أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايد سعيد السراج - هل أدمنت الشعوب العربية حكم الطغاة ؟















المزيد.....

هل أدمنت الشعوب العربية حكم الطغاة ؟


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 13:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السؤال الجوهري هو لماذا لا يعتذر الديكتاتور في العالم العربي لشعبه ؟ وهل هو فوق الاعتذار !! وبالتالي هو فوق استخلاص العبر من الماضي والحاضر , إذ ْ أنه فوق الخطيئة , وأكبر من الأخطاء , وبالتالي هو منزه , أي له صفة الآلهة , وهو يعرف أنّ جماهيره مهما حاف بهم الضيم والهوان , والذل والخذلان , يستمرون في تقديسه , وتقديس كرامته , أليس هو الملهم , والمطاع , والجبار , والقادر 0الطاغية في بلداننا لا يعتذر لشعبه , لأنه ببساطة , ليس تًوًغّل في العَمَهِ والتسلط والاستعلاء والاستكبار فقط , بل أيضاً حول شعبه إلى نعاج , تمعمع على طريقة القطيع , خوفاً وجبناً ورعباً يتفاخر به بين أقرانه من الطغاة , ويعطيهم الدرس العظيم في كيفية ترويض شعوبهم , إذ أنه من المعروف أن طغاة العالم , يصدرون لبعضهم الخبرات في كيفية الحكم , مثلما هم دائماً وعبر التاريخ الطويل , يعلمون بعضهم الأمثال على تدجين الشعوب التي هم لها حاكمون , إذ هم يملؤن الدنيا صراخاً وعويلاً منادين بالقيم السامية , والوطنيات الكاذبة , ويملءُ نباح بنات آوى آذان الناس التي ملّت هذا الزعيق المزعج , ولا همّ لاهمّ طالما الأسياد لازالوا يجلسون على الكراسي بأمان , وبالقبضة الحديدية ذاتها يخنقون شعوبهم من رقابها , حتى لو هزلت هذه الشعوب , وبدأ يتصدق عليها أخيار العالم لتستمر في البقاء , لاهم طالما النظام لا زال بخير , والقادة على ذروة هذا الهرم البشري الهزيل , يقرعون كاسات ذلهم , وذل شعوبهم الأكثر تعاسة , ويظل السؤال لماذا لايعتذر الطغاة لشعوبهم ؟
طالما أن الطاغية إنسان من لحم ودم , يمرض , ويخاف , ويتغوط كباقي البشر , له أبناء وأحفاد , ويستمع إلى الموسيقى ويهزْه الطرب 0 ولكن يظل السؤال ماذا يعني للطاغية شعبه ؟ الطاغية ينظر إلى شعبه فيرى نفسه ولا يرى شعبه , أو يرى شعبه بالقدر الذي يتماهى هذا الشعب مع مفاهيمه , أي مفاهيم الطاغية , وبما أنه , يستمر في طرح المفاهيم الكبرى – كالوطن والأمة , والشعب , والقيم الإلهية , فإن كل هذه القيم تتحول إلى سلاح فتاك لديه , يستخدمه وقت الحاجة , ضد كل من يعارضه أو يحاول ذلك أو أحياناً لا يكون معه في مفاهيمه الكبرى , التي هي مفاهيم القائد , وبذلك لم يصادر الشعب فقط , بل صادر معه قيم الشعب الجوهرية التي هي قيم الوطن الكبرى , إذ هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب بقيمه المختلفة بما في ذلك الوطن 0
أما إذا ذهب الطاغية إلى الجحيم , وغالباً ما يكون ذلك 0
فأن الشعب , والأمة تُجّر أو تذهب معه كذلك , لأنه لا يترك أي فراغ بينه وبينهم وبذلك يلعب بجميع الأوراق المتبقية لديه , لجعل الناس الذين تحت سيطرته , أو الذين له تأثير عليهم , سابقاً أو حالياً , بأساليب الأدلجة أو شراء الذمم , من أجل أن يستمر هو المنقذ , حتى لو كان ذلك في لحظة هلاكه , لأن الطاغية لا يَهلَك إلا بعد أن يُهِلك الأمة بكاملها , لأنها القيمة الوحيدة المتبقية 0 وبما أن أزلامه متورطون في أغلب الجرائم التي ارتكب , فإنهم يستمرون في الدفاع عنه , لأنهم تحولوا إلى جزء من هذه الجريمة , وبعض الناس يستمرون في حب القائد حتى بعد موته , مثلما هو الحال – مع صدام حسين – وذلك كون اللعبة السياسية انطلت عليهم , كونه مذهبياً ينتمي إلى هذه الطائفة أو تلك , وهذا هو – أوهى وأبشع أنواع الانتماء إلى