أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز: وجودية -عقل راسكولينكوف الاخلاقي














المزيد.....


بإيجاز: وجودية -عقل راسكولينكوف الاخلاقي


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


يجسد راسكولينكوف، بطل رواية ("الجريمة والعقاب". 1866) لفيدور دوستويفسكي (1821-1881)، أحد أكثر البنيات النفسية تعقيدًا في الأدب العالمي. فذكاؤه الحاد، إلى جانب مفهوم فلسفي جذري، يقودانه إلى الهاوية الأخلاقية والوجودية التي تشكل جوهر الرواية. إن استكشاف هذا اللغز هو بحث أخلاقي مستمر، حيث يؤدي كل كشف إلى طبقات جديدة من التساؤل واكتشاف الذات/ الضمير. إن شئتم.

منذ بداية السرد، يكشف راسكولينكوف عن نفسه كشاب ذكي وطموح، لكنه يعاني من نظرية صنعها بنفسه. ووفقًا لمفهومه، يتمتع بعض الأفراد الاستثنائيين بالحق - بل وحتى الواجب - في تجاوز المعايير الأخلاقية والاجتماعية من أجل الصالح العام. وبدافع من هذا الاعتقاد، يرتكب جريمة قتل تصبح مركز المؤامرة.

وفي الوقت نفسه، وبعيدًا عن تحقيق أي نوع من التحرر، يستهلك راسكولينكوف بسهولة تحت وطأة الشعور بالذنب والألم والجنون. يتأرجح عقله بين التبرير المنطقي لجريمته وأعمق مشاعر الندم، فينغمس في عاصفة نفسية تقودك إلى حافة الخراب. وعلى مدار السرد، يقودنا دوستويفسكي عبر هذه المتاهة الداخلية، فيعرض لنا الصراع الأبدي بين الخير والشر داخل الروح البشرية. لا يسعى راسكولينكوف في تجواله إلى إيجاد معنى لأفعاله فحسب، بل إنه يطارده العواقب العاطفية لاختياراته.

يتميز تطور البطل بعملية شاقة من التأمل الذاتي والفداء، حيث يضطر إلى مواجهة أخلاقه ومسؤوليته. ويكشف مساره، الذي يتخلله المعضلات الوجودية والقلق الفلسفي، عن هشاشة العقل البشري عندما يواجه تناقضاته الخاصة.

بالإضافة إلى العواصف الجوهرية التي تكتنف بطل الرواية، يلعب المجتمع الروسي في القرن التاسع عشر أيضاً دوراً حاسماً في بناء عالمه النفسي. يرسم دوستويفسكي صورة حية لمجتمع قمعي وغير متكافئ، حيث يتم ترسيخ البؤس واليأس كقوة دافعة للمعضلات الأخلاقية والوجودية التي تواجهها شخصياته.

هذا السياق من التدهور والمعاناة يؤثر بشكل مباشر على عقلية راسكولينكوف، مما يدفعه إلى الاعتقاد بأنها تتجاوز الأعراف الأخلاقية والاجتماعية بوضع نفسها فوق الحشود. وبالتالي، يعتبر نفسه شرعياً للتصرف وفقاً لنظريته الخاصة، محاولاً إثبات تفوق بعض الأفراد على الجماهير العادية من خلال الجريمة.

وفي الوقت نفسه، تجبرك الواقعية الاجتماعية على مواجهة مواجهة لا هوادة فيها مع عواقب أفعالك. وبسبب اضطهاده بالذنب، يفهم تدريجياً مغالطة نظريته ويدرك حالته الإنسانية، التي هي عرضة للخطأ والضعف. وبالتالي، يعمل المجتمع كمحفز لسقوطه، ومن المفارقات، خلاصه المحتمل.

أخير. إن المسار النفسي لراسكولنيكوف هو شهادة بليغة على التعقيد الذي لا يمكن فهمه للعقل البشري. إن نفسيتها المتعددة الأوجه تكشف عن متاهات الفكر والعاطفة والسلوك، مما يدل على قوة التأمل الذاتي وتأثير المجتمع في تشكيل الهوية الفردية.

