أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم














المزيد.....


الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8265 - 2025 / 2 / 26 - 22:00
المحور: الادب والفن
    


الشاعرة البوطانية ديا جوان:
حياة مترعة بالكفاح والحلم

إبراهيم اليوسف

واحداً تلو آخر، نفقد الحالمين بالكتابة والإبداع، بعد أن ذررتنا رحى الحرب اللعينة في بلدنا، وبتنا نتوزع خرائط العالم.كصورة طبق الأصل عن أهل بلدنا، دافعين ضريبة جد باهظة، عبر عقد ونف تقريباً، من لحظة اشتعال أوار الحرب التي ترجم النظام السوري ثورة السوريين إلى لغتها، في إطار: إبادة السوريين وإضاعة الوطن الذي تناوب على ذبحه كل هواة القتل الذين آذن له النظام الدموي البائد ذلك فهاهي الشاعرة الكردية زينب أوصما نشوزي- ديا جوان ترحل هي الأخرى، صباح اليوم، في أحد مشافي إقليم كردستان الذي لجأت إليه، مفضلة إياه على اللجوء إلى أوربا، كي يظل صوتها متردداً بين حبرالقصائد التي تناولته، وفق ذبذبات روحها، وحرائق قلبها الحاني الذي عرفته، عن قرب، كي يظل ظل رؤاها. حلمها في مخيلات كل من عرفوها: امرأة كردية أصيلة تنوس بين الرقة والصلابة. إنسانة، وشاعرة لم تهادن أساطين السطوة، عبر كلمتها، أو موقفها الذي ترجمته في نضالها السياسي، ضمن صفوف الحزب الكردي السوري الأول: البارتي، أو عبر صور قصائدها التي طالما نسجتها عبر مخيالها الذي كان في انتظار التقاطه كي ينسكب على الورق وبين أغلفة الكتب: شعراً ونثراً، في آن واحد.
لقد كان الشعر عالمها، لكنه لم يكن وحده معركتها؛ فقد صنعت ديا جوان حياتها بأصابعها، جنبًا إلى جنب مع زوجها الصديق الخطاط سعيد شوزي الذي طالما زارني في بيتي في قامشلي مع الصديق الباحث علي جزيري وآخرين، في سبيل تأمين حياة
كريمة لعائلتها. بين الفن والكلمة، وبين القلم والورقة، شقت الطريقان معًا، وصنعا من الحروف مصدر رزق ومن الإبداع ملاذًا.
لم تكن الحياة سهلة عليها، فقد تحمّلت الأمومة برعاية أبنائها وبناتها، الذين تخرجوا واحدًا تلو الآخر، فكان إنجازهم مرآةً لجهودها ورفيق دربها: أبي جوان، في توجيههم نحو المستقبل رغم الصعوبات كلها. ولم يقتصر عملها على مكان واحد، بل تنقلت بين حلب ودمشق، باحثةً مع زوجها سعيد شوزي عن لقمة العيش ومأمن الأمان لعائلتها، ولم تبخل بالكتابة أو تتوانَ عن تحقيق حلمها بالكلمة التي حفرت أثرها في وجدان شعبها.
كان بيتها في حي الكرد الدمشقي أكثر من مجرد منزل؛ فقد كان عنواناً لكثيرين من المثقفين، والسياسيين، والطلاب القادمين من الجزيرة، والعمال الباحثين عن دفء الغربة في دمشق، وهكذا لكثيرين من اللاجئين الكرد من مختلف أجزاء كردستان. وكانت ديا جوان حاضرة دومًا ، سواء أكان ذلك في محطة في 12 آذار، أوفي كل محطة من نضالات شعبها، حاملةً في قلبها سيرة عائلتها في بوطان، وذكرى أبيها. عمها الملا أحمد شوزي. قريبها الشيخ عبدالرحمن كارسي، وحبها العميق لآل بارزاني، وحلمها الكبير بكردستان المستقلة الذي لم يفارقها حتى اللحظة الأخيرة. أتذكر اتصالات هاتفية عدة من قبلها في الثاني عشر من آذار- عندما أصيب ابني كرم بطلقة رصاص في رأسه- وهكذا إثر حوار ثقافي بين المثقفين، كما أتذكر تعزيتي لها ولصديقي خورشيد أواخر سنة 2010 ونحن في مطعم شارقي، عندما بلغني نبأ رحيل أبي جوان بعد عملية استئصال مرارة، مريرة، أودت بحياته، نتيجة فيروس، كما قيل للأسرة!