الطاغية – وذلك كون الطاغية – عادلاً في توزيع مظالمه على شعبه , أو معارضيه , بغض النظر عن انتماءاتهم , ولكن هؤلاء البسطاء الذين هم أكثر جهلاً , وعدم فهم ٍ لأسس الصراع المعاش , فإنهم يتحولون إلى حطب بيد الساسة الدجالين الذين يرعبونهم من أعداء وهميين , هم أعداء الطاغية , وبذلك تنطلي عليهم اللعبة , ويكونون ضحايا المحرقة التي حرقتهم , في زمن حكم الطاغية وكذلك بعد موته , ويلغى الصراع الطبقي , وتلغى الحرية والوطنية , وكذلك الديمقراطية , وتظل طائفة الطاغية هي الأساس , طبعاً هذا بسبب الجهل والتخلف , والابتعاد عن المفهوم السياسي الحر والديمقراطي , لأن المسالة في العراق جرت غير الذي جرى لطاغية آخر , وهو طاغية رومانيا – ( شاوشيسكو) إذ تخلا عنه شعبه لأن الشعب هناك فهم جوهر المسألة , وبذلك استمرت اللحمة الجماهيرية واستمرت الوطنية – كرمز للشعب وليس للقائد – وأيضاً في بلدان ٍ أخرى , من بلدان الاتحاد السوفيتي سابقاً – ولكن الوضع هنا في عالمنا العربي مختلف تماماً , لأسباب منها – أن الناس لم يتربوا على المفهوم الوطني الحر , ولا على الاندماج الاجتماعي , لأن القائد الضرورة هو الذي كان يمثل ذلك ولم يسمح لشعبه أن يعي لامفهوم الحرية ولا مفهوم الوطنية ألحقة, وهو حرمه أصلاً من الاندماج الاجتماعي الذي هو أساس الوحدة الوطنية , إذ بدون الرمز الملهم تتخرب كل المؤسسات الاجتماعية والوطنية التي وجدت أصلاً من أجل استمرار حكم القائد , لا أكثر, وتتحول إلى تماثيل من ورق لأنّ مصدر قوتها – هو القوة المركزية التي يمثلها الطاغية , وبذهابه يذهب كل شيء 0 ومن هنا نعرف لماذا لايعتذر الطاغية لشعبه ليس لأنه مصدر السلطات فقط , بل لأنّه تجسد بروح الرب , بل اتخذ من نفسه رباً يعبد ولكن تحت مظلة الرب- وذلك باستخدام كل وسائل الدعاية والإعلان , وشراء الذمم , من كتاب وصحفيين , ومخبرين , ومداحين , ومرتزقة , ووسائل إعلام مسموعة ومرئية , ومقروءة , وهكذا دواليك , كل ذلك يمجد القائد الديكتاتور , ويجعل منه أسطورة وهمية , عاشت على كذبة , وتحول إلى الكذبة نفسها , وبذلك يكون الناس , ناس القائد الملهم تحولوا إلى أشباه بشر , قيمهم هي القيم الصغيرة , وطموحاتهم لا تتجاوز المأكل والمشرب , والهروب من جبروت مرتزقة أزلام السلطان , الذين هم بلا كرامات ولا ضمير , وكل جلّهم هو إرضاء السيد المطلق 0
إذاً لماذا كل هذا التباكي على القائد الضرورة – صدام حسين – هل لأنه يمثل الرمز الحقيقي للأمة , إذا كان ذلك كذلك وفق منطق علم الاجتماع , فأيّ أمة من ورق تعيش على الخطابات والأكاذيب والأوهام ؟ ما هو البرنامج الاجتماعي الذي طرحه – صدام حسين – لشعبه , ولشعوب العالم العربي , ثم ما هو برنامجه السياسي , والاجتماعي , والاقتصادي , الذي أبهر به كل هذه الجموع المتعاطفة معه , أم أن لعبته السياسية , كانت صحيحة تماماً , حيث استخدمها تجار الأوهام , وديماغوجيات الكلام , للناس ذاتها , صاحبة الوصفة الجاهزة , التي تُطبِّق عليها ذات الوصفة التي استخدمها – للتلاعب بعواطف الناس , لماذا هكذا مجتمعات لا تطرح مشاريعها الخاصة بها بعيداً عن الطغاة ؟ أم لا زال العالم العربي يعيش – مرحلة الحكم ( الأبوي المطلق ) هل هذه الشعوب تنتمي لهذا القرن فعلاً ؟ أم أنّ التخريب كان بالحجم الذي لم يستطع تقديره- علماء الاجتماع – والمفكرون – وعلماء الاقتصاد والسياسة , دروس ودروس يُفترض أن تُدرس من جديد , وفق المنهج العلمي , لتعرف الأسباب الكامنة وراء ذلك , كظاهرة اجتماعية خطيرة , وهل هي محصورة في هذا الزمن بالمنطقة العربية ومحيطها , أم لها مثيلات في عوالم أخرى – مثلاً – أمريكا اللاتينية – أم ماذا ؟ ثم ما هي درجة التماهي – بين الله – والطاغية ؟ وهل شعوب هذه المنطقة واهية إلى هذا الحد , أم أنه التاريخ المليء بقيم القبيلة , والسيد السلطان ؟ أم أن هذه الشعوب لا زالت تنتظر المخلص الذي يأتي من السماء , أو يتجسد على الأرض , على هيئة حاكم طاغية يكفيهم التفكير حتى في أصغر الأمور , ويملئ أفكارهم بالأوهام والحبور , وهذا لديهم هو أحسن الإيمان , طالما القادر الوهاب , الزعيم الأوحد هو الباقي , أم هذا بسبب الفكر الديماغوجي القائم على العنتريات الفارغة , والقدرات الخارقة التي تلائم العقول التي عششت فيها الأوهام , والسحر والجن , منذ زمن طويل , وهذا هو الذي يجعل هذه الشعوب , تتخبط – وتكون أكثر ضياعاً أمام حضارة هذا الزمن المخيفة , فشعوب المنطقة مترددة – تدعي – لا تتعامل مع الأحداث بواقعية , لديها عقدة الصغير , لذا لا تتحاور مع الكبار , وتكره من لايشبهها , أو من ليس من جنسها , لذا تخفي كرهها للآخر المختلف , بالتملق والتظاهر بالمحبة أو تدعي ذلك , لذا هي شعوب خطرة على نفسها أكثر من خطرها على الآخرين على الرغم من أن هذا الخطر قائم بشكل دائم, ومن هنا تكمن مأساة النكوصية , والارتداد وبسرعة فائقة إلى الماضي , كان فلان وكان علان , قال فلان وقال علان شعوب لاتقول لأنها لا تحب الفعل والعقل , بل تعيش وتعتاش – وتتمثل الحكايات القديمة , وفي مشاكلهم الصغيرة بينهم – الدول – أو الطوائف , أو الزعامات السياسية , يحلون مشاكلهم على طريقة العشيرة ( ربعنا 0 وربعكم ) وهذا يؤكد عدم وجود وحدة وطنية متجذرة , لدى هذه الشعوب , في الزمن الذي أصبحت فيه شركات دولية عابرة للقارات تمتلك اقتصاديات – أقوى بكثير من اقتصاد مجموعة دول عربية مجتمعة , دون النظر إلى العرق أو اللون أو الطائفية , فمن المسؤول عن هذه المأساة التي يعيشها العالم العربي ؟ سؤال أطرحه لمن لديه الإجابة عليه ؟ 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العربي وثقافة الكره
- سأقتل أبناء بلدي
- احمد عبد الكريم ونّوس – شاعر الفراشات الحزين
- سامي حمزة – وعوالم النص 0
- الحقيقة وفضاء الحرية , جوهر الحوار المتمدن
- طالب همّاش . شاعر الكمنجات الحزينة 0
- العيد الأ تعس هو الكذبة الكبرى
- الدين وأتباع الله
- أحلام مستغانمي , وأوطان تنتسب إلى الصبيان
- العودة إلى المستقبل
- حمزة رستناوي , وطريق بلا أقدام
- ناجي العلي – ثمة سؤال
- مظفر النواب, النورس الحالم
- فريد الغادري يدعو لطرد العلويين من دمشق
- الأبتر
- رسالة اعتذار إلى مطربة الملائكة فيروز
- الديمقراطية والأديان عبر التاريخ
- أجنحة وفاء المتكسرة
- الحادي عشر من ايلول إنه ليوم عظيم
- كتب الغربة أقاصيصاً , ويكتب الآن قصة الوطن


المزيد.....




- زيلينسكي يقول إن 155 صينيا يقاتلون في صفوف الجيش الروسي ضد أ ...
- رتل ثان من قوات سوريا الديمقراطية يغادر حلب وحملة أمنية بحمص ...
- زيارة مسؤول إيراني إلى الأرجنتين بتأشيرة سائح تثير غضبا واسع ...
- -ما تفعلونه جريمة-.. الرئيس الفرنسي يشن هجوما لاذعا على نتني ...
- تامي بروس: الاتصالات الأمريكية الإيرانية في سلطنة عُمان ستكو ...
- بينهم محمود خليل.. إلغاء تأشيرات قرابة 400 طالب وخريج في الو ...
- الخارجية التركية: استخدام القوة العسكرية ضد إيران سيؤدي إلى ...
- غوتيريش: إسرائيل بصفتها قوة احتلال في غزة عليها تحمل التزاما ...
- واشنطن: المهاجرون الذين أرسلناهم إلى السجن في السلفادور سيبق ...
- بوشكوف: قد يكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تترك كييف لمصي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايد سعيد السراج - هل أدمنت الشعوب العربية حكم الطغاة ؟