أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم مزهر - دور المثقف الآن















المزيد.....

دور المثقف الآن


ناظم مزهر

الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 08:08
المحور: الادب والفن
    


*** ويَعتبر نَفْسَّه مِن الشُعراء و الكُتَّاب الّذين يُشارُ إليّهم بالبنان وتَعرفه الملايين ، يسير متأبِّطاً الصَفحات الأدبيَّة التي تَضُم آخرَ قصائدِه ومقالاتِه الأدبيَّة وقِصصه الّتي لَمْ يقرأها أحدٌ غَيره . وهو يَعرفُ تَماماً إنَّ أفرادَ أُسْرَتِهِ لا يَفْهمون ولا يتفاعلون أصلاً مع مَا يكتب في الصفحات الثقافيَّة ، إلاّ مِن باب المُجاملة والتشجيع وعَدم كَسر الخاطر ، ويهمس البعض مِن مَعارفِه " سامحه الله " ، هذا إذا كانَ مزاجهم رائقاً ، أمّا في الأيام المتعكزة ، ربَّمَا هُمْ في السِّر يَشْتِمونَ ( صَفحاتَه صَفْحةًً ! صَفحة ! ) . وإنَّ القلائل الذين قَرأوا له صُدفةًً يتهمونه بالعطَل الثقافي بسبب قفزاته من صنفٍ أدبي إلى آخر ؛ باحث وموسوعي وخبير ستراتيجي وناقد وفنان تشكيلي وكاتب قصص و أشعار هي أقرب إلى إعلان المفقودات والنَعي في صفحة الوفيات والتسطير في عمود بُرجك اليوم . لَمْ يزَل مُصدِقاً أَنَّ مشروعاته الثقافيَّة الأخيرة باتت تشغل الجميع ، عِلْماً أَنَّ الذين يتابعونه لا يتعدى أصابعَ اليَد الواحدة ، إثنان مِنْهم يَشربان الشاي على حسابِهِ يَومياً في مقهى الشاهبندر ، مقر إقامته الصباحيَّة ، حين يكون الناس قد توجهوا إلى أعمَالهم اليوميَّة وهو جالس متبطر، ينتظر مَن يُطرِبَهُ بالمَديح ، هكذا يُمْرِر أَوْهَامَ شُهرَتِهِ على نفسه وعلى الأصدقاء الذين لَمْ يَعد واحدُهم يُفرِق بين حداثويَّة مَا يكتب و عموديَّة الكلمَات المتقاطعة .
وفي صباح أحد الأيّام جاءَ مراسل إحدى القنوات الفضائيَّة وأراد أَنْ يجري لقاءً عاجلاً مع أحد رواد مقهى الشاهبندر المعروف بانتمَائِهِ للبيت الثقافي العراقي ولَمّا لَمْ يكن يوم جمعة تغص فيه بِروَّادِها المثقفين ، سَنَحت لصاحبنا فرصةٌ مَا بَعدها فرصة .......
سألوه أخيراًعن دَور المثقف العراقي....
راح يَتَمشْدق بكلامٍ طويل عريض عن تجربته في هَيكليَّة القصيدة الحديثة و معقولية و لا معقوليَّة الرواية و لا نَسْقيَّة المنهج النقدي ، مَارّاً بتفكيك الشَكْلانيين الروس والبِنْيويَّة ومَا بعد البنيويَّة و بعد بَعد التفكيكيّة وقد أبدى رفضه المَنهجيّ القاطع للشكلانييين وامتعاضه الشديد من بنيَّة الأسطورة وأشار مُصِرّاً على انه في كتاباته الأخيرة اعتَمَدَ على لا نهائيَّة تجريديَّة وعلى النقاد والقراء معا أن يكشفوا عن بُنيَّة النص الخفيّة ويبتعدوا ثُم يبتعدوا ويَبتعدوا عن القراءة الأُفقيّة ويَحفروا بمعاول المعلوماتية المتيسرة لديهم مِن أجْلِ الوصول إلى النص المُعَمَّى والمُغمى عليه وهو يحرك يديه في الهواء أمَام وهج الكاميرا وكاد مُحاوره المتورط أَنْ يقول له كفى هديء من روعك يا أخي ! وصاحبنا يمسك الفرصة الثمينة بأسنانه ويديّه وراح يحشر بين ثنايا كلامه بمناسبة أو بدون مناسبة أسمَاء لا صلة لها بالسؤال المطروح عَليّه عن دور المثقف العراقي وفاعليته في الظرف الراهن .... وهو يسرد سيلاً طويلا من كُتُب لم يقرأ منها غير العناوين وأسمَاء : ليفي شتراوس و فرانسيس إكسافير ودريدا وبارط وبلانشو وهاربر . رُبَّما هو يعتبر هذه المسمَّيات مِن مُكَمِّلات حَجمِ هذا اللقاء لإثارة إعجاب المُحاور والمُصوِّر