أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد السامرائي - رجل الفودغا: قراءة نقدية














المزيد.....


رجل الفودغا: قراءة نقدية


عماد السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


*(ها هي شياطين ماضية تطارده وتدفعه لتذكر ماذا حدث مع أبيه المحبوب).. أحمد الشريفي

تعقيدات النفس البشرية وصراعاتها مع محيطها الاجتماعي والثقافي تُعَّد مادة غنية للأدب بشكل خاص ولمختلف أنواع الفنون الإنسانية على اشكالها بشكل عام، في الجانب الآخر نجد والكثيرين من الذين يعرفون شغف الروائي أحمد الشريفي وحرصه الدائم على التفاعل مع محيطه الإنساني الذي أهْلَّهُ إلى وضع بصمته الأدبية لتصوير الواقع من خلال روايته الجديدة رجل الفودغا ذات المئة واربعين صفحة من القطع الصغير الصادرة عن دار الأدهم للنشر في القاهرة.
تعتبر هذه الرواية كواحدة من أعمال الأدب المعاصر كونها تحاول المزج بين الواقع المرير والرمزية العميقة،استحضر الكاتب فيها من خلال شخصية البطل ( تايه)الذي تاه في ذلك الكم الهائل من الصور الأنسانية المعقده التي تكافح مع شهوات الحياة والظروف القاسية التي فرضت عليها مواجهة واقع لا يكاد يرحم أحد.
صورة البطل هنا الذي تطرحه الرواية هي صورة لحياة تائهة بين ملامح الحرية والقيود الاجتماعية، في إطار سردي يمزج بين الواقعية والرمزية. ويأتي عنوان رجل الفودغا ليكون بمثابة رمز ليس فقط للانغماس في العادات والتقاليد المرهقة بل أيضًا للتناقض بين القوة والضعف الإنساني. ويعد العنوان مفتاحًا لفهم معاني الرواية ودلالاتها التي تتجاوز مجرد سرد للأحداث إلى تأملات فلسفية في الهوية والقدر.

الفكرة والمضمون نجد ان الرواية تركز وبشكلٍ مستفيض على صراع الشخصية الرئيسية مع إدمان الخلاص المؤقت من هموم الحياة، والذي يرمز إليه الفودغا كوسيلة للهروب من الواقع المرير. حيث نجد إن الصراع الداخلي يتجلى في وقوف بطل الرواية أمام معضلة الهوية والبحث عن الذات في عالم يشوبه الانكسار واللامبالاة.

أما النقد الاجتماعي هنا حيث تُستخدم شخصية “رجل الفودغا” لتسليط الضوء على تقلبات المجتمع وتناقضاته من جهة نرى المجتمع يمجد القوة والنجاح، ومن جهة أخرى يستهين بالضعفاء والمهمشين الذين يسعون للهروب من واقعهم عبر الانغماس في الملذات المؤقتة،بين السطور كذلك نجد ذلك الوجود الحي والمباغت للرمزية والواقعية عندما استطاع الروائي المزج بين الوصف الدقيق لواقع الحياة اليومية والرموز التي تعبر عن الأمل الضائع واليأس المتجدد، مما يجعل النص متعدد الطبقات ويدعو القارئ لإعادة التفكير في معاني الحرية والانتماء.
عند الحديث عن أي رواية يجب علينا التطرق للأسلوب السردي لأهميته كعنصر من عناصر البناء الروائي، والذي تميز وبجدارة بالسلاسة والعمق ، حيث يستخدم لغة رمزية تعكس انقسامات النفس البشرية. يعتمد السرد على تقنيات وصفية دقيقة تتخللها لمحات من الشعرية، ما يجعل المشاهد الحياتية تنبض بالحياة رغم قسوتها. كما يُلاحظ توظيف الحوار الداخلي للشخصية كأداة لاستجلاء الصراعات الفكرية والعاطفية التي يعاني منها بطل الرواية.
يعد بطل الرواية، الذي يجسد شخصية “رجل الفودغا”، محورًا مركزيًا في الرواية فهو يمثل الإنسان المكسور الذي يحاول إعادة بناء ذاته وسط ظروف تفرض عليه التخلي عن بعض قيمه. تتطور الشخصية تدريجيًا، من خلال محاولات مستمرة للهرب من آلام الماضي والتصالح مع الحاضر، إلا أن هذا التطور لا يخلو من لحظات من الانكسار والرجوع إلى العادات التي تأسره. كما يلعب دور الشخصيات الثانوية دور الداعم والعارض، حيث تظهر صراعاتهم الخاصة مما يخلق شبكة علاقات معقدة تُثري النص وتعكس تنوع التجارب الإنسانية.

تبقى الرمزية والدلالات العنصر المهم في بناء هذا الهيكل الدرامي والذي تمثل في “الفودغا” التي تتجاوز كونها مجرد مشروب لتصبح مرآةً للواقع النفسي والاجتماعي في هذا السياق.
• الفودغا كرمز للهروب: تُعبّر عن رغبة الشخصية في نسيان آلامه والتخلي عن ضغوط الحياة اليومية، رغم أن هذا الهروب يكون زائفًا ومؤقتًا.
• الرمزية في العنوان: يتيح العنوان قراءة متعددة للمفهوم الإنساني، حيث يُشير إلى أن الإنسان، مهما بلغ من القوة أو النجاح، يظل هشًا أمام الظروف التي قد تبتلع كرامته وهوية ذاته.

ختاماً تُعد رواية رجل الفودغا عملاً أدبيًا يستحق القراءة والتأمل لما تقدمه من صورة واقعية وراقية للمعاناة الإنسانية في ظل مجتمع متناقض. بفضل أسلوبها السردي الرصين ورمزيتها العميقة، تفتح الرواية نافذة للنظر في أسرار النفس والصراع بين الطموح والإدمان على الهروب، مما يجعلها قطعة نقدية ثرية يمكن تناولها من زوايا عدة. رغم بعض الثغرات في ترابط الأحداث، إلا أن النص ينجح في إثارة التساؤلات حول معنى الحرية والهوية في عالم يتبدل فيه كل شيء باستمرار.

23/2/2025
أوسلو /النرويج



#عماد_السامرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا فسدت البيئة، فلا بد للإنسان أن يحتمي بعقله…
- الصحافة الصفراء في الإعلام العربي: قراءة في مقابلة قناة العر ...
- تلاعب السلطة الإعلامية بالعقول وصناعة( الوعي المعلّب)
- النقد والانطباع, اختلافه وتأثير المزاج في تقييم الأعمال الفن ...
- ظاهرة الفاشنيستات وأثره على تدهور الإعلام في العراق
- مستر نوركَه ورحلة سمك السلمون


المزيد.....




- الخارجية الايرانية تستدعي رئيس الممثلية البولندية بطهران
- عروض فنية وفعاليات مميزة في إطار مهرجان -المواسم الروسية- في ...
- فيلم التشويق البابوي -كونكلايف- يحصد الجائزة الرئيسية لنقابة ...
- شاهد كيف سخر كوميدي من محاولة وزارة الزراعة الأمريكية تعيين ...
- انطلاق مهرجانRT الدولي للأفلام الوثائقية
- الرئيس بارزاني يستقبل رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والف ...
- لماذا تلهم -تفاهة الشّر- سوريّي اليوم؟
- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد السامرائي - رجل الفودغا: قراءة نقدية