أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - قراءة نقدية لنص “تمرد راهب” للشاعرة ورود الدليمي / بقلم فراس الوائلي















المزيد.....


قراءة نقدية لنص “تمرد راهب” للشاعرة ورود الدليمي / بقلم فراس الوائلي


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 06:58
المحور: الادب والفن
    


قراءة نقدية لنص “تمرد راهب” للشاعرة ورود الدليمي
بقلم فراس الوائلي

تمرد راهب: حين يُصلَبُ البيانُ في معابد اللغة

مقدمة

في قصيدتها “تمرد راهب”، تقدم الشاعرة ورود الدليمي نصًا يتجاوز حدود اللغة ليصبح حدثًا كونيًا مشحونًا بالرمزية والفلسفة. لا يمثل هذا النص مجرد سرد سردي تقليدي، بل هو رحلة لغوية تتلاعب بالزمن والوجود، متجاوزة كلّ توقعات القارئ. هذه القراءة النقدية تهدف إلى تحليل الطبقات الرمزية والفكرية التي يقدمها النص، وتكشف كيف أن الشاعرة تتحكم في اللغة لتصنع نصًا مفتوحًا على التأويلات والبحث اللامتناهي.

1. النص الذي لا يُستنفد

“تمرد راهب” ليس نصًا يمكن استهلاكه بسهولة من خلال قراءة واحدة. إنه نص متعدد الأبعاد لا ينتهي أبدًا، بل يعاد إنتاجه كلما قرأه المتلقي. مع كل قراءة جديدة، تنكشف طبقات من الغموض والدلالات، ليظل النص مفتوحًا على الاحتمالات. اللغة هنا تتغير مع كل تجربة، مما يجعلها حيّة ومستمرة في التفاعل مع القارئ.

2. التحليل السيميائي: الرموز والدلالات في فضاء النص

منذ البداية، يستخدم النص الراهب كرمز يتجاوز بعده الديني ليأخذ طابعًا وجوديًا. الراهب في هذا السياق ليس مجرد شخصية دينية، بل هو استعارة للصراع الداخلي بين الخير والشر، التمرد والتطهر. الصلب في النص لا يمثل مجرد عقوبة بل هو إعادة خلق وتحول في الذات. الشاعرة تجعل من الراهب رمزًا للتشظي الداخلي، حيث يعيش بين اللعنة والخلاص، مستمرًا في صراع دائم يعكس المعركة بين الروح والجسد.

3. التكوين السردي: حركة متمردة داخل بنية حرة

النص لا يسير وفقًا لمخطط سردي تقليدي. بدلاً من ذلك، يتبع تركيبًا لغويًا يتنقل بين الذكرى والواقع، بين الشعور والعقل. بداية النص، التي تبدأ بـ”طأطأ الشعور رأسه حين خسر الرهان…”، هي سقوط لغوي داخل هوة السرد. هناك انزياح بين الأحداث والأحاسيس، مما يخلق توازيًا بين الحركة الذهنية والشعورية، مما يجعل القراءة أكثر تعقيدًا وأكثر تفاعلية مع القارئ.

4. التحليل النفسي: الراهب ككيان متشظٍ بين التمرد والتطهر

الراهب في هذا النص لا يعيش في حالة من الهدوء الداخلي، بل في صراع دائم بين التمرد والتطهر، بين الخطأ والخلاص. هذا التوتر النفسي ينعكس في اللغة التي تأتي متقطعة وغير مستقرة. في جملة مثل “سأصلبك أيها العابث المتمرد الراهب…”، نجد الراهب في مواجهة مع ذاته، يسعى لإيجاد الخلاص عن طريق التمرد. هذا الصراع الداخلي بين التمرد والعقاب يُعيد بناء الذات في شكل مستمر، مما يخلق حالة من التوتر المعرفي والوجداني للقارئ.

5. اللغة: البيان الذي يقاتل القارئ

اللغة في “تمرد راهب” ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي ساحة اشتباك فكري وعاطفي بين الشاعرة والقارئ. الجمل في النص تتسم بالضغط البلاغي والتكثيف اللغوي، مما يدفع القارئ إلى التفاعل معها بشكل مكثف. في جملة مثل “عربد بوجه صاخب ذاك الذي استقر أيسر ضلوع…”، يُخلق إيقاع متسارع يعكس الاندفاع الداخلي للشخصية، مما يجعل النص يشبه ضربة لفظية تخلق شرخًا في إدراك القارئ.

6. كسر الزمن وتشظي الإدراك

النص يعمل على تفكيك الزمن التقليدي، حيث لا يسير في مسار زمني خطي، بل يتنقل عبر دوائر من الزمن المتداخل. الراهب عالق بين الماضي والمستقبل، بين الذنب والتوبة، مما يخلق حالة من التشظي في الإدراك. هذه التشظيات الزمنية تجعل النص غير مغلق، بل دائم الحركة، مما يفتح أمام القارئ أفقًا لعدد لا نهائي من التأويلات.

7. الإيقاع: الضربة تلو الضربة

الإيقاع في “تمرد راهب” لا يترك مساحة للراحة أو التأمل الهادئ. الكلمات تتنقل بشكل متسارع وتتصادم، مما يعكس حالة الاضطراب الداخلي للشخصية. في جملة مثل “رفض إلا تتويجًا بمرتبة شرف…”، نجد الإيقاع سريعًا ومكثفًا، يعكس حالة من الصراع النفسي الذي لا يتوقف، مما يشبه سلسلة من الضربات التي تهز الوعي القارئ.