والمُخْرج والمشاهدين معاً بثقافته الموسوعيَّة بصفتهِ ناشط و باحث وخبير موسوعي بشأن الثقافة العراقية كمَا نصَّ العنوان أسفل الشاشة عندمَا بُثَّ اللقاء ، ولَمْ يَفْهم ، بَلْ نحن أيضاً لَمْ نفهم ولَمْ يُوضِّح لنا مَا يقصد وهو يتحدث عن البُنيَّة البطريكيَّة ، حاملاً على الموقف الاستبدادي للنُقَّاد وتَسطّحِ رؤاهم بل وهشاشتها أمَام عُمق التجربة وغياب القاريء و غفلته ، وأكَّدَ في نهاية اللقاء خروجه ، كمثقف عراقي ، مِن رَحم الزجاجة في ولادة قسريَّة بعد مخاض طويل....
عاش نِصْفَ عُمرِه في وَهْمِ الشُهرة و وَهْمِ المقروء له وهو الذي لا تتعدى مَعرفةُ الناس به خارج حدود مقهى الشاهبندر أو مقهى حسن عجمي وحين يسير في شارع المتنبي يحاول إسكات مَا يعلو مِن صوتٍ في داخلهِ : لستَ إلا عابر سبيل لا أحد من المَارّة يعرف مَنْ أنت ولا أحد يشير إليك بالبنان أو يُكلِّف نفسه النظر إليك ، حتى بَاعة الكُتب عنْدمَا تبوح لَهم بإسمِك على أملِ أَنْ يعاملوك مُعاملة النجوم ، يشيحون بوجوههم عَنك وكأنك تتسول معرفَتهم بك . أيُعْقل ؟! لك خمسُ مجاميع شعريَّة وثلاث قصصيَّة وروايتان ولك من العمر الكتابي أكثر من ربع قرن وأنت تسير في الشارع نكرة؟! فَكَم عليك من السنين بَعدْ حتى تصل إلى جائزة نوبل ؟ ولِمَ لا يعرفك أبناء وطنك أولاً ، في الأقل أبناء مدينتك و مرابع صِباك ! ؟ إذاً هناك خلل ! أين الخلل ؟ هل في القاريء الذي لا يقرأ أَمْ القاريء الذي يقرأ ولا يَفْهم وأنت فقط مَنْ يَفْهَم ؟ لماذا لا تنتشر انتشار إمريء القيس وأبي العتاهيَّة و المتنبي والجاحظ و ابن المقفع والمعري؟ عِلماً أَنَّ لديك الآن عشرات الصُحف اليوميَّة والمجلات الثقافيَّة والملاحق الأدبيَّة والمؤسسات الثقافيَّة والأندية والجماعات والمراكز والبرامج الثقافيَّة و وصَلتَ إلى عصر الثقافة الإلكترونيَّة ، لكَ مَا لَمْ يَكُن لابن المقفع والجاحظ والمتنبي ، فَهَلْ تكتب لنفسك أَمْ أنك حتى تلفت الأنظار إليك ، عليك أَنْ تركب تياراً متفرداً خاصاً بِك ولا يجروء أحد الاقتراب مِنك ويفكَّ رُموزَك النرجسيّة .
إن كان اللوم يَقع على القاريء فالناس تقرأ والناس تتابع لكنَّهم لا يجدون فيك مَا يُعَبِّر عنهم وعن همومهم والاقتراب الشديد من وجدانهم اليومي ، إذاً لِمَن تكتب وأنت لا تفهم مَا تكتب ولا تفهم مَا تريد و لا يَفْهمك أحد حتى أقرب الناس إليك. أمثالك يركبون مدارس وليدة بُلْدانِها ولا يَفْهمون موجات حَداثويّتها و مَا بعد حداثويتها و لا فائدة مِمّا تكتب لأنّه زائل يعيش لَحظة واحدة ويموت ، والمتنبي خالد إلى أبد الآبدين ، المُعَّري كذلك وابن المُقفَّع باق والجاحظ باق هو الآخر والسياب باق ونجيب محفوظ نال جائزة نوبل. أما أنت فتبحث عن أسماء مدارس وتيارات وأسماء فلاسفة ومُنَظرِين تحاول أَنْ تَزُجَّ نفسك فيهم وتزجَّهم معك مُحاولاً أَنْ تكتب على ضوء تلك المدارس والتيارات ، تكتب مَا لا تفهم فكيف يَفْهمه غيرك ؟ الأُمَم مَازالت ترى في أعمَال كُتَّابِها المبدعين صورتها وصوت أحزانها وأفراحها بينما تحوَّلت الكتابة عندك إلى فِعلٍ طَقسيّ مُغلق قُوامه حَداثة تلفيقيَّة ومراءات تلميحيَّة مُشظّاة في ظرف يتطلب منا صدق التجربة والإحساس بما يدور حولنا ومضاعفة دورنا وجهودنا وتأثيرنا كمثقفين عراقيين أُصَلاء لانتزاع مَعرفة وإعجاب الناس بِنا .



#ناظم_مزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم مزهر - دور المثقف الآن