|
رواية ( هروب . . بين المضيقين ) / الحلقة ( 2 )
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 13:23
المحور:
الادب والفن
لم تفتر طاقته واحاديثه المسموعة مند انتشائه بقوله : اختاروا افضل مطعم نأكل فيه – لا تهموا . . الخير واجد ، وبعدها نشتري القات – اريد اخزن افضل القات ، غير مهم إن كان غاليا . . وبأي سعر – لا إراديا دلفنا الى داخل مطعم الشيباني . . لنجلس في زاوية محجوبة – ما طلبكم . . يا أولاد الباشا – نريد نشرب مرق فقط . . خورة يا علي – نزل ثلاث مرق . . سبيشيال . . لأسياد القرية – كانت احاديث مالك والخمسة معه . . المسموعة للملأ لم تتوقف لحظة . . خلال تناول الغداء . . بكل انواع الشواء والطبخ من اللحوم والاسماك – لن تصدقوا ، القات متوفر هناك رغم منعه ، لكن يباع بشكل سري – انهم يعلمون ، لكنهم يتغاضون مادام تداوله سرا – يمكنك تخزن يوميا في بيتك ، اما ادا بلغ عنك احد وقبض عليك . . تسجن . . ويمكن تزفر من السعودية . . وبصورة مهينة – ادا اشتاق الواحد أن يخزن . . نادرا او من حين لآخر ، ليس بسبب الخوف . . فكلنا اصبحنا نعرف كيف نتدبر الامر ، المشكلة سعره الغالي . . وبأنواع رديئة وغير طرية – هي خسارة لا اكثر – لكننا اكتشفنا طريقة للحصول على تخزينه قات طري وجيد – أن تتدبر شخصا مسؤولا او معروفا من العاملين في السفارة ، فالقات لا ينقطع وصوله . . شبه يومي ، اما نهاية الاسبوع . . فيصل اليهم اجود انواع القات مع الحقيبة الدبلوماسية ، او بإرساليات من رأس السلطة وبكميات كبيرة لا يتم اعتراضها بإجازة البلاط الملكي . . غير خطي – انخفض تون صوت مالك عند وقفته لدفع الحساب . . بقوله اكلنا كثير . . حتى لم يعد الواحد أن يتكلم – مساكين الناس في البلاد . . كأنهم ميتين من الفقر
- على الركاب عدم نسيان حاجاتهم في الطائرة . . . بعد عشرين دقيقة نحط في مطار القاهرة ، حمد لله على سلامة الجميع .
انزلت حقيبة يدي من الرف اعلى مقعدي – كانت تحتوي وثائق التخرج من الجامعة بامتياز لسنوات الدراسة الاربع و . . من الوثائق التعسفية لمنع تعييني كمعيد في الجامعة واجراءات التعيين في وزارة التربية كمدرس مع توجيهات متعددة بمنعي من التدريس وتوقيف الراتب المتكرر وتهديدات الفصل والاتهام بالإلحاد ، واخيرا قرار التفرغ للدراسة في المعهد البريطاني - وسيلة تخلص من وجودي المزعج داخل جهاز الوزارة . . لمدة عامين قبل السفر على مقعد دراسي لدرجتي الماجستير والدكتوراه . . على حساب الجانب البريطاني – عامين كاملين . . كنت قد اجتزت امتحان التأهيل للسفر اكثر من ثلاث مرات واشعرت الجهات الرسمية بضرورة سفري . . والدي كان يقابل بالرفض – كانت مدكرة المعهد الاخيرة بعدم القبول بتأخري عن السفر – تمت المحاولات لاستبدال اخر على مقعدي الدراسي ، وصولا الى وضع اسم شخص اخر قريب الشبه باسمي الرباعي . . لكن الجهات البريطانية رفضت قطعا ، كون المنحة مسجلة باسمي ووفق الوثائق الدراسية الخاصة بي – احتدمت المراسلات بين الجانبين ، خاصة وأن موقف الجانب اليمني يخسر الحكومة البريطانية تمويل مقعد دراسي لستة اعوام كاملة ، فلا يمكن لاحد أن يتم احلاله على