في منتصف الثمانينات، نُظم لها أول ندوة في بيت جيراننا، عائلة نوري ملا خليل في شارع الحرية، بتنسيق من الشابة آنذاك سعدية ملا خليل وزملاء وزميلات لها. وقد حضرت تلك الأمسية برفقة الشاعر طه خليل، حيث شاركنا في نقد جوانب من نصوصها الشعرية والسردية، بحماس الشباب وتطرفه؛ وكان الشاعر بافي نارين حاضرًا أيضًا، وكانت تلك اللحظات بداية لتواصل دائم بيننا، فقد تقبلت نقدنا بروح عالية من الوعي والتفهم.
عشية سفرها لحضور مؤتمر للكتاب في العالم العربي، أجريت معها لقاءً لمجلة "كولان العربي" بترتيب من الصديق أ. سعيد والباحث علي الجزيري، وذلك في تسعينيات القرن الماضي. واستمر التواصل معها حتى بعد مرضها، إلى أن أصبح الرد على المكالمات مستحيلاً من قبلها أثناء تواجدها في تركيا، أو في إقليم كردستان. إلى أن طمأنني صديقي وصهرها خالد كمال طمانني عن حالتها، آنذاك، وللأسف، فإن ما خططننا له، في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد من خطط -وبيينا ابن عمها خورشيد- إلا أن كل ذلك لم يُثمر، بسبب استمرار تردي وضعها الصحي.
ومن أبرز المثقفين الكرد الذين زاروا بيتها قادمين من الإقليم، الصديق فلك الدين كاكائي وغيره، وكان عنوانًا للطلاب والطالبات القادمين من الجزيرة، وللاجئين الكرد من مختلف أجزاء كردستان في دمشق. كما ظلت ديا جوان وفية لـآل بارزاني، حاملةً حلم كردستان في قلبها.
شاركت ديا جوان في لقاء المثقفين الكرد مع نائب الرئيس السوري آنذاك، د. نجاح العطار في العام 2006، وكنت من عداد هؤلاء، حيث دار حديث خاص بينهما عن الأدب الكردي وتجربتها ومعاناة شعبها.
اليوم، تُودَع ديا جوان الساحة الثقافية، لكن كلماتها باقية وروحها محفورة في ذاكرة كل من عرفها، وجهودها لن تضيع في زحام النسيان.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان استنكار لماسمي بمؤتمر الحوار الوطني
- ملك العود ملك المقامات: رشيد صوفي ما كان عليك أن تغادرنا الآ ...
- زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد ...
- الكتابة عبر الذكاء الاصطناعي وسلطة الكاتب
- أبواق الفتنة والتهليل لقرع طبول الحرب!
- فيمن ينتظرون حرباً تركية ضد الكرد السوريين: من يخرج بسواد ال ...
- العهد الجديد وتحريض الشوفينيين ضد الكرد والدروز والعلويين
- ضيف جديد الليلة على مقبرة خزنة
- انتقام وتشفٍّ بالجملة: عنصريون يستثمرون خلافاتنا ويحرضون علي ...
- وسائل التواصل الاجتماعي في وجهها الإيجابي: دعونا نستفد منها ...
- الانقلاب الثقافي والتنمر الديسمبري
- الثورة السورية و تشريح التشريح بين المسار والانحراف
- شارع مشعل التمو تخليد لرمز الحرية!
- خريطة مقابر السوريين: مأساة أمة مشرّدة بين المنافي والبحار
- الشيوعيون السوريون وقرار الحل: بين الامتحان والمراجعة
- الحربائيون:بين ألوان الولاء وسموم التحريض
- من يقنع سيادته أن يغادر القصر؟
- لغة البقر: خطاب التحريض وإعدام الآخر1
- الكرد بين نيران الاحتلال التركي ونداءات الوحدة
- الكرد السوريون وخطاب المهادنة: مراجعة تاريخية وواقع معاصر


المزيد.....




- رامز جلال يوقع بضحاياه مستعينًا بنوال الزغبي.. أبرز ما جاء ف ...
- -بغداد تثور-... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير
- كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب
- اتحاد الأدباء يستذكر الفنان الراحل طعمة التميمي
- إحياء فن الخط العربي في سريلانكا.. مبادرة لتعزيز الهوية الثق ...
- “عثمان يرى بالا على قيد الحياة”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثما ...
- عن الحرب والسياسة والقوانين المعيبة.. 5 أفلام وثائقية مرشحة ...
- فنانون يدعمون عمرو مصطفى في معركة السرطان.. وعمرو دياب يتجاو ...
- -ما وراء لسان الغريب-: استكشافات ترجمة كلاسيكيات المسرح الغر ...
- واكاليوود: سينما الأحياء الفقيرة التي أبهرت أوغندا والعالم! ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم