمام الرأي العالمي - بعد انتشار الأنباء، لإطلاق سراح أربعين فقير وطالب.. بعد التهمة المشينة وهدر الكرامات.
لا يجب أن يستمر بعض المعارضين في لوم موالي النظام السابق على السكوت ولا على التصفيق..
ما يحدث الآن.. قلب وضع الفريقين ومازال السكوت أو التصفيق سيد الموقف..
لايرى " المنتصر" الحالي الظلم ولا الضيم الخارج عن محيطه.. كما "منتصر" البارحة..
ماذا نتعلم؟
-ليس للكرسي طائفة، بل له سطوة.. الملك الفاشل يجعل شعبه أرجلاً مختلفة الاتجاهات لكرسي يهتز…
والبشر يتشابهون، أيّاً كان إطارهم، الخوف يتحكم بقلوب الغالبية وحب الانتفاع يقود حياة الكثيرين، فليكف الأغبياء عن لوم الناس على الماضي، هم يكررونه.
مبارك الإفراج عن فقراء عين الشمس، عقبى للإفراج عن طائفة كاملة.. أقصد طوائف.
أما أنتم لقد حكمتم منذ فاحل، أرزة واليوم عين الشمس على “ النظام” الجديد بتكرار التاريخ، إن لم تخرجوا من طوطم السلفيين والقاعدة فعلاً لا قولاً.. فلن تستمروا أكثر من سنتين -على أبعد تقدير- والأيام بيننا.
رمضان كريم على كل من نطق بالحق، وصام عن الظلم، الحقد، الثأر وروث الأولين..
رمضان كريم علينا جميعاً باختلافنا اختلاف بصماتنا.. بحبنا للناس أجمعين، بسلامنا.. بسلامنا.. بسلامنا..
اللهم آمين…
يتبع…
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