مقعدي الدراسي ، حتى وصل الامر بمدكرة التهديد بوقف منح التعاون الثقافي المقدمة لليمن – ابلغني عندها مدير المعهد بتجهيز نفسي للسفر خلال اسبوع دون تأخير ، حل مشكلتك مع الجهة اليمنية ، ففترتك المحددة قد تجاوزتها . . ولا يمكن لك البقاء اكثر من دلك – اصابني الجنون ، ذهبت لكل الاسماء ذات التأثير للتوسط بالسماح لسفري ، خاصة بعد تعدد مرات اعتقالي ومنع تعييني في الجامعة وكنت الاول على دفعتي بمعدل تراكمي لأربع سنوات – كان اقصى محاولة فاشلة لوجود منافس اخر يستبدل حقي في التعيين – كان يؤخذ معدل السنة الاخيرة لوحدها كما كان جاريا . . لكون معدلي يزيد عن 97% ، واخذ معدل السنتين الدراسيتين الأخيرتين . . وكان نتيجتي 94% ، ثم معدل الثلاث سنوات . . وكان يقترب من سابقه – كان الفارق شاسع مع درجة الثاني من الدفعة – بعد امتحان القبول والمقابلة . . علق اسمي كحائز على قبول التعيين كمعيد في الكلية وارسال الملف الى رئاسة الجامعة لإصدار القرار ، تدخل جهاز الامن بنافذيه . . من النائب ومساعده برفض اصدار القرار دون أي تبرير – كنت اصغر معيد يتم تعيينه في الجامعة . . بعمر يقل عن الحادي والعشرين – كانت التهديدات المرفقة باستجوابي شبه اليومي كمزعج ومثير للشغب والقلاقل لإصراري على حقي قانونيا - حملت شكواي لعدة ايام لرئيس الجامعة - الدي يعد من الرموز الثقافية عربيا - كان يعرف عني جيدا ، يمدح في كثير من الجلسات التي كانت تضم كبارا من قيادة الدولة ونخبة الثقافة العربية المهجرين منهم والزائرين - كان يعرف بي تحببا من بعض مفكري الرعيل الاول بمشروع العالم والمبدع ، ولا يستكمل دون التعرض لرمزية والدي كأحد الرموز الهامة في ثورة 1948م ، شاب مبدع قاص وشاعر وناقد ومفكر . . رغم صغر سني ، حاصد للامتياز اكاديميا ، بمجرد تخرجه سيرسل من الجامعة مباشرة الى بريطانيا لدراسة الهندسة الوراثية – بعد ملاحقات تزيد عن ثلاثة اسابيع من تهرب رئيس الجامعة من مقابلتي . . عبر مدير مكتبه . . بانشغاله الدائم ، قابلته أخيرا ، بود كعادته المتواضعة رحب بي ، مددت بشكواي الخطية المرفقة بوثائق التعسف الذي اتبع معي ، ما أن بدأت الحديث . . قاطعني بلطف متعاطف – بلغني كل شيء ، هناك جهات في الدولة ترفض تعيينك ، امرها نافذ – لكن دكتور . . النظام و . . لوائح الجامعة . . والقانون . . لو علي شيء يعتقلوني . . ما دخلها بالوظيفة - شيل من رأسك التعيين واصبر ، سنعمل على تدبير منحة بريطانيا من خارج الجامعة - بكيت ، نشرت في الصحف فاضحا الجامعة والامن ، ارسلت خطابات لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء . . وفي كل المجالس واللقاءات والنقابات - ظللت اصارع رئاسة الجامعة . . ويتم احتجازي من امن الجامعة ومنعي من دخول الجامعة او اداراتها . . بدعوى اني اشكل مجاميع حزبية . . تثير الفوضى والتمرد - عرفت من عين مكاني كان ترتيبه الخامس . . بينما تصر الكلية على تعيين اثنين لحاجة الكلية . . وتجري مفاضلة بين باقي المتقدمين لتحديد الاخر – عدت مجددا للقاء رئيس الجامعة . . في زيارة الى بيته ، ما دام مدير مكتبه يقف كحائط لملاقاته . . بينما يدخل اليه كل من يصل