8. السياق الثقافي والتاريخي

عند تحليل “تمرد راهب”، نجد أن الشاعرة تستلهم الكثير من الرمزية والفلسفة التي تجمع بين التراث العربي والعالمي. يمكن مقارنة هذا النص بنصوص مثل “الإخوة كارامازوف” لدوستويفسكي، التي تتناول التمرد الديني والوجودي، حيث يعيش الإنسان في صراع مستمر بين الإيمان والشكوكية. كما أن النص يذكرنا بأعمال أدونيس، حيث تُصبح اللغة سلاحًا ضد السلطة والجمود، ويُعبّر التمرد عن رغبة في التحرر الروحي والفكري.

الخاتمة: البيان الذي لا يُستهلك

“تمرد راهب” هو نص حي ينبض بالتوتر اللغوي والوجداني، يتجدد مع كل قراءة ويكشف طبقات جديدة من المعنى. الشاعرة ورود الدليمي تخلق نصًا مفتوحًا على التأويلات، حيث اللغة ليست مجرد وسيلة تعبير بل هي ساحة لصراع داخلي مستمر. إن هذا النص لا يقدم إجابات جاهزة، بل يشعل تساؤلات لا تنتهي ويستمر في إعادة تشكيل وعي القارئ.

النص

تمرد راهب

طأطأ الشعور رأسه حين خسر الرهان منكبّا يغمغم مابين شفتيه بدندنة يرددها في سريرته جملٌ بالية مهترئة ليس لها اتزان ..مترنحا بين حانات زمان هُدِر دمه ونبذته العشيرة والخلان ..عربد بوجه صاخب ذاك الذي استقر أيسر ضلوع قصار ملتحفًا ببطانة زيفُ مسكين مظلوم يقطعه الحنين إربا إربا ..نهض الذي سكن أعلى الرأس مناديا كذابٌ (محتالٌ ،كذابٌ) يخاطبه بضمير الغائب يوبُخُ بلغة قواميس الأبجدية، بحكمة وحذاقة الأجداد.. سأصلبك أيها العابث المتمردُ الراهب
وأُعلق صليباً على جيدكَ معلنًا كيف تدلت تلك الرقبة على جسدها ،حين ارتكبت الخطيئة فا ستحقت ذاك العقاب ، تابع بخطئه ذاك المتمرس بلغة الضاد، و خط برصانة حروف متشابكة خيوطها قصيدةً مرتجلة لا تلعثم بحروفٍ ممنوعة من الصرفِ ،مهيئة لتقلبات المدِ والجزر، والشد والنصب و حتى كسرة الجار و المجرور جديرٌ بالانبهار رافضٌ، إلا تتويجا بمرتبة شرف تعيد ماء وجهه ومسح وصمة ذلك العار كاره اعوجاج العالم و تكسح العظام وهشاسة الدماغ .زجر ذاك الثبط الذي أوصله إلى ساحة العدم ..حزم أمره نَهَرَ ضعفهُ قاوم بإ رادة تبديل لقبه ،مِنْ جهومٍ إلى عالي المقام أبى الاتكاء على قدمين محطمتين بل سند ماتبقى منه ووقف بعنفوان حين تأرجحت رياح عقوم و إن تلبدت سماء الروح بمدلهمات الغيوم .

ورود الدليمي



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقُ… سفرُ الخلودِ في صحائفِ الزمن
- نجمة قلبي
- قراءة نقدية لنص “أرجوحة الحلم” للشاعرة فاطمة عبدالله - السوي ...
- بغدادُ.. الحلمُ الذي لا يشيخ
- أفاتار
- قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة ح ...
- حدائق الغيوب
- المدار المحرم
- إنكي
- احتراقٌ لا يُرى
- الغراب
- قصة حب في جزر البهاما
- تصوف
- صفراء هي الشمس، خضراء عند المغيب تكون
- المطر
- دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي
- ملحمة الأرواح العابرة
- الفجر المضيء
- دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي
- نداء النار


المزيد.....




- سوريا.. أحزاب كردية تنتقد -التمثيل الشكلي- في الحوار الوطني ...
- -تاريخ العيون المُطْفأة- لنبيل سليمان.. عميان في جغرافيا الا ...
- روسيا تحتضن معرضا للفنان العراقي صفاء حاتم سعدون الحساني
- نشر مجموعة شعرية
- تحقيق فرنسي يستهدف الممثل جيرار دوبارديو بشأن -مقر ضريبي وهم ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي..
- الكتاب الإلكتروني والنشر الذاتي.. هل يدقان المسمار الأخير في ...
- مؤتمر الحوار الوطني السوري .. انتقادات للاستعجال وضعف التمثي ...
- فيلم يوثق زيارة مراسل إسرائيلي إلى دمشق يُعرض الليلة وسط موج ...
- أبوظبي تحتضن مهرجان -صنع في روسيا- لتعريف الزوار بالثقافة وا ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - قراءة نقدية لنص “تمرد راهب” للشاعرة ورود الدليمي / بقلم فراس الوائلي