هدى زوين
كاتبة
(Huda Zwayen)
الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 21:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في المسافة التي تفصلنا عن الحقيقة، حيث لا يقين سوى اللحظة، يتشكل الفرار المؤقت كفكرةٍ متحررة من حدود المنطق، كطيفٍ يتراقص بين النور والظل، لا ينتمي لشيء ولا يُمسَك بشيء. هناك، في برزخ اللازمن، تنبض الأحاديث بروحٍ لا تدركها الأذن، لكنها تُسمَع في الأعماق، حيث تتجاور الأصوات والصدى، وينعكس المعنى في مرايا لا تعكس إلا ما تخفيه.
كأننا حين نفرّ، لا نهرب من شيء محدد، بل نهرب إلى أنفسنا، إلى تلك المساحات التي نسينا كيف نعيش فيها. نبحث عن فجوات صغيرة في الجدار الصلب للعالم، عن ثغرات تنفذ منها ومضات الحرية قبل أن تطبق عليها جدران الوقت. الفرار ليس خوفًا، بل هو شكل آخر من المواجهة، مواجهة لا تعتمد على الصراع، بل على الانسحاب الذكي، على فهم أن البقاء لا يعني الثبات، وأن الثبات أحيانًا يكون موتًا بطيئًا للحلم.
هناك، في ذلك الحقل المؤقت، يتداخل الزمن، تتشابك الأزمنة القديمة والجديدة في نسيج لا بداية له ولا نهاية. الكلمات التي قيلت منذ قرون، ما زالت تهمس في الريح، والمشاعر التي لم تجد منفذًا في الماضي، تبحث عن مخرج في الحاضر. كل شيء يتكرر، لكن بصياغات مختلفة، كأننا جميعًا نسير في دائرة واسعة لا ندرك حدودها ومن هنا يأتي السؤال
ماذا لو لم يكن هذا الفرار مجرد استراحة؟ ماذا لو كان المفتاح لحقيقة أعمق، لحالة من الوجود لا تحتاج إلى أسماء، لحياة بلا قيود مفروضة، حيث تكون الفكرة كافية لتصبح واقعًا، وحيث تتحرر الأجساد من سجن الضرورة؟
ربما الفرار ليس سوى تدريب على الطيران، تحليق أولي في فضاء الاحتمالات، قبل أن ندرك أن الأجنحة ليست حلمًا، بل حقيقة نسيْنا كيف نستخدمها.
#هدى_زوين (هاشتاغ)
Huda_Zwayen#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