الى مكتبه – تحادث معي عن الحال والابداع – قاطعته بأدب بوجود فرصة لأكون المعيد الثاني - تعال غدا للمكتب مع الساعة التاسعة صباحا – كان مدير مكتبه قاعدا لاستلام بريد المعاملات بعد توقيع رئيس الجامعة عليها – دكتور . . مدير مكتبك امامك . . يوميا احضر . . ولا يسمح بدخولي . . رغم انه يدخل كل من يأتي - ادخله إلي . . سجل موعده عندك – بابتسامة تخفي وراءها غيض وتحدي . . فتح باب الدخول مع اعلانه بوصولي – اجلس . ايش تشرب . . هات فنجانين بن – دكتور اليوم عند الظهر سيقر الشخص الاخر ليصدر فيه قرار . . رجاء . . لا تظلموني - ما تتعب نفسك . . حدد امس مساءا . . اما هدا الاجتماع شكلي لاختياره - زميلك سالم الجوفي - دكتور . . لم يكن من المتقدمين ، وهو في قريته . . وقبله اكثر من عشرة من حيث معدلاتهم ، كيف يعين . . وهو لم يتقدم - انها توجيهات عليا و . . لأنه لا يوجد أساتذة في الجامعة . . من الجوف - قتلني قوله ، لم اقوى على تمالك نفسي فأنهرت باكيا وفي حالة من الغيض . . تكلمت كثيرا بتحد وتجريح للجامعة ، الامن ، النظام الحاكم و . . ورئيس الدولة- اهدأ - ما تتكلم هكذا . . الموصلين كثر . . ستضر نفسك - شيل من رأسك التعيين . . اعقل وافهم ، تدبرنا لك حل . . امس الليل ، تفاهمت مع وزير التربية على تدبير منحة بريطانيا من خارج الجامعة . . روح قدم اوراقك للتعين ، وبعد سنة او اكثر . . خلال دراستك للماجستير ارسل بطلب التعيين مع ارفاق تقرير سير دراستك – يكونوا قد نسوك - سيتم اصدار قرار تعيينك وانت هناك ، هدا عملناه مع اصحابك الدين سبقوك ومثل حالتك ، كانوا قد بعثوا من جهات غير الجامعة . . ثم تم اصدار قرارات تعيينهم مجددا في الجامعة . . وهم في الخارج – تعرف سالم العبسي ومحمد سعيد وعقلان الابي في امريكا . . اوائل دفعتهم ومنع تعيينهم في الاقسام الاخرى من كليتك ، عملوا بما قلت لك . لم اترك انسانا لكلمته قدرا إلا ولجأت اليه . . إلا واخبرني بعمل ما قاله رئيس الجامعة – لا تتأخر او تطول . . وكلنا سنقف جنبك . ايام مرت . . من دهان تلطمي لبسني ، عدت منكسرا الى رئيس الجامعة . . في يوم جلسة التخزين الاسبوعية المفتوحة الخاصة به ، اقتربت منه . . بعد أن بادرني ببراءة وجهه البشوش . . للجلوس جواره - خلاص دكتور . . سأعمل ما تقول - ابتسم بهدوء مع اخراج تلفونه من جيبه وتقريبه من وجهه بعد ابعاد نظارته من عينيه الى حافة انفه السفلى ، ضغط على خانات الارقام ببطيء . . كما لو أنه يتهجى الأرقام - يسعد مساءك سعادة الوزير ، والله كلنا اشواق ، نعرف انكم مشغولين دائما . . الله يكون في عونكم . تذكر الاتفاق بيننا ، نعم حول الشاب الدي كلمتك عنه , ايوه هو . . خبرتني عن ابيه . . نعم ، غدا العاشرة صباحا يأتي يقابلك ، تحياتي سيدي – تبكر مع كل الاوراق ، ستجد اسمك عند مدير مكتب الوزير كموعد محدد مسبقا للمقابلة . . الله يوفقك . وقف الكتابات . . حتى تسافر - بشكر متكرر هامس لمستضعف ، وقفت لأعود الى موضع جلوسي السابق ، حيث يكون الموضع المجاور لرئيس الجامعة . . شاغرا دائما في الساعة الاولى قبل تنظيم الحديث المتبادل حول مسألة يتم الاتفاق على مناقشتها .
