أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - دمشق يا أخت بغداد














المزيد.....


دمشق يا أخت بغداد


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8265 - 2025 / 2 / 26 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


لو تسنى للكاتبة الأميركية ديبورا آموس مؤلفة أحد أهم الكتب عن التطهير الطائفي في العراق أن قرأت قصيدة الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد “شكرا دمشق” لوضعتها في متن كتابها بما يليق بواحدة من أروع القصائد عن مدينتين.
فديبورا التي مهرت الأجواء ما بين بغداد ودمشق منذ ثمانينات القرن الماضي عندما كانت مراسلة محطة “أي.بي.سي” الأميركية ألّفت كتابها عن بغداد في دمشق “أفول أهل السنة: التهجير الطائفي وميليشيات الموت وحياة المنفى بعد الغزو الأميركي للعراق” وعن مليوني عراقي لجؤوا إلى سوريا آنذاك كي لا يكونوا ضحايا الموت العبثي. وعبدالرزاق عبدالواحد وهو يكتب قصيدته “شكرا دمشق” كان في دمشق أيضا كأحد شهود التراجيديا العراقية في كتاب ديبورا، بينما بلاد النهرين تساق إلى لجة الجحيم وتتصاعد فيها المأساة “متى سيسدل الستار عليها؟”.
بوسعي الزعم بالقول أنا من بين الأوائل الذين قرأوا القصيدة، وأول من نشرها أثناء عملي في صحيفة “الزمان” اللندنية. مازلت أتذكر رسالة الراحل أبي خالد لي، “تلك القصيدة نوع من الوفاء لدمشق التي نعيش مطمئنين بين ظلال ياسمينها، هي دمشق أخت بغداد يا كرم، لا أشك باهتمامك بطريقة نشرها”.
لماذا أعود إلى هذه القصيدة اليوم بعد كل تلك السنين؟ لأنها عادت على ألسن العراقيين والسوريين من جديد بعد أن تمت استعادة سوريا المختطفة من ميليشيات إيران. لنكتشف أن الفنان سعدون جابر الذي كان في سوريا آنذاك أيضا مع ديبورا وعبدالرزاق، قد جعل من القصيدة ترنيمة شكر ووجع وتساؤل وهو يغرقها بعراقية مقام الحجاز ويغنيها بطريقة مقامية تليق بها. لم أكن أعرف أن القصيدة قد غنيت وبصوت سعدون جابر، حتى أعيد بثها من جديد مع الثورة السورية واستعادة دمشق من الخاطفين.
كذلك ينجح سعدون جابر في رهان إدخال صوته في أصعب المقامات العراقية، عندما فضّل أن ينتقي أبياتا من “شكرا دمشق” مغرقة بوجع عراقي ويختار لها “المدمي” كأحد أروع طرق التعبير الغنائية العراقية في مقام الحجاز.
الأغنية عادت اليوم لتذكّر العراقيين والسوريين معا بأخت دمشق كأخت بغداد! وكأن لا قدر للمدينتين إلا أن تكونا معا حتى إذا أراد التاريخ أن يرغمهما على التجافي قسرا.
ينطلق صوت سعدون جابر بالامتنان منذ البيت الأول “شكرا دِمَشقُ، وَلا واللهِ لا طَمَعٌ/ ولا ادِّعاءٌ، وَلا خَوفٌ، وَلا مَلَقُ” حتى يعبّر عن صوته بصوت الشاعر “يَشينُ مِن لُغَتي حَرفا فَيَثلمُها/ لو كانَ هذا فَليتَ النَّاسَ ما عَشِقوا”.
يتصاعد بعدها النداء في أداء مقامي في غاية التعبير ما بين بغداد المغرقة بالدماء وصوت دمشق “يا أختَ بغداد.. مليونان مِن بَلَدي/ في طُهْرِ أرضِكِ ما رِيعُوا، ولا رُهِقُوا/ بِنِصفِهِم ضاقَت الدُّنيا بأجمَعِها/ وأنتِ تَسمُو بِكِ الأرحامُ والخُلُقُ”!
من دون أن ينسى هنا محنته كعراقي يعيش مطمئنا في أرجاء دمشق وهو يعتذر لها “عُذرا دِمَشقُ.. أقِيلي عَثْرَتي فأنا/ أصبَحتُ مِن فَلَكِ الأوجاع أنطَلِقُ/ حتى امتُحِنتُ بصَوتي كيفَ أُطلِقُهُ/ وَكُلَّما قُلتُ: يا بغدادُ.. أختَنِقُ”.
اختار الفنان سعدون جابر أن يصوّر الأغنية في ميادين حاضرة الأمويين مصطحبا ابنه الصغير البِشرْ وهو ينادي بوجع لا يمتلكه إلا من قُدر له أن يكون عراقيا! “وَكُلَّما صِحتُ: يا أهلي.. رأيتُ دَمي على سَكاكين أهلي كيفَ يَندَلِقُ”!
عودوا إلى هذه الأغنية التي جمعت أوجاع شاعر العراق عبدالرزاق عبدالواحد وصوت سفير الغناء العراقي سعدون جابر، لتروا ما معنى ألا يكون أي قدر لبغداد إلا أن تكون أختا لدمشق، وإن أريد لهما غير ذلك!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيرس مورغان مدير على نفسه
- نسخة ترامب2.0 تحرق السقف
- السياب في لندن
- أوبريت حمائم الإطار التنسيقي
- بشارة الخوري بمقام عراقي
- عندما كانت الرسائل شفاعة وجد
- سقوط صحافيين كبار!
- بيت العجائب
- صبا وحجاز عراقي
- البيت الشيعي اختراع مزيف
- نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف
- لا أسوأ من التخمين السياسي
- الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي
- فيروز لولا فيلمون وهبي
- ابتذال المحلل السياسي


المزيد.....




- رامز جلال يوقع بضحاياه مستعينًا بنوال الزغبي.. أبرز ما جاء ف ...
- -بغداد تثور-... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير
- كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب
- اتحاد الأدباء يستذكر الفنان الراحل طعمة التميمي
- إحياء فن الخط العربي في سريلانكا.. مبادرة لتعزيز الهوية الثق ...
- “عثمان يرى بالا على قيد الحياة”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثما ...
- عن الحرب والسياسة والقوانين المعيبة.. 5 أفلام وثائقية مرشحة ...
- فنانون يدعمون عمرو مصطفى في معركة السرطان.. وعمرو دياب يتجاو ...
- -ما وراء لسان الغريب-: استكشافات ترجمة كلاسيكيات المسرح الغر ...
- واكاليوود: سينما الأحياء الفقيرة التي أبهرت أوغندا والعالم! ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - دمشق يا أخت بغداد