من خلال رحلة راسكولنيكوف، يجبرنا دوستويفسكي على القيام بتأمل عميق في حالتنا الخاصة. نحن مخلوقات تشكلت من خلال شبكة معقدة من التجارب والمعتقدات والتفاعلات الاجتماعية، تتأرجح إلى الأبد بين العقل والعاطفة، بين وهم العظمة، والوعي المؤلم بدقتنا.

في النهاية، يظل تعقيد النفس البشرية لغزًا لا ينضب، مليئًا بالتناقضات والفروق الدقيقة. إن استكشاف هذا اللغز هو بحث أخلاقي مستمر، حيث يؤدي كل كشف إلى طبقات جديدة من التساؤل واكتشاف الذات/ الضمير. إن شئتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 02/24/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بإيجاز: ميشيل فوكو بين سلطة العقل و سلطة الدولة/ إشبيليا الج ...
- صنعة الأنطباع عند إيرفينغ غوفمان / شعوب الجبوري - ت: من الأل ...
- قصة -ذاكرة شايكسبير- / بقلم خورخي لويس بورخيس - ت: من الإسبا ...
- بإيجاز: وليام شايكسبير وحفريات الروح البشرية/ إشبيليا الجبور ...
- الفكر والخلود/ بقلم حنة آرندت - ت: من الألمانية أكد الجبوري
- زيجمونت باومان والحرية غير المكتملة/ الغزالي الجبوري- ت: من ...
- إضاءة: -رسائل سكروتيب- للكاتب سي. إس. لويس/ إشبيليا الجبوري ...
- إضاءة: -حياة هنري برولارد- لستندال/ إشبيليا الجبوري - ت: من ...
- العمل بين الأغتراب والحرية وفقًا لزيجمونت باومان/ الغزالي ال ...
- إضاءة: رواية -كاميلا- لفرانسيس بورني/إشبيليا الجبوري -- ت: م ...
- إضاءة: قِصَر الحياة ووهم الخلود في تأملات سينيكا / إشبيليا ا ...
- إضاءة: البحث عن الزمن المفقود لمارسيل بروست/ إشبيليا الجبوري ...
- إضاءة؛ -في مديح الحماقة- لإيراسموس روتردام/ إشبيليا الجبوري ...
- بإيجاز: -الزمن الكافكوي: الاغتراب من أجل غرس عبثية الوجود/ إ ...
- برفقتك/ بقلم مانويل التولاغوير - ت: من الإسبانية أكد الجبوري
- صناعة الضحية؟… جيجيك مواجهًا فوكو/ شعوب الجبوري - ت:من الألم ...
- النافذة/ بقلم مانويل التولاغوير بولين - ت: من الإسبانية أكد ...
- الدراما الخفية للفقر في مجتمع الاستهلاك/ بقلم زيجمونت باومان ...
- إعادة التفكير في الحداثة/ بقلم زيجمونت باومان -- ت: من الإنك ...
- بإيجاز؛ -مثقف المشهد-.. من هول الثورية إلى ذهول العدمية / إش ...


المزيد.....




- الخارجية الايرانية تستدعي رئيس الممثلية البولندية بطهران
- عروض فنية وفعاليات مميزة في إطار مهرجان -المواسم الروسية- في ...
- فيلم التشويق البابوي -كونكلايف- يحصد الجائزة الرئيسية لنقابة ...
- شاهد كيف سخر كوميدي من محاولة وزارة الزراعة الأمريكية تعيين ...
- انطلاق مهرجانRT الدولي للأفلام الوثائقية
- الرئيس بارزاني يستقبل رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والف ...
- لماذا تلهم -تفاهة الشّر- سوريّي اليوم؟
- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز: وجودية -عقل راسكولينكوف الاخلاقي