تمت اجراءات التعيين الرسمي كمدرس تربوي – عليك الانتظار حتى موعد وصول منح التبادل الثقافي – بعد اربعة او خمسة اشهر – نصدر لك قرار الابتعاث ، وهدا مكتوب بتوجيه مني باستكمال اجراءات الابتعاث واصدار القرار فوريا وبدون تأخير . . اول ما تحصل الوزارة على حصتها من المنح . . الى أي من امريكا او بريطانيا . . تقديرا لتفوق وتميز المذكور .
. . . صخر عبدالواحد . . انت مطلوب الى عند وكيل الخدمة الاستاد الهجري . . الان . كان خطابا جلفا . . آمرا غير ودي لضابط الى جواره عسكري مرافق . . وقفا بترفع بعد أن دلفا الى مقدمة غرفة الدرس وبتجاهل تام لمدرس الحصة الاجنبي .
علا الاستياء وجه مدير المعهد البريطاني . . انجليزي الجنسية وكامل طاقم المعهد - كيف يدخلا - الى قاعة الدرس - بزيهما العسكري . . ومسلحين ! ، حتى . . دون المرور على مكتب المدير – الطالب نبيل عبدالواحد . . اتفضل معنا الان . . دون تأخير – اقشعر جسدي . . وبنظرات توسل لمدير المعهد الدي قدم اليهما عند مدخل قاعة الدرس – مخاطبا لي بلغته الانجليزية Go with them . Solve - your problem-your time was over .. already. انهم قدموا لاعتقالي ، لن يعرف احد ولا اهلي اين انا او مادا حدث لي ادا لم اعد الى البيت . . كعادتي عند الواحدة ظهرا – ستجن امي . . لأني اكبر اولادها ، مادا ستعمل ، عند من تذهب ، اين انا . . ومن اخدني والى اين . . تساؤلات عديدة . . والجواب المعهود لم يأخذه احد . . ابحثوا انتم فين راح ، يمكن نزل الحجرية . . عند اخواله !!!! . مشيت في تظاهر من الثقة بالنفس – كان يحيطا بي من الجانبين . . وقد مد كل واحد منهما عنقه بتطاول لأعلى ، بعد اخبارهم لسكرتيرة المدير المترجمة بعودتي بعد نصف ساعة . . لا اكثر .
دلفنا الى مبنى الوزارة ، لم يأخذ زمن انتظاري لادن الدخول الى الوكيل بضع دقائق ، حيث خرج من كان في مكتبه ، اضاء اللمبة الحمراء المستخدمة لانشغاله في اجتماع خاص – كان يحضر جوار ضابط من الأمن الرئاسي برتبة رائد استمر مبحلق في وجهي بصرامة . . كما لو انه ينتظر اشارة ما لينقض علي ويمزقني دون رحمة – ابتسم الوكيل تجاهي بتكلف مخاطبا تفضل اجلس بعد أن توضع على كرسيه الدوار مرتفع المسند المحاك بجلد اسود فاخر . . وارخى يديه بزهو على دراعي المقعد امرا مدير مكتبه بإشعال زر كهربي موضوع على الجانب البعيد من مكتبه ، والدي يضيء لمبة حمراء مرتقه اعلى باب غرفة مكتبه من الخارج مع توجيهه الشفوي بعدم السماح لأي كان بالدخول . . سوى بعد خروجي من اللقاء ، حيث كان لأناس خاصين من أصحاب الوجاهة أو النفوذ مسموح لهم الدخول . . وإن كانت اللمبة الحمراء مضاءة . . وفي اجتماع رسمي – كان هذه الطريقة المتبعة كإشارة الانشغال في اجتماع مهم لحضرة المسئول المهم ، على العاملين او المواطنين الانتظار ، من يلزمه الدخول اليه حول مشكلة تواجهه في الاجراءات . . أن ينتظر حتى يطفأ ضوء المصباح بلونه الاحمر ويؤذن له بالدخول . . من معاليه - عمم استخدام هده الطريقة خلال السنوات القليلة مؤخرا . . تقليدا بالبلدان المتقدمة الاخرى . . كواحد من اجراءات التحديث لشخوص قيادة الصف الاول للوزارات والمؤسسات الرسمية والاهلية . تنحنح بتثاقل قبل اخراج كلماته برنتها المتعالية الموجهة إلي – والبسمة الفاترة لم تغادر محياه – تريد تسافر . . ومازالت كتاباتك المشاغبة . . المهاجمة للنظام والرئيس والماركسية المحرضة تنشر . . باستمرار في الصحف ، حتى لا نعرف كيف منها يمرق على الرقابة في الصحف الرسمية – ما كان لواحد بأفكارك المسمومة . . أن نسمح له بالتعيين في هيئة التدريس الجامعي . . ليصبح دكتورا في المستقبل – ما زلت صغيرا . . لا تعرف شيئا . . والمستقبل امامك واسعا ما رأيك تشتغل معنا – يكفيك ما تعانيه وتهديد مستقبلك وانت متفوق – حرام . . ما تفعله بنفسك واسرتك – كان حديثه قد شحن شجاعة عنفواني . . لشعوري بتلك الاهمية في نظر النظام – انا لا اشتغل مخبر مع أي طرف - مادا فعلت ، انا انسان حر ومستقل . . اكتب ما اعتقده في مقالاتي او كتاباتي القصصية والشعرية . . لا اكثر – انا لا احمل سلاح . . ولم اكن في عمل سري مضاد للنظام – كانت نظرات الشرر التي تكسو وجه ضابط الامن . . قد هبطت نبرات صوتي لتبريء نفسي من الاتهام – افتهم لك خطأ ، لا نريك مخبرا . . بل نفرد لك مساحة في صحيفة 26سبتمر تكتب فيها . . مدافعا عن الرئيس والنظام - انا لست ضد أحد ، أ . . أنا مع البلد و . . حبي لها هو ما يدفعني للكتابة ، لن تجد في اي موضوع منشور لي . . يقوم على التحريض – خانتني نفسي في اظهار قوة تماسكي . . الدي اعتدت عليه خلال فترات التحقيق الماضية التي تعرضت لها في مرات عديدة ، بين الاتهام الامني بالعمالة الحزبية للجنوب واخرى باتهامات التكفير والالحاد – هده المرة الامر مختلف . . ويبدو فيها . . نهايتي – اسمع . . لدي سوى خمسة دقائق فقط معك و . . بلا تطويل -عندي اجتماع مهم مع الوزير – اجيبها لك من الاخر و . . انت حر
- هناك توجيهات من الرئيس شخصيا . . بتعيينك وكيل وزارة التربية وفيلا إن اردت البقاء ، أو إعادة تعيينك في الجامعة وتسافر الى بريطانيا للدراسة – ها . . موافق . - اتركوني اسافر . ادا في شيء يدينني . . اعملوا بي . . ما تشاؤون – ما أقدر أن اكون تابع لأحد . - فكر لبكره ورد علي . . . ما رضينا نعسك* . . حتى الان ، من اجل والدك الدي كان من قادة احرار 1948م ، و . . من اجل خالك السبتمبري مؤسس وزارة الخارجية للجمهورية .
نهض من مقعده متأبطا دراع رجل الامن الزائر لديه . . اعلانا بانتهاء اللقاء - كانت انفراجه شفتيه الباسمة بتصنع . . قد تلاشت بعد ردي السابق ، وبازدراء نظر إلي . . حين ادرك عدم امكانية تفكير ي وقبولي خلال المهلة التي منحني اياها ، قال : ستندم – عبر باب الخروج عن مكتبه . . بتجاهل النظر تجاهي ، بينما كان زائره يرمقني بحدة وقد تشربتا عيناه اللون الاحمر الدامي . . بإيحاءات مليئة بالكراهية والوعد . . بسوء ما سألاقيه .
- حمد لله على السلامة . . قفوا في الصف ، كلكم حتمشوا* بسرعة .
ودعتني المرأة وابنتها بعد أن وضعت حقائبها على الناقل – فأنا غريب بالنسبة لهم – بسطت نظري شاغرا نحو الطلبة الواصلين معنا ، الدين لا يزيد عددهم عن خمسة عشرة طالبا ، تفرقوا في مجاميع من ثلاثة الى خمسة افراد - سرت خلف اول مجموعة في الصف المتحرك نحو كشك تختيم جوازات الواصلين - لم أكن احتكم سوى على ثلاثين دولارا فقط . . عسى اركب معهم او اقتسم معهم اجرة التاكسي او ادا ما غادرنا على حافلة النقل . . أن ينزلوني في الدقي عند مقهى تجمع اليمنيين . . حتى لا أضيع ممكن اركب معكم . اريد اوصل الدقي .- . . أول مرة اجي القاهرة . - ولا يهمك . معك حد هناك ؟ - ص . . صديقي و . . معي رقمه . . . شكرا لكم .
تعارفنا سريعا بعد تقديم الاسماء ، استكملوا اجراءاتهم ، لوحوا لي بأيديهم بأنهم بانتظاري – تفضل استرح قليلا . . ما تقلق . . سيفحصون الجواز داخل . . لن نؤخرك – فرغت الطوابير ، بعد نصف ساعة اقترب سامح من المجموعة قريبا لأسمع كلامه ، نحن مستعجلين ، لا تقلق ، ما أحد يضيع في القاهرة ، خد تاكسي . . واعطيه العنوان . . سيوصلك للمكان الدي تريده – نصف ساعة اخرى ، يعود الضابط حاملا الجواز . . معتذرا عن التأخير ، متمنيا لي زيارة طيبة . . على أن أذهب خلال ثلاثة ايام لعمل تأشيرة الاقامة في المبنى العام الواقع في ميدان التحرير .
كان الارهاق يجتاح جسدي ، فالخوف الدي اعتراني ازداد عما عانيته مند وصولي لمطار الحديدة والمغادرة . . لرؤيتي محتجزا في مطار القاهرة ، خاصة حين رأيت الجميع قد غادر ، وظهرت الصالة العامة ايضا فارغة من المسافرين . . عدا العاملين في المطار . سألت كيف الوصول الى الدقي - اخر حافلة نقل عام غادرت قبل نصف ساعة ، ليس هناك سبيل غير استئجار تاكسي بعد صرف العملة من البنك بالجنيه المصري – احدر . . ما تعطي اكثر من عشرين جنيه ، ما تبين أنك تزور مصر اول مرة و . . إلا ينصبون عليك ، تكلم باللهجة المصرية . . التي تعرفها من الافلام . . مع سائق التاكسي وحتى عند انتظارك لصاحبك - كانت النصيحة الاخيرة لسامح . . بعد أن طلبت من ضابط الجوازات الخروج للتحدث مع صديقي .
شارف الوقت على الثامنة مساءا ، ثلاث ساعات ارتشف كؤوس الشاي والبن على مقهى الشروق نهاية الدقي المواجهة للجسر . . ولم ارى يمنيا انسانا اعرفه ، بعض من كبار السن واخرين من الغلاظ ممن عهدت امثالهم في اليمن قبلا – كانت احاديثهم عن الهرم والبارات والشغالات . . ونادرا عن قضاء فسحة في الاسكندرية ، أبو سمبل ، الأقصر ، البلاجات الواقعة على الشواطئ البحرية و . . ليالي السهر الحمراء في الشاليهات والعبارات الراسية على نهر النيل - صدفة قدما شابان يمنيان يستعجل احدهما الاخر بأن يشرب الشاي سريعا – سنتأخر . لعنة الله على عادتك . . سنتأخر – ألقيت التحية واخبرتهم أني غريب . . اريد الوصول الى مبنى رابطة الطلاب اليمنيين – امشي معنا . . فهو على طريقنا – وقفت منتظرا بحقيبتي . . بعد أن تنفست الصعداء . . فلم يكن بحوزتي سوى عشرين دولارا . . لا تكفي لليلة في الفندق – كنت اتجاهل بضعف حالتي همهمة الاخر الواقف بتدمر مكتوم .
شرحت قصتي . . شاكيا وبتحدي حتى الظرف القاهر لوصولي القاهرة - عديدون تجمعوا حولي – كان كل من يذهب . . يعود بغيره – كنت اشعر نفسي فرجة ، فتتمزق روحي ألما – منهم من كان يستمع بعجالة دون اهتمام ، اخرين لمست تعاطفهم بعدم تركي ، خاصة ومن سالت عنهم معروفين في الوسط الطلابي – تمت محاولات الاتصال بسهيل العريقي . . علي فاهم او الراجحي سعيد . . و انتظار قدوم أي منهم او أي مبعوث دراسات عليا من جامعة صنعاء - قلت . . نحن زملاء واصدقاء يعرفوني – كنا معيدين معا في الجامعة و . . يعرفون قصتي – كنت مبتعث الى بريطانيا – اريتهم اوراقي – كان البعض الكثر . . احسست بذات الاحساس الذي عانيته قبلا ، كانت ملامحهم واسئلتهم المتتابعة والنظرات المتناقلة بحركات رؤوسهم تجاه بعض . . بمن نعرفهم بالمخبرين الامنيين من الطلاب – وهو ما نبهت له قبل سفري من الرفاق – لم يكن باليد حيلة ، ادا ما تكلمت بدلك . . فلن يهتم احدا بوجودي - لا تقلق ، هم نادرا يجيئون الى هنا ، لكنهم عادة – اي واحد منهم – يتواجد مع اخرين في الشارع . . قريبا من المبنى . . بعد الحادية عشر ليلا – الناس لا ينامون حتى الفجر – بالضرورة من سيظهر منهم ، حتى لو لم يأتي احد منهم . . تذهب معنا ونتصل بهم غدا ، حاولنا نتصل بهم وتلفوناتهم مغلقة ، حتى لو ما يجيبون نعرف اين يسكنون . . لا تقلق - همس المحمدي في ادني . . وقف حديثك هدا ، انا من الحزب . . كثير من الموجودين مخبرين .
سحبني الاحمدي خارج المبنى بعد أن حمل حقيبة ملابسي . . وحلمي العزعزي – انا سآخذه معي – كان قد قاطع البعض الاخرين . . بشراسة من المشتبه بهم حين ابدوا متأخرا بأنهم سيقومون بواجب استضافتي – لم يتركاني الاحمدي والعزعزي لحظة ، تحركت معهما وقد تملكني شعور الأمان تجاههم .
- اكيد انت جوعان . . وما أكلت شيء . . . نتعشى . . ثم نعود .
عدنا الى شارع عمارة مكتب الرابطة ، والتي كانت تتوسط سلسلة المباني من ذات النسق على الجهة اليمنى – كانت تجمعات الطلبة اليمنيين تتكاثر في اعدادها ، يقفون متناثرين على رصيفي جهتي الطريق ، واصوات المتحادثين عاليا – كانت الساعة تقترب من الثالثة بعد منتصف الليل – الحياة ما تزال تدب في كل مكان . . في حالة نشوة كما لو كنا في بداية الامسية ، رغم ما بدا واضحا . . تخفف وجود المجاميع وبأعداد محدودة من الافراد . . خلال نصف الساعة الماضية – كثيرون من صافحتهم وتحادثنا مليا – كان يعرفنا ببعض الاحمدي . . كشباب من الوطنيين ، لأول شعرت بالغبطة والارتياح بعد عذاب طويل ، حين وجدت تلك الحفاوة والتسابق من يستضيفني عنده ، بعض منهم اخبر بمعرفته اسمي وقصة معاناتي في اليمن وثلاثة منهم اكد معرفته بي من بعيد – اخيرا ظهر سهيل العريقي بقامته القصيرة مع صديقين اخرين ، كان كما عهدته خلال دراستنا في جامعة صنعاء ضاحكا مماحكا . . مع طارئ جديد بنصب عنقه بثبات كطالب دراسات عليا – جونيور الطلبة ، خاصة وانه من مبعوثي الجامعة الاكاديميين .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كشف مترائيات العلمية والنقد العلمي (2- ج)
-
رواية ( هروب . . بين المضيقين ) / الحلقـــــــة ( 1 )
-
كشف مترائيات العلمية والنقد العلمي (2- ب)
-
حنين . . في زمن مبكر / أغسطس 1984م.
-
كشف مترائيات العلمية والنقد العلمي (2-أ)
-
مترائيات العلمية والنقد العلمي - الانتهازيات وقيم السوق
-
النخب العربية واوهام تحرير العقل ( 3 )
-
النخب العربية وأوهام تحرير العقل ( 2 )
-
وطن متلون بالجنون
-
متوازنة قوانين الوجود والحياة بين مفهومي العبثية والضرورة (
...
-
رؤية شخصية حول عبثية الوجود والحياة ( 2 )
-
الوجود . . إشكالية لم تحل بعد
-
النخب العربية وأوهام تحرير العقل ( 1 )
-
حب وخوف . . عليك
-
للمدينة - مثلي - سؤال
-
لك وطن . . اخترعتهفيك
-
من وهم العلمية في الفهم - من واحدية تماثل الموقف بين النخبة
...
-
استنهاض من الصمت . . مجددا
-
توهمات فكرية ( ذاتية ) سابقة / نحو أدبيات ثورة فبراير 2011م.
...
-
2 - العبقرية – المعجزة ، ظاهرة استثنائية منفردة ، أم هي ظاهر
...
المزيد.....
-
فيلم يوثق زيارة مراسل إسرائيلي إلى دمشق يُعرض الليلة وسط موج
...
-
أبوظبي تحتضن مهرجان -صنع في روسيا- لتعريف الزوار بالثقافة وا
...
-
جوائز السينما كانت خارج التوقعات.. الفائزون بجوائز نقابة ممث
...
-
-صناعة الأفلام- أسلوب مبتكر لتعليم اللغة العربية للناطقين بغ
...
-
فيلم -يونان- لأمير فخر الدين: رحلة كاتب مغترب في البحث عن ال
...
-
غارديان: كتاب عمر العقاد يفضح القيم الأخلاقية الغربية وصمتها
...
-
الخارجية الايرانية تستدعي رئيس الممثلية البولندية بطهران
-
عروض فنية وفعاليات مميزة في إطار مهرجان -المواسم الروسية- في
...
-
فيلم التشويق البابوي -كونكلايف- يحصد الجائزة الرئيسية لنقابة
...
-
شاهد كيف سخر كوميدي من محاولة وزارة الزراعة الأمريكية تعيين
